حق الزوجين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد؛
فحديثنا في هذه الليلة معاشر الأفاضل عن موضوع هام يحتاج إليه كل مسلم ومسلمة لا سيما ونحن في أزمنة قد قل فيها اهتمام الناس بالعلم، وبما يجلب لهم سعادة الدنيا والآخرة، نتكلم عن موضوع يخص كل رجل وامرأة وما يتعلق بحقوقهما من ما شرعه الله سبحانه وتعالى وبينه النبي صلى الله عليه وسلم من حق الزوجين، لا يخفى على مسامعكم ولا يخفى على كثير من المسلمين ما تمر به كثير من الأسر في هذه الأزمنة، لا يعمم الكلام فلا زال الخير في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ، لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ ، أَمْ آخِرُهُ» ([1]) لكن مع ذلك توجد فئات كثيرة من المسلمين وممن عرف السنة، وقد يحرص أحيانا على اتباعها لكنه في كثير من هذه الأمور هو متنكب عن الطريق وعن ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم فيها، موضوع الأسرة وما يتعلق بحقوق الزوجين موضوع من الموضوعات الهامة التي ينبغي على المسلم أن يعتني بها؛ لأن بها صلاح المجتمعات، فبصلاح الزوج وصلاح الزوجة يصلح الأبناء الذين هم نواة هذا المجتمع، وهم الذين سيبنونه وسيحملون ما معهم من علوم أو ما معهم من أمور تركت في أذهانهم، فأثرت فيمن بعدهم فإذًا على المسلم أن يكون حريصا على هذه المسائل التي تقربه من الله سبحانه وتعالى، ويكون فيها ما يكون من سعادته واستقراره وصلاح حاله وصلاح حال أبنائه، هذا الموضوع موضوع حقوق الزوجين موضوع كثر الكلام فيه لكن قل التطبيق فيه، كثرت الكلمات وكثر من يسأل عن شيء منه لكن التطبيق للأسف قليل، فحالنا معاشر الفضلاء حالنا إذا نظرنا وتأملنا في حالنا مع نصوص نبينا صلى الله عليه وسلم نجد أن الاستجابة قليلة أو ضعيفة في هذه المسائل، نعم نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا، وتعلم المرأة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها كذا وكذا لكن حينما يأتي الأمر إلى التطبيق وإلى امتثال ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو في صالحها وفي صالحه هو كذلك تجد أن المرء يتأول والمرأة تتأول لنفسها ويجد الواحد منهم الأعذار تلو الأعذار أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال هذا فيمن كان كذا وكذا، ويأتي إبليس ويزين لهم ما يكون في أذهانهم من التلبيسات الباطلة التي بها دمار الأسر بل ويزيد الأمر في هذا أن يأتي من يزعم النصح، ويزعم توجيه الزوجين إلى ما فيه صالحهما، فتراه مخببا مفرقا مدمرا لأسرة كانت مستقرة سعيدة آمنة مطمئنة، وكذلك ما يكون من قبل النساء حينما تأتي الواحدة لتنصح أختها فلا تدري أنها بهذه النصيحة أنها قد دمرت بيت أختها تدميرا، ولو أمسكت لسانها لما عاثت فسادا في شؤون غيرها، ولا قللت من ذنوبها ومن مصيبتها التي ستلقى بها ربها سبحانه وتعالى ﵟيَوۡمَ لَا يَنفَعُ مَالٞ وَلَا بَنُونَ ٨٨ إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ ٨٩ﵞ ﵝالشُّعَرَاء : ﵘﵘ - ﵙﵘﵜ فإذًا هذه الموضوعات من الموضوعات الهامة التي يجب علينا أن نتأمل نصوص الوحيين، نتأمل فيها ما جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة في هذه الأزمنة التي كثر الكلام ممن ليسوا بأهل للنصح، وليسوا بأهل للتوجيه خاصة مع انتشار ما هو معروف لديكم من الجماعات لتي لها أغراض ولها أهداف في نشر شيء من هذه الأفكار بين الأسر، إما لتحرفهم لناحية الحزبية أو لنواحي تحررية ونواحي تزعم التخلص مما هو فيه قيد للمرأة أو نحو ذلك، فكثرة الكلام في هذه الأبواب زاد في هذه الأزمنة، بل إن هناك من صار يزعم في هذه الأزمنة بأنك إن أردت صلاح الأسر فلا تسأل إلا من كان من هذه الشاكلة، ولا تسأل من كان من أهل العلم ونحو ذلك لماذا لأن في هذا الأمر فيه سد لباب من أبواب الخير وفيه مرتع خصب لهؤلاء الذين يريدون أن ينشروا أفكارهم، ويستغلوا خاصة جانب الضعف عند المرأة وأحيانا جانب الجهل والضعف عند الرجل، فإذًا هذه الأمور وهذه المقدمة نصل منها إلى أهمية الكلام عن هذه المسائل، وهي ما يتعلق بحقوق الزوجين لأن فيها صلاح المجتمعات وفيها استقرار الأسر وفيها بعد هذه الأسر عما فيه الضرر والفساد والخراب عليها، فالمسلم عليه أن يكون متبعا لشرع الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة، وتعلم علم اليقين أنه ما من سعادة ولا من طمأنينة ستأتيك من غير طريق الله عز وجل ومن غير طريق نبيه صلى الله عليه وسلم لا تتعب نفسك ولا تبحث هنا وهناك وأنت مباعد مجانب لطريق الرب سبحانه وتعالى، مبتعد مفارق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم إن كنت على هذا الحال فتأكد أن عدم الاستقرار وعدم سكون النفس سيلاحقك لماذا؟ ﵟوَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ ١٢٤ﵞ ﵝطه : ﵔﵒﵑﵜ فإذًا تريد السعادة والراحة والطمأنينة لك ولأسرتك ولأبنائك كن قريبا من وحي الله عز وجل كن قريبا من سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، ابحث في سنة النبي صلى الله عليه وسلم عن ما فيه صلاح قلبك، وصلاح قلب هذه الزوجة التي معك وصلاح قلب أبنائك، ابحث عما فيه السعادة لك ولهم، تأمل في نصوص القرآن والسنة انظر إلى هدي نبيك صلى الله عليه وسلم كيف استقامت له أحواله، وكيف طابت له عيشته صلى الله عليه وسلم، تأمل في أحوال من كانوا متبعين شديدي الاتباع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم يقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى كما يرويه عنه المروذي رحمه الله يقول: «ذكر الإمام احمد أهله أم صالح رحمها الله وقال: ترحم عليها ثم قال: والله ما اختلفت معها مكثت معها عشرين عاما فما اختلفت معها في كلمة» ([2]) ، انظر وقارن بين من كان حاله مع الكتاب والسنة واتباع سلف هذه الأمة اتباعا حقيقيا وتطبيقا لما يسمعه وما ينصت إليه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي به حياة القلوب وبه طمأنينة النفوس، هكذا كان حال الصحابة رضوان الله عليهم ومن جاء بعدهم إذا سمع الواحد منهم قولا من نبيه صلى الله عليه وسلم قالوا لبيك وسعديك، يستمع الواحد منهم ويصغي بأذنيه إلى ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم لماذا؛ لأنه على يقين بأن الذي أخبره به النبي صلى الله عليه وسلم لن يصلح حاله في هذه الدنيا فقط بل سيكون صلاحا لحاله في الدنيا وفي الآخرة كذلك، فلذلك كانوا شديدي الحرص على اتباع السنة وما جاءت فيها الكلمات عن نبينا صلى الله عليه وسلم الناظر في السنة والمتأمل في هدي النبي صلى الله عليه وسلم يجد أنه عليه الصلاة والسلام ما ترك صغيرة ولا كبيرة بها حياتك وسعادتك واستقرارك وطيب عيشتك إلا وأرشدك إليها لا وبينها لك صلى الله عليه وسلم، وحثك عليها، بل وبين لك الفضل عند الله سبحانه وتعالى لك والأجر العظيم عند الله عز وجل لك إذا اتبعت هذا الأمر الذي هو كذلك فيه صلاح حالك، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد بين البيان المبين ووضح صلى الله عليه وسلم، وما فارق هذه الدنيا إلا وقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، فبقي عليك يا عبد الله وبقي عليك يا أمة الله بقي علينا أن نسمع وننظر فيما قاله النبي صلى الله وسلم ونستجيب ﵟوَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡﵞ ﵝالأَحۡزَاب : ﵖﵓﵜ تعلم و تتيقن أن هذا الخير وهذا الصلاح إنما سيكون من طريق النبي صلى الله عليه وسلم فتفرح إذا سمعت قال الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبهذا يظهر لك فضل العلم وفضل من يسلك سبيل العلم على نفسه وأن العلم إنما يطلب لأي سبب؟ إنما العلم يطلب لخشية الله عز وجل، وأن ينعكس هذا العلم على قلبك وعلى نفسك، فتجد من هذه النفس إقبالا على كلام الله إقبالا على شرع الله عز وجل، تجد النفس منشرحة إذا سمعت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم منجذبة لهذا الأمر، تعلم أن فيها الخير لها، الكلام حول حقوق الزوجين كلام طويل قد أفاض أهل العلم فيه، نقف معكم في هذه الليلة وقفات على شيء مما جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لننهل من هذا المعين الصافي ونؤثر به في قلوبنا حتى يكون حديث النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو قد قلناه وسمعناه لأجل تطبيقه، ولأجل تنفيذ ما جاء من كلام الرسول صلى الله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
أهل العلم تكلموا عن حقوق الزوجين وما بينهما من أمور مشتركة يجب على الزوج والزوجة السعي في تحقيقها والسعي في بنيان هذا البيت الذي قوامه ما أمر الله عز وجل به وما شرعه لكَ رب العالمين وما شرعه لكِ رب العالمين، ومجانبة كل ما يناقض هذه الأوامر والنواهي التي نهى عنها نبينا صلى الله عليه وسلم.
فمن هذه الحقوق نبدأ بحق الزوج على زوجته؛ لأنه أعظم حقا كما قال أهل العلم، نعم للمرأة حقوق على زوجها لكن حق الرجل يبقى أعظم من حق المرأة على زوجها ﵟٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡﵞ ﵝالنِّسَاء : ﵔﵓﵜ ، فالله سبحانه وتعالى قد جعل القوامة للزوج وأمره بأن يتحمل هذا الأمر الشديد الذي لا يصلح أن يكون للمرأة، بل المطالب بالقوامة هو الرجل الزوج، فلذلك أعطاه الله عز وجل هذه المهمة واسترعاه على رعيته، «كلكم رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»([3]) ، «مَا مِنْ عَبْدٍ يَستَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلاَّ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّة»([4])، فمسئولية الرجل عظيمة عند الله سبحانه وتعالى، وما أوكل به مطالب بأن يكون جديرا بهذه المهمة وهي القوامة على المرأة، قال الله عز وجل: ﵟوَلِلرِّجَالِ عَلَيۡهِنَّ دَرَجَةٞﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵘﵒﵒﵜ ، وهذا يبين فضل حق الزوج على فضل حق الزوجة، وسيأتي الكلام بإذن الله على ما يتعلق بحق الزوجة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد بين للمرأة ما فيه حقوق لهذا الزوج، يجب على نساء المسلمين لا سيما من كانت تخاف الله وتريد الله واليوم الآخر عليها أن تكون متبعة لهذه الأحاديث، غير عاصية لكلام رسولها صلى الله عليه وسلم غير متبعة لهواها غير مستجيبة لكل ناعق ولو كان قريبا أو قريبة لها، تؤثر النساء بعضهن في بعض في ثوب النصيحة أو في ظاهر النصيحة وإنما هي مخالفة صريحة لدين الله عز وجل وتخبيب وتخريب لبيوت المسلمين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا » ([5])، فالإفساد في هذه الأبواب عظيم لكن العاقلة تسمع لكلام نبيها صلى الله عليه وسلم، وتطيع أوامره عليه الصلاة والسلام.
أول أمر نتحدث عنه من حقوق هذا الزوج على زوجته: أن تعرف المرأة حقه وتقدر حقه وتقيم لهذا الحق وزنا عظيما، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا » ([6])، جاءت امرأة إلى النبي عليه صلى وسلم تسأل، ثم لما فرغت وقبل أن تنصرف قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «فأين أنت منه؟» - قال : «فكيف أنت له؟» - قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: «انظري أين أنت منه فإنه جنتك ونارك» ([7]) ، هذا الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم فيه إخبار لعظيم حق الزوج على زوجته، لذلك كان كثير من سلف هذه الأمة ونساء سلف هذه الأمة كانت المرأة إن نادت زوجها نادته بسيدي أو كما كانوا يقولون، ليس في هذا إذلال للمرأة بل فيه معرفة لحق زوجها عليها، وفيها احترام وفيها التقدير لهذا الزوج الذي أعطاه الله عز وجل هذه المكانة العظيمة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ »،أي سجود التحية وليس سجود العبادة كما هو موجود عند الأمم السابقة، وأما في ديننا فنهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا » ([8])، ولماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر وهذا القول لبيان عظيم حق الزوج على زوجته، وأنه يجب عليها احترامه وتقديره وحسن خطابه.
معاشر الفضلاء معاشر الأخوات العفيفات الفاضلات نحن نستمع الآن إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم لكن ليسأل المرء نفسه ولتسأل المرأة نفسها حينما ترد المرأة على زوجها ردا بل تعنفه تعنيفا وإن كلمها لم تصغ إليه بل أسمعته من الكلام الذي لا يليق أين هي من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم هذه؟ أين هي من تطبيق ما جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم؟ النبي عليه الصلاة والسلام يقول: « فإنه جنتك ونارك» فتقول الواحدة لا أنا ما قصدت كذا وأنا قصدت كذا لا، يتأول في دين الله ولا ترد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الرد الذي لا قيمة له، فالنبي عليه الصلاة والسلام حينما يذكر هذا الأمر يريد فيه مصلحتك أنت، كثير من النساء تشتكي زوجي فعل كذا وفعل كذا، وهذا لا إشكال ينظر فيما يفعله الزوج سنأتي للكلام عن هذا، ولابد كذلك الزوج يقف عند حدود الله عز وجل لكن السؤال أين أنت من هذه النصوص؟
أين أنت من تطبيق حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، »، « لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ» ([9])، ولو كان في ذلك مشقة عليها وطلب منها حاجته ورغبته لأعطته، يقول صلى الله عليه وسلم: « وَلَا تَجِدُ امْرَأَةٌ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا »([10]) ، تأمل في هذا فهو والله محزن لمن كان في قلبه إيمان، والذي يبحث عن الطمأنينة والسكينة والراحة، يقال لهذه المرأة تريدين الراحة والسكينة أين أنت منه؟ لا تجد حلاوة الإيمان ما لم تؤدي حق زوجها، تشتكي كثير من النساء من الخلافات وكذا وقال الزوج كذا وفعل كذا وكذا من الأمور التي ليس فيها ما يدعو إلى الطمأنينة والى الاستقرار، فيرجع إليها بالجواب هذا لا تجد المرأة حلاوة الإيمان حتى تؤدي حق زوجها، نبيكَ صلى الله عليه وسلم ونبيكِ صلى الله عليه وسلم يوقظ هذا القلب الغافل الذي تراكمت عليه غبار المعاصي والغفلة والبعد عن الله سبحانه وتعالى، أيقظي يا أختي الفاضلة أيقظي هذا القلب، لا تتركي الدنيا تشغله بما يصرفه عن طاعة الله وعن ما يجلب له الأحزان، ويجلب له سوء الحال، بل على المسلمة العاقلة إذا أرادت الراحة والطمأنينة في بيتها ومع زوجها أن تكون يقظة منتبهة لمثل هذه الأمور إن تكلم الزوج استمعت له بأدب وبإنصات، وإن خاطبها سكتت واستجابت، تأملي في حياة أمهات المؤمنين كيف كانت الواحدة منهن إن تكلم النبي صلى الله عليه وسلم أنصتت، وهكذا كان حال سلف هذه الأمة نساؤها تجد الواحدة منهن إن غضب الزوج سكتت، ولم تأخذ في جداله ونقاشه بل والتطاول عليه، وهذه أمور كلها من الشيطان ولا تظن المرأة أن سكوت الرجل عن مثل هذه الأمور إنما سيمر هكذ لأن الله عز وجل قد أوعدك وأنذرك الحساب عنده سبحانه وتعالى، فعلى المرأة أن تراجع وترجع إلى ربها سبحانه وتعالى، وتعتبر بمثل هذه الأمور، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْ تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ حَقَّ الزَّوْجِ مَا قَعَدَتْ مَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ وَعَشَاؤُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ»([11]) ، يعني تقف احتراما له حتى يفرغ من طعامه، هكذا التربية الإيمانية للمرأة التي تريد الله والدار الآخرة، لا يقال إن في هذا الأمر فيه إهانة المرأة فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول كلاما فيه انتقاص من شأن المرأة أو فيه إهانة لها، بل فيه صلاح حالها وفيه صلاح أمرها وأمر بيتها، ومن عرف الخلل عرف من أين جاءته المصائب ومن أين جاءته المشكلات والخلافات، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين في هذه الأحاديث ووضح ما فيه حياة هذه المرأة وطيب عيشها هذا الأمر الأول وهو معرفة حق هذا الرجل وتقديره واحترامه، وهنا لا يفوتني أن أنبه على أمر كثيرا ما تتداوله النساء في هذه الأزمنة، أول ما تبدأ في نقاشها وفي احتجاجها على زوجها أننا شركاء في هذه الحياة نعم شركاء صحيح لكن في ماذا يراد هذا القول؟ القوامة للرجل والأمر للرجل، وهو مطالب بأن يكون خائفا من الله عز وجل مقيما لحدود الله بعيدا عن الظلم وعن التجني وعن ما نهاه عنه النبي صلى الله عليه وسلم لكن القول والأمر في هذه الأمور إنما يرجع للزوج، وهذه اللفظة الشراكة بين الزوجين قد تطلق ويراد به أمرا صحيحا أو أمرا خاطئا، فلذلك لا بد أن ينتبه المسلم وتنتبه المسلمة لمثل هذه الألفاظ التي يتم تناقلها وتلقيها الأخت على أختها وتصدقها بعد ذلك، فتبدأ بتسليم نفسها لألاعيب الشيطان، شركاء ثم يبدأ بأن الرجل قد ظلمها ثم يبدأ بأنها تريد حقوقها، ثم بعد ذلك تريد حريتها ثم بعد ذلك وبعد ذلك إلى أن يدمرون بيتها، ويجعلونها في وضع لا تحسد عليه تندم عليه أشد الندم حينما تسلك هذه المسالك، لكن في كثير من الأحيان لا ينفعها هذا الندم الذي قد تساهلت فيه فأدى بها إلى ما أدى وخربت بيتها بيديها، فإذًا مسألة احترام المرأة زوجها هذا من الأمور التي قررها الشرع، فينبغي على المسلمة أن تراعي ألفاظها في كلامها مع زوجها وتلزم حدود الأدب مع هذا الزوج الذي أكرمه الله سبحانه وتعالى وأعطاه هذه القوامة وأعطاه هذه الحقوق، هذا أولا.
ثانيا: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن وجوب طاعة المرأة لزوجها وبين ما في عصيانها من العقاب عند الله سبحانه وتعالى، قال عليه الصلاة والسلام: « أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اثْنَانِ: امْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ » ([12]) ، فمن أشد الناس عذابا يوم القيامة المرأة المتمردة على زوجها التي لا تسره إن نظر إليها، ولا تطيعه إن كلمها بل تجعل نفسها كالند له، إن قال كلمة أعطته عشرا وإن أراد أن يتكلم أسكتته قبل أن يتحدث بكلمة، فمثل هذا التصرف لا شك أنه مما يشمله الوعيد كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس عذابا يوم القيامة اثنان امرأة عصت زوجها، أغضبته وجعلته يصل إلى حالة لا يحمد عليها كثير من الأزواج وهذا للأسف واقع يستسلم لألاعيب الشيطان فإذا رأى من المرأة هذا التمرد بدأ هو كذلك بالصراخ والعويل، ولا يمكن أن تحل مشكلة بخطأ، إن وجد هذا التصرف، فعليك بالهدوء وعليك بالتأني لا ينزغ الشيطان بينكما، إن هي تخلت وابتعدت عن هذه الحقوق الواجبة عليها فلا تكن أنت كذلك مستسلما لألاعيب الشيطان كن أنت عاقلا هادئا غير متسرع في أمورك البعض من الرجال إن صدر من المرأة مثل هذه التصرفات ومثل هذا القول القبيح مثلا في حق الرجل رد القبيح بأقبح منه، فترتبت على ذلك ما يترتب من الخلافات والنزاعات بل حتى الطلاق، ولو أنه هدأ وكان هو الأعقل وهو الذي له القوامة وهو الذي بيده الكلمة.
معاشر الإخوة ومعاشر الأخوات: الرجل حينما أعطاه الله عز وجل القوامة لأنه يمتلك عاطفته يمتلك كلمته، ويمتلك التصرف الصحيح في الوقت الصحيح، ليس كالمرأة التي قد تقول القول وقد تقول الكلمة، ثم إذا مر الوقت تجد أنها تقول ما قصدت ذلك وما قصدت كذا وما قصدت كذا، فلذلك من كان هذا شأنه لا يصلح أن يكون قواما على المرأة بل لا بد أن يلزم شرع الله عز وجل، ولذلك أعطيت القوامة للرجل لأنه أملك للسانه وأملك لتصرفاته فإذًا نبينا صلى الله عليه وسلم قال كذلك فيما قال، وحينما سئل عن خير النساء قال: «الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ ، وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ» ([13]) ، تطيعه إذا أمرها جاء إلى بيته وقال كلاما أو قال أمرا لم يعجب هذه المرأة، فلا يحتاج الأمر من المرأة أن تجادل وأن تعاند، إن كان هناك من مناقشة أو كان هناك من إبداء رأي فلابد أن يختار له وقت مناسب، ويكون فيه عرض الأمر بكل هدوء وبكل أدب واحترام، فلعل الرجل يغير رأيه إن رأى ذاك التقدير وذاك التبجيل من هذه المرأة، أما إن ترد كلمات الزوج بالتذمر والسخرية ونحو ذلك فليس هذا من أفعال الصالحات، وكذلك يسرُّ الرجل إذا نظر إليها في هيئتها في زينتها فيما تتجمل به، كثير من النساء قد تغفل عن هذا الجانب، إذا ذهبت وجالست أخواتها وزميلاتها قد تحتاط لهذا الجانب وتأخذ من هذا الأمر مأخذا عظيما وهو التجمل والتزين ونحو ذلك، وأما الزوج فقد يكون محروما من هذه الأمور، فينبغي على المرأة أن تراعي هذا الجانب كذلك، النساء كثير منهن قد تشتكي وتتذمر بأن الزوج يطلق عينيه هنا وهناك، وهذا لا شك معصية لله عز وجل وطاعة للشيطان وهو سهم مسموم من سهام إبليس، النظرة التي ينظر بها إلى الحرام لكن كذلك لا بد أن تفهم المرأة أنها قد قصرت بهذا الجانب، ولم تأت بما يسر الرجل إذا نظر إليها، ولا يعمم هذا الأمر كما قلنا بل ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من باب التنبيه و الإرشاد لهؤلاء النساء، وتحفظه في نفسها وماله وهذا الذي يكون من حفظ العرض، فإن غاب عنها زوجها حفظته حفظت عرضه اطمأن على أن هذه المرأة امرأة عفيفة طاهرة لا تمد نظرها إلى غيره، فهي حافظة لبيتها حافظة لزوجها، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا ، وَصَامَتْ شَهْرَهَا ، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا ، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا ، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» ([14])، فهي تعلم أن هذا الأمر وهو طاعة الزوج وحفظ عرضه هذه من الأمور التي أوجبها عليها رب العالمين، قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا تجاوزُ صلاتُهم آذانهم -وهذا فيه وعيد عظيم للمرأة التي هي حريصة على إقامة الصلوات وطاعة الرب سبحانه وتعالى والتقرب بالقربات والصدقات ونحو ذلك، وهي قد تكون ممن يشملها هذا الحديث- ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون»، والمرأة العاقلة تنظر وتتأمل كم من الليالي يبيت الرجل على خلاف لا قيمة له، يذهب الرجل ويبيت في تلك الليلة وهو عليها ساخط، مع أن الأمر قد يكون من الأمور التافهة ومن الأمور السهلة اليسيرة لو أنها سارعت لإرضائه لرضي، لكن تنصحها صويحباتها فتقول لها الواحدة: لا تكبري رأسه ولا تعطيه فرصة لكي ينتقص من شأنك، وهذا والعياذ بالله هذا من التخبيب الذي لُعن فاعله بل يعد المخبب والمخببة يعد الواحد منهم من جنس إبليس ومن جنس أفعال الكهان، أرأيتم الكهان والسحرة وما يفعلونه من تخريب وتدمير لبيوت الناس وبيوت المسلمين هكذا يفعل المخبب والمخببة، يدمر بيوت المسلمين بكلمة سهلة يسيرة تمر على لسانه أسهل من شرب الماء البارد، تنصح الواحدة منهن أختها وصاحبتها افعلي كذا ولا تفعلي كذا لزوجك، وهي المسكينة تستجيب لماذا لأنها تظن أن هذه ناصحة صادقة، والسر إن خرج من البيت لم يعد سرًّا بل سمحت المرأة للدخلاء أن يدخلوا في حياتها إما بحسد أو نميمة أو إفساد أو تخبيب أو ما شابه ذلك، إن كانت المرأة تعيش في نعمة وسرور وسعادة مع زوجها فلا داعي لإظهار هذا الأمر أمام النساء وأمام غيرك حتى لو كانت أحيانا أختك أو عمتك أو خالتك، فكثير من الخراب والدمار الذي يأتي من القريبات، انتقي المرأة العاقلة التي إن قالت الكلمة حسبت لها ألف حساب وتذكرت أنها ستقف بين يدي الله، وتسأل عن هذه الكلمة التي قالتها في نصيحتها لأختها، ولا تفتح المجال للشيطان ليفسد بينك وبين الزوج.
الحق الثالث: شكر المرأة لزوجها، يقول صلى الله عليه وسلم: «أُرِيتُ النار فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن» قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط» ([15])، وهذا للأسف واقع في كثير من النساء إلا من سلمها الله سبحانه وتعالى، تجد الرجل محسنا إليها وملبٍّ لرغباتها ومطالبها لكنه إن قصر في يوم من الأيام لعذر من الأعذار فالويل ثم الويل له، وتنسى هذه الأعمال الخيّرة التي قد قام بها وتقول ما رأيت منك خيرا قط، وهذا أمر خطير كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وفيه كفران للعشير، فعلى المرأة أن تنتبه لهذا الأمر، وهو عدم كفران عشيرها بل تحرص على قول الحق وشكره والثناء عليه فيما يقوم به، فالرجل يخرج من بيته من الصباح إلى الظهيرة أو ما بعد الظهيرة ويتعرض في يومه إلى ما يتعرض من تطاول أحد عليه ومن كلام بعض زملائه أو من كان في العمل يتكلم وهذا ينقده بشيء وهذا بكذا وذاك كذا ويتحمل من أجل ماذا؟ من أجل توفير لقمة العيش الطيبة للمرأة وأبنائها ثم إذا عاد تسمعه من هذا الكلام ما شاء الله أن تسمعه، وهذا لا شك أن هذا الأمر عظيم وتحسبه هينا لكن هذا الأمر عظيم عند الله سبحانه وتعالى هو كفران للعشير كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يكون مما يستحق به دخول النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام مبينا فضل الشكر وقبح نكران وكفران العشير يقول: «لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى امْرَأَةٍ لَا تَشْكُرُ لِزَوْجِهَا وَهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ» ([16]) ، لا ينظر الله إليها مقيمة على كفران عشيرها وعدم شكره وهي لا تستغني عنه، كثير من النساء اليوم قد تقول الواحدة منهن كما تزين لها زميلاتها وأخواتها تقول أنا ولله الحمد عندي راتب وموظفة وأنا مستغنية عنه، تلبيس إبليس فتظن أنها بهذا لا يشملها لفظ حديث النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنها مستغنية عن زوجها يقال بل حالك أشد من حال تلك؛ لأن هذه الأولى قد قالت الكلمة وقد ترجع وتعتذر أما أنت فقد تأصلت وتجذرت فيك هذه النبتة الخبيثة التي ألقاها الشيطان على من ألقاه، فالمرأة بطبيعتها لا تستغني عن الرجل ولا تستغني عن زوجها، والزوج أقرب إليها من أبيها وأخيها وأمها وهو يعلم منها ما لا يعلمه هؤلاء منها، فكيف تستغني عنه، فلذلك وجب عليها الشكر لزوجها وعدم كفران العشير، هذا ثالثا.
رابعا: بين النبي صلى الله عليه وسلم فضل المرأة التي هي حريصة على تطييب خاطر زوجها، ولا تهجره في فراشها وهذا نستفيد منه أن المرأة لا يجوز لها أن تخرج من بيت زوجها على أدنى مشكلة، كثير من النساء تأثرن بما يسمى بالمسلسلات وغيرها من الأمور أغضبها زوجها فجهزت حقيبتها وتركت بيت زوجها، هذا الفعل وهذا الأمر مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه عليه الصلاة والسلام، يقول عليه الصلاة والسلام: «إِذَا بَاتَت المَرأةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبحَ»([17])، فالمسألة أيتها الأخوات الفاضلات ليست بالمسألة الهينة فيها لعن وفيها نار وفيها وقوف بين يدي الله، والعاقل لا يقحم نفسه فيما يغضب الله عز وجل، يقول صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْوَدُودُ ، الْوَلُودُ ، الْعَؤُودُ-من هي هذه العؤود على زوجها؟- عَلَى زَوْجِهَا ، الَّتِي إِذَا آذَتْ أَوْ أُوذِيَتْ ، جَاءَتْ حَتَّى تَأْخُذَ بَيْدَ زَوْجِهَا ، ثُمَّ تَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَذُوقُ غُمْضًا حَتَّى تَرْضَى»([18]) ، هذه هي المرأة الطيبة من نساء أهل الجنة التي هي كما جاء في وصف النبي صلى الله عليه وسلم العؤود على زوجها هؤلاء هم نساء أهل الجنة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يبين هذا الأمر وهو أن تكون المرأة حريصة على إرضاء زوجها وعدم هجرانه في فراشه وفيما يحتاج إليه، يقول صلى الله عليه وسلم: « لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا، إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ: لَا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكَ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا» ([19]) ، وهذا يظهر لنا عظيم الإثم فيما تقوم به المرأة من أمور قد لا تنتبه لها، الخروج من البيت وهجران الزوج وما يشابهه من هذه الأفعال وسوء الكلام والتصرف معه هذه الأمور كلها ستقف المرأة أمام الله عز وجل، وتحاسب عليها، فالحذر الحذر أختي الفاضلة التي تريدين وجه عز وجل لا تصغي إلى كلام من تكلم وهو بعيد عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، اقرئي السنة اقرئي ما جاء في وحي الله عز وجل، وافتحي هذا القلب ليتشرب ويتشبع بما أخبر به النبي صلى عليه وسلم.
النقطة الأخيرة: هي أن تكون المرأة حافظة لسر زوجها غير مفشية لما يحصل في داخل الأسرة، كثير من المشكلات يكون حلها سهلا يسيرا طالما أنه داخل حدود الغرفة وليس البيت كذلك، طالما أنه في حدود الغرفة ولم يخرج خارجها كان الأمر سهلا يسيرا في حله لكن متى ما خرج وعلم به فلان أو علمت به فلانة صار الأمر صعبا وقد يتعسر حله أحيانا خاصة إن تدخل بعض المتطفلين، خاصة ممن يزعم حبه لهذه المرأة أو حبه لهذا الرجل، فهنا يأتي دور الشيطان ويفسد بينهما ويكون سببا لتفريقهما، يقول صلى الله عليه وسلم: « عسى رجل يحدث بما يكون بينه و بين أهله أو عسى امرأة تحدث بما يكون بينها و بين زوجها فقامت امرأة فقالت إنهم ليفعلون يا رسول الله وإنهن ليفعلن-يعني أن هذا الذي تقوله من إفشاء الأسرار المرأة تخبر أخواتها والرجل يخبر إخوانه ويخبر غيره بما هو من أسرار الزوجية- فلا تفعلوا فإن مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في ظهر الطريق فغشيها والناس ينظرون» ([20])، فالرجل والمرأة كلاهما مطالب بحفظ الأسرار التي تكون بينهما مما يكون من جماع أو من أمور هي خاصة فيما هو بينهما، فالكلام في هذه الشؤون مع غيرك أو كلام المرأة مع غيرها هنا قد يأتي الخلل إما بأن المرأة التي تحدثها هذه المرأة هي فاقدة لهذه الأمور، فيبدأ الحقد والحسد يعمي قلبها، فتبدأ بإعطائها شيء من النصائح التي ليس فيها إلا الخراب والدمار، أو تحرص على الكلام وبعد ذلك تنال مما يحصل من أمور تتعلق بالحسد أو نحو ذلك من الأشياء التي تحصل بينهما أو من الأمور التي فيها أقل ما يكون فيه من إفشاء الأسرار التي لا يجوز أن تخرج من داخل غرفة الزوجية، هذه النقاط معاشر الأحبة هي نقاط مجملة لكن يبقى الأمر الأهم في ذلك هو أن المرأة عليها أن تراقب الله سبحانه وتعالى في حق زوجها، وتتقي الله عز وجل فيه وتعلم أنها ستسأل عنه يوم القيامة هل أحسنت إليه أم أنك أسأت إليه، وهذه الأعذار التي قد تجلبها المرأة لنفسها في هذه الدنيا لن تنفعها يوم تبلى السرائر وتتكشف الحقائق، في ذلك اليوم لن يكون إلا الحق، وفي ذلك الوقت لن ينفع المسلمة الندم على أمر قد فرطت فيه وتساهلت فيه لغرض من أغراض الدنيا، هذا ما يتعلق بحق الزوج.
ننتقل بعد ذلك لبيان حق الزوجة، وحق الزوجة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حقها عظيم، والنبي صلى الله عليه وسلم ما زال يوصي بالنساء خيرا، فقال عليه الصلاة والسلام: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» ([21])وقال: «اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ » ([22]) ، كثير من الرجال يفهم فهما مغلوطا ويظن أن القوامة تخوله في الظلم والإهانة وسلب الحقوق وعدم النفقة والبعد عن ما هو واجب في حقه، فيستغل هذه الأمور وهذه الحقوق أسوأ استغلال، فلذلك حينما سأل الصحابي رضي الله عنه النبي عليه الصلاة والسلام فقال: ما حق زوجة إحدانا علينا؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كلاما موجزا، قال: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ» ([23])، تأمل نصائح النبي صلى الله عليه وسلم كلمات يسيرة لكن فيها قوام أسرة سعيدة مطمئنة، أطعمها مما تطعم أطعمها إذا طعمت أي يجب عليك أن تنفق عليها، فالنفقة واجبة عليك، اليوم ابتلينا ببعض الناس وهم ليسوا بكثرة ولله الحمد لكن هذا الأمر موجود، الرجل يأمر امرأته بالعمل والإنفاق على واجبات أو متطلبات البيت، ومن قال لك أن متطلبات البيت هي من واجبات المرأة لتشاركك فيها، هذه الأمور إنما هي من واجبات الزوج وهي من الواجبات التي أمرك الله عز وجل بها ﵟلِيُنفِقۡ ذُو سَعَةٖ مِّن سَعَتِهِۦۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيۡهِ رِزۡقُهُۥ فَلۡيُنفِقۡ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُﵞ ﵝالطَّلَاق : ﵗﵜ ، لا يكلفك الله عز وجل الإنفاق كما ينفق صهرك، أو كما ينفق أخوك أو كما ينفق كذا وكذا لا، ينفق الرجل مما آتاه الله عز وجل بالمعروف، وبما يخلي مسئوليته أمام الله عز وجل عن التقصير في الواجبات، وهنا ينبغي كذلك على المرأة ألا تعقد المقارنات أختي زوجها يفعل يفعل كذا وأنت لا تفعل لي كذا، زوجها يقدم لها هدايا وأنت لا تجلب لي الهدايا ونحو ذلك من المقارنات التي هي من مداخل الشيطان على المرأة إن لم تنتبه، يجب على المرأة أن تبتعد عن المقارنات انظري إلى الخير الذي هو موجود في هذا الرجل، قد يكون هذا الخير الذي هو موجود فيه غير موجود في ذاك الذي تقارنينه به ولو أنك أنت كنت عند ذاك الرجل لما بقيت معه ليلة واحدة لطلقك وأرجعك إلى بيت أبيك، فلذلك في المقارنات ينبغي على المرأة أن لا تبحث عن هذه المقارنات التي تهدم بيتها، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى الرجل بالصبر «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِخَيْرًا» ، يقول عليه الصلاة والسلام: «إن المرأة خلقت من ضلع» -تأمل هذا اللفظ-« إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة »-أي أنك مهما أحسنت ومهما قدمت فإنها إن لم تتقي الله عز وجل ستقول كما قالت تلك: ما رأيت منك خيرا قط فهي لا تستقيم لك على طريقة إذًا ما الواجب عليك؟ قال-: «فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها، كسرتها وكسرها طلاقها»([24]) ، هذا الحديث من نبيك صلى الله عليه وسلم يوضح لك أمور، ويبين لك بأن لا ترفع سقف التوقعات والطموحات لا تقل أني قد أخذت امرأة من الجنة، نعم هي امرأة فاضلة وهي أم أبنائك، وهي من خيرة النساء وهي قد فضلتك على غيرك، وهي وهي من الأمور الكثيرة الجميلة التي فيها ولله الحمد لكن كذلك حتى لا تأتي لنفسك بالصدمة إن سمعت كلاما لا يليق، البعض من الرجال قد يتأثر ويصاب بالإحباط والخمول بل وانتكاسة الحال وكأنه ما مرت به كربة في هذه الدنيا، تذكر كرب يوم القيامة بأنها أعظم وأشد عليك من هذه الكربة وأنها من كرب الدنيا التي ستزول وأنها ستخف تدريجيا كلما أحسنت في التصرف، وكلما ملك الرجل لسانه كان أدعى ذلك للصلح و إبعاد الأسرة عن الخلافات والمشكلات، فلذلك نبيك صلى الله عليه وسلم يهيئ لك هذا الأمر يقول إنك إن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، فهذه طبيعة المرأة وليس في ذلك انتقاص أبدا، قد تقول قائلة أليس في ذلك انتقاص لطبيعة المرأة؟ فيقال كلا وحاشا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتقص من أحد، والله عز وجل يقول: ﵟوَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَﵞ ﵝالإِسۡرَاء : ﵐﵗﵜ لكن المرأة لولا هذه الطبيعة لما احتاج إليها الرجل، ولما كانت جميلة في عينه ولما أدى بها هذا الأمر أن تكون مرغوبة عند زوجها، لو كانت له كالند لم تختلف عنه، فإذًا خلقة ربك وما يخلقه الله سبحانه وتعالى كله خير، والمرأة عليها أن تفخر بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وتعلم أن ذلك إنما هو خير لها وأن في هذا الأمر صلاح لحالها وحال زوجها وأسرتها، وليس ذلك بمسوغ للرجل أن يأتي على أدنى ما قد يكون من سوء تفاهم أو سوء خلاف يسمع المرأة من الكلام الذي لا يجعلها مستقيمة على حال؛ لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ» ما معنى تقبح؟ يعني لا يليق برجل يخاف الله سبحانه وتعالى أن يمد يده على امرأة خاصة أنها زوجتك التي أخذتها بأمانة الله واستحللت فرجها بكلمة الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ» ([25])، وهي قد كانت في بيت أبيها معززة مكرمة ثم لما جاءت عندك حصل لها من الإهانة والتحقير والضرب على الوجه ونحو ذلك، هذا لا يفعله رجل يخاف الله عز وجل، تذكر حال نبيك صلى الله عليه وسلم ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة قط، ما مد يده صلى الله عليه وسلم على امرأة، فالرجل إنما ينال ما يريده من المرأة بالكلمة لابد أن تكون الكلمة موزونة، والله سبحانه وتعالى قد بين حال من نشزت عن زوجها وتمردت عليه فقال: ﵟوَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّﵞ ﵝالنِّسَاء : ﵔﵓﵜ -أي ضربا غير مبرح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم- ﵟفَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُواْ عَلَيۡهِنَّ سَبِيلًاۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّٗا كَبِيرٗا ٣٤ﵞ ﵝالنِّسَاء : ﵔﵓﵜ يبين الله عز وجل لك أنه علي كبير سبحانه وتعالى لا تستضعف هذه التي هي بين يديك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ » ([26]) أي أنهن كالأسيرات، بعض الرجال وللأسف إذا حصل من المرأة ما حصل يسوغ لنفسه ويلتمس لنفسه الأعذار في الضرب والتقبيح، التقبيح بمعنى يقول لها ما أقبحك وما أقبح هيئتك وألا تنظرين في وجهك أو نحو ذلك من الكلمات التي لا يليق برجل يخاف الله عز وجل أن يتكلم بهذا، تأمل في حال نبيك صلى الله عليه وسلم كيف كان يعامل زوجاته كيف كان صلى الله عليه وسلم رفيقا رحيما طيب العشرة صلى الله عليه وسلم مع زوجاته يصلي الصلاة من الليل، ثم ينظر إلى جانبه فتقول عائشة: فإن وجدني متيقظة حدثني، الرجل اليوم إذا صلى الصلوات لا يريد أن يكلم أحدا لأنه قد بلغ منزلة عظيمة، صلاتك صلاة الليل إنما هي سنة، وسوء عشرتك لهذه المرأة إنما هو تقصيره في حقها نبيك صلى الله عليه وسلم ما أمرك بهذا، إذا دخل الرجل إلى بيته هش وبش في وجه امرأته وأحسن الكلام وأحسن التصرف حتى لو وجد ما يسوء لا بد أن يكون عاقلا في تصرفاته في كلامه لبقًا، تجد الواحد من الناس إذا تحدث مع زملائه وإخوانه ما أجمل كلامه وما أحسن ألفاظه لكنه إن تكلم مع المرأة تجده يكاد لا يطيق حتى الكلمة التي يقولها اذهبي وافعلي كذا وقومي وافعلي كذا فعلت كذا لا بارك الله فيك كذا وكذا، هذه الأفعال هذه ليست صادرة ممن يخاف الله وتعالى ويرجو لقاءه إنما تصدر من شخص وقع في غفلة وفي بعد عما أوجبه الله سبحانه وتعالى عليه، تأمل حال نبيك صلى الله عليه وسلم يسابق زوجته عائشة رضي الله عنها وهي جارية صغيرة، سبقها في بداية زواجه بها، فكانت المرأة خفيفة اللحم، يعني ليست بسمينة فسبقته رضي الله عنها، قال للجيش: تقدموا وتأخر عنهم صلى الله عليه وسلم، في هذه الأيام البعض لو فعله لقيل له أما تستحي أن تفعل هذه الأشياء نبيك صلى الله عليه وسلم فعلها، أنت خير من نبيك عليه الصلاة والسلام إن تكلمت معها، البعض للأسف يجد من أصدقائه ومن زملائه من يوصيه بوصايا باطلة، يقول المرأة إذا رفعت عليك صوتها فلا تتركها في البيت لحظة واحدة أدبها افعل كذا وكذا نصائح شيطانية، طيب إن لم تكن أنت رفيقا رحيما بها من سيعلمها ﵟقُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗاﵞ ﵝالتَّحۡرِيم : ﵖﵜ الله عز وجل أوصاك أنت الذي لك القوامة بأن تخرجها من هذه الأمور الباطلة وتدخلها فيما فيه سعادتها، نبيك صلى الله عليه وسلم كان لما يحصل شيء من التصرفات الخاطئة كان صلى الله عليه وسلم يعالج هذه المشكلة بتصرف جميل لا يوقع في القلب أي أثر بل يجعل التي فعلت هذا الشيء تتندم على ما حصل منها، وقع من إحدى الصحابيات أنها اغتابت زوجة النبي صلى الله عليه وسلم زوجته اغتابت أو تكلمت في الزوجة الأخرى فقال: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْهُ!»([27]) ، هكذا ينبغي أن يعلمها مع الرفق ومع التأني ومع الصبر والبعد عن الانفعالات والسبّ والتقبيح، ولا يهجر إلا في البيت، ولا تهجر إلا في البيت، يعني حصلت مشكلة بينك وبين امرأتك لا تذهب وتخبر فلان أو فلانة ولو كانت قريبة لك ولو كانت والدتك، كثير من المشكلات تحصل عندما يرجع الرجل إلى هذه الأمور إلى والدته بالطبع الوالدة ستميل مع من؟ معك أنت، أنت ابنها وأنت حبيب قلبها، لن تميل مع هذه التي قالت وقالت وستصب جام غضبها على هذه المرأة فلا يصلح أن يخرج ما بين الرجل وامرأته إلى خارج حدود غرفتهما، كذلك لو تأملنا في حال النبي صلى الله عليه وسلم ورفقه بزوجاته كما تخبر إحدى زوجاته عنه قال: اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم مع إحدى زوجاته من الجنابة من إناء واحد، هذا من طيب العشرة كما قال الله وجل: ﵟوَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِﵞ ﵝالنِّسَاء : ﵙﵑﵜ، فالعشرة ينبغي أن تكون بالمعروف، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «خَيْرُكُمْ خَيْرَكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» ([28])، فالنبي صلى الله عليه وسلم يبين لك الخيرية أين تكون؟ الخير إن كان معدوما عن أهلك واصلا لمن هم بعيدين عنك فهذا ليس بعمل صائب، وليس بعمل صحيح أفضل الصدقة هي ما تنفقها على زوجتك وعيالك، البعض من الناس يحرص على الصدقات للغريب يحرم أقرب الناس إليه زوجته وأبناءه من هذا الخير، فلذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم «خَيْرُكُمْ خَيْرَكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» ، يقول صلى الله عليه وسلم: «ألاَ وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ في كِسْوَتِهنَّ وَطَعَامِهنَّ»([29]) ، فإذًا مسألة الإحسان إلى الزوجة هذا واجب أوجبه عليك نبيك صلى الله عليه وسلم، وليس بأمر اختياري بل هو واجب على الرجل أن يكون محسنا في عشرته لها، وقال صلى الله عليه وسلم مبينا لك واقع الحال قال: «لَا يَفْرَكُ -لا يبغضها- مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا، رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» ([30])،تذكر أنها تحفظك في نفسها وفي بيتها ولا تدخل بيتك من تكرهه، وتسمع لقولك وتطيعك وتحرص على إرضائك، ثم بعد ذلك يأتي منك ما يكون من قبيح الأفعال، هذا لا يليق بمن يرجو ما عند الله عز وجل، تقول عائشة رضي الله عنها: «كنت أتعرق العظم-تأكل اللحم- ، وأنا حائض، فيأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيضع فمه حيث كان فمي، وأشرب من الإناء، فيأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيضع فمه حيث كان فمي، وأنا حائض» ([31]) ، هذا فيه حسن تعامل وحسن عشرة من نبيك صلى الله عليه وسلم مع زوجاته،و فيه إظهار للمحبة التي هي كامنة في قلبك أظهرها، كثير من الرجال قد يكون قدر المرأة في قلبه عظيما لكنه لا يملك حسن التعبير ليس عنده حسن التصرف هو في نفسه طيب ومحب لهذه المرأة لكنه لا يحسن التعبير، أظهر هذا الأمر الذي يشعر المرأة بقيمتها عندك وفي قلبك، في تصرف النبي صلى الله عليه وسلم هنا كان يستطيع النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ من اللحم قطعة أخرى أو يأخذ هذا اللحم فيأكل من مكان آخر لكن حينما يتعمد فعل ذلك يريد أن يعلمنا أن إظهار هذه المشاعر للمرأة ينبغي أن يكون مما هو من اهتماماتك أن يكون هذا الأمر من اهتماماتك، فالمرأة تتعب تقوم على شؤون البيت ثم تحتاج منك إلى كلمة شكر، كثير من الرجال إذا جاء ولم يعجبه الطعام رده وقام قال لا أريد أكل هذا الطعام لماذا قال من أسوأ الأطعمة التي أكلتها أو ما هذا الطعام السيء أو ما كذا وما كذا، أولا نبيك صلى الله عليه وسلم ما عاب طعاما قط، هذه المعصية أنك فعلت أمرا يخالف نبيك صلى الله عليه وسلم ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاما قط، ثانيا: ما قدرت هذه المرأة التي تعبت وطبخت ونفخت وأتت لك بهذا الطعام فإن لم ترد أكله فأظهر أنك تتلذذ بهذا الطعام وهذا لا يعد كذبا أظهر أنك قد أعجبت بهذا وتشكرها وتظهر لها الفرح والسرور بما تقوم به لا بد أن تسود الألفة والمحبة والكلمات الطيبة بين الزوج وزوجته، لا يعقل أن تنتظر منها الكلمات الطيبة ولا تعطيها شيئا مما يشرح صدرها، ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قول الله عز وجل: ﵟوَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵘﵒﵒﵜ
قال ابن عباس: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لامَرْأَتي، كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي الْمَرْأَةُ» ([32]) كثير من الرجال يتحدث ويقول أن هذه المرأة لا تهتم بنفسها وبثيابها وبرائحتها وكذا وكذا وأنا أريد امرأة كذا وكذا، وحينما ينظر إلى نفسه يجد من نفسه أنه يأتي من خارج البيت وهو قد أصابه من العرق أو ما شابه ذلك أو تغير رائحة الفم أو نحو هذه الأمور، ولم يراعي هذه الجوانب في نفسه ثم يطلب من أن تتزين وتتجمل له، نبيك صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدخل إلى البيت بدأ بالسواك([33]) ، بدأ بالسواك لأنه سيستقبل زوجته، فإذا حدثها حدثها بنفس طيب، وكله طيب صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك كان يدقق على مثل هذه الأمور.
حرص الرجل كذلك من الحقوق التي هي على الزوج لامرأته أن يحرص على تعليمها و تثقيفها في دين الله عز وجل لا بد أن تعلمها أبواب الحلال والحرام، تعلمها ما فرضه الله عز وجل عليها من الحجاب والستر تعلمها ما فيه مصلحتها، وما تختص به المرأة من أحكام حيض ونفاس ونحو ذلك من الأمور التي تغفل عنها كثير من النساء، للأسف معاشر الإخوة والأخوات تأتينا أسئلة كثيرة يستغرب الواحد حينما يتفاجأ بمدى جهل الناس فيما هو من صميم أمرهم خاصة المرأة حينما تسأل عن أمور إنما هي واجبة عليها أن تتعلمها خاصة ما يتعلق بأحكام الحيض والنفاس ونحو ذلك، تجد الجهل عجيب في هذه المسائل، لكن إن سألت هذه المرأة عن الموضة الجديد والحقيبة الجديدة وكذا وكذا تجدها من أخبر النساء في هذا لكنها فيما يختص بعبادتها وصومها وصلاتها وقرب زوجها منها في هذه الأمور تجدها من أجهل الناس، والرجل مفرط في هذا الجانب لا في تعليم ولا في تثقيف ولا حث كذلك على الازدياد من التعلم في هذه الجوانب، ما أريد أني أطيل عليكم لكن هناك مسائل لا بد أن تنتبه لها المرأة، كذلك من الأمور التي لابد أن تنتبه لها المرأة فيما يتعلق بمسائل تعدد الزوجات ونحو هذه الأمور، وهذه من الأمور الهامة التي كثر الخوض فيها في هذه الأزمنة ما بين إفراط وتفريط، كثير من الرجال إذا أراد الزواج بين وتكلم على امرأته بما يسوء، وهذا والعياذ بالله لا يصدر من رجل يحفظ العشرة ويؤمن ويصدق بقول الله عز وجل: ﵟوَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِﵞ ﵝالنِّسَاء : ﵙﵑﵜ وكذلك يحصل من المرأة أن تطلب طلاق أختها، والنبي صلى الله عليه وسلم حذر: «لا تسأل المرأة طلاق أختها »([34]) ، هذه الأمور ينبغي على المرأة أن تعلم أن استقرار أسرتها إنما هو في عدم ظلم غيرها، فلا تبحث عن السوء لأختها، بل تكون ممن يخاف الله عز وجل في نفسها وفي هذا الزوج الذي قد يصدر منه ما يصدر من الأمور التي تخالف شرع الله من الظلم والظلم ظلمات يوم القيامة، فإن تكلمت تتكلم بعدل وإن تصرفت تتصرف بما يرضي الله عز وجل ولا تحرص على ما يكون فيه السوء وفيه الظلم لأختها، بل عليها أن تتقي الله عز وجل والرجل إن حصل منه هذا الأمر فهو شرع الله عز وجل وهو مما أباحه الله سبحانه وتعالى، فلا ينبغي للمرأة أن تلتمس الأعذار لنفسها وتأتي ما تأتي به من أمور منكرة من عدم احترام زوجها وعدم تقديره والتشنيع ونحو ذلك وطلب طلاق أختها ونحو هذه الأمور التي لا تصدر ممن ترضى بقضاء الله وقدره، وتعلم أن كل قضاء الله خير، وكل ما قضاه الله عز وجل إنما هو خير لها ولأسرتها.
هذا معاشر الإخوة والأخوات ملخص أو شيء مما ذكره أهل العلم في هذه الأبواب، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يستمعون هذا القول ويستجيبون لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يجنبنا مخالفة الكتاب والسنة ويجعلنا ممن يحيون على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويموتون عليها ويحرصون على نشرها وخدمتها، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك فيكم ويبارك لكم في أسركم وفي ذرياتكم ويجعلكم أسرا طيبة مطمئنة سعيدة هانئة مستقرة تريد مرضاة الله عز وجل، وتريد نشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نقرأ بعض الأسئلة السريعة أحسن الله إليكم:
السؤال: إذا رفضت الزوجة الذهاب إلى زوجها ومعها الأطفال هل يجب أو هل تسقط نفقتهم وهل يسقط العدل بينهما أو بينها أو بين ضرتها؟
الجواب : إذا خرجت المرأة من بيتها وامتنعت عن فراش زوجها فهذا مما قرره الفقهاء أنه قد تسقط عنها النفقة ولا تستحق النفقة في هذه الحال هذا مما قرره الفقهاء، لكن على الرجل أن يكون كذلك متأنيا مراعيا لما يكون فيه صلاح الحال ومراعاة ما تمر به المرأة من أمور واضطرابات قد تحصل لها، ففي مثل هذه الأمور كن أنت صاحب التصرف الأفضل والأعقل في مثل هذه المسائل وإلا من حيث كونها مسألة فقهية يذكر الفقهاء أن المرأة متى ما امتنعت عن فراش زوجها فإنها لا تستحق نفقته لكن مع ذلك أعيد وأكرر بأن الرجل عليه أن يكون حريصا على إرضاء الله عز وجل وأنه لو أصلح من حالها وتأنى وصبر عليها واستمع لوصية النبي صلى الله عليه وسلم : «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» لكان ذلك أفضل وأصلح له ولأسرته.
السؤال: أحسن الله إليكم، ما الحل مع الزوجة ذات الغيرة الشديدة حتى تبلغ الوسوسة والغضب الشديد التي تحرش أولادها على أبيهم وتمد يدها بقوة إذا غارت وغضبت وقد تبتعد وتصرخ لتسمع الجيران؟
الجواب: هذا مثل ما ذكرنا بارك الله فيكم هذه الغيرة الشديدة قد تحصل من المرأة وقد تكون ممن إذا غارت وإذا غضبت قد تفقد أحيانا ما يخرج تفقد السيطرة على ما يخرج من رأسها، ففي هذه الأمور كن أنت أهدأ منها واحرص على الهدوء فأنت إن كنت هادئا حريصا على بيان محبتك لها، وأنها هي التي قد ملأت عينك وهي التي وهي التي وكذا وكذا من هذه الأمور هذه سيكون فيها تهدئة لما تمر به من أحوال، لا تكن أنت الغضوب الذي إن قالت الكلمة ترد عليها بل كن أنت هادئا مطمئنا بأن هذا إنما هو من تلبيس الشيطان عليها، وأنها مع الوقت ستهدأ وتعرف أنها قد غضبت من شيء ليس له أي داع، فهذه الأمور ينبغي على الرجل أن يكون حريصا عليها لذلك رب العالمين سبحانه وتعالى لما وضع القوامة عند الرجل ما كان ذلك من فراغ، وإنما لأنه هو الذي يحكم هذه السفينة فهو ربان هذه السفينة التي يقودها لتصل إلى بر الأمان.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إإله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
([1]) رواه الترمذي (2869).
([2]) تاريخ بغداد (14/438).
([3]) رواه البخاري (5200)، ومسلم (1829).
([4]) رواه البخاري (7151)، ومسلم (142).
([5]) رواه أبو داود (2175)، وصححه الألباني.
([6]) رواه ابن ماجه (1853)، وصححه الألباني.
([7]) رواه أحمد (27352).
([8]) رواه ابن ماجه (1853)، وصححه الألباني.
([9]) رواه ابن ماجه (1853)، وصححه الألباني.
([10]) رواه الطبراني في المعجم الكبير (20/52).
([11]) رواه الطبراني في المعجم الكبير(20/160).
([12]) رواه الترمذي (359)، وقال الألباني: صحيح الإسناد.
([13]) رواه النسائي (3231)، والحاكم (2682).
([14]) رواه أحمد (1661).
([15]) رواه البخاري (29)
([16]) رواه الحاكم (2771)، وينظر السلسلة الصَّحِيحَة (289).
([17]) رواه البخاري (5193)، ومسلم (1436).
([18]) رواه للنسائي في عشرة النساء (2867)، وهو في السلسلة الصحيحة ( 287 ).
([19]) رواه الترمذي (1174)، وابن ماجه (2014).
([20]) رواه أحمد (27583).
([21]) رواه البخاري (3331)، ومسلم (1468).
([22]) صحيح مسلم (1218).
([23]) رواه أبو داود (2142)، وابن ماجه (1850).
([24]) رواه مسلم (1468).
([25]) صحيح مسلم (1218).
([26]) رواه ابن ماجه (1851)، والترمذي (1163)،
([27]) رواه أبو داود (4875)، والترمذي (2502).
([28]) رواه الترمذي (3895)، وابن ماجه (1977).
([29]) رواه ابن ماجه (1851)، والترمذي (1163).
([30]) رواه مسلم (1469).
([31]) رواه ابن ماجه (6)، وأبو داود (259).
([32]) مصنف ابن أبي شيبة (19263).
([33])رواه مسلم (253).
([34]) رواه البخاري (6600) ومسلم (1408).