فوائد قرآنية - (٠٢) الطريق إلى الانتفاع بالقرآن
من أراد الانتفاع بالقرآن فعليه بالإخلاص لله، والصِّدْق في فهم كلام الله، وقوة الرغبة في معرفة مراد الله من كلامه تعالى، مع جَمْع القلب عند تلاوته وسماعه، والإقبال التام على ذلك، والابتعاد عن كل ما يحول بينه وبين فهم القرآن على وجهه الصحيح.
وأيضاً: إلقاء السمع عند قراءة القرآن، والإصغاء الكامل الذي يقتضي عدم الالتفات إلى غيره، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من تدبَّر القرآن طالباً للهدى منه تبيَّن له طريق الحق"([1]).
فمن فعل ذلك -أعني تَدَبَّر القرآن وتفكَّر فيه وكان قصده حسناً، ونيَّته طلب الهدى من هذا القرآن-؛ بصَّره الله تعالى بكتابه، ووفَّقه للفهم السديد لكلامه، وفتح له من أبواب فضله، ويسَّر عليه التلاوة والوصول لمعنى الآية، ورأى معانيه الصحيحة ظاهرة أمام عينيه، ووعاها بقلبه، وأعانه على العمل بتلك المعاني، وتبيَّن له الحق، وهيَّأ له سبيل اتِّباعه والأخذ به.
قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} [يس: 69-70]، قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله وغفر له: "فأخبر أن الانتفاع بالقرآن والإنذار به إنما يحصل لمن هو حيُّ القلب"([2]).
ويُنظر شرحاً وافياً في بيان الطريقة الصحيحة للانتفاع بالقرآن كتاب (الفوائد) للإمام العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله وغفر له من (ص:3-5)، فقد قرر قاعدة مفيدة في هذه المسألة، والله الموفق.
وما أحسن قول ابن قيم الجوزية في النونية (الكافية الشافية):
فتدبَّر القرآن إن رُمتَ الهدى ... فالعلم تحت تدبُّر القرآن