أفضل أيام الدنيا


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين, أخوتي في الله ها هو شهر ذي الحجة الحرام قد هل عليكم، مؤذنا بدخول أفضل أيام العام، بل والدنيا، أيام أقسم الله بها لمكانتها، )وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ(. هذه أيام العشر ولياليها، أفضل الأيام عند الله، موسم تجارة رابحة، وأعمال صالحة، أفضل من العشر الأواخر من رمضان، قال عليه الصلاة والسلام: «أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ»، يَعْنِي: عَشْرَ ذِي الْحَجَّةِ" روه البزار

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» رواه ابن ماجه

وفي رواية عند البيهقي: "مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللهِ وَلَا أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي الْعَشْرِ الْأَضْحَى، قِيلَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟، قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ، قَالَ الراوي: وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا دَخَلَ أَيَّامُ الْعَشْرِ اجْتَهَدَ اجْتِهَادًا شَدِيدًا حَتَّى مَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ".

أيها الناس: لا يفرط في هذه الأيام وأجورها إلا محروم أهمل نفسه، أو غافل نسيّ عاقبة أمره، فضاعت أيامه سبهللا، ومرت عليه مواسم الخير ولم يدر عنها خبرا، وكأن الدنيا فسحة ونزهة، وليست مزرعة منافسة.

فيا ساهيا في غمرة الجهل والهوى

                     صريعَ الأماني عن قليل ستندمُ

 أفق قد دنا الوقتُ الذي ليس بعده

                       سوى جنةٍ أو حرِ نار تَضَرَّمُ

فبادر أيها الموفق، وجُدَّ وسارع، وتذكر حين يشاهد أهل الاجتهاد نعيمهم، وينادَون: "لمثل هذا فليعمل العاملون"، "كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ"، "كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ"، "إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا"، فينغمسون في النعيم، و"يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ. خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ".

فالدنيا أرض متاجرة في الخيرات، ومسابقة في الصالحات، وهي مواسم كمواسم زرع الدنيا، وإنكم في موسم عظيم من الباقيات، وأبواب متعددة من الباقيات، أعظمها حج بيت الله الحرام، به تغسل الذنوب والزلات، وتتجلى فيه الرحمات، وترفع فيه الدرجات، وتُعتق الرقاب ويُبشرُ العبادُ بالجنات، وفيه اليوم المشهود، يومُ عرفة، حيث إجابةُ الدعوات، وسكبُ العبرات، ومحو الخطيئات، قد اجتمعت وفود الإيمان، ودنا منهم الرحمن، ومن عليهم بالعفو والغفران، فلا تسل يومئذ عن كثرة العتقاء من النيران، قال صلى الله عليه وسلم "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟" رواه مسلم وفي رواية: "فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِمَلَائِكَتِهِ: يَا مَلَائِكَتِي مَا جَاءَ بِعِبَادِي؟ قَالُوا: جَاءُوا يَلْتَمِسُونَ رِضْوَانَكَ وَالْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنِّي أُشْهِدُ نَفْسِي وَخَلْقِي أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، ولو كانت ذنوبهم عَدَدَ أَيَّامِ الدَّهْرِ، وَعَدَدَ الْقَطْرِ، وَعَدَدَ رَمْلِ عَالِجٍ" رواه الطبراني

وفي رواية: "فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَهْبِطُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِكُمُ الْمَلائِكَةَ يَقُولُ: عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا مِنْ كِلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكُمْ كَعَدَدِ الرَّمْلِ، أَوْ كَقَطْرِ الْمَطَرِ، أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ لَغَفَرَهَا، أَوْ لَغَفَرْتُهَا، أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُورًا لَكُمْ وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ".

"فلِلهِ ذاكَ الموقفُ الأعظمُ الذي

            كموقفِ يومِ العَرْضِ بلْ ذاكَ أعظمُ

ويدْنُو بهِ الجبّارُ جَلَّ جلالُهُ

                    يُباهِي بهمْ أمْلاكَه فهو أكرَمُ

يقولُ عِبادِي قدْ أتونِي مَحَبَّةً

                           وَإنِّي بهمْ بَرٌّ أجُودُ وأرْحَمُ

فأشْهِدُكُمْ أنِّي غَفَرْتُ ذنُوبَهُمْ

                         وأعْطيْتُهُمْ ما أمَّلوهُ وأُنْعِمُ

فبُشراكُمُ يا أهلَ ذا المَوقفِ الذِي

                         به يَغفرُ اللهُ الذنوبَ ويَرحمُ

فكمْ مِن عتيقٍ فيه كَمَّلَ عِتقهُ

                         وآخرَ يَسْتسعَى وربُّكَ أرْحَمُ

قال أنس بن مالك: "وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات وقد كادت الشمس أن تؤوب فقال يا بلال أنصت لي الناس فقام بلال فقال أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنصت الناس فقال معشر الناس أتاني جبرائيل عليه السلام آنفا فأقرأني من ربي السلام وقال إن الله عز وجل غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا رسول الله هذا لنا خاصة قال هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثر خير الله وطاب".

فسارعوا عباد الله، فالصحة لا تدوم، والمال يفنى، والمرض مرتقب، والحاجة عارضة، والموت يأتي بغتة.

فعن أبي سعيد الخدري  رضي الله عنهعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: إِنَّ عَبْدًا أَصْحَحْتُ لَهُ جِسْمَهُ، وَوَسَّعْتُ لَهُ فِي مَعِيشَتِهِ، يَمْضِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ لا يَفِدُ إِلَيَّ لَمَحْرُومٌ» الصحيحة ح(1662)

هذا هو المحروم، وكيف لا يكون محروما، وقد قال النبي  صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» رواه ابن ماجه

وقال صلى الله عليه وسلم: «وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الجَنَّةُ» رواه الترمذي

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا أَهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ إِلَّا بُشِّرَ، وَلَا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قَطُّ إِلَّا بُشِّرَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» الصحيحة (1621).   

وعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ، دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ، وَسَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ» رواه البزار

"وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ".

ومن الأعمال الصالحة العظيمة في هذه الأيام الصيام، وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ له". رواه النسائي

فالصوم من أحب العبادات إلى الله تعالى وأعظمها أجرا، ويشرع صيام هذه الأيام التسع كلها، ويستحب استحبابا أكيدا عند الأئمة الأربعة وغيرهم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصومها، فعَنْ بَعْضِ، أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ» رواه أبوداود

قال النووي رحمه الله: "لَيْسَ فِي صَوْمِ هَذِهِ التِّسْعَةِ كَرَاهَةٌ بَلْ هِيَ مستحبة استحبابا شديدا لاسيما التَّاسِعُ مِنْهَا وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ" شرح مسلم (8/320).

وصومِ يوم عرفة أفضل صيام التطوع على الإطلاق، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» رواه مسلم

وهذا خاص بغير الحجاج، أما الحاج فالسنة في حقه الفطر، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه أقوى له على القيام بأعمال الحج من الوقوف بعرفة وكثرة الدعاء ونحو ذلك.

ومن الأمور المستحبة في يوم عرفة كثرة الدعاء، للحاج وغيره، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أفضل الدعاء دعاءُ يوم عرفة"، قال ابن عبدالبر: "وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره".

ومن خير الأعمال في هذه الأيام: شراء الأضاحي وتسمينها، فهذا العيد عيد الأضاحي، وهو أفضل يوم على الإطلاق، والذبح فيه أفضل عمل، وقد أمر الله بالذبح بعد صلاة العيد، بقوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الأيام عند الله يوم النحر))، فأمر بأفضل عمل في أفضل يوم.

والأضاحي شعيرة من شعائر الدين، ومنسك من مناسك المسلمين، أجمع على مشروعيتها العلماء، واتفق على تأكيدها الفقهاء، وَهِيَ النُّسُكُ الْعَامُّ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ، لم يدعها رسول الله صلى الله عليه وسلم طوال حياته، وفيها إحياء لسنة أبينا إبراهيم، وتقرب بإراقة الدم لرب العالمين، قال الشافعي رحمه الله: "نُحِبُّ لُزُومَهَا وَنَكْرَهُ تَرْكَهَا"، ومن السنة في حق المضحي أن يمسك عن شعره وأظفاره، وبشره، وكلما كانت الأضحية أكمل كانت أفضل، ودم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين، والشاة تكفي الرجل وأهل بيته، والموفق من وفقه الله لمرضاته.

" فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ"

أحبتي في الله, إن أيام عشر ذي الحجة أيام الذكر والتكبير، قال الله: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ"، قال جمهور العلماء: هي أيام العشر.

قال البخاري في الصحيح: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ: «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا». وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ كَانَ مَشَايِخُنَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ". أَيْ بِالتَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ"

وقال يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَاد: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدًا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، وَمَنْ رَأَيْنَا مِنْ فُقَهَاءِ النَّاسِ يَقُولُونَ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ".

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ التَّسْبِيحَ، وَالتَّكْبِيرَ، وَالتَّهْلِيلَ".

فالغنيمة الغنيمة عباد الله، هذه أيام ليس لها عوض، فاستعينوا بالله واصبروا وصابروا وجاهدوا واتقوا الله، وخير العمل أن تفارق الدنيا ولسانك رطبٌ من ذكر الله تعالى، ومَا عَمِلَ آدَمِيٌّ عَمَلًا أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ مِنْ ذِكْرِ اللهِ،  وما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها إلا حسر عليها يوم القيامة، فيا أهل التنافس هذا موسمكم، ويا أولي الألباب هذه دار زرعكم، )مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ(، فقدموا ولا تسوفوا، فمن جد في الدنيا وجد، ومن زرع فيها حصد، ومن ركن إليها غفل عن الأجل، ومن سوف فيها فرط في العمل، فاستغلوا المواسم، ونافسوا الزمان، وناقشوا النفوس، وتزودوا لسفر بعيد، واستعدوا ليوم شديد، "يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ".