كورونا سيرحل فلا تيأس ولا تحزن
صحيح أنه يجب علينا أن نحذر من فيروس كورونا وأن نلزم بيوتنا ونأخذ بالأسباب الوقائية الاحترازية لسلامة صحتنا، إلا أنه يجب علينا كذلك أن نحذر مما هو أخطر من كورونا إلا وهو الخوف المفرط والهلع الزائد
الخوف الذي يسبب الحزن والكآبة... وينزع السكينة والطمأنينة
الخوف الذي يسبب اليأس والقلق... ويوقع العبد في سوء الظن بالخالق
تأمَّل أخي المسلم كتاب ربك فستجد ما يدفع الخوف: {لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ}([1])، انظري أختي المسلمة في القرآن فستجين ما يسكن النفس: {وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي}([2]).
نعم لا تخف وأمرك بيد الله .... لا تخف وحياتك بيد الرحيم.... لا تخف فإن لك ربًا كريمًا.
لا تيأس فإن الكافي الله...لا تحزن فإن فارج الكرب الله...لا تقنط فإن المنجي من كلِّ شدة هو الله
هذه أزمة لا بد وتمر، ومصيبة ولا بد أن تنكشف، فإن كل مصيبة وإن طالت فلا بد من زوالها، أين الطواعين التي أبادت أين الأوبئة التي أفنت حتى كان منها ما يقتل في اليوم أكثر من سبعين ألف نفسٍ، كلها ذهب ورحل وعادة الحياة بكل ما فيها من أمل وألم.
هل الدهر إلا ساعة تنقضي...بما كان فيها من عناء ومن خفضِ.
فهذه أزمة وستمر، لكن من المهم في هذه الأزمات ان يكون الإنسان متحصنًا بأمرين:
الأول: التحصن بالله بالتوكل عليه ورجائه والخوف منه ومحبته وحسن الظن به، وبالاستعانة به وبدعائه، وبتحقيق العبادة له، مع الصبر على قضائه وقدره.
وضع بين عينيك قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}([3])؛ فمن حقق العبودية التامة تحققت له الكفاية التامة.
التحصن الثاني: الأخذ بالأسباب الوقائية الاحترازية، فالزم بيتك واجعله جنتَك، ولا توهمنَّ نفسك بأنه سجنك؛ فتسجنُ نظرتُك السلبية نفسَك وهي طليقة، فعلى ما نحن فيه من لزوم البيوت إلا أننا نعيش عيشة الملوك، بيوتنا واسعة مريحة، والأغذية جميلة متوفرة، وبجنبك أهلك وأحبابك وأنت في بيتك تعبد ربك.
فبيتك فيه راحتك وسعادتك، عشْ فيه هذه اللحظات مع والديك وزوجتك وأبنائك، كن معلمًا، موجهًا، مطمئنًا، مربيًا، صاحبًا، صديقًا، ابنًا، واحتسب في ذلك الأجر فستجد بإذن الله لذةً عظيمة وستعرف أن كثيرًا من المشاغل لم تكن تعدل جلوسك مع أهل ساعة مما تجده معهم من الفرح واللذة والسرور.
وأخيرًا مما يطمئن القلب ويبعد الخوف تلك الكلمات التي يحدوها التفاؤل والأمل، تلك الهمسات التي تنبثق فتعطي السكينة وحسن الظن، كلماتُ صاحبِ السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حفظه الله: "لا تشيلون هم".
فيا أبنائي وأمهاتي ويا إخواني وأخواتي ويا أبنائي وبناتي: "لا تشيلون هم" فنحن بيد رب كريم رحيم، وتحت ظل قيادة رشيدة، لا تشيلون هم فإن الأزمات ما نزلت إلا رُفعت، ولا دخلت إلا رحلت، ولا توالت إلا تولَّت، ولا كبرت إلا صغرت، ولا جلَّلت إلا تجلَّت.
{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}([4])
عسَى ما ترَى أنْ لا يَدومَ وأنْ تَرَى ... لهُ فَرجًا مِمَّا أَلحَّ به الدَّهرُ
عَسى فَرَجٌ يأتِي به اللهُ إنَّه ... لَهُ كُلَّ يَومٍ في خَليقتِهِ أَمْرُ
إذا لاحَ عسرٌ فارْجُ يُسرًا فإنَّه ... َقضَى اللهُ أنَّ العُسرَ يَتبَعُهُ اليُسرُ([5])
فاللهم يا سميع الدعاء عجل بزوال هذا الوباء، ويا رحيمًا بالعباد أرفع هذا البلاء عن العباد والبلاد.