قيم اعتنى الشيخ زايد بترسيخها
حرص الشيخ زايد -رحمه الله-على تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة منذ فجر الاتحاد على أسس قويمة ودعائم مستقيمة، تنهض بالدولة إلى أعلى المستويات، وتنافس الدول الأخرى بأفضل المقوِّمات، وقد كان بناء الإنسان في نظر الشيخ زايد-رحمه الله-هو المحور الأول والأساسي الذي سيوصله إلى هدفه الأسمى، فسمت همته -رحمه الله-في تحقيق الوصول إلى بناء الإنسان الإماراتي؛ فأمعن النَّظر، وكرَّس الجهود في غرس قيم في أجيال المستقبل الذين سيحملون راية الأوطان.
قال الشيخ زايد -رحمه الله-: “إن الدولة تعطي الأولوية في الاهتمام لبناء الإنسان ورعاية المواطن في كل مكان من الدولة، وإن المواطن هو الثروة الحقيقية على هذه الأرض، وهو أغلى إمكانات هذا البلد“. الفرائد من أقوال القائد(2/65).
-
القيم التي رآها الشيخ زايد في قلوب أجيال المستقبل.
إن الناظر في أقوال الشيخ زايد -رحمه الله-، وسيرته العطرة يرى تركيزه على قيم عظيمة، هي دعائم لبناء مستقبل الأجيال، الوقوف عليها من الأهمية بمكان، فمن تلك القيم:
أولًا: الإيمان والعلم.
الإيمان أساس البنيان، وبالعلم يبنى الإنسان؛ ولهذا يقول الشيخ زايد -رحمه الله-: “إن العلم والإيمان هما الطريق للوصول للتقدم والازدهار وإدراك مأربنا الأسمى وتحقيق نهضتنا الشاملة“. الفرائد من أقوال زايد (2/66).
ويقول -رحمه الله- مبينًا عظم سلاح العلم والإيمان: “أوصيكم يا أبنائي أن تنهلوا من مناهل العلم والمعرفة، وأن تتحصنوا بالدين والفضيلة، سلاحان من اجتمعا في يديه ما غلب: العلم والإيمان“. الكلام العجب (233).
ثانيًا العمل.
العمل ثمرة العلم، والإنسان بلا عمل كشجرة بلا ثمر، يقول الشيخ زايد -رحمه الله-: “إن العمل هو الخالد، والتاريخ يسجل، والعقول تميز، والأبصار تنظر، والمجال مفتوح أمامكم والمسؤولية تناديكم؛ لأنكم ثروة هذا الوطن“. الفرائد من أقوال زايد (4/80-81).
ثالثًا: الصبر.
الصبر بمنزلة الرأس من الجسد، فمن لم يصبر فلن يصل إلى هدفه، يقول الشيخ زايد -رحمه الله-: “بالصبر يدرك كل شيء، وبالتسرع وعدم الصبر يمكن أن تفقد كل ما لديك“. الكلام العجب (254).
رابعًا: الأخلاق.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت… فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
سئل الشيخ زايد -رحمه الله-: ماهي الأسس التي يري سموكم قيام المجتمع عليها؟
فأجاب قائلًا: “تحدثتُ عن العمل والعلم وقيمتهما، لابدَّ لهذين الأساسين من الأخلاق، نحن مجتمع مسلم يستمد بقاءه من أخلاقيات قامت على التسامح والرحمة والعفَّة“. الفرائد من أقوال زايد (3/421).
ويقول -رحمه الله- مؤكدًا على ركيزة الأخلاق: “إن التركيز على الإنسان وسلوكه ومواقفه يأتي من إيماني بأن الأخلاق والسمعة الطيبة هي ثروة الإنسان، والأساس في التعامل بين الناس“. الفرائد(4/51).
خامسًا: القرآن.
القرآن ربيع القلب ونور الصدر، وقاعدة كلِّ علم وعمل وأخلاق، وقد قال الشيخ زايد -رحمه الله-: “إن كتاب الله هو قاعدة كافة العلوم، كما أنه منبع الأخلاق ومنار الفضيلة، والقرآن الكريم كلام الله عز وجل أرسله إلينا وإلى العالم كافة للسير على هداه والتمسك بأهدابه، يجب علينا التمسك به وأن نجعله دستورًا في حياتنا العلمية والعملية“. الفرائد من أقوال زايد (4/26).
ويقول -رحمه الله-: “ولذلك حينما طرحت مشروع تحفيظ القرآن الكريم للشباب، فإنما أردت أولًا وأخيرًا أن أربطهم بدينهم، وأعصمهم به من الانحراف والزلل، وأعلمهم أن طب الله ينفع لكل مشاكلهم“. الفرائد(3/157-157).
سادسًا: الكتاب.
الكتاب ثروة بين أيدي أبناء الأمَّة، ولن ترتقي أمَّة لا تقرأ، وقد بيَّن الشيخ زايد -رحمه الله- أهمية هذه القيمة بقوله: “إن الكتاب هو وعاء العلم، والحضارة، والثقافة، والمعرفة، والآداب، والفنون، إن الأمم لا تقاس بثرواتها الماديَّة وحدها، وإنما تقاس بأصالتها الحضارية، والكتاب هو أساس هذه الأصالة، والعامل الرئيسي على تأكيدها“. الفرائد من أقوال زايد (2/70).
سابعًا: التاريخ.
التاريخ عصارة تجارب ومدرسة خبرات، سطَّرها رجال الأمس ليبني عليها الأجيال حضارة المستقبل، وقد أدرك الشيخ زايد -رحمه الله- أهمية ربط الأجيال بالتاريخ فقال: “على الشباب أن يتبعوا ويسألوا عن التاريخ، ويراجعوه سواء كان التاريخ القريب أو المتوسط أو البعيد حتى يعلموا ماذا مر بهذا الوطن وكيف عاصرته الأجيال التي مضت“. الفرائد من أقوال زايد (4/53-55).
ويقول -رحمه الله-: “إن الذي يقرأ التاريخ ويتقنه ويستوعب من خبرات من سبقوه ويستفيد كثيرًا من التجارب التي مرت على الأجيال والبشر، والإنسان الذي لا يقرأ التاريخ لا يتعلم شيئًا“. الفرائد من أقوال زايد (4/48).
هذه جملة من القيم التي حرص على ترسيخها الشيخ زايد-رحمه الله- وغيرها كثير مما كان يجهد في غرسه في الأجيال.
من المسؤول عن غرس هذه القيم؟
يرى الشيخ زايد -رحمه الله-أن المسؤول الأول عن غرس هذه القيم هما الوالدان، فيقول -رحمه الله-: “إن المسؤولية الكبيرة تقع على عاتق الآباء تجاه أبنائهم وخاصة الشباب، وعليهم ضرورة رعايتهم وتوجيههم التوجيه السليم، وغرس المبادئ الأخلاقيَّة الساميَّة في نفوسهم، وتلقينهم مبادئ الدِّين الإسلاميِّ الحنيف، وتذكيرهم دائمًا بعادات آبائهم وأجدادهم الأصيلة والنبيلة“. الفرائد من أقوال زايد (2/117).
وخصَّ -رحمه الله- الأم بمزيد مسؤولية لأنها هي المدرسة التي تخرج الأجيال فقال: “إن الأم لا تشارك في مسؤولية البيت وإدارة شؤونه فحسب، بل إن وظيفتها الأساسية تتركز في توجيه أطفالها وتنشئتهم التنشئة الصالحة، التي تستند إلى الخُلق القويم، وتهتدي بمبادئ وتعاليم ديننا الحنيف وعادتنا وتقاليدنا الصالحة، لا يجوز انشغال الأمِّ عن أبنائها واعتمادها على الغير في تربيتهم، وإن دور الأم هو تنشئة أبنائها وتربيتهم، إن انشغال الأم بأي شيء آخر غير ذلك لا يساوي واحدًا في المائة من مهمتها الأساسية، ودورها الأساسي في تربية أبنائها وتنشئتهم التنشئة الصحيحة“. الفرائد من أقوال زايد (4/47).
-
المسؤول الثاني عن غرس القيم في الأجيال: المعلم والمعلمة.
إن دور المعلِّم كبير ومهم في غرس القيم الحميدة في الأجيال، وقد أدرك الشيخ زايد -رحمه الله- تلك المسؤولية العظيمة المنوطة به فبذل الوسع في انتقائه وتأهيله وتوجيهه، ومن كلماته الجميلة في هذا الموضوع أنه قال: “إن واجب المعلِّم أن يغرس في الشباب الحقَّ، ويعلِّمه ما يجب أن يعلَمَه، فأنتم تغرسون وتدرِّبون لخير البلد، وعلى قدر غرسكم وتعليمكم سيكون ردُّ الجميل“. الكلام العجب(231).
-
الخاتمة.
لقد اعتنى الشيخ زايد -رحمه الله-بمستقبل الأجيال وأكَّد على أن الإنسان هو الثروة الحقيقية للأوطان، ورأى أن يغرس فيه الوالدان بالدرجة الأولى القيمة الإيمانية والعلم والعمل والصبر والقرآن والأخلاق والقراءة ومعرفة التاريخ، مع كونه -رحمه الله-أكَّد على مسؤولية المعلِّم والمعلِّمة والمدرسة، وكلِّ مسؤولٍ في الدولة على تكريس الجهود للوصول بالأجيال إلى أرقى المستويات الدينية والعلمية والعملية والأخلاقية.