الخوف والرجاء
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،أما بعد :
مقدمــة :
فإن المسلم الذي يريد النجاة في الدنيا والآخرة ينبغي أن يسير إلى الله تعالى بجناحي الخوف والرجاء ، ولا يبالغ في أحدهما حتى لا يقع في المحظور ، فإذا بالغ في الخوف ربما أدى به إلى القنوط وهواليأس من رحمة الله تعالى،قال تعالى: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )، وإذا بالغ في الرجاء ربما أدى به إلى التفريط في حق الله فيصبح من الخاسرين ، قال تعالى( فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)، والنجاة من القنوط والخسارة أن يكون الإنسان خائفاً راجياً ، ويكون خوفه ورجاؤه سواء ، وفي حالة المرض يكون رجاؤه مقدماً على خوفه ، يقول صلى الله عليه وسلم( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عزَّ وجل)[1]
1- والخوف من الله تعالى:فرض عينٍ على كل واحدٍ
قال تعالى(فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين)آل عمران(175) وقال تعالى (وإياي فارهبون)البقرة(40) وقال تعالى(فلا تخشوا الناس واخشونِ) المائدة(44) وقال تعالى(والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة) فالوجل والخوف والخشية والرهبة ألفاظ متقاربة غيرمترادفة.
فالخوف:اضطراب القلب وحركته .
والخشية أخص من الخوف:وهي انقباض وسكون ، فهي خوف مقرون بمعرفة .
أما الرهبة فهي الإمعان في الهرب من المكروه .
وأما الوجل : فرجفان القلب وانصداعه لذكر من يخاف سلطانه عقوبته . وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله هذه المعاني في مدارج السالكين ثم ذكر آثارا عن السلف منها :
قال أبو حفص رحمه الله ( الخوف سراج في القلب ، به يبصر ما فيه من الخير والشر ، وكل أحد إذا خفته هربت منه إلا الله عز وجل فإنك إذا خفته هربت إليه ) وقال أبو سليمان رحمه الله ( ما فارق القلب خوفا إلا خرب ) وقال إبراهيم بن سفيان رحمه الله ( إذا سكن الخوف القلوب ، أحرق مواضع الشهوات منها ، وطرد الدنيا عنها ) وقال ابن القيم رحمه الله( وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله ) [2]
والترغيب في الخوف وفضله من النصوص الشرعية : النصوص من الكتاب والسنة في الخوف من الله تعالى كثيرة جداً، وفيها ذكر عظمة الله تعالى وذكر عذابه وانتقامه، وفيها ذكر الموت والبرزخ والقيامة والنار ، وقد مرت معنا بعض الآيات في ذلك .
وفي السنة أيضا جاء الترغيب في الخوف ومن ذلك :
قوله صلى الله عليه وسلم (سبعة يظلهم الله في ظله … ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله )[3]
وقصة أصحاب الغار الثلاثة وفيها : "…وقال الآخر : اللهم إنه كانت لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء وطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار ، فتعبت حتى جمعت مائة دينار، فجئتها بها ، فلما وقعت بين رجليها قالت : يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتَمَ إلا بحقه، فقمت عنها " [4]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى( وعزتي وجلالي، لا أجمع لعبدي أمنين ، ولا خوفين ، أن هو أمِنَني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي ، إن هو خافني في الدنيا أمَّنته يوم أجمع عبادي ) [5]
وقال صلى الله عليه وسلم ( لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع )[6]
فكيف يقوى الخوف عند العبد ؟:
(1) أن يتذكر عظمة الله تعالى وقدرته : قال تعالى( وما قدروا اللهَ حقَّ قدره ، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) الزمر (67) وقال تعالى (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات ، وبرزوا لله الواحد القهار)إبراهيم (48) . ومن عظمته وقدرته تعالى أنه يجمع الأولين والآخرين يوم القيامة ، قال تعالى(قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقاتِ يوم معلوم )الواقعة( 50) فالله تعالى هو العظيم الجبار المنتقم القادر .
(2) تذكر الموت والخاتمة : يقوى الخوف عند العبد بتذكر الموت وسكرات الموت ونزع الروح والخاتمة، فإن للموت سكرات عانى منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى ( و جاءت سكرت الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) ق (19 ) ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكونُ بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها )[7]، ويقول صلى الله عليه وسلم ( إن العبد ليعمل فيما يرى الناس عمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النار ، ويعمل فيما يرى الناس عمل أهل النار وهو من أهل الجنة ، وإنما الأعمال بخواتيمها )[8]، قال ابن بطال رحمه الله "" مِن تغييب خاتمة العمل عن العبد حكمة بالغة لأنه لو علم وكان ناجيا أُعجب وكسل ، وإن كان هالكا ازداد عُتوّا فحُجب عنه ذلك ليكون بين الخوف والرجاء ""
(3) تذكر القبر والقيامة والنار ، مما يقوي الخوف لدى العبد : فإذا تذكر هول القبر وفظاعته قوِيَ الخوف في نفسه ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( ما رأيت منظراً قطُّ إلا والقبر أفظعُ منه )[9]وللقبر ظلمة شديدة وفي الحديث (إنّ هذه القبور مليئة ظلمة على أهلها )[10]. وعندما يوضع الميت في القبر فإنه يضمه ضمة لا ينجو منها أحد كبيرا كان أو صغيرا ، صالحا أو طالحا ، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سعد بن معاذ رضي الله عنه أنه لم ينجو من هذه الضمة ، فقال صلى الله عليه وسلم (إن للقبرضغطة،لو كان أحدٌ ناجيا منها نجا سعد بن معاذ)[11]وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم ( لو أفلت أحد من ضمة القبر لنجا هذا الصبي )[12]
وهناك فتنة القبر أيضا ، وهي سؤال الملكين الأسودين الأزرقين المنكر و النكير ، كما في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه: ( فيأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ويُجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ من نبيك ؟ . وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن ) [13] ، وقد جمع طرقه وفوائده الشيخ الألباني رحمه الله في أحكام الجنائز (ص59) ، وفي القبر عذاب ونعيم ، ولعذاب القبر أسباب ومنجيات أيضا .
(4) وتذكر القيامة وأهوالها وحال الناس فيها وحشرهم وحسابهم والصراط وغير ذلك مما يقوي الخوف في نفس العبد : يومُ القيامة ( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ) هود (103) ، وقال صلى الله عليه وسلم (يحشر الناس حفاةً عراةً غُرلاَ ، قالت عائشة : يا رسول الله ، الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض ؟ قال : يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض )[14]. قال تعالى ( فذلك يومئذ يوم عسير ، على الكفرين غيرُ يسير )الدهر (9) وقال تعالى ( فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الوِلدان شيباً( المزمل (17) وقال تعالى ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم ولا يتساءلون )المؤمنون (101) . وقال تعالى ( تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) . وقال صلى الله عليه وسلم ( من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين ، فليقرأ (إذا الشمس كوِّرت) و (إذا السماء انفطرت) و (إذا السماء انشقَّت))[15]. ويقول صلى الله عليه وسلم (تدنوالشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدارميل،فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق)[16]. ويقول أيضا :(يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا،ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم) [17].
(5)ومما يقوي الخوف لدى العبد : مشهد الحساب يوم القيامة : قال تعالى ( ووُضِع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مالِ هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا )الكهف (47) .
يتذكر العبد اقتصاص المظالم بين الخلق ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لتؤدَنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يُقاد للشاة الجلحاء من الشاة القَرناء)[18]وفي ذلك أحاديثٌ منها : (من ضرب بسوط ظُلما،اقتُصَّ منه يوم القيامة)و (من قذف مملوكَه بالزنا يُقام عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال)[19]
(6) ويتذكر العبد يوم الحشر إما إلى الجنة أو النار : بعد الحساب وفي ختام يوم القيامة يُحشر الناس إلى الجنة أو إلى النار
يقول صلى الله عليه وسلم ( ويُضرب جسر جهنم ، فأكون أول من يجوز ، ودعاء الرسل يومئذٍ : اللهم سلِّم سلِّم ، وبه كلاليب مثل شوك السعدان … فتخطف الناس بأعمالهم، منهم الموبَق بعمله ومنهم المخردل )[20]. وفي حديث :( فيمر أولُكم كالبرق … ثم كمرِّ الريح ثم كمرِّ الطير وشدِّ الرجال تجري بهم أعمالهم )[21].
فإذا تذكرالعبد الناروصفتها وشدة حرها وعذابها وما فيها،قوي لديه الخوف : قال تعالى ( إنها ساءت مُستقرا ومُقاما ) وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا)التحريم (6) . وقال تعالى (وجيء يومئذ بجهنم )الفجر(23) . ويصف رسول الله صلى الله عليه وسلم مجيء جهنم يوم القيامة بقوله(يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زِمام،مع كل زمام سبعون ألف مَلَك)[22]وقال تعالى( إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيُّظا وزفيرا ).
فليحذر المسلم من الذنوب المتوعد عليها بالنار كالربا والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والظلم وغيرها ، ومن ذلك عدم الإخلاص في طلب العلم . يقول صلى الله عليه وسلم :( لا تعلّموا العلم لتُباهوا به العلماء ، ولا تماروا به السفهاء ، ولا تخيروا به المجالس ، من فعل ذلك فالنار النار )[23]. قال تعالى ( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ، كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم )الدخان (43) وقد صوّر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شناعة الزقوم وفضاعته بقوله ( لو أن قطرة من الزقوم قُطِرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم ، فكيف بمن يكون طعامه ؟)[24]
أحوال الأنبياء والملائكة والسلف الصالح في الخوف :
عن عائشة رضي الله عنها :( أن رسول الله كان إذا تغير الهواء وهبت ريح عاصفة يتغير وجهه فيقوم ويتردد في الحُجرة ويدخل ويخرج ، كل ذلك خوفا من عذاب الله)[25]. والله عز وجل يقول ( هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ، ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) الرعد (12) ، وقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه رجلا بكاءً من خشية الله حتى أنه لا يستطيع الصلاة بالناس من كثرة بكائه من خشية الله .
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسقط من الخوف إذا سمع آيةً من القرآن مغشيا عليه ، وكان في وجهه خطان أسودان من الدموع ، وقرأ يوما وهو على حماره ( إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع)فنزل عن حماره واستند إلى حائط ومكث زمانا يبكي .
وبكى أبوهريرة رضي الله عنه في مرضه فقيل له :مايبكيك؟فقال ( أما إني لا أبكي على دنياكم هذه ، ولكن أبكي على بُعدِ سفري ، وقلة زادي ، وإني أمسيت في صعود على جنة أو نار، لا أدري إلى أيتهما يؤخذ بي )
* وقال موسى بن مسعود رحمه الله(كنا إذا جلسنا إلى الثوري كأن النار قد أحاطت بنا لما نرى من خوفه وعجزه).
وهكذا كان السلف الصالح قد أثر الخوف فيهم فاستقاموا على الصراط المستقيم
2- الرجاء:الترغيب فيه وبيان فضله وفوائده ودرجاته:
الرجاء هو: النظر إلى سعة رحمة الله تعالى ، وقيل الاستبشار بجود وفضل الرب تبارك وتعالى والثقة بذلك قال ابن القيم رحمه الله (والفرق بين الرجاء والتمني،أن التمني يكون مع الكسل ، ولا يسلك بصاحبه طريق الجد والاجتهاد ، والرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل) مدارج السالكين ، ثم قال( والرجاء ثلاثة أنواع : نوعان محمود ونوع غَرور مذموم ، فالأولان : رجاءُ رجل عَمِل بطاعة الله على نور من الله ، فهو راجٍ لثوابه ، ورجل أذنب ذنوبا ثمّ تاب منها ، فهو راج لمغفرة الله تعالى وعفوه وإحسانه وكرمه ، والثالث : رجل متماد في التفريط والخطايا ، يرجو رحمة الله بلا عمل ، فهذا هو الغُرور والتمني والرجاء الكاذب ) ثم قال ( وللسالك نظران : نظر إلى نفسه وعيوبه وآفات عمله يفتح عليه باب الخوف ونظر إلى سعة فضل ربه وكرمه يفتح عليه باب الرجاء ) ثم قال ( والرجاء من أجلِّ المنازل وأعلاها و أشرفها ، وعليه وعلى الحب والخوف مدار السير إلى الله ، وقد مدح الله تعالى أهله وأثنى عليهم ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) الأحزاب (21) وفي الحديث الصحيح الإلهي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه ( يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي ) [26]، ثم قال ( ويكون الراجي دائما راغبا راهبا ، مؤملا لفضل ربه ، حسَن الظن به ، متعلق الأمل ببره وَجُودِه .. )[27].
فوائد وثمرات الرجاء : قال ابن القيِّم رحمه الله ( وكما أن الرجاء يبرد حرارة الخوف فإن له فوائد كثيرة منها : إظهارالعبودية والفاقة والحاجة إلى مايرجوه من ربه وأنه لا يستغني عن فضله وإحسانه ).
ومن فوائد الرجاء : التخلص به من غضب الله تعالى وفي الحديث ( من لم يسأل الله يغضب عليه)[28] ومنها أنه يبعثه على أعلى المقامات و هو مقام الشكر،فإنه إذا حصل له مرجوُّه كان أدعى لشكره . ومنها أن في الرجاء من الانتظار لفضلا لله ما يوجب تعلق القلب بذكره . ومنها سرعة السير إلى الله تعالى ، إلى فوائد أخرى كثيرة … ) [29]
كيف يقوى الرجاء في نفس العبد ؟
(1) يقوى الرجاء بتذكر رحمة الله تعالى :- فإذا تذكر العبد أن الله عز وجل جعل الرحمة في مائة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا ، وأنزل في الأرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء تتَراحم الخَلق ، قوي عنده الرجاء،وإذا علم أن رحمة الله سبقت غضبه و أنه أرحم بعباده من المرأة بولدها .
ومن رحمته سبحانه وتعالى ( فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ، فإن هو همَّ بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضِعف إلى أضعاف كثيرة ، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة،فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة ) [30]من قول النبي صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى(يا عباديَ الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )الزمر (53) فإذا تذكر المؤمن هذه الآيات والأحاديث وتيقن منها قوي الرجاء في نفسه .
ويقول صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه (أذنب عبد ذنبا فقال :اللهم اغفر لي ذنبي،فقال الله تعالى ( أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب .. ثم عاد (ثلاثا) فقال الله تعالى : قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء )[31].
* وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( يُدنى المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع كنَفَه عليه فيُقَرِّرُه بذنوبه ، فيقول : أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : رب أعرف ، قال : فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، فيُعطى صحيفة حسناته )[32].
هذابعض ما ورد عن رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء .
(2) ومما يقوي الرجاء لدى العبد تذكر نعيم القبر والقيامة والجنة : إذا تذكر العبد ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه الصحيح من أن الملائكة تسأل العبد المؤمن في قبره فيحسن الإجابة وعند ذلك ( ينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي ، فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له بابا إلى الجنة ، قال : فيأتيه من روحها وطيبها ، ويُفسح له في قبره مدَّ بصره) وإذا تذكر العبد حال الأتقياء يوم القيامة وأنه لا يحزُنُهم الفزع الأكبر،قال تعالى(يا عبادِ لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون (فإن الرجاء يقوى في نفسه .
و إذا تذكر العبد الشفاعة يوم القيامة وأنها لأهل الكبائر من هذه الأمة ، قوي الرجاء في قلبه .
وإذا تذكر العبد الجنة وما أعده الله للمؤمنين فيها من النعيم المقيم والجزاء العظيم ، قال الله تعالى في الحديث القدسي ( أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )[33]. والجنة لا مثل لها ، أبوابها ثمانية ، منازلها عالية ، ترابها المسك ، أنهارها من ماء ولبن وخمر وعسل ، وفي الجنة ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ، لباس أهلها الذهب والفضة واللؤلؤ والحرير . وأفضل ما يُعطاه أهل الجنة رضوان الله والنظر إلى وجهه الكريم . يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تُبيِّض وجوهنا ؟ ألم تُدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب ، فما أُعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم تبارك وتعالى )[34]
وأخيرا فإنه لا بد للمسلم من الخوف والرجاء معا ، والله عز وجل جمع بين الخوف والرجاء في آيات كثيرة وكذلك جمع بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
[3]متفق عليه :أخرجه البخاري حديث:640,وأخرجه مسلم حديث:1774
[4]رواه مسلم (17/55)
[5]صحيح الجامع (4332)
[6]رواه أحمد والترمذي وغيرهما وهو في صحيح الجامع (7778)
[7]متفق عليه :أخرجه البخاري حديث:3051,وأخرجه مسلم حديث:4888
[8]أخرجه البخاري حديث:6138
[9]ت.هـ.ك صحيح الجامع (5623)
[10]متفق عليه أخرجه البخاري حديث:1285,وأخرجه مسلم حديث:1639
[11]رواه أحمد وهو في صحيح الجامع (2180)
[12]صحيح الجامع (5238)
[13]رواه أبو داود والحاكم
[14]متفق عليه :أخرجه البخاري حديث:3187,وأخرجه مسلم حديث:5212
[15]رواه أحمد و الترمذي وهو في صحيح الجامع (6293)
[16]رواه مسلم وهو في صحيح الجامع (2933)
[17]متفق عليه
[18]أخرجه مسلم (2582)
[19]أخرجه مسلم (1660)والحديث الأول في صحيح الجامع (6250)
[20]متفق عليه
[21]رواه مسلم (195)
[22]رواه مسلم
[23]رواه ابن ماجه وابن حبان وهو في صحيح الجامع (7370)
[24]رواه أحمد و الترمذي والنسائي وغيرهم وهو في صحيح الجامع (5250)
[25]متفق عليه
[26]أخرجه الترمذي ، صحيح الجامع (4338)
[27]مدارج السالكين (2/44)
[28]صحيح الأدب المفرد ( 513)
[31]متفق عليه
[32]متفق عليه
[33]رواه البخاري (7498)
[34]رواه مسلم (181)