السعادة
نسخة (PDF)
لا شك أن كل إنسان على وجه الأرض يبحث عن السعادة؛ إذ هي الكنز الحقيقي الذي يسعد القلب ويشرح الصدر.
لكن هل كل من بحث عن السعادة وجدها ؟
وهل كل من ادعى السعادة ذاق حلاوتها ؟
هنا مربط الفرس ! وهنا الحقيقة المفقودة !
إذن ما هي السعادة الحقيقية ؟ وما هو عنوان السعادة وما هو أصلها وما هي أسبابها ؟
هذه هي محاور هذا المقال فلتكن لها منتبهاً وللكلام مصغياً.
-
فأما السعادة فهي: اعتدال وطمأنينة قلب الإنسان وانشراح صدره في جميع مقامات الحياة.
-
أما عنوانها ففي ثلاثة كلمات: الشكر والصبر والاستغفار, فتحت هذه الكلمات عنوان السعادة الحقيقية, وعلامة فلاح العبد في دنياه وأخراه, ولا يكاد ينفك عبد عنها أبداً, فإن العبد دائم التقلب بين مقامات عبودية هذه الكلمات الثلاث؛ إذ هو إما في نعمة أو ابتلاء أو ذنب وتقصير:
- فالنعمة تحتاج إلى عبودية الشكر قال تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ للّهِ أن كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ}, فإذا تتحقق الشكر ترتبت الزيادة والنماء في النعمة قال تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.
- والابتلاء يحتاج إلى عبودية الصبر, وبه تنقلب الضراء إلى سراء ويضاعف الجزاء قال تعالى:{ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لّلصّابِرينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاّ بِاللّهِ} وقال تعال:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
وتأمل كيف جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين عبادتي الصبر والشكر فقال:”عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن, إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له. وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له“.
- والذنب والتقصير يحتاج إلى عبودية الاستغفار, الذي يترتب عليه محو الذنوب ورفعة الدرجات وحسن المتاع قال تعالى:{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}.
فإذا تأملت كيف رتب الله على هذه الثلاث الزيادة والنماء والخير والأجر وحسن المتاع وانقلاب الضراء إلى سراء, عرفت لماذا كانت هذه الكلمات عنوان السعادة.
فهذا عنوان السعادة أخي القارئ وأما أصل السعادة فهو:الإيمان والعمل الصالح قال تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}.
وقف عند كلمة الإيمان إذ تحتها جملة من العقائد يجب على كل مسلم معرفة أركانها:
من الإيمان بالله رباً ومعبوداً له الأسماء الحسنى والصفات العلى, والإيمان بالملائكة والنبيين الذي خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم, والإيمان بالكتب الذي آخرها القرآن الذي هو كلام الله, والإيمان باليوم الآخر وهو كل ما يحدث بعد الموت في القبر وفي عرصات يوم القيامة وفي الجنة والنار, والإيمان بالقدر خيره وشره وأن كل ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
ثم قف وقفة عند الأعمال الصالحة التي أُخلص فيها لله وتُوبع فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم, من فرائض كالصلاة والزكاة والصوم والحج, ومستحبات كالصدقة وقيام الليل وصلاة الرواتب, وصيام النوافل والعمرة وغيرها.
-
وأما أسباب السعادة فكثيرة منها: