خطر حب الرئاسة على العلماء والعباد، فكيف بطلاب العلم الصغار
عَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ“. رواه الترمذي(2376) وقال:” هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ”.
وعن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بحسب امريءٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ“. قال التبريزي في المشكاة برقم (5326):“رواه البيهقي في شعب الإيمان”، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2321 ).
علّق الطَّيبي على قوله: “ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ ” بكلام نفيس منبهًا على آفة خطيرة فقال: “أي حب الرئاسة والجاه في قلوب الناس، وهو من أضرّ غوائل النفس وبواطن مكائدها، يبتلى به العلماء والعباد، والمشمّرون عن ساق الجدّ لسلوك طريق الآخرة؛ فإنهم مهما قهروا أنفسهم وفطموها عن الشهوات وصانوها عن الشبهات، وحملوها بالقهر على أصناف العبادات، عجزت نفوسهم عن الطمع في المعاصي الظاهرة الواقعة على الجوارح، فطلبت الاستراحة إلى الظاهر بالخير وإظهار العلم والعمل، فوجدت مخلصًا من مشقة المجاهدة إلى لذّة القبول عند الخلق، ولم تقنع باطلاع الخالق، وفرحت بحمد الناس ولم تقنع بحمد الله وحده، فأحبّ مدحهم وتبركهم بمشاهدته وخدمته وإكرامه وتقديمه في المحافل، فأصابت النفس في ذلك أعظم اللّذات وألذّ الشهوات، وهو يظن أن حياته بالله تعالى وبعبادته؛ وإنما حياته هذه الشهوة الخفية التي تَعمى عن دَرَكِها إلا العقول النافذة، قد أُثبت اسمه عند الله تعالى من المنافقين، وهو يظن أنه عند الله من عباده المقربين. وهذه مكيدة للنفس لا يسلم منها إلا الصديقون، ولذلك قيل: آخر ما يخرج من رؤوس الصدّيقين حبّ الرئاسة. شرح المشكاة (12/10).
نسأل الله أن يعصمنا من غوائل النفس وآفاتها