نصائح لإصلاح البيوت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين والصلاةُ والسلامُ على خاتم الأنبياء والمرسلين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبدُه ورسولُه، وبعدُ..
البيتُ نعمةٌ عظيمةٌ
قال الله تعالى:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا}[النحل:80].
قال ابنُ كثير رحمه الله:"سكنٌ لهم يأوون إليها ويستترون، وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع"، فالبيتُ مكانُ النومِ والراحةِ والخُلوةِ والنكاحِ والاجتماعِ بالأهلِ والأولادِ، ومكانُ ستْرِ المرأةِ.
لماذا يجبُ الاهتمامُ بإصلاح البيت؟
- لوقايةِ النفس والأهلِ نارَ جهنّم: قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}[التحريم:6].
- لعظم المسئوليةِ أمام الله تعالى: قال صلي الله عليه وسلم: (إنّ الله تعالى سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استرعاهُ أحَفِظَ ذلك أم ضَيَّعهُ، حتى يَسألَ الرجلَ عن أهلِ بيتِه)([1]).
- ولأنه مكانُ حفظِ النفسِ والسلامةِ من الفتنِ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سلامةُ الرجلِ في الفتنةِ أن يلزمَ بيته)([2]).
وقال صلى الله عليه وسلم: (طوبَي لمن ملَكَ لسانَهُ، ووسِعَهُ بيتُه، وبكَى على خطيئَتِهِ)([3])، ورغم ذلك فإننا نلاحظ في أنفسِنا قصوراً وتفريطاً.
فما هي وسائلُ إصلاح البيوت؟
والجوابُ في النصائح التالية:
1- حُسْنُ اختيار الزوجة:
بأن تكونَ الزوجةُ صالحةً، ففي الحديث: (فاظفر بذاتِ الدين تربت يداك) ([4]).
وقال صلى الله عليه وسلم: (ليتخذْ أحدُكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجةً مؤمنةً تعينُه على أمرِ الآخرة)([5]).
وقال أيضاً: (مِنَ السَّعَادَةِ: الْمَرْأَةُ الصَالِحةُ تَرَاهَا تُعْجِبُكَ، وَتَغِيبُ فَتَأْمَنُهَا عَلَى نَفْسِهَا، وَمَالِكَ، وَمِنَ الشَّقَاوَةِ: الْمَرْأَةُ تَرَاهَا فَتَسُوءُكَ، وَتَحْمِلُ لِسَانَهَا عَلَيْكَ، وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا لَمْ تَأْمَنْهَا عَلَى نَفْسِهَا، وَمَالِكَ)([6])، فالرجلُ الصالحُ مع الزوجةِ الصالحةِ يبنيانِ بيتاً صالحاً.
فإذا تزوجَ امرأةً ضعيفةَ الإيمانِ، فلابد من السعي لإصلاحها، وذلك بالاعتناء بتصحيح عبادتها، وترغيبها بأداء الواجبات والنوافل وحفظ الأذكار، وحثِّها على الأعمالِ الصالحة وتوفير الكتب العلمية والأشرطة.
2- الاعتناءُ بالتربية الإيمانيةِ لأهلِ البيت:
بجعل البيت مكاناً للذكر وتلاوة القرآن وأداء الصلوات والصيام والصدقات وغيرها، وبذلك يكون الرجلُ قدوةً لأهله.
قال صلى الله عليه وسلم: (رحم اللهُ رجلاً قام الليل فصلَّى فأيقظ امرأته فَصَلَّت فإن أبت نضح في وجهها الماء)([7]).
وقال أيضاً: (مَثَلُ البيتِ الذي يُذكرُ اللهُ فيه والبيتِ الذي لا يذكرُ اللهُ فيه، مَثَلُ الحيِّ والميّتِ)([8]).
وقال أيضاً: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إنّ الشيطان ينفرُ من البيتِ الذي تقرأُ فيه سورةُ البقرة)([9]).
3- الاعتناءُ بتعليم أهل البيت أمورَ دينهم:
ففي تفسير قوله تعالى: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}[التحريم:6].
قال الضحاكُ وغيرُه: "حقٌ على المسلم أن يعلِّم أهلهُ من قرابتِه ما فرض اللهُ عليهم وما نهاهمُ عنه"، ولذلك لابد من تخصيصِ يومٍ أو أكثرَ لتعليمِ أهل البيتِ أمورَ دينهم.
وممّا يساعدُ على ذلك أيضاً: تكوينُ مكتبةٍ في البيت تحوي الكتب الشرعيةَ والمراجعَ الدينيةَ التي تصلحُ للكبارِ والصغارِ وللرجالِ والنساء والأطفال، ذلك باستشارةِ أهل العلم والخبرةِ.
وممّا يساعدُ على تعليم أهلِ البيت: عملُ مكتبةٍ صوتيةِ لأشرطةِ الدروس العلمية والقرآن والأشرطةِ الخاصةِ بالأطفال والنساء وغيرها، ولابد من استشارةِ أهل العلم والخبرةِ.
4- تعلُّم الأحكام الشرعيةِ للبيوت، ومنها:
أ- الاستئذانُ والسلامُ:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا}[النور:27].
وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا استأذنَ أحدُكم ثلاثاً فلم يؤذنْ له فَلْيَرْجِعْ)([10]).
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ}[النور:58]، فأمر الأطفالَ والخدمَ بعدمِ الدخولِ إلى غرفةِ الأبوين بغيرِ استئذانٍ في أوقاتِ النومِ المعتادةِ.
ب- لا يجوزُ الاطِّلاعُ في بيوتِ الآخرينَ بغير إذنهم:
قال صلى الله عليه وسلم: (مَن اطَّلع في بيتٍ قوم بغير إذنٍ ففقئُوا عينَه فلا ديةَ له ولا قصاص)([11])، وفي رواية مسلم: (فقد حَّلَّ لهم أن يفقؤوا عينَه)([12]).
جـ- إذا صلَّى نافلة جماعةً في بيته أحياناً فلا يؤمُّه غيرُه إلا بإذنه، وضيفُه لا يجلسُ في مكان في بيتهِ إلا بإذنه:
قال صلى الله عليه وسلم: (لاَ يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ، وَلاَ يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)([13]).
د- صلاةُ النافلةِ في البيت أفضلُ من أي مكان آخر:
قال صلى الله عليه وسلم: (خَيْر صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ)([14]).
وفي رواية: (أَفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوبَةَ)([15]).
هـ – جوازُ هجر الرجلِ لامرأتِه الناشزِ، في البيت أو خارجه حسبِ المصلحةِ: قال تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}[النساء:34].
وفي صحيح البخاري: (أن النبيَّ هجر نساءه في حُجُرهنَّ واعتزل في مشربةٍ خارج بيوتهِ)([16]).
و- قِطَطُ البيوتِ لا تُنجسُ الإناءَ إذا شربت منه أو أكلت:
قال صلى الله عليه وسلم: (السِّنَّورُ من أهل البيت، إنَّها من الطوّافين عليكم)([17]).
ز- ومن أحكام البيوت: حفظُ أسرارِ البيت وخاصةً أسرارِ الاستمتاع، والخلافاتِ الزوجيةِ، وخصوصيات أهل البيت.
قال صلى الله عليه وسلم: (إنّ من شرِّ الناسِ عند الله منزلةً يوم القيامة، الرجلُ يفضي إلى امرأتهِ وتفضي إليه ثم ينشرُ سرَّها)([18]) ، وتسريبُ الخلافاتِ الزوجيةِ إلى الأقارب والجيرانِ يؤدي إلى زيادةِ الخلافاتِ وقد يؤدي إلى الطلاق.
ح- المرأةُ لا تُدخل في بيتِ زوجها مَن يكرهُه:
قال صلى الله عليه وسلم: (فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ، فَلَا يُوَطِّئْنَّ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ)([19]).
5- ملاحظةُ أحوالِ أهل البيتِ:
- الحزمُ في تنظيم أوقات النوم والوجبات الغذائية منعاً للفوضوية.
- تعليم أهل البيت تلاوة القرآن وأصول الاعتقاد والآداب والأذكار والسنن.
- الاهتمامُ بلعبِ الأطفالِ المسلِّيةِ والمفيدةِ، وتجنّبُ الألعابِ المخالفةِ للشريعةِ كالأصنامِ والأدوات الموسيقيةِ وما فيه صلبانٌ أو نردٌ كذلك بعضُ ألعاب الكمبيوتر.
- الممازحةُ والملاحظةُ للزوجةِ والأطفال:قال أبو هريرة رضي الله عنه: (كانَ رسول لَيَدْلَعُ لِسَانَهُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَيَرَى الصَّبِيُّ حُمْرَةَ لِسَانِهِ، فَيَبْهَشُ إِلَيْهِ)([20]).
وكانَ صلى الله عليه وسلم يلاطفُ زوجاتِه ويقبّل أحفادَه ويلاعبُهُم.
- مراقبةُ الأولاد وخاصة المراهقين والمراهقات، وأن لا يؤدي ذلك إلى فقدان الثقةِ معهم، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ؟ حَتَّى يُسْأَلَ الرَّجُلَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ)([21]).
ولابد لولي الأمر من الإجابةِ على الأسئلة التالية:
- من هم أصدقاءُ أولادك؟ ومن هنّ صديقاتُ بناتِك؟
- أين يذهبُ ابنُكَ ومع مَنْ؟ وكذلك أين تذهبُ ابنتُكَ ومع مَنْ؟
- ماذا يجلبُ الأولادُ معهم من خارج البيتِ؟
- ماذا يوجد معهُم في غُرَفِهِم وحقائِبِهِم؟
معاونةُ أهل البيتِ في عمل البيت:
ففي صحيح البخاري: (عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ)([22]).
وقالت أيضاً: (كانَ رسول الله يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ)([23])، وفي روايةٍ: (كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ)([24]).
مقاومةُ الأخلاقِ الرديئةِ في البيت:
قالت عائشةُ رضي الله عنها: (كانَ رسول الله إذا اطّلع على أحدٍ من أهل بيته كذبَ كذبةً لم يزلْ معُرضاً عنه حتى يُحدِثَ تَوبةً)([25]).
وقال صلى الله عليه وسلم: (عَلِّقُوا السَّوْطَ حَيْثُ يَرَاهُ أَهْلُ الْبَيْتِ، فَإِنَّهُ آدَبُ لَهُمْ)([26]).
الحذرُ من دخول الأقارب غير المحارم على المرأةِ في البيت:
أمثال أخِ الزوج وابنِ عمِّه أو عمِّه أو خالِه أو ابنِ خاِله وغيرهم من غير المحارم.
قال صلى الله عليه وسلم: (إيّاكم والدخولَ على النساء، فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله ؟ أفرأيتَ الحمو، قال: الحمو الموتُ)([27]).
قال النوويُّ:"المراد في الحديث أقاربُ الزوجِ غيرُ آبائِه وأبنائِه)([28]).
6- الانتباهُ لخطورةِ السائقينَ والخادماتِ في البيوت:
- فتنةُ الإغراءِ والإغواءِ من الخادمات للرجال، ومن السائقين والخدم للنساء.
- الإضرارُ بأهل البيت عن طريق السرقاتِ والزنا والسحرِ والخلوةِ ونقل معتقدات كفريةٍ وغيرها.
7- أخرجوا المخنثين والمترجِّلاتِ من بيوتكم إن وُجدوا:
قال البخاريُّ رحمه الله: بابُ إخراج المتشبهين بالنساء في البيوت، وساق حديث ابن عباسٍ قال: (لعن النبيُّ صلي الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلاتِ من النساء، وقال: أخرجوهُم من بيوتكم، قال: فأخرج النبيُّ فلاناً، وأخرج عمرُ فلانةً)([29]).
وفي مسند أحمد: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (أخْرِجُوا الْمُخَنَّثِينَ مِنْ بُيُوتِكُمْ)([30]).
والمخنثُ هو من يُشبهُ النساءَ في خِلقتِهِ أو حركاتِه أو كلامِه وغيرِ ذلك متعمداً.
وعند أبي داود وغيره: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتيَ بمخنَّثٍ قد خضبَ يديه ورجليه، فقيل: يا رسول الله ، هذا يتشبةُ بالنساءِ، فنفاهُ إلى النقيع، فقيل ألا تقتلُه، فقال: إني نهيتُ عن قتل المصلِّين)([31]).
8- الحذرُ من شرِّ الهاتف، وهو جهاز له فوائده وأضراره:
فمن فوائده: توفيرُ الأوقات وسرعة الاتصال بجميع الجهات، واستخدامه في الاستفتاء والدعوةِ وصلةِ الأرحام وغيرها.
ومن مضارِّه: المعاكسات والمغازلات وضياع الأوقات والنميمةِ والغيبةِ وغيرها.
9- يجبُ إزالة كلِّ ما فيه رمزٌ لأديانِ الكفَّارِ الباطلةٍ أو معبوداتِهم من البيوت وغيرها: ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبيَّ لم يكن يتركُ في بيته شيئاً فيه تصاليبُ إلاّ نقضَهُ)([32]).
فينبغي عدمُ شراء الأواني والملابس والفُرُشِ التي فيها رسوماتٌ لمعبوداتِ الكفّارِ، ومن ذلك الصلبانُ والتماثيلُ والكنائسُ وغيرُها.
10- يجبُ إزالةُ صور ذواتِ الأرواح: فإن المحققين من أهل العلم ذهبوا إلى تحريم صورِ ذواتِ الأرواحِ سواءٌ كانت نحتاً أو رسماً أو بآلةٍ.
قال صلى الله عليه وسلم: (إنّ أشدَّ الناسِ عذاباً عند الله يومِ القيامةِ المصوّرون)([33]).
وقال صلى الله عليه وسلم: (إنّ البيتَ الذي فيه الصور لا تدخلُه الملائكةُ)([34]).
قال ابنُ حجر:"المرادُ بالبيتِ: المكانُ الذي يستقر فيه الشخص سواءٌ كانَ بناءً أو خيمةً أم غير ذلك"([35]).
ثم قال أيضاً:"الصورُ التي تمتنعُ الملائكةُ عن الدخولِ بسببها هي صوُر ذواتِ الأرواح ممَّا لم يقطع رأسه أو لم يُمتهَن"([36]).
قال النوويُّ: قال العلماءُ: "تصويرُ صورةِ الحيوانِ حرامٌ شديدُ التحريم وهو من الكبائر لأنه متوعّدٌ عليه بهذا الوعيدِ الشديد ، وسواءٌ كانَ في ثوبٍ أو بساطٍ أو درهمٍ أو دينارٍ أو فلسٍ أو إناءٍ أو حائطٍ أو غيرها"([37]).
ومن تلك الصور: التماثيل التي تتخذ للزينةِ وكذلك في الألعاب كالشطرنج ولعب الأطفال، وكذلك الصورِ في الملابسِ والحقائبِ والأقلاِم والمجلاّتِ وغيرها، وكذلك الصوِر في البطانياتِ والشراشفِ والسّجادِ والستائرِ.
11- لا يجوزُ اقتناءُ الكلابِ في البيوت:
اعلم أن ثمن الكلب حرامٌ للنهي عن ثمنه كما في الصحيحين، فلا يجوزُ شراءُ الكلب أو بيعه، واقتناءُ الكلب في البيت لا يجوزُ وهو من عاداتِ الكفّار ولا يجوزُ التشبُّه بهم.
واعلم أن مَنْ اقتنَى كلباً ينقُصُ من أجرهِ كلَّ يومٍ قيراطان:
قال صلى الله عليه وسلم: (ما من أهلِ بيتٍ يرتبطون كلباً إلاّ نقص من عملهم كلَّ يوم قيراطٌ)، وفي رواية مسلم: (قيراطان)([38])(إلاّ كلبُ صيدٍ أو كلبُ حرثٍ أو كلبُ غنم)([39]).
بل إن وجودَ الكلبِ في البيت يمنع دخول الملائكةِ فيه:
قال صلى الله عليه وسلم: (أتى جبريلُ فقال: إنِّي كنتُ أتيتُكَ الليلةَ فلمْ يمنعْني أن أدخلَ عليك البيتَ الذي أنت فيه إلاّ أنه كانَ في البيتَ تمثالُ رجلٍ، وكانَ في البيتِ قرامُ سِترٍ فيه تماثيلُ، وكانَ في البيتِ كلبٌ، فمُرْ برأسِ التمثال يُقطعُ فَيُصَيَّرُ كهيئةِ الشجرةِ، ومُرْ بالسترِ يقُطعُ فُيجعلُ منه وسادتانِ توطئانِ، ومُرْ بالكلبِ فيُخرجُ، ففعل رسول الله)([40]).
12- الاهتمامُ بالبيتَ من الداخلِ والخارج: حُسنُ اختيارِ موقعِ البيتِ: كأن يكون قريباً من مسجد جماعةِ، وبعيداً عن أماكن الفسادِ والفسقِ، وأن لا تكون المراحيضُ تجاه القبلة، وأن يكون البيتُ واسعاً إن أمكن ذلك؛ لأن ذلك من السعادة.
- اختيارُ الجارِ الصالحِ المسلمِ وهذا أيضاً من السعادة.
- الاهتمامُ بالإصلاحاتِ الروتينية اللازمةِ لأجهزةِ البيتِ ، وعمل الصيانةِ الدورية اللازمة.
- الاعتناء بصحّةِ وسلامةِ أهل البيت.
وذلك بما يلي:
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أمْسَيْتُم فكُفُّوا صبيانكم فإنَّ الشياطين تنتشرُ حينئذ، فإذا ذهب ساعةٌ من الليل فخلُّوُهُم، وغلّقُّوا الأبواب واذكروا اسم اللهِ، وخمرِّوُا آنيتَكم واذكروا اسمَ الله ولو أنْ تعرضُوا عليها شيئاً، وأطفئُوا مصابيحَكُمْ)([41])، ومنَ العنايةِ بصحَّةِ أهل البيت تأسيسُ صيدليةٍ صغيرةِ في مكان معروفٍ لأهل البيت.
13- الابتعادُ عن تزويقِ البيوت: فقد انتشر في بيوت كثير من الناس أنواع التزويق والتزيين والزخرفة نتيجة التعلّق بالدنيا والتباهي والتفاخر.
1- فعن أبي جحيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (ستُفتح عليكم الدنيا حتى تُنجّدوا بيوتكم كما تنجّد الكعبة، فأنتمُ اليوم خيرٌ من يومئذ)([42]).
2- وروى مسلمٌ عن عائشة: (أن رسول الله خرج في غزاة فأخذتُ نمطاً فسترته على الباب، فلمّا قدم فرأى النمط عرفتُ الكراهية في وجههِ فجذَبه حتى هتكه أو قطعه وقال: إنّ الله لم يأمرنا أن نكسوا الحجارة والطين)([43])
3- وروى أحمدُ قصّة فاطمة: قالت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما: (لو دعونا رسول الله، فجاءَ رسول الله فوضع يديه على عضادتي الباب، فرأى قراماً فرجع.
فقالت فاطمة لعلي: الحقهُ فقل له لم رجعتَ يا رسول الله ؟ فقال: إنه ليس لي أن أدخل بيتاً مزوّقاً)([44]).
4- روى البخاري تعليقاً ووصله أحمد ومسدد والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنه قال: (أعرستُ في عهد أبي فآذن أبي الناسَ و كان أبو أيوب في من آذنّا وقد ستروا بيتي بنجّادٍ أخضر فأقبل أبو أيوب فاطلع فرآه فقال: يا عبد الله أتسترون الجدُر والله لا أطْعَمُ لكم طعاماً فرجع)([45]).
قال ابن حجر: وقد وقع نحو ذلك لابن عمر فيما بعد فأنكره وأزاله ولم يرجع كما صنع أبو أيوب، فروينا في كتاب الزهد لأحمد من طريق عبد الله بن عتبة قال: (دخل ابنُ عمر بيت رجلٍ دعاه إلى عرس فإذا بيتُه قد سُتر بالكرور فقال ابنُ عمر: يا فلان متى تحوَّلت الكعبةُ في بيتك ؟ ثم قال لنفرٍ معه من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: ليهتك كلُّ رجلٍ ما يليه)([46]).
وأخرج الحاكم والبيهقي عن عبد الله بن يزيد الخطمي الصحابي: (أنه رأى بيتاً مستوراً فقعد وبكى وذكر حديثاً عن النبي صلي الله عليه وسلم فيه: كيف بكم إذا سترتمُ بيوتكم)([47]).
5- قال ابنُ حجر في الفتح: وجاء النهيُّ عن ستر الجدُر صريحاً منها حديث ابن عباس عند أبي داود وغيره (ولا تستروا الجدُرَ بالثياب) وفي إسناده ضعف، وله شاهد مرسل عند البيهقي وعند سعيد بن منصور من حديث سلمان الفارسي موقوفاً: (إنّه أنكر ستر البيت وقال: أمحمومٌ بيتكم، لا أدخلُه حتى يُهتك)([48]).
قال ابن قدامة في المغني: (فأما سترُ الحيطان بستور غير مصوّرة فإن كانَ لحاجة من وقاية حرٍّ أو برد فلا بأس به ، وإن كانَ لغير حاجة فهو مكروهٌ وعذرٌ في الرجوع عن الدعوة وترك الإجابة)([49]).
6- قال الشيخ الألباني في آداب الزفاف: (ويجب عليه أن يمتنع من كل ما فيه مخالفة للشرع (ثم ذكر) ستر الجدر بالسجّاد ونحوه ولو من غير الحرير لأنه سرفٌ وزينةٌ غيرُ مشروعة لحديث عائشة عند مسلم (ثم قال): ولهذا كانَ بعضُ السلف يمتنع من دخول البيوت المستورة جُدرَها (وذكر قصة أبي أيوب وابن عمر) ثم ذكر قول شيخ الإسلام في الاختيارات 144 : (ويكره تعليق الستَور على الأبواب وكذلك في الدهليز لغير حاجة)([50]).
وخلاصة الكلام في زخرفة وتزويق البيوت:أنه إما مكروهٌ أو محرّمٌ لما فيه من إضاعة المال والتعلّق بالدنيا.
فممن قال بالكراهة: جمهور الشافعية كما ذكره النووي في شرحه لمسلم، وهو قول ابنُ قدامة وشيخ الإسلام.
وممن قال بالتحريم: بعض الشافعية وابنُ حجر والشوكاني والبخاري والبغوي والألباني لثبوت النهي عن ستر الجدران بكثرة الشواهد والمتابعات.
وللمزيد من التفصيل راجع :
1- فتح الباري 9/249 2- شرح السنّة للبغوي 9/146
3- نيل الأوطار للشوكاني 6/185 4- المغني لابن قدامة 8/114
5- آداب الزفاف للألباني الأدب 38 6- الاختيارات العلمية لابن تيمية رقم 144 .
هذه بعض النصائح لإصلاح البيوت، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
([1]) أخرجه النسائي وابن حبان، وحسنه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع برقم (1774).
([2]) في كنز العمال للمتقي الهندي برقم (30824 )، وحسنه في صحيح الجامع برقم (3647).
([3]) أخرجه الطبراني في الأوسط برقم (2340) وحسَّنَه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع برقم (3929).
([4]) متفق عليه: أخرجه البخاري برقم (5090)، ومسلم برقم (1466).
([5]) أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (5351).
([6]) أخرجه ابن حبان، والحاكم في المستدرك برقم (2/ 175)، وهو في صحيح الجامع برقم (3053).
([7]) أخرجه أحمد في المسند، وأبو داود برقم (1308)، وهو في صحيح الجامع برقم (3491).
([8]) صحيح مسلم برقم (779).
([9]) صحيح مسلم برقم (780).
([10]) متفق عليه: أخرجه البخاري برقم (6245)، ومسلم برقم (2153).
([11]) مسند أحمد برقم (8996) وهو في صحيح الجامع برقم (6046).
([12]) صحيح مسلم برقم (2158).
([13]) اللفظ للترمذيُّ برقم (235)، وهو عند مسلم وأحمد وأبو داود وغيرهم بألفاظ متقاربة.
([14]) متفق عليه: أخرجه البخاري برقم (6113)، ومسلم برقم (781).
([15]) صحيح البخاري برقم (731).
([16]) في البخاري برقم (378) (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَجَلَسَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ دَرَجَتُهَا مِنْ جُذُوعٍ).
([17]) في سنن أبي داوود، ومسند أحمد برقم (22636)، وهو في صحيح الجامع برقم (3694).
([18]) صحيح مسلم برقم (1437).
([19]) سنن الترمذي برقم (1163)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7880).
([20]) في شرح السنة للبغوي برقم (3603)، والسلسلة الصحيحة للألباني برقم (70).
([21]) السنن الكبرى للنسائي برقم (9129)، وأخرجه الألباني رحمه الله في الصحيحة برقم (1636).
([22]) صحيح البخاري: برقم (6039).
([23]) مسند أحمد برقم (24903 )، وهو في صحيح الجامع برقم (4937).
([24]) مسند أحمد برقم (26194)، وفي السلسلة الصحيحة برقم (671) .
([25]) مسند أحمد،وفي صحيح الجامع برقم (4675).
([26]) أخرجه الطبراني، وهو في صحيح الجامع برقم (4021) .
([27]) متفقٌ عليه: أخرجه البخاري برقم (5232 ) ومسلم برقم (2172).
([28]) فتح الباري: (9/331).
([29]) فتح الباري: (10/333).
([30]) مسند أحمد برقم (1981)، والمعجم الكبير للطبراني برقم (11990)، وفي صحيح الجامع (228).
([31]) سنن أبي داوود برقم (4928).
([32]) صحيح البخاري برقم (5952).
([33]) صحيح البخاري برقم (5950).
([34]) صحيح البخاري برقم (2105).
([35]) الفتح (1/381).
([36]) الفتح (1/382).
([37]) الفتح (1/384).
([38]) صحيح مسلم برقم (1574).
([39]) في سنن الترمذي برقم (1489)وفي صحيح الجامع برقم (5315).
([40]) مسند أحمد برقم (8044) وغيرُه،وهو في السلسلة الصحيحة برقم (356) .
([41]) صحيح البخاري برقم (5623).
([42]) المعجم الكبير للطبراني برقم (270)وهو في صحيح الجامع برقم(3614).
([43]) صحيح مسلم برقم (2107).
([44]) مسند أحمد برقم (21922)، وهو في صحيح الجامع برقم (5427).
([45]) المعجم الكبير للطبراني برقم (3853).
([46]) فتح الباري (9/249) برقم (5181).
([47]) قال ابنُ حجر في الفتح (9/250) الحديث. وأصله في النسائي.
([48]) فتح الباري (9/250).
([49]) المغني لابن قدامة (8/114) مسألة (5676).
([50]) آداب الزفاف للألباني، الأدب رقم (38).