المسابقة إلى الخيرات
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله وبعد،،
(أ) مقدمــة :
* فإن الله تعالى رغّبنا في المسارعة إلى الطاعات والأعمال الصالحة ، فقال عز وجلّ ) وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربكم وجنةٍ عرضها السماوات والأرض ( (آل عمران133) أي سارعوا إلى ما يوجب المغفرة من الطاعات . وقال عزّ وجل ) فاستبقوا الخيرات ( (البقرة148) أي فاستبقوا إلى الخيرات أي بادروا إلى ما أمركم الله من كل خير .
* وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حثّ أمته على حفظ الأوقات في الطاعات والمبادرة والمسابقة إلى الباقيات الصالحات ، فقال صلى الله عليه وسلم :"" إغتنم خمساً قبل خمس : حياتك قبل موتك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك "" ك.هـ.ق في الشعب وصححه الألباني في صحيح الجامع (1077) . ورُوي عنه صلى الله عليه وسلم قال:"" بادروا بالأعمال سبعاً ، هل تنتظرون إلا فقراً مُنسياً أو غنىَ مُطغياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مفنّداً أو موتاً مُجهزاً أو الدجال فشر غائب يُنتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمّر "" ت.ك. ضعيف سنن الترمذي(400) السلسلة الضعيفة (1666) . وقال صلى الله عليه وسلم :"" بادروا بالأعمال خصالاً ستاً : إمرةَ السفهاء وكثرة الشُرَط وقطيعة الرحم وبيع الحكم واستخفافاً بالدم ونشواً يتخذون القرآن مزامير يقدمون الرجل ليس بأفقههم ولا أعلمهم ، ما يقدمونه إلا ليُغنيهم "" أحمد والطبراني ـ الصحيحة رقم(979) وقال صلى الله عليه وسلم :"" بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم ، يُصبح الرجل مؤمناً ويُمسي كافراً أو يُمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، يبيع دينه بعرض من الدنيا "" مسلم ت حم. حب. الصحيحة 758 .
* وهكذا كان صلى الله عليه وسلم قدوةً حسنة لأصحابه وأمته في كثرة الأعمال الصالحة .
* وهكذا الصحابة والسلف كانوا يتسابقون للخير في كل المناسبات والأوقات .
فما هي ثمار وفوائد المسابقة إلى الخيرات؟مع ذكر أمثلة للأعمال الصالحة التي يتسابق إليها المؤمنون
(ب) أهم ثمار وفوائد المسابقة إلى الخيرات :
1- رفع الدرجات في الجنة : في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"" إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق لتفاضل ما بينهم "" فالمسابقة والإكثار من الأعمال الصالحة ترفع صاحبها في الجنة .
2- سهولة المرور على الصراط إلى الجنة يوم القيامة : قي حديث وصف الصراط قال صلى الله عليه وسلم :"" … فيمرون على الصراط فمنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كالطرف ومنهم من يمر كشد الرجل يرمل رملاً ، على قدر أعمالهم ، حتى يجئ الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفاً حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه تخر يدٌ وتعلق يد ، وتخر رجل وتعلق رجل ، وتصيب جوانبه النار ، فيخلصون ، فإذا خلصوا قالوا الحمد لله الذي نجانا منك بعد أن أراناك "" الحاكم والبيهقي وصححه الألباني في شرح الطحاوية صـ470
3- السلامة من العرق يوم القيامة : في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"" يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ويُلجمهم حتى يبلغ أذانهم "" وعند مسلم ( فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون إلى كعبيه ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويه ومنهم من يُلجمه العرق إلجاماً ""
4- ترجيح الحسنات في الميزان يوم القيامة : فالمسابقة إلى الخيرات يؤدي إلى زيادة الحسنات فترجح على السيئات ، وهناك أعمال خفيفة وسهلة تُثقل الميزان يوم القيامة منهـا : قوله صلى الله عليه وسلم :"" ما يوضع في الميزان يوم القيامة أثقل من حُسن الخلق "" وقوله صلى الله عليه وسلم "" كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن ، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم "" وقوله "" الطّهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان ""
والان سنذكر بعض الأعمال الصالحة التي يتسابق إليها المؤمنون
(ج) بعض الأعمال الصالحة التي يُثاب فاعلها أجراً عظيماً ولابد من المسابقة إليها :
نذكر هذه الأعمال لنعلم سعة رحمة الله من جهة ومعنى اسمه الكريم من جهة ، وليزداد الذين آمنوا إيماناً وخيراً ، ولتقوية الهمم ولزيادة النشاط والجد ، ولاستغلال العمر في الخيرات . والعاقل من اغتنم الفرصة وحفظ هذه الأعمال وسارع إليها بإخلاص.
وهذه بعض الأعمال الصالحة مع ذكر الأدلة عليها :
1- الجلوس في حِلق الذكر ومجالس العلم :
رياض الجنة تُغفر فيها الذنوب وتُضاعف فيها الأجور وتحضرها الملائكة ، قال صلى الله عليه وسلم :"" إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ، قالوا يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال : حِلق الذكر "" صحيح سنن الترمذي (2787) وحسنه . وقال أيضاً :"" ما اجتمع قوم على ذكر فتفرقوا عنه إلا قيل لهم : قوموا مغفوراً لكم "" حم طب. صحيح الجامع (5507) وقال أيضاً :"" ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده"" حم م. د. ت. هـ ـ صحيح الجامع(5509) .
2- ذكر الله تعالى: وهو أسهل الطاعات ، والذاكرون الله كثيراً هم السابقون للناس . قال صلى الله عليه وسلم:"" سبق المفِّردون ، قيل وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات "" مسلم وغيره (17/4) نووي ، وقال أيضاً :"" أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ يُسبّحُ الله مائة تسبيحة فيكتب الله له ألف حسنة ويحط عنه بها ألف خطيئة "" حم. مسلم. ن. صحيح الجامع. وقال أيضاً :"" ما عمل آدمي عملاً قط أنجى له من عذاب الله من ذكر الله عز وجل "" أحمد صحيح الوابل الصيب صـ74
ومن الذكر : الاستغفار : قال صلى الله عليه وسلم :"" من أحب أن تسره صحيفته فليكثر من الاستغفار ""
ومن الذكر : قراءة القرآن : قال صلى الله عليه وسلم :"" اقرؤا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه "" حم. م. صحيح الجامع .وقال أيضاً :"" من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف "" الحلية لأبي نعيم والشعب للبيهقي . صحيح الجامع(6289) . وقال أيضاً :"" من قرأ حرفاً من كتاب الله قله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها "" ت.طب. صحيح الجامع(6469)
ومن الذكر : الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال صلى الله عليه وسلم "" من صلى عليَّ حين يصبح عشراً وحين يُمسي عشراً ، أدركته شفاعتي يوم القيامة "" طب. وحسنه في صحيح الجامع(6357)
3- الوضوء والصلاة : فيهما فضلٌ عظيم : قال صلى الله عليه وسلم :"" من توضأ فأحسن الوضوء ، خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره "" حم. م. صحيح الجامع (6169) وقال أيضاً :"" من توضأ كما أُمر وصلى كما أُمر ، غُفر له ما قدم من عمل "" حم. ن. هـ. حب. صحيح الجامع (6172) وقال أيضاً :"" من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين يُقبل عليهما بقلبه ووجهه وجبت له الجنة "" ت. د. صحيح الجامع (6166) وقال أيضاً :"" من صلى في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعاً ، بنى الله له بيتاً في الجنة "" حم. م. والأربعة . صحيح الجامع(6360)
4- الصيام : قال صلى اله عليه وسلم :"" من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد صام الدهر كله "" حم. ت. صحيح الجامع(6324) صيام رمضان وعرفة وعاشوراء وستة من شوال والاثنين والخميس وغيرها وقال أيضاً "" ومن خُتم له بصوم يوم محتسباً على الله عز وجل دخل الجنة "" الصحيحة (1645)
5- أعمال صالحة أخرى لابد من المسابقة إليها :
- النفقة على الزوجة والأولاد والأرحام بالمعروف : قال صلى الله عليه وسلم :"" أفضل الدنانير دينار ينفقها الرجل على عياله ، ودينار يُنفقه الرجل على دابته في سبيل الله "" حم. م. ت. ن. صحيح الجامع
- قرض المعسرين وإنظارهم : قال صلى الله عليه وسلم :"" ما من مسلم يُقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقتها مرة "" ابن ماجه وحب وهق. صحيح الجامع(5769)وقال أيضاً :"" من أنظر معسراً أو وضع عنه ، أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله "" مسلم. صحيح الجامع (6107) وقال أيضاً :"" من أنظر مُعسراً أو وضع عنه ، أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله"" مسلم . صحيح الجامع(6107)
- زراعة الأشجار : قال صلى الله عليه وسلم :"" ما من مسلم يزرع زرعا أو يغرس غرساً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كانت له به صدقة "" حم. ت. صحيح الجامع(5757)
- إطعام الطعام وإفشاء السلام :قال صلى الله عليه وسلم :"" أطعموا الطعام وأفشوا السلام تورثوا الجنان "" الطبراني . صحيح الجامع(1022) . قال صلى الله عليه وسلم :"" أفضل الأعمال أن تُدخل على أخيك المؤمن سروراً أو تقضي عنه ديناً أو تطعمه خبزاً "" البيهقي في الشعب وابن عدي في الكامل ـ صحيح الجامع(1069) وحسنه.
- إماطة الأذي عن طريق الناس : في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "" لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس"" ، قال صلى الله عليه وسلم :"" من قتل وزغاً من أول ضربة كتب له مائة حسنة ، ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة ، ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة "" حم. م. ت. جه. صحيح الجامع(6460)
- قال صلى الله عليه وسلم :"" إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرافة الجنة حتى يجلس ، فإذا جلس غمرته الرحمة فإذا كان غدوةً صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يُمسي وإن كان عشياً صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يُصبح "" ك. د. حم. هق. صحيح الجامع(682) وقال أيضاً :"" من تبع جنازة حتى يًصلى عليها كان له من الأجر قيراط ، ومن مشى مع الجنازة حتى تُدفن كان له من الأجر قيراطان والقيراط مثل أُحد "" م. حم. ن.صحيح الجامع(6134)
- وقال صلى الله عليه وسلم :"" من علّم علماً فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل "" ابن ماجه ـ صحيح الجامع(6396)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين