خاطرة عن معرض الكتاب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. وبعد:
فهناك عبارة يتداولها البعض وهي "لا يخلو كتاب من نفع أو فائدة". والعبارة وإن كان لها حظ من الصواب؛ فلا يكاد يخلو كتاب من آية قرآنية أو حديث نبوي أو استدلال عقلي صحيح أو معلومة نافعة في باب معين. لكن التنبيه هنا أن هذا ليس مبررا لشراء أي كتاب؛ فالكتاب هو أنيس القارئ ومصدر من مصادر معلوماته، وعلى هذا فالواجب أن القارئ يتخير الكتاب كما يتخير أصحابه وجلسائه، وينظر في الكتاب المفيد، النافع لصاحبه في الدنيا والآخرة. ومن أبرز تلك الكتب كتب التفسير المعتمدة والعقائد السليمة والأحاديث النبوية الصحيحة وبقية فنون العلم الشرعي. ولا بأس كذلك بشراء ما يحتاجه من كتب دنيوية نافعة تعطيه المعلومة الدقيقة الموثوقة.
ولا يشك عاقل بأهمية الكتاب ومنزلته وفائدة المطالعة والنظر فيه. وما أصدق ما قاله ابن الجوزي رحمه الله في كتابه صيد الخاطر عن المطالعة للكتب وأهمية ذلك حيث قال:"فسبيل طالب الكمال في طلب العلم الاطِّلاع على الكتب التي قد تخلَّفت مِن المصنَّفات، فليُكثِر من المطالعة؛ فإنه يرى مِن علوم القوم وعلوِّ هِمَمهم ما يشحذ خاطره ويُحرِّك عزيمتَه للجد".
مما لفت نظري في معرض الكتاب أن المكتبات متنوعة فمنها الغث ومنها السمين. وفي الفترات الأخيرة صارت هذه المعارض تتضمن في طياتها مئات المكتبات مما يحتاج للمرور عليها الأيام الكثيرة. ولتيسير الوقوف على النافع والمطلوب منها فأقترح:
-
أولاً: كتابة ما تحتاج إليه ، وعدم الاعتماد كليا على الزيارة ابتداء للمكتبات. فذلك يدعوك إلى شراء ما لا تحتاج إليه، وإنفاق المال فيما لا أهمية له أو أهميته متأخرة عن غيره.
-
ثانياً: العناية بالطبعات المعتمدة والتي عليها الإحالات، مع الحرص على سؤال المختصين حال الإشكال.
-
ثالثاً: الحصول على قوائم الدور المشاركة أو النظر في فهارس كتب المعرض الإلكترونية إن وجدت لتوفير الوقت والجهد.
-
رابعاً: عدم الاغترار ببهرجة بعض المحققين وما يحشو به مقدمة كتابه من تضخيم وتفخيم لعمله؛ فكثير من ذلك يظهر بعد بأنه بهرج مغشوش.
-
خامساً: العناية بالرسائل الجامعية التي تعتني بمواضيع جامعة نافعة وتتضمن تحقيقا علميا.
وأختم هنا بوصية نافعة من العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن الكتب؛ حيث قال: «تقويم الكتب: الكتب تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: كتب خير.
القسم الثاني: كتب شر.
القسم الثالث: كتب لا خير و لا شر.
فاحرص أن تكون مكتبتك خالية من الكتب التي ليس فيها خير، أو التي فيها شر. وهناك كتب يقال: إنها كتب أدب لكنها تقطع الوقت وتقتله في غير فائدة. وهناك كتب ضارة ذات أفكار معينة، وذات منحنى معين، فهذه أيضاً لا تدخل المكتبة سواء كان ذلك في المنهج أو في العقيدة، مثل كتب المبتدعة التي تضر في العقيدة والكتب الثورية التي تضر في المنهج.
و عموماً كل كتب تضر فلا تدخلها مكتبتك، لأن الكتب غذاء للروح، كالطعام والشراب للبدن، فإن تغذيت بمثل هذه الكتب صار عليك ضرر عظيم، واتجهتَ اتجاهاً مخالفاً منهج طالب العلم الصحيح». [مجموع فتاواه (٣٣٩/٢٦)].
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتب الخاطره: محمد بن غالب العمري
صبيحة الأحد 26 محرم 1437.
8نوفمبر 2015.