أحكام المقابر في الإسلام


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 
القسم: 
القسم: 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله لا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أما بعد ؛

نحمد الله عز وجل على نعمة الإسلام وعلى نعمة الصحة والأمان، كما نشكر القائمين على مركز رياض الصالحين بدبي على جهودهم العلمية، محاضرة اليوم بعنوان: (أحكام المقابر في الإسلام).

 الله عز وجل أكرم هذه الأمة بشريعة الإسلام التي لا يشوبها نقص ولا خلل، فهذه الشريعة الخالدة لم تترك شأنا يهم الناس معرفته في عاجل أمرهم وآجله إلا بينته، ومما بينته هذه الشريعة العظيمة الأحكام الخاصة بالموتى وما يجب على الأحياء تجاههم وما ينبغي مراعاته في حقوق مساكنهم التي هي المقابر.

 هذه المحاضرة (أحكام المقابر في الإسلام) تأتي أهميتها من حيث أن هذا الموضوع (أحكام المقابر) في حياة الناس، فهذه الأحكام للمقابر وما يجب في حق سكّانها من الحرمة أمر قد يخفى على كثير من أبناء المسلمين، مع حاجتهم الماسة إلى هذا الموضوع، ولذلك وجب على أهل العلم وحملته أن يبينوه للناس، فهذا الموضوع يلبي حاجة المجتمع وفي بيان أحكام المقابر في الإسلام وفي نشرها إعانة على البر والتقوى، كذلك لقلّة من كتب أو حاضر في هذا الموضوع (أحكام المقابر)، وكذلك كثير من المسلمين في هذا الزمن في شأن المقابر والقبور وقعوا بين طرفي نقيض، فمنهم الغالي المفرط المعظم لها الذي قد أخل بتوحيد الله عز وجل وجعل له شركاء من أصحاب القبور، ومنهم من نسي أو تناسى كثيرا مما يجب أن يعامل به أهل القبور من الإحسان إليهم ومعاملتهم بما ينفعهم في قبورهم ويوم ميعادهم، كل الأمم والحضارات والديانات المختلفة لها طرائق مختلفة وسبل شتى في التعامل مع الموتى لكن منهج الإسلام وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مخالفا لهدي سائر الأمم، مشتملا على التوسط كما أخبر الله عز وجل في كتابه: ﵟوَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗاﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵓﵔﵑﵜ ، لهذه الأسباب كان لابد من تبيين هذا الهدي، تبصير الناس به والحديث عن أحكام المقابر في الإسلام.

 سيكون الكلام في أحكام المقابر في مسائل الفقه العملية لأحكام المقابر، وليست المسائل العقدية كسؤال الملكين ونعيم القبر وعذابه وبدع القبور وغيرها لا ، الكلام في هذه المحاضرة عن الأحكام الشرعية الفقهية العملية لأحكام المقابر، فنعرّف المقابر ونذكر حكم دفن الميت والأحكام الخاصة بالقبر والأحكام الخاصة بالمقبور الميت، ونشير إلى كثير من المسائل المتعلقة بالمقابر مع ذكر أحكام زيارة القبور.

 القبر واحد القبور مدفن الإنسان، يقال قبر الميت إذا دفنه، ويقال أقبر الميت إذا أمر بدفنه، وكذا فسر العلماء المفسرون قوله تعالى: ﵟثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ ٢١ﵞعَبَس : ﵑﵒﵜ، قالوا: أي جعله مقبورا ولم يجعله مما يلقى على وجه الأرض للطير والسباع، والمَقْبَرَة أو المَقْبُرَة واحدة المقابر هذا التعريف في لغة العرب.

 والقبر سنة جارية منذ أول ميت على وجه الأرض، والقبر كرامة للإنسان ولم يشذ عن هذه السنة سنة الخليقة في دفن الأموات من بني آدم لم يشذ عنها إلا طوائف قليلة زائغة، وقد اشتهرت في بعض الديانات أنهم لا يدفنون الموتى، وإنما يحرقونهم بالنار إلى يومنا هذا في إحدى الديانات الوثنية ،وهذا زيغ وضلال على ما هم فيه من الضلال، الله عز وجل أكرم بني الإنسان بالدفن لأن المقصود من دفن الأموات هو ستر سوءاتهم بالتراب عن الأحياء، وقد أجمع المسلمون على أن دفن الميت فرض على جميع المسلمين، فرض على الكفاية من فعله منهم سقط فرضه عن الباقين وأخص الناس بذلك الأقربون الذين يلون الميت ثم الجيران ثم سائر المسلمين، وليس في دفن الميت وفي إدخاله القبر أو في حمله ليس في ذلك دناءة وسقوط مروءة بل هو بر وطاعة وإكرام للميت، وفعله الصحابة والتابعون ومن بعدهم من أهل الفضل والعلم، فدفن الميت والرفق به حال الدفن وقبله الغسل والحمل وكذا الإسراع بتجهيز جنازته كلها مظاهر تدل على إكرام الميت وعلى احترامه، وإذا وضع الميت في قبره فهو محترم لا يجوز التعدي عليه أو إيذاؤه، فالقبر هو بيت الميت وللمسلم فيه من الحرمة ما جاءت به السنة، فلا يترك عليه شيء من النجاسات بالاتفاق، ولا يوطأ ولا يداس ولا يتكأ عليه عند جمهور العلماء، فاحترام الميت في قبره بمنزلة احترامه في داره التي كان يسكنها في الدنيا، فالقبور هي ديار الموتى ومنازلهم وعليها تنزل الرحمة من ربهم والفضل على محسنهم، فهي منازل المرحومين، فإكرام هذه المنازل واحترامها من تمام محاسن الشريعة، هذه مقدمة لابد منها ثم نتكلم عن بعض المسائل التي تتعلق بدفن الميت:

 مسألة إعداد القبر قبل الموت، حكم إعداد الكفن قبل الموت، صرح أكثر الفقهاء بجواز إعداد الكفن قبل الموت، واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري وغيره من رواية سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ، فِيهَا حَاشِيَتُهَا»، أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ قَالُوا: الشَّمْلَةُ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِي فَجِئْتُ لِأَكْسُوَكَهَا، «فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ»، فَحَسَّنَهَا فُلاَنٌ، فَقَالَ: اكْسُنِيهَا، مَا أَحْسَنَهَا، قَالَ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ، وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ، قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ لِأَلْبَسَهُ، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي، قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ» ([1]) ، فأخذ أهل العلم من الحديث جواز إعداد الكفن قبل الموت والاستعداد بذلك لفعل هذا الصحابي وعدم الإنكار عليه، إنما أنكر عليه الصحابة طلب البردة من النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبرهم بعذره لم ينكر عليه، وهكذا أيضا يستدل بهذا الحديث جواز إعداد الكفن قبل موت الإنسان لأن فيه تذكرة بالموت واستعدادا له، هنا مسألتان: هل يجوز إعداد القبر قبل الموت؟ ما هو حكم شراء موضع القبر قبل الموت؟

 المسألة الأولى: حكم شراء الموضع الذي يقبر فيه الإنسان، قال كثير من أهل العلم لا بأس للإنسان بشراء موضع القبر قبل الموت وللإنسان أن يوصي بدفنه فيه، واستدلوا بفعل عثمان بن عفان وعائشة رضي الله عنهم وعمر بن عبد العزيز، وأشار فقهاء المالكية إلى جواز حفر القبر إذا كان في ملكه وشراء موضع القبر هنا من باب أولى.

 المسألة الثانية: حكم حفر القبر قبل الموت، اختلف العلماء على أربعة أقوال: منهم من قال عدم جواز حفر القبر قبل الموت مطلقا عند المالكية والشافعية، واستدلوا على هذا القول بأدلة منها قوله تعالى: ﵟوَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٖ تَمُوتُﵞلُقمَان : ﵔﵓﵜ، قالوا فهو لا يدري هل يموت هنا أو لا، كذلك قالوا أنه قد يموت بغيره أو يحسب غيره أن في هذا القبر أحدا فيكون غاصبا لذلك، وهنا قول ثالث: يكره أن يحفر قبرا لنفسه والقول الرابع فيه تفصيل تفريق بينما إذا كان الحفر في ملكه أو في المقبرة المسبلة، فإن كان حفر قبرا في ملكه ليدفن فيه إذا مات فهذا جائز، وإن كان حفر قبرا في المقبرة المسبلة فهذا غير جائز أيضا هذا القول لبعض المالكية وبعض الحنابلة لكن قالوا بالتحريم، وبعد النظر في هذه الأقوال يترجح أنه إذا كان القبر أو حفر القبر قبل الحاجة إليه في مقبرة مسبلة فهو حرام ذلك لأن فيه تحجيرا على غيره، ومن سبق كان أحق منه في هذا المكان.

 ثانيا: إذا كان حفر القبر قبل الموت في ملكه فهذا مكروه؛ لأنه لا يدري هل يموت هنا أو لا فتكون الحاجة غير متحققة؛ لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: « لا يستحب للرجل أن يحفر قبره قبل أن يموت فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك لا هو ولا أصحابه والعبد لا يدري أين يموت وإذا كان مقصود الرجل استعداد الموت فهذا يكون من العمل الصالح» ([2])  ، وهو قول قوي.

 مسألة أخرى أيضا: مسألة اللحد والشق في القبر، اللحد يقال لحدت للقبر لحدا، وألحدت له أيضا، سمي لحدا لأنه قد أميل عن وسط القبر إلى جانبه، والشق الموضع المشقوق في الأرض، وأجمع العلماء على أن الدفن في اللحد أو الشق جائزان، وذكر الوزير ابن هبيرة رحمه الله الاتفاق على أن السنة اللحد وأن الشق ليس بسنة، ولهذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن السنة اللحد وأنه أفضل من الشق، وذهب الحنابلة والظاهرية إلى استحباب اللحد مطلقا أي سواء كانت الأرض صلبة أو رخوة، فاللحد أفضل والشق جائز.

 مسألة: حكم إلقاء الميت في البحر: اتفق الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أن من مات في البحر وكان يمكن أن يصل به إلى الساحل ويدفن فيه أنه يجب على من معه الانتظار حتى يصلوا إلى الساحل، ويدل على هذا ما روي عن أنس بن مالك: أن أبا طلحة رضي الله عنه ركب البحر فمات فلم يجدوا له إلا جزيرة بعد سبعة أيام، فدفنوه فيها ولم يتغير([3])  ، هذه المسألة، وأما إذا لم يمكن الوصول إلى الساحل إلا بعد وقت يتغير فيه الميت، ويحصل الضرر به وذلك لبعدهم عن الساحل أو لخوف عدو أو سبع أو نحو ذلك فإن الفقهاء اتفقوا على أنه يجب أن يلقى في البحر بعدما يغسل ويكفن ويصلى عليه.

 مسألة أخرى: حكم الدفن في التابوت: التابوت هو الصندوق الذي يوضع فيه الميت ويسمى أيضا تابوه في لغة العرب، وجاء ذكره في القرآن بمعنى الصندوق كما قال عز وجل: ﵟأَنِ ٱقۡذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقۡذِفِيهِ فِي ٱلۡيَمِّ فَلۡيُلۡقِهِﵞ ﵝطه : ﵙﵓﵜ،  وقال تعالى: ﵟإِنَّ ءَايَةَ مُلۡكِهِۦٓ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُﵞالبَقَرَةِ : ﵘﵔﵒﵜ، فيسمى كل ما يحتوي على شيء تابوتا، فالتابوت صندوق من حجر أو خشب توضع فيه الجثة، وهذا من عادات المصريين القدماء كما جاء في بعض الكتب يضعون عليه  الصور والرسوم على هذا التابوت، فما هو حكم الدفن في التابوت؟

 اتفق الفقهاء على كراهة التابوت للرجل من غير حاجة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، واستدلوا بالإجماع نقل النووي الإجماع قال: لا أعلم فيه خلافا يعني لا خلاف فيه بين المسلمين كافة على أنه يكره ويحرم الدفن في التابوت، قال النووي: «كراهة التابوت مذهبنا ومذهب العلماء كافة وأظنه إجماعا» ([4]) ، كذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة الدفن في التابوت، ولهذا صرح بعض الفقهاء بأنه بدعة كما في المغني لابن قدامة([5])، ومغني المحتاج للشربيني ([6])  ، وهكذا في كشاف القناع وفي غيرها من الكتب.

 ثالثا: أن الدفن في التابوت من زيّ النصارى وسنتهم في دفن موتاهم، ولا يجوز التشبه بهم كذلك قالوا: يحرم الدفن في التابوت لأنه خشب وقد اتفق الفقهاء على كراهة الخشب قال إبراهيم النخعي: كانوا يستحبون اللبنة ويكرهون الخشب، ولا يستحبون الدفن في تابوت، كما ذكر ذلك ابن سعد في طبقاته، وأبو نعيم في حلية الأولياء، والذهبي في سير أعلام النبلاء عن إبراهيم النخعي رحمه الله.

خامسا: أن دفنه في التابوت فيه تشبه بأهل الدنيا ولأنه ينافي الاستكانة والذل المقصودين من وضعه في التراب، وكذلك لأن فيه إضاعة للمال، هذه الأسباب السبعة التي ذكر أهل العلم في حكم الدفن في التابوت وأنه لا يجوز.

 نتكلم عن القبر و التسنيم والتسطيح في القبر أن يكون مسطحا أو مسنما كظهر الجمل فكلاهما جائزان، والتسنيم أفضل دل على ذلك أفعال السلف رضي الله عنهم أما ارتفاع القبر فقدر شبر باتفاق المذاهب الأربعة، يستحب رفع القبر شبرا عن الأرض باتفاق المذاهب الأربعة، تعليم القبر وضع علامة على القبر مستحب لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم قبر عثمان بن مظعون رضي الله عنه أعلمه بصخرة، وضع له علامة صخرة.

 رش القبر ووضع الحصباء عليه أيضا مستحب لفعل السلف ليثبت التراب على القبر هذا الرش يكون بعد الدفن، ولا يكون دائما إلا إذا وجدت حاجة لتثبيت الحصباء أو التراب أو الطين على القبر، أيضا وضع الجريد أو الورود على القبر غير مشروع ومن المحدثات في الدين ومن التشبه بالأعاجم.

 الكتابة على القبر لا تجوز للنهي عن ذلك كما في صحيح مسلم وفي غيره عند أصحاب السنن النهي عن الكتابة على القبر إلا إذا وجدت حاجة من ولي الأمر أو المسؤول عن المقابر،  وضع أرقام على القبور لإحصاء القبور ولمعرفة هذه القبور، هذا للمصلحة يجوز أما غيره من الكتابات فلا تجوز على القبر للنهي عن ذلك.

 تجصيص القبر أو تطيينه وضع الجص هذا الأبيض أو الطين، فإذا كان التجصيص أو التطيين لحفظ قبر يجوز، أما إذا كان للزينة تحسين القبر أو المباهاة والفخر فلا يجوز.

 مسألة البناء على القبر، لا يجوز للنهي عن البناء عن القبور في أكثر من حديث صحيح ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور.

 هنا أيضا الدفن في الدور والمزارع: لا شك أن الدفن يكون في المقبرة، واتفق الفقهاء في المذاهب الأربعة على أن الأفضل في دفن الميت أن يكون في المقبرة المعدة لدفن موتى المسلمين، وأن ذلك أولى من الدفن في البيوت والمساكن والمزارع والبساتين ونحوها، واستدلوا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة وفي أنهم كانوا يدفنون في مقبرة البقيع، والمقابر أشبه بمساكن الآخرة يكثر الدعاء والترحم على من في المقابر من الأموات ممن يزورهم أو يمر عليهم، فيحصل لهم خير وبركة بسبب ذلك، فالأفضل في الدفن أن يكون في المقبرة، واختلف العلماء في دفن الميت في الدور ونحوها قولان مشهوران عند أهل العلم: منهم من قال بجواز الدفن في الدور والمزارع، وإن كان ذلك خلاف الأولى ومنهم قال بتحريم الدفن في الدور ونحوها من الأملاك الخاصة، وهذا أيضا قول لكثير من أهل العلم واستدلوا بحديث: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاَتِكُمْ، وَلاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا»([7]) ، يدل الحديث على كراهة الدفن في البيوت، وأسرح من هذا الحديث حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» ([8]) ، الدفن في البيوت يضر بالورثة الأحياء لأن القبر في البيت يعد عيبا البيع يرد به المبيع، فلا يباع هذا البيت إذا كان فيه قبر هذا من الأدلة على تحريم دفن الأموات في البيوت، كذلك أن قبر الميت في البيت لا يؤمن عليه من النبش أو وصول النجاسات ونحو ذلك من المفاسد، كذلك أن الدفن في البيوت سنة خاصة بالأنبياء قال ابن حجر: «وَإِذَا حُمِلَ دَفْنُهُ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ لَمْ يَبْعُدْ نَهْيُ غَيْرِهِ عَنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مُتَّجَهٌ»([9]) ،  وأخيرا أن الميت في البيت يحرم من خير كثير من الزائرين والمارين في المقابر للسلام والدعاء، فهذا الراجح في المسألة وهي أنه لا يجوز  دفن الميت في الدور والمزارع إنما يدفن في المقابر.

 مسألة: القبر في المساجد: دفن الموتى في المساجد صرح كثير من أهل العلم أنه يحرم دفن الميت في المسجد الذي يصلى فيه؛ لأنه لا تجوز الصلاة في مسجد فيه قبر، وهو قول في المذاهب الأربعة بل نص فقهاء الشافعية والحنابلة على أنه يجب نبش قبر من دفن في مسجد أو نحوه كمدرسة وغيرها، ويدل على تحريم دفن الميت في المسجد أن دفن الميت في المسجد وسيلة إلى تعظيم الميت المدفون فيه وربما أدى ذلك لعبادة صاحب ذلك القبر والشرك بالله تعالى، وقد جاء في عدد من الأحاديث النهي عن اتخاذ المساجد على القبور ولا شك أن دفن الميت في المسجد من اتخاذ القبور مساجد.

 ثانيا: أن في دفن الميت في المسجد مخالفة لمن بنى ووقف المسجد من أجله ففيه مخالفة لشرط الواقف الذي عين الجهة لغير ذلك، ويلحق بالمساجد في تحريم الدفن فيها المدارس وسائر الأماكن يكون فيها تجمعات عامة؛ لأن الدفن هناك يقصد به تعظيم المدفون وهذا لا شك وسيلة إلى عبادته والتقرب إليه، ومن ثم الإشراك مع الله غيره ومع ذلك من مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين من بعده.

 نتكلم أيضا في بعض المسائل المتعلقة بالميت بالمقبور.

  قبر الشهيد: ذكر فقهاء المذاهب الأربعة أن السنة في أن يدفنوا في مصارعهم ومكان موتهم ولا ينقلون إلى مكان آخر، واستدلوا بحديث جابر ابن عبد الله قال: «كُنَّا حَمَلْنَا الْقَتْلَى يَوْمَ أُحُدٍ لِنَدْفِنَهُمْ، فَجَاءَ مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَدْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَضَاجِعِهِمْ فَرَدَدْنَاهُمْ» ([10]) ،  فالحديث ظاهر الدلالة على أن الشهيد يدفن في مصرعه ومحلّ قتله، ولا ينقل إلى مكان آخر إلا إذا وجد ولي الأمر مصلحة أو في ذلك دفع مفسدة فهذا من اختصاصه.

مسألة قبور المسلمين في بلاد الكفار: إذا مات المسلم في بلاد الكفار فإنه يجب على وليه أو من علم به من المسلمين أن ينقله عن بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين حتى يدفن في بلاد الإسلام، وورد ذلك عند كثير من أهل العلم في كتب الفقه، قالوا أيضا لا يجوز أن يدفن المسلم بين ظهراني الكفار أو في مقابرهم لأن في ذلك إساءة للمسلم لأن مقابر المسلمين فيها الرحمة ومقابر المشركين فيها العذاب([11])  ، وقد سئل ابن القاسم من المالكية عن نصرانية أسلمت حين موتها فدفنت في قبور النصارى فقال ابن القاسم: اذهبوا فانبشوها ثم اغسلوها وصلوا عليها إلا أن تكون قد تغيرت، فمذهب المالكية وجوب نبش من دفن في مقابر الكفار من المسلمين إن لم يخف عليه التغير، وهذا النقل والتحويل لقبر المسلم إلى بلاد الإسلام حسب الاستطاعة، أما إن تعذر نقله فيدفن في بلاد الكفار لكن في غير مقابرهم إذا وجدت مقابر للمسلمين يدفن فيها.

مسألة أيضا لها علاقة بالقبور: قبر الكفار في مقابر المسلمين، اتفق الفقهاء على أنه لا أن يدفن الكافر في مقابر المسلمين قالوا لأن قبور الكفار محل العذاب والغضب، فلا تكون هي ومحل الرحمة في موضع واحد لما يلحق المسلمين بذلك من الضرر، واستدلوا بحديث بشير ابن الخصاصية رضي الله عنه قال: « بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ شَرًّا كَثِيرًا، ثُمَّ مَرَّ عَلَى قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا، فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ، فَرَأَى رَجُلًا يَمْشِي بَيْنَ الْقُبُورِ فِي نَعْلَيْهِ، فَقَالَ: يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ أَلْقِهِمَا» ([12]) ، قال ابن حزم رحمه الله: «فصح بهذا تفريق قبور المسلمين عن قبور المشركين» ([13])، وروى البيهقي في كتاب الجزية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه اشترط شروطا على أهل الذمة مع دفعهم الجزية، وقد جاء فيما كتبه أهل الذمة لعمر من الشروط: وأن لا نجاور المسلمين بموتانا، هذه إذا المسألة، ودل الحديث على وجوب دفن الميت حتى ولو كان كافرا لا يخص ذلك القرابة بل هو عام في كل ميت لحديث علي رضي الله عنه قال: «قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، قَالَ: اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ، ثُمَّ لَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا، حَتَّى تَأْتِيَنِي فَذَهَبْتُ فَوَارَيْتُهُ وَجِئْتُهُ فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ وَدَعَا لِي»([14]) ، فإن صحّ الحديث فإنه يدل على وجوب دفن الميت حتى ولو كان كافرا، ويدل لذلك أيضا ما رواه أنس بن مالك عن أبي طلحة: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَقُذِفُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ» ([15]) .

أيضا من المسائل المتعلقة بأحكام القبور: الوصية بالدفن في مقبرة معينة، وتقدم أن الأفضل للميت أن يدفن في مقبرة البلد الذي مات فيه، قال ابن المنذر: « يُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْفَنَ الْمَيِّتُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، عَلَى هَذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ عَوَامُ أَهْلِ الْعِلْمِ» ([16]) ، فإذا تعددت المقابر في البلد وأوصى الإنسان قبل موته أن يدفن في مقبرة معينة منها فإن وصيته تنفذ إذا لم يكن في تنفيذها محذور شرعي أو ضرر على الميت أو على الحي، أما لو كانت الوصية بالدفن في مقبرة معينة تستوجب نقل الميت من البلد الذي مات فيه إلى بلد آخر بعيد أو قريب من بلد الوفاة فإن للعلماء أقوال وتفصيلات في هذه المسألة، والراجح بعد عرض الأدلة أن حكم نقل الميت من بلد إلى  آخر يختلف بحسب الأحوال والأماكن، فقد يكون النقل حراما أو مكروها وقد يكون جائزا أو مستحبا أو واجبا، فيكون نقل الميت من بلد إلى بلد حراما إذا أدى ذلك النقل إلى تغير الميت أو انتهاك حرمته وعليه فلو أوصى الميت قبل موته بنقله والحالة هذه فلا تنفذ وصيته ويحرم تنفيذها، ويكون النقل من بلد إلى بلد واجبا في حال الضرورة نحو كون الميت بدار حرب أو في مكان يخاف عليه من نبشه أو تحريقه أو المثلة به، كذلك لو مات سني أيضا في بلاد المبتدعة وعلى هذا فيجب العمل بوصية الميت إذا أوصى بنقله حينئذ، ويكون النقل للميت جائزا إذا كان النقل من بلد إلى بلد لغرض صحيح أو مصلحة، ولم يكن في نقل الميت انتهاك لحرمته أو تعرضه للتغير أو مشقة أو حرج على الأحياء الذين يتولون نقله، والأولى في هذه الحالة العمل بوصية الميت إذا أوصى بنقله قبل موته، أما إذا كانت الوصية بالنقل لغرض غير صحيح أو كان في نقل الميت مشقة أو حرج على الأحياء من أقارب الميت أو غيرهم، فإن الأولى أن لا تنفذ وصيته بل يدفن في مقابر البلد الذي مات إذا كان هناك من المسلمين من يقوم به، هذه خلاصة كلام أهل العلم في هذه المسألة.

 نذكر أيضا بعض أحكام زيارة القبور: وحكم الزيارة للقبور مستحبة عند جماهير العلماء من السلف والخلف، بل نقل بعض أهل العلم الإجماع على استحبابها، و استدلوا بأحاديث معلومة منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي، فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَزُورُوَا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّر الْآخرة» ([17])، هذا دليل على استحباب زيارة القبور من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومن أمره كما هو ظاهر، وهكذا في حديث: «كُنْتُ َنهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا»([18])   هذا أمر للاستحباب عند أهل العلم، فيستحب زيارة القبور، وهنا أنقل فائدة عن ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان قال: « المقصود من زيارة القبور ثلاثة أشياء: تذكر الآخرة والاعتبار والاتعاظ، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله:( زُورُوا القُبُورَ فَإنَّهَا تُذكِّرُ الآخِرَة)، الثاني: الإحسان إلى الميت وأن لا يطول عهده به فيهجره ويتناساه، ولهذا شرع النبي صلى الله عليه وسلم للزائرين أن يدعوا لأهل القبور بالمغفرة والرحمة وسؤال العافية، الثالث من المقصود من زيارة القبور: إحسان الزائر إلى نفسه باتباع السنة والوقوف عند ما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم فيحسن إلى نفسه والى المزور» ([19]) ، إذًا ذكر مقاصد الزيارة للقبور: تذكر الآخرة، الإحسان إلى الميت إحسان الزائر إلى نفسه اتباع السنة.

 مسألة فيما سبق زيارة الرجال: مستحبة كما دلت على ذلك الأدلة، نأتي لمسألة زيارة النساء للمقابر، ينبغي أن يعلم أولا أن العلماء لم يختلفوا في أن المرأة إذا علمت من نفسها أنها إذا زارت المقبرة ظهر منها ما لا يجوز من قول أو عمل فإنه لا تجوز لها الزيارة، مثلا تذهب إلى المقبرة لتجديد الحزن والبكاء والندب والنياحة والصياح، فهنا لا يجوز لها باتفاق العلماء زيارة القبور، وهكذا إذا خرجت بغير إذن زوجها أو في خروجها تضييع لحق زوجها أو يكون في خروجها تبرج أو فتنة لها أو لغيرها وإفساد وإظهار للفواحش أو اتخاذ القبور مجالس للنزهة وتضييع الأوقات ونحو ذلك فهذا لا أحد من العلماء يخالف في منعه وتحريمه، أما إذا خلت الزيارة من هذه المنكرات ومن الفتنة فقد اختلف العلماء عن ثلاثة أقوال: القول الأول إباحة زيارة النساء للمقابر الجواز، وقول آخر: يستحب للنساء زيارة القبور كالرجال بالشروط السابقة، واستدلوا بعموم الأحاديث: «كُنْتُ َنهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا»([20])  فأمره صلى الله عليه وسلم (زوروها) عام للرجال والنساء، وإنما النساء شقائق والرجال في الأحكام الشرعية، أيضا من الأدلة ما رواه عبد الله بن أبي مليكة: « أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَقْبَلَتْ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْمَقَابِرِ فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتِ؟ قَالَتْ:  مِنْ قَبْرِ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ  فَقُلْتُ لَهَا: أَلَيْسَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ كَانَ نَهَى ثُمَّ أَمَرَ بِزِيَارَتِهَا» ([21]) ،  عائشة رضي الله عنها قد فهمت دخولهن في عموم الإذن في زيارة القبور للرجال والنساء، وأيضا استدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها -حديث طويل- وفي هذا الحديث قالت: « كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ  قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» ([22]) ، فعلمها النبي صلى الله عليه وسلم دعاء زيارة المقابر، فهذا يدل على جواز ومشروعية زيارة النساء للقبور بالضوابط الشرعية وبالشروط المعلومة، فتعليمه صلى الله عليه وسلم لعائشة هذا الدعاء يدل على جواز زيارة المقابر للنساء، كذلك استدلوا بحديث أنس رضي الله عنه: «مَرَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بامرأةٍ تَبكي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: «اتّقِي اللهَ وَاصْبِري» فَقَالَتْ: إِليْكَ عَنِّي؛ فإِنَّكَ لم تُصَبْ بمُصِيبَتي وَلَمْ تَعرِفْهُ، فَقيلَ لَهَا: إنَّه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَتْ بَابَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابينَ، فقالتْ: لَمْ أعْرِفكَ، فَقَالَ: «إنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولى»([23]) ، لم ينهاها النبي صلى الله عليه عن زيارة القبور، لم ينكر على هذه المرأة قعودها عند القبر بل أقرّها والإقرار حجة ودليل، هذا قال به كثير من أهل العلم والمسألة فيها خلاف معروف لكن هذا الذي ترجح لنا: مشروعية واستحباب زيارة النساء للقبور بالشروط الشرعية وعدم الفتنة وغير ذلك مما أشرنا إليه.

 مسألة زيارة مقابر الكفار: ذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية إلى أنه يجوز للمسلم زيارة مقابر الكفار من أجل الموعظة والاعتبار لكن لا يدعو لهم ولا يسلم عليهم، فقط يذهب للموعظة والاعتبار، واستدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ» ، وقال الماوردي من الشافعية إلى تحريم زيارة المسلم قبر الكافر، واستدل بقول الله عز وجل: ﵟوَلَا تُصَلِّ عَلَىٰٓ أَحَدٖ مِّنۡهُم مَّاتَ أَبَدٗا وَلَا تَقُمۡ عَلَىٰ قَبۡرِهِۦٓﵞالتَّوبَة : ﵔﵘﵜ، أجاب جمهور العلماء أن المراد من الآية القيام على قبر الكافر للدعاء له والاستغفار هذا منهي عنه في هذه الآية وفي غيرها، أما زيارة قبر الكافر للعظة وتذكر الموت فتبقى الأدلة على عمومها، وليس في هذه الآية نهي عن زيارة قبر الكافر، وقد ذكر فقهاء الشافعية والحنابلة أنه لا يجوز عند زيارة قبور الكفار السلام عليهم ولا الاستغفار لهم، بل ذكر الحنابلة أن الزائر لقبور الكفار يبشرهم بالنار، واستدلوا بحديث سعد بن أبي وقاص قال: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَكَانَ،وَكَانَ .. فَأَيْنَ هُوَ؟، قَالَ:  فِي النَّارِ،  فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيْنَ أَبُوكَ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:  حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ كَافِرٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ، قَالَ: فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ،  وَقَالَ: لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَعَبًا، مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ» ([24])، انتهينا من هذه المسألة.

 بقيت بعض الأمور أيضا:

 حكم الصلاة في المقبرة: أقوال كثيرة والقول الراجح في هذه المسألة أن الصلاة عند القبور محرمة لا تجوز لقوة الأدلة، وإذا كان القول الراجح هو تحريم الصلاة في المقابر للنهي عن اتخاذ القبور مساجد هل تكون الصلاة حينئذ باطلة أو صحيحة، وقول الشافعية وغيرهم أن الصلاة لا تصح في المقبرة، واختلفت الرواية في ذلك عن أحمد أن الصلاة في المقبرة صحيحة مع التحريم لأن النهي لمعنى في الصلاة أشبه المصلي وفي يده خاتم من ذهب قال إن الصلاة في المقبرة لا تصح إن علم النهي وإلا صحت، وهناك قول أيضا ثالث أن الصلاة في المقبرة لا تصح بحال، قال ابن مفلح: «وهذا أشهر واصح في المذهب اختاره الأصحاب» ([25])  قال ابن حزم: قال احمد بن حنبل: «مَنْ صَلَّى فِي مَقْبَرَةٍ أَوْ إلَى قَبْرٍ أَعَادَ أَبَدًا»([26])، هذا القول هو الراجح لأن الصلاة عبادة وقد أتى بها المصلي على الوجه المنهي عنه فلم تصح، كصلاة الحائض وصومها هذه المسألة بالنسبة الصلاة في المقابر.

مسألة الصلاة على الجنازة في المقبرة: الأولى في الصلاة على الجنازة أن يكون ذلك في مصلى الجنائز تلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه وعادته، وتجوز صلاة على الجنازة أيضا في المسجد، وتجوز أيضا في كل مكان تجوز فيه الصلاة، اختلف العلماء في حكم الصلاة على الجنازة في المقبرة قولان مشهوران: منهم من قال أن الصلاة على الجنازة في المقبرة محرمة لا تجوز، وإليه ذهب جماعة من الحنفية والمالكية وهو مذهب الشافعية ورواية في مذهب الحنابلة، واستدلوا بعموم الأحاديث الواردة في النهي عن الصلاة في المقبرة كحديث أبي سعيد قال صلى الله عليه وسلم: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ»([27]) ، وحديث أنس رضي الله عنه: « أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُصَلَّى بَيْنَ الْقُبُورِ» ([28]) ، وهكذا جاءت الأحاديث والآثار عن الصحابة التي تدل على منع على الجنازة في المقبرة، لكن جاءت بعض الأحاديث التي تدل على جواز ومشروعية صلاة الجنازة في المقبرة، هذا القول الثاني وهو قول عند الحنفية والمالكية وهو المذهب عند الحنابلة وإليه ذهب الظاهرية وهو القول الراجح في هذه المسألة أن الصلاة على الجنازة في المقبرة جائزة.

 أولا: لفعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه صلى على الميت في قبره وهو في المقبرة كما جاء ذلك في حديث ابن عباس وأبي هريرة وأنس وغيرهم أحاديث صحيحة وهي أدلة واضحة على جواز صلاة الجنازة في المقبرة ،وأن المقبرة محل للصلاة على الميت سواء كان في قبره أم خارجه هذا الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم تخصيص للنهي عن الصلاة في المقبرة، قال ابن حزم بعد أن ساق الأحاديث في النهي عن الصلاة في المقبرة قال: «وَكُلُّ هَذِهِ الْآثَارِ حَقٌّ، فَلَا تَحِلُّ الصَّلَاةُ حَيْثُ ذَكَرْنَا، إلَّا صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا تُصَلَّى فِي الْمَقْبَرَةِ» ([29]) ، كذلك أيضا من الأدلة فعل السلف الصالح من الصحابة والتابعين، فقد روى نافع قال: صَلَّيْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَسَطَ الْبَقِيعِ بَيْنَ الْقُبُورِ قَالَ: «وَالْإِمَامُ يَوْمَ صَلَّيْنَا عَلَى عَائِشَةَ؟ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَحَضَرَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ» ([30]) ، هذه الآثار ذكرها عبد الرزاق في مصنفه بأسانيد صحيحة، وقال ابن المنذر: وكان عمر بن عبد العزيز يفعل ذلك ([31]) .

فهذا فعله اثنين من كبار الصحابة عائشة وأم سلمة أبو هريرة ابن عمر، أبو هريرة وابن عمر حضرا الصلاة على عائشة وعلى أم سلمة وسط البقيع بين القبور، فعل اثنين من كبار الصحابة وفعل الخليفة من خلفاء المسلمين عمر بن عبد العزيز، والصحابة صلوا على جنازة أم المؤمنين وسط القبور بالبقيع ولم ينقل عن أحد من الصحابة ممن حضر ذلك نهي أو مخالفة، فهو إقرار ممن حضر بالجواز، هذا هو الراجح في هذه المسألة الصلاة على الجنازة في المقبرة مستثناة من النهي عن الصلاة في القبور.

 الدعاء للميت عند القبر بعد دفنه مستحب عند جماهير العلماء الاستغفار للميت عند الفراغ من دفنه سؤال التثبيت له لحديث عثمان رضي الله عنه قال: « كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ»([32])  ، فيدل على مشروعية الدعاء للميت عند القبر، الاستغفار للميت سؤال التثبيت له لأنه يسأل الآن الميت وهو أحوج إلى الدعاء.

مسألة أخرى: حكم تلقين الميت في قبره بعد الدفن: يوجد الخلاف قال كثير من الفقهاء باستحباب ذلك، وقال غيرهم تلقين الميت في قبره لا يجوز، قال ابن تيمية: «وَكَرِهَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ»([33]) ، ودليل هذا القول الدليل على استحباب ذلك العمل أو على جوازه فالأصل في العبادة الحظر والمنع إلا بدليل، فلم يوجد دليل صحيح صريح في استحباب تلقين الميت في قبره بعد الدفن، تلقينه يقولون: يا فلان ابن فلانة اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما، وذكروا آثار لكن لا تصح هذه الآثار عن السلف الصالح، ضعفها أهل العلم؛ لذلك قال كثير من أهل العلم هذا العمل بدعة محدثة لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة والخلفاء الراشدين، قال ابن قدامة رحمه الله: «أَمَّا التَّلْقِينُ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ شَيْئًا، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ لِلْأَئِمَّةِ قَوْلًا، سِوَى مَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَهَذَا الَّذِي يَصْنَعُونَ إذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ، يَقِفُ الرَّجُلُ، وَيَقُولُ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ» ([34]) ، هذا الراجح في هذه المسألة: عدم جوال تلقين الميت في قبره لعدم الدليل.

مسألة الدعاء للأموات عند زيارة القبور: هذا مشروع ومستحب وتقدم السلام على الأموات والدعاء لهم بالمغفرة والرضوان أدلة كثيرة تقدمت من خلال هذه المحاضرة، وجاء في الحديث الطويل حديث عائشة كما أشرنا قالت عائشة: «انْطَلَقْتُ فِي إِثْرِهِ -تعني النبي صلى الله عليه وسلم- حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَأَطَالَ الْقِيَامَ» ([35]) ، فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا للأموات عندما زارهم، قال ابن عبد البر: «فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ زِيَارَةَ الْقُبُورِ وَالدُّعَاءِ لِأَهْلِهَا عِنْدَهَا أَفْضَلُ وَأَرْجَى لِقَبُولِ الدُّعَاءِ فَكَأَنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُمْ وَيَدْعُوَ بِالرَّحْمَةِ كَمَا قِيلَ لَهُ: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [مُحَمَّد: 19] » ([36]).

التعزية عند القبر مسألة ذكرها أهل العلم: والتعزية مشروعة في كل مكان إلا أن أهل العلم كرهوا الاجتماع لها في مكان خاص، أما التعزية عند القبر فقد صرح جماعة من فقهاء الحنفية والمالكية بأن التعزية عند القبر مكروهة هكذا قالوا، وغيرهم قال: لا هي جائزة حسب الحاجة، والراجح أن التعزية عند القبر إذا لم تمنع عن القيام بحق الميت من الدعاء له والاستغفار جائزة خاصة إذا رأى من المصاب جزعا بل قد تكون مشروعة، وأوضح دليل على ذلك حديث أنس أبن مالك قال: «مَرَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بامرأةٍ تَبكي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: «اتّقِي اللهَ وَاصْبِري»  وعزاها صلى الله عليه وسلم، أما إن كان في التعزية عند القبر انشغالا عن شأن الميت والقيام به أو انشغال عن الدعاء للميت، أو كان في التجمع للتعزية عند القبر إشغال لأهل الميت عن الدعاء لميتهم أو كان فيه اجتماع على هيئة معينة أو في مكان من المقبرة فهذا كله كرهه العلماء ومنعوه.

 أيضا من مسائل في آخر هذه المحاضرة: المشي على القبور أو بين القبور بالنعال، وهذه المسألة تكلم فيها العلماء، والراجح أن المشي على القبر أو وطأ القبر محرم لا يجوز، وذهب إلى هذا كافة الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم، وجاءت الكراهة عن كثير من السلف، واستدلوا بحديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لَأَنْ أَمْشِيَ عَلَى جَمْرَةٍ أَوْ سَيْفٍ،أَوْ أَخْصِفَ نَعْلِي بِرِجْلِي،أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ»([37])  ، ويقول صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ، تَحْرِقُ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ»([38]) ، ففي الحديث النهي عن الجلوس والوطء للقبر والمشي أيضا بين القبور، مر معنا حديث صاحب السبتيتين وأنه صلى الله عليه وسلم نهاه أن يمشي بنعليه، اما المشي على القبر فلا يجوز، فوطأ القبر أو المشي على القبر محرم لظاهر الأحاديث؛ لأن الوطء على القبور يشبه الجلوس عليه وفيه إهانة وعدم احترام للميت، وجاءت الشريعة باحترام مساكن الموتى وبإكرامهم.

 المسألة الأخرى: المشي بين القبور بالنعال هناك أيضا أقوال في المسألة، منهم من قال أن هذا يجوز ومنهم من قال لا يجوز، وهذا قول أرجح لأنه جاء مر معنا الحديث ابن الخصاصية رضي الله عنه قال: «بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ... فَرَأَى رَجُلًا يَمْشِي بَيْنَ الْقُبُورِ فِي نَعْلَيْهِ، فَقَالَ: يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْك. فَنَظَرَ الرَّجُلُ، فَلَمَّا عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلَعَهُمَا، فَرَمَى بِهِمَا»([39]) ، وهو حديث صحيح يرجح هذا القول بأنه يحرم المشي بين القبور بالنعال.

آخر مسألة نتكلم فيها في محاضرة اليوم: رفع الأصوات في المقبرة، اتفق الفقهاء من المذاهب الأربعة على كراهة رفع الصوت مع الجنازة أو في المقبرة حتى لو كان ذلك الصوت بالذكر وقراءة القرآن أو طلب الاستغفار للميت أو نحو ذلك، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في جنازة أكثر السكوت وحدث نفسه، وكذا كان أصحابه رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان يعظمون الميت بالسكينة ويكرهون رفع الصوت في الجنازة.

 هذا ما أردنا أن نذكره من خلال هذه المحاضرة في (أحكام المقابر في الإسلام).

 نسأل الله عز وجل أن يفقهنا وإياكم في ديننا، كما نسأله عز وجل أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وفتنة، نسأله عز وجل أن يوفق ولاة أمورنا لما يحبه ويرضاه، وأن يرزقهم  البطانة الصالحة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

نسأل الله عز وجل أن ينفعنا بما سمعنا، وأن يفقهنا وإياكم في ديننا، كما نسأله عز وجل أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر وفتنة، ونسأله عز وجل أن يوفق ولاة أمور المسلمين لما يحبه ويرضاه، وأن يرزقهم البطانة الصالحة.

 ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 

([1]) رواه البخاري (1277).

([2]) الاختيارات الفقهية (ص89).

([3]) رواه البيهقي في سننه (6774)، والحاكم في المستدرك (2503)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وقال النووي في المجموع (5/286): إسناده صحيح.

([4]) المجموع للنووي (5/252).

([5]) المغني (3/).

([6]) مغني المحتاج (2/53) .

([7]) رواه البخاري (432)، ومسلم (777).

([8]) رواه مسلم (780).

([9]) فتح الباري (4/529).

([10]) رواه أحمد (14169)، وأبو داود (3165)، وابن ماجه (1516)، والنسائي (2005)، والترمذي (1717).

([11]) هكذا قال النووي رحمه الله في المجموع (5/248)، وشيخ الإسلام في الاختيارات الفقهية (ص94).

([12]) رواه أحمد (20806)، وأبو داود (3330)، وابن ماجه (1568)، والحاكم (1380)، وحسنه النووي في المجموع (5/288).

([13]) المحلى (3/367).

([14]) رواه أبو داود (3214)، والنسائي (2006).

([15]) رواه البخاري (3976)، ومسلم (2874).

([16]) الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (5/464).

([17]) رواه مسلم (976)، وأبو داود (3234)، والنسائي (2034)، وابن ماجه (1572).

([18]) رواه مسلم (1977).

([19]) إغاثة اللهفان (1/218).

([20]) سبق تخريجه.

([21]) رواه الحاكم (1392)، والبيهقي في السنن الكبرى (7207).

([22]) رواه مسلم (974).

([23]) رواه البخاري (1283)، ومسلم (926).

([24]) رواه الطبراني (326)، وينظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (18).

([25]) الفروع  لابن مفلح (2/106).

([26]) المحلى (2/350).

([27]) رواه الترمذي (317).

([28]) رواه ابن حبان (1698)، وقال الألباني في أحكام الجنائز (270):صحيح لغيره.

([29]) المحلى (2/351).

([30]) المصنف لعبد الرزاق  (6570).

([31]) ينظر: الأوسط (5/417).

([32]) رواه أبو داود (3221)، والحاكم (1372)، والبيهقي  (6856).

([33]) مجموع الفتاوى (24/296).

([34]) المغني (3/438).

([35]) رواه مسلم (974).

([36]) الاستذكار (3/121).

([37]) رواه ابن ماجه (1567)، وابن أبي شيبة (11774).

([38]) رواه مسلم (971).

([39]) تقدم تخريجه.