النبي ﷺ معلما


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

الحمد لله ربّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:

فهذه رسالة أوجهها إلى إخواني المعلمين وأخواتي المعلمات وهم في طريقهم إلى مدارسهم، فأقول للجميع، -وبالله التوفيق-

 كونوا مع نبيكم صلى الله عليه وسلم في تعليمكم وأداء رسالتكم، نعم كونوا مع نبيكم صلى الله عليه وسلم في تعليمه وهديه، فذلك أرضى لربكم وأنفع لطلابكم.

وأقول أيضًا في أذن من يسر الله له مهنة التدريس وأكرمه بها: إنه ليس من طريقة تدريس يُنادى بها إلا وقد سلكها النبي صلى الله عليه وسلم ودلّ عليها.

  قد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يعتني بالتعليم في كل وقت ملائم، وفي كل مكان مناسب، كان يعتني بفئات الناس كلهم على اختلاف طبقاتهم.

و كان ينتهز الفرص والمناسبات للتعليم.

 ومن جاء من الناس طالبًا العلم رحّب به وبشّره.

 كان يقبل على المخاطَبين ويدنيهم منه.

 وكان يخاطب المتعلم مرة باسمه ومرة بكنيته ومرة بلقبه.

 كان يكرّر النداء للمتعلم أحيانًا مرتين، وأحيانًا ثلاثًا، وأحيانًا أكثر؛ لتنبيهه على ما سيلقي عليه، ولتوجيه نظر الطالب إلى ما سيخاطبه به.

 كان صلى الله صلى الله عليه وسلم يستعمل أسلوب اللمس لشيء من مواضع الجسد،  فمرة يضع كفّ المتعلم بين كفيه، ومرة يأخذ بيديه، ومرة يأخذ بمنكبه وهكذا- وأحيانًا كان يضرب على يده أو صدره مثلاً- لتنبيهه وإيناسه.

 كان صلى الله عليه وسلم واضحًا في أسلوبه، متأنّيًا في كلامه، وكان يعيد الكلام مرتين وربَّما ثلاثًا أو أكثر لغرس ما يريد في نفس المتعلم.

 ولتقريب ما يريد من المسائل كان يستخدم الإشارات والرسوم والأشكال البيانية في تعليمه، وكان يضرب الأمثال أثناء تدريسه.

وكان يستعمل أسلوب المقارنة بين الأشياء.

 ولشدّ أذهان المتعلمين كان يُجْمل في الكلام ثم يفسِّر ما أجْمَلَه.

 وكان يستعمل أسلوب الاستفهام.

 وكان يطرح الأسئلة على المتعلمين.

 وكان يتلقى الأسئلة من المتعلمين ويثني على السؤال الجيد، وربما أجاب السائل بأكثر مما سأل.

 وكان يأذن بالمراجعة له والسؤال والمناقشة فيما أشكل.

 وكان متواضعًا للمتعلمين رفيقًا بهم ليّنًا معهم.

 ومن عنايته بالمتعلمين: أنه كان يتفقدهم، ويسأل عنهم، ويراعي أحوالهم، وينمّي المواهب فيهم، ويكرمهم، ويثني على أعمالهم، إلى غير ذلك من طرق تدريسه ووسائل تعامله التي يدركها المتأمل بالوقوف على أحاديثه صلى الله عليه وسلم الواردة تعليمه ودعوته.

 وختامًا أدعو كل معلم ومعلمة إلى العودة إلى أصول السنة النبوية، ومصنفات الحديث النبوي، ففيها ما تقرّ به العيون، وتنشرح به الصدور في باب التعليم والتدريس.

وبهذه المعالم التي سار عليها النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه يظهر صدق قول الصحابي الجليل معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه: «فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ» ([1]).

وبها كذلك تتجلى شفقته صلى الله عليه وسلم على المتعلمين، ورحمته بهم، وإحسانه إليهم، وتتأكد هذه المعالم في قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ» ([2]).

ومن صدق من المعلمين والمتعلمات- في تعليمه، وقصد الاقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم، أعانه الله في تدريسه، وبارك في نصائحه، ونفع بتوجيهاته.

 

 


 

([1]) رواه مسلم (537).

([2]) رواه أبو داود  (6).