الإسلام جمال وسلام


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات

الحمد لله الذي منَّ بمنن كثيرة على بني الإنسان، نحمده سبحانه وتعالى على ما أ

عطى من نعمة الإسلام والإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الرحيم الرحمن، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله دعا إلى خير دين في خير زمان بين خير صحابة فصلّى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 نحن عباد الله في نعمة عظيمة هي أكبر نعمة وأجل نعمة هي النعمة التي تعزُّ الإنسان وتكرمه وترفع من قدره وشأنه ألا وهو الإسلام الذي هو أعظم تاج توجت به الكرة الأرضية، تاج أينما قلبت النظر فيه بصرت فيه درة فريدة أو جوهرة جميلة، الإسلام الذي هو شريعة ربانية كاملة شاملة في مصادره وعقائده ومبانيه وأحكامه وأخلاقه، الإسلام الذي كمله الله سبحانه وتعالى ورضيه لنا دينًا، يقول الله سبحانه وتعالى: ﵟٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاﵞ ﵝالمَائـِدَة : ﵓﵜ .

دينٌ صالح في كل زمان ولكل مكان يشمل جميع فئات الإنسان بل حتى النباتات والحيوان، دين يحمي لنا الأوطان ويعلو بها العمران، دين وازن بين الروح والبدن، وازن بين غذاء الأرواح وغذاء الأبدان، دين عالج لنا كل ظاهرة سلبية وكل آفة غير سوية، سواء كانت في أجسامنا أو أفكارنا أو أدياننا أو أموالنا أو أنسابنا وأعراضنا، عالجها بأنفع علاج وأجمله حتى لا يكاد علاج يعالج هذه الآفات كالإسلام.

 هذا الإسلام عزة ورفعة، يقول الله سبحانه وتعالى: ﵟوَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَﵞ ﵝالمُنَافِقُون : ﵘﵜ ، هذا الإسلام من دخل فيه وعمل بما فيه شرح الله له صدره وثبت قلبه، يقول الله سبحانه وتعالى: ﵟأَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦﵞ ﵝالزُّمَر : ﵒﵒﵜ ، هذا الإسلام تمكين ونصر وأمن، وما أجمل كلمة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حين قال: «نحن أمّة أعزنا الله بالإسلام، فمهما نبتغي العزة من غيره نذل» ([1])  يقولها وهو الخبير بالعيشة التي عاشوها قبل الإسلام في جاهلية وشر ثم هم في هذه الإسلام في هدى وخير، وهناك كلمة أيضا جميلة للشيخ زايد رحمه الله تعالى يقول: " الإسلام الحنيف هو الذي رفع أمة محمدg وعباد الله إلى القمة"([2])، ولو استعرضنا ما في هذا الإسلام من جمال لجف المداد، وانقطع الكلام، وتوقفت الأقلام ولكن حسبنا أن نذكِّر بشيء كرؤوس الأقلام حتى نعرف فضل الإسلام.

فأولًا: تأملات في كمال مصادره وقوتها.

 لو استعرضنا أحبتي مصادر ديننا الإسلامي وهي ثلاثة: القرآن والسنة والإجماع، القرآن كلام الله جل وعلا أصدق قيلًا وأحسن حديثًا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، معجز في ألفاظه وتراكيبه، يشرح الصدور يطمئن القلوب، يقول الله سبحانه وتعالى: ﵟوَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلٗا ١٢٢ﵞ ﵝالنِّسَاء : ﵒﵒﵑﵜ إن أصدق الحديث أو أصدق الكلام كلام الله جل وعلا: ﵟكِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡﵞ ﵝالزُّمَر : ﵓﵒﵜ ،

فيهِ التفاصِيلُ للأحْكامِ مَعْ نَبَأٍ       عمَّا سَيأتِي وعنْ ماضٍ مِن الأمَمِ

فانْظُرْ قَوارِعَ آياتِ الْمَعادِ بِهِ       وانْظُرْ لِما قَصَّ عَنْ عادٍ وعنْ إرَمِ

وانْظُرْ بهِ شَرْحَ أحْكامِ الشَّريعَةِ هلْ      تَرى بِها مِن عَويصٍ غَيرِ مُنْفَصِمِ

أخبارُهُ عِظَةٌ أمثالُهُ عِبَرٌ        وكُلُّهُ عَجَبٌ سُحْقًا لِذِي صَمَمِ

كلام الله جل وعلا دستور حياة نجاة، لذلك يقول المفسر الإمام الشنقيطي في أضواء البيان([3]) في قول الله سبحانه وتعالى: ﵟإِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُﵞ ﵝالإِسۡرَاء : ﵙﵜ قال: فهداية القرآن للتي هي أقوم في كل شيء في كل شئون الحياة، يهديك القرآن للتي هي أقوم لكن يصول به العالم الرباني فيه التفاصيل، كما قال صاحب النونية:

جمع العلوم دقيقها وجليلها ... فبه يصول العالم الرباني

 وإذا رأيت سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهي وحي من الله.

وَحْيٌ مِنَ اللهِ كالقُرْآنِ  شاهِدُهُ        في سورةِ النَّجْمِ فاحْفَظْ ولا تَهِمِ

 إذا رأيت إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم رأيتها خير الكلام

خيرُ الكلامِ ومِنْ خيرِ الأنامِ  بَدَا.... مِن خيرِ قَلْبٍ بهِ قدْ فاهَ خيرُ فمِ

كلامه صلى الله عليه وسلم وحي من الله سنته خير، يقول ابن القيم في التبوكية([4]): لو تأملت الشرور الذي في العالم كله ستجد مرجعه إلى خلاف السنة فلن يأتي الضرر والشر إلا بمخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك يقول الله جل وعلا: ﵟفَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٦٣ﵞ ﵝالنُّور : ﵓﵖﵜ .

 أما الإجماع فهو أوله عند صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﵟوَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ١١٥ﵞ ﵝالنِّسَاء : ﵕﵑﵑﵜ

وأعلم الأمة الصحب الألى حضروا ...   مواقع الشرع والتنزيل قد شهدوا

أدرى الأنام بتفسير الكتاب وأفـــ...ـــعال  الرسول وأقوال له تردُ

إجماعهم حجة قطعًا وخلفهم ... لم يعده الحق فليعلمه مجتهدُ

أعلم الناس بالقرآن والسنة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا رأيت هذه المصادر بهذه القوة مع موافقة هذه المصادر للعقل الصحيح وللفطر مع ثباتها وشمولها ورسوخها تجد أن أقوى المصادر وأصالة المصادر في مصادر الإسلام.

ثانيًا: تأملات في جمال وصفاء أصول الدين.

 إذا تأملت أصول الدين من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره تجد أن هذه الأصول من أصفى الأصول وأعلى العقائد مع ما فيها من ثبات وتعبد لله جل وعلا، فيها رسوخ للإنسان وقوة وعدم اضطراب، إذا تأملت الإيمان بالله بأقسامه من الإيمان بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته تجد نقاء في القلب وثباتًا وسيرًا على صراط مستقيم من بين انحرافات منهم من عبد شجرًا، ومنهم من عبد حجرًا، ومنهم من زحف على وجهه إلى قبر، وأنت تسجد لله الواحد القهار.

 فالمتأمل في أصول العقائد يجد أنها عدل خيار وسطية وجمال، إذا أتيت إلى باب الإيمان بالقضاء والقدر مع ما فيه من إيمان وقوة تجد فيه صلاحاً للإنسان، كم من الناس الذين لهثوا خلف الدنيا، وحسدوا إخوانهم وتكالبوا على أرزاقهم وتصارعوا على وظائفهم وكادوا لأهليهم من أجل الدنيا، ولو علم الإنسان أن ما قدره الله كان وأن رزقه بيد الله سبحانه وتعالى لما تكالبوا على هذه الدنيا.

ثالثًا: تأملات في جمال مباني الإسلام.

 لو تأملت مباني الإسلام من الصلاة والصيام والزكاة والحج لرأيت تعبدًا جميلًا وعبادات يسيرة على القلب مع ما فيها من تقرب إلى الرب، فالصلوات خمس كلها لا تأخذ من وقت الإنسان قدر ساعة من مجموع أربعة وعشرين ساعة.

 الزكاة من مجموع الأموال  لا تأخذ إلا ربع العشر، والصيام مرة في السنة، والحج مرة في العمر مع ما في ذلك من زكاة النفس ونقاوتها: ﵟخُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيۡهِمِۡﵞ ﵝالتَّوۡبَة : ﵓﵐﵑﵜ صدقة تؤخذ وتدفع وأنت تطهر وتنقى، ويعطيك الله سبحانه وتعالى خلفا، الحج كم فيه من الألفة والترابط والقوة والاجتماع لا تجد هذه الشرائع عند أي فكر أو أي ديانة غير ديانة الإسلام.

رابعًا تأملات في جميل أخلاق الإسلام.

 إذا تأملت أخلاق الإسلام هي أخلاقٌ قلبية وأخلاق قولية وأخلاق فعلية، فالقلب ليس فيه كبر ولا غرور ولا عجب ولا أنانية، القلب فيه سكينة وخضوع وحلم ورفقٌ و محبة للغير فقد قعد النبي صلى الله عليه وسلم القواعد الأخلاقية وفصلها تفصيلًا فصلها :" لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيك ما تحب لنفيه"([5])، «إنَّ فيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ وَالأنَاةُ»([6]) ، ونفى الإسلام عن هذا القلب تلك الأخلاق الذميمة، ورسخ الأخلاق الجميلة في القلب واللسان، «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» ([7]) ، «أتدرون من المفلس؟» قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: «إنّ المفلس من أمّتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا» ([8]) كل ذلك ترسيخًا للأخلاق الجميلة والمعاملات الطيبة.

لذلك إذا نظرت في تعاليم الإسلام في معاملة الإنسان المسلم لغيره تجد نظامًا حكيمًا منتظمًا جميلًا، ففي معاملتك لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوقير والمحبة، وفهم الدين على فهمهم، بمعاملتك لولاة أمرك بالسمع والطاعة، وعدم الخروج عليه ولزوم الجماعة في أحاديث كثيرة تبلغ المئة حديث، لم يعرفها أهل التطرف والانشقاقات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من فارق الجماعة شبرا فمات، فميتة جاهليّة»([9])  ، إذا تأملت معاملة الإسلام للوالدين من التوقير، قال تعالى: ﵟوَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاﵞ ﵝالإِسۡرَاء : ﵓﵒﵜ ، ومن البر والعطف والحنان اليومي الذي لا ينفك عنك ما دام والداك على قيد الحياة، ولا تجد هذا عند أي أمة من الأمم الأخرى الذين لا يعرفون حقوق أمهاتهم إلا في السنة مرة فيقيمون لهم عيدًا في هذه السنة تتويجًا لهم بل إهانة لهم والله ليس بتكريم، وإنما الإسلام هو الذي كرم الأم وكرم الأب.؟

 إذا رأيت تعاملات الإسلام مع الأبناء تجد حق وتقديرًا عجيبًا إن لولدك عليك حقا، «فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» ([10])  «من كان له ثلاث بنات، فصبر عليهنّ وأطعمهنّ وسقاهنّ وكساهنّ من جدته كنّ له حجابا من النّار يوم القيامة»([11])  ، لا تجد هذه التعاليم عند أي تعاليم أخرى غير دين الإسلام، لو تأملت في الإسلام وعلاقته بالأوطان تجد أن الإسلام بنى الأوطان وحمى هذه الأوطان، وثبت الفطرة الإنسانية التي في الإنسان لأن طبيعة الإنسان يحب وطنه، فأكد الإسلام على محبة الأوطان وعلى بنائها، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم أول ما دخل المدينة من أول أعماله ماذا؟ بناء المساجد ثم بناء البيوت من حول المسجد، لاحظ اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم ثم آخى بين الأنصار والمهاجرين، فاهتمامات الإسلام بالبناء وبعد ذلك بعد أن بنى الوطن حماه فكون له جيشًا قويًا راسخا حتى يحمي هذا الوطن.

 إذا تأملتم أعياد الإسلام أعياد جميلة، أعياد مفرحة، ﵟقُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْﵞ ﵝيُونُس : ﵘﵕﵜ كم عيد عندنا ؟ ثلاثة: الجمعة متكررة أسبوعيًا، وعيد الفطر وعيد الأضحى لاحظوا هذه الأعياد كم فيها من قيمة، يقول أنس رضي الله تعالى عنه: « قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ "، قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ - عزَّ وجل - قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا ، يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى» ([12])، من الذي أبدل ؟ الله وعطاء الله خير، لاحظ العيد الذي هو الجمعة اليهود والنصارى ضلت عن هذا اليوم، وهدى الله سبحانه وتعالى أهل الإسلام ليوم الجمعة، وتقام فيه شعيرة من الشعائر العظيمة ويجتمع فيه أهل الإسلام على خطبة وعلى علم وعلى توحيد وعلى عبادة لله سبحانه وتعالى، عيد الفطر بعد الركن الرابع من أركان الإسلام وهو الصيام، ويجتمع الناس فيه على توحيد الله وعلى عبادة الله وعلى التكبير والتهليل وعلى الألفة والمحبة، وعيد الأضحى بعد اجتماع كبير عظيم بعد الحج ويجتمع أهل الإسلام على توحيد الله وعلى عبادته وعلى القرب والمحبة والألفة والاجتماع، لا تجد هذه الأعياد في غير الإسلام بل إن قامت قامت على هوى وقامت على لعب وقامت على شرك بالله سبحانه وتعالى، وقامت على فسق وحرية جنسية فاحشة بغيضة، لا تمت للإنسانية بشيء.

سادسًا: تأملات في علاجات الإسلام النافعة.

 لو تأملنا وعلاجات الإسلام للقضايا والمظاهر السلبية كيف عالج الإسلام الفقر كيف عالج الإسلام التطرف كيف عالج الإسلام الفواحش كيف عالج الإسلام الانهيارات وغير ذلك؟، لا تجد غير  الإسلام عالجها بأنفع علاج، أضرب لكم مثالًا كيف عالج الإسلام الزنا واللواط؟ بطريقتين أصيلتين: الأولى ترسيخ الحق، والثانية: التحذير من الباطل في كل العلاجات الإسلامية تجد الإسلام يقرر ويحذر، لذلك قرر الإسلام العفة وأمر الصبر وحث على الزواج وأمر بغض البصر والابتعاد عن مواطن الفاحشة، وحذر الإسلام في المقابل من النظر إلى المحرم ومن الاختلاط ومن الخلوة، وحذر الإسلام من اقتراب الإنسان من الزنا حتى لا يقع في هذا الزنا وإذا وقع في كانت هناك العقوبات الشديدة، لا يوجد علاجٌ يعالج هذه الفاحشة كالإسلام.

 التطرف الذي هو الآن ظاهرة خطيرة ومنتشرة أرادوا علاجها باللعب، أرادوا علاجها باللهو أرادوا علاجها بالأغاني أرادوا علاجها بالمسرحيات والمسلسلات، لن تعالج إلا بالقرآن والسنة، لن تعالج إلا على طريقة الإسلام، انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم كيف عالج التطرف في زمنه لم يكن فيه تطرف، في عهده صلى الله عليه وسلم وأفضل الخلق يديه بعد الأنبياء الصحابة رضي الله تعالى عنهم وهو يقول: «يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية »([13])، فحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخوارج، وقال صلى الله عليه وسلم: « كلاب أهل النار» ([14])  وذكرهم بصفاته وذكرهم بأسمائهم، وأمر بضد عقيدتهم من السمع والطاعة ولزوم الجماعة، وحذر صلى الله عليه وسلم من عقيدتهم الفاسدة من الخروج والتكفير، وعلى هذا يقوم علاج مثل هذا الفكر فلن يعالج هذا الفكر المتطرف إلا بعقائد إسلامية صافية يحملها رجال صادقون.

 وهكذا لو نظرت في كثير من الظواهر والمظاهر المجتمعية السلبية من الإدمان وغيرها تجد الإسلام يعالجها معالجة استئصال، ولا يعالجها غير القرآن والسنة.

v      الانهزامية في بعض المسلمين؟

 هذا أحبتي هو الإسلام، هذا هو الإسلام من زهد فيه خسر ومن تركه هلك ومن جهله تخبط، يقول الله سبحانه وتعالى: ﵟوَمَن يَرۡغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبۡرَٰهِـۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفۡسَهُۥﵞ ﵝالبَقَرَةِ : ﵐﵓﵑﵜ، وملة إبراهيم الإسلام: ﵟثُمَّ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ أَنِ ٱتَّبِعۡ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٢٣ﵞ ﵝالنَّحۡل : ﵓﵒﵑﵜ فالإسلام  من تركه ترك خيرًا عظيمًا، من ابتعد عنه تخبط تخبطًا كثيرًا كبيرًا، لذلك الله سبحانه وتعالى رحمنا به لكن للأسف ضاعت عند البعض هويته الإسلامية، ودخلته الانهزامية فظهرت عليه بعض العلامات الانحطاطية، كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران، إذا نظرتم أحبتي إلى علامات الانهزامية والضعف وذهاب الهوية تجد تغيرات في اللسان، اللسان أحبتي ليس لسانًا عربيًا وليس لسانًا إماراتيًا بحسب كل بلدة، وإنما هو لسان غربي وليس معنى هذا أن يحذر من اللغة الانجليزية لا، لكن ليست هي اللغة التي تعتز بها وليست هي اللغة التي أتخاطب بها مع أهلي ومع مجتمعي ومتى سأفهم القرآن وأفهم السنة إذا أنا ما عرفت العربية فيعتز الإنسان بلغته لذلك عمر بن الخطاب كان يقول: « تعلموا العربية فإنها تثبت العقل وتزيد من المروءة» ([15])  أي تزيد من الرجولة لذلك بعض الناس اضمحلت رجولته وذهب عقله لذهاب لسانه، فاللغة العربية عنده ليست من أولوياته.

ومن علامات الانهزامية تغيرات في الملبس الله سبحانه وتعالى أكرمك بثياب جميلة، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على اللبس الساتر الجميل: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ البَيَاضَ»([16])  ، ويأتي من يأتي بثياب عارية ممزقة مقطعة ويظنها حضارة لا والله ليست بحضارة، الحضارة ليست ثيابًا مقطعة والحضارة ليست ثيابًا عارية.

من مظاهر ذلك: الانحلال الفكري تجد الأفكار أفكار دانية أفكار تافهة أفكار شهوانية بعيدة عن الأفكار الراقية والعالية الإسلامية، الانكباب على الدنيا التساهل في المحرمات وضع الدين في ركن على زاوية لا تحتاجه في كل حياتك على زعمهم ، الإباحية والجنسية الأنانية واللامبالاة، والخروج عن موازين العقل الصحيح والتمرد عن الدين والأخلاق والتنكر للعادات والتقاليد والذوق الاجتماعي، فأصاب بعض الناس مرض يسمى الخنفسة سمعتوا بهذا المرض؟، القاضي أحمد بن عبد العزيز آل مبارك مستشار الشيخ زايد رحمة الله عليه كانت عنده خطبة جميلة يقول: الخنفسة وخطرها، الخنفسة هي خروج الإنسان من عاداته وتقاليده خروج الإنسان من مبادئ دينه وقيمه وأخلاقه إلى مبادئ دانية وأخلاق رذيلة وأفكار سقيمة، هذه هي الخنفسة، فهي خطر وليست الحضارة ممنوعة بل التقدم مطلوب لكن هل التقدم معناه ترك الدين أن يرمي الإنسان الإسلام خلف ظهره لا، لذلك يقول الشيخ زايد رحمة الله عليه كلمة جميلة يقول: "إننا في كل خطواتنا لن نحيد عن تراثنا الإسلامي، ولن تغيرنا مظاهر الحضارة عن التمسك بقيمنا وأخلاقنا السمحة، ولن تبعدنا عن جذور الأرض التي نشأنا فيها ومنها، وفي كل انطلاقاتنا وتقدماتنا نعتمد على الدين والعلم"، رحمة الله على الشيخ زايد، نسأل الله أن يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته. 

v      خاتمة نور الله لن يطفأ.

مهما سعى من سعى لإطفاء نور الإسلام فلن ينطفئ، ومهما سعى من سعى لتشويه جمال الإسلام فلن يشوه، لكن علينا نحن أن نعتز بهذا الإسلام علينا أن نسعى في معرفة هذه الأصناف التي تريد تشويه الدين، ونأخذ بيدها كم من الناس الذين يريدون تشويه الدين الإسلامي إما جهلًا أو سفهًا أو مغترًا بالأفكار الغربية أو بالأفكار الحزبية، وقد تتغير صورة الإسلام بسبب الأفراد، فواجب علينا أن نكون نحن في خضم هذه التغيرات نرفع راية جميلة من راية إسلامية، نمثل الإسلام بأمثال ونماذج طيبة جميلة، نريد رجالًا يمثلون الإسلام تمثيلًا طيبًا صحيحًا في خضم هذه الفتن الذي عبث فيها بالإسلام من إرهاب وتطرف وأفكار هذا يأخذ بالإسلام إلا الغلو، وهذا يأخذ بالإسلام إلى الدنو وكل يريد أن يلعب بهذا الإسلام ونور الله سبحانه وتعالى لا ينطفئ، يقول أبو العالية رضي الله تعالى عنه «تعلّموا الإسلام فإذا تعلّمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصّراط المستقيم، فإنّه الإسلام، ولا تحرّفوا يمينا ولا شمالا، وعليكم بسنّة نبيّكم وما كان عليه أصحابه من قبل أن يقتلوا صاحبهم ومن قبل أن يفعلوا الّذي فعلوا، قد قرأنا القرآن من قبل أن يقتلوا صاحبهم ومن قبل أن يفعلوا الّذي فعلوا، وإيّاكم وهذه الأهواء الّتي تلقي بين النّاس العداوة والبغضاء»([17]) ، علينا أن نكون رجالًا لحمل راية الإسلام السمحة وقد كان عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه مع أبي ذر فقال: وكانت عير محملة مقبلة عليه فقال عثمان لأبي ذر: ما تحب أن يكون في هذه العير ما يحب يقول عثمان لأبي ذر عير محملة كل واحد في باله الآن يقول ذهب أموال طعام أكل قال أبو ذر رضي الله تعالى عنه: محملة رجالًا كعمر، يحب أن تكون هذه العير فيها رجال كعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه؛ لماذا لأن أمثال عمر رضي الله تعالى عنه يعز به الإسلام لما قال النبي صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ» ([18])، وسمي الفاروق فاعتز الإسلام وارتفع وصدع به بين المشركين، فنحتاج رجال نحتاج علم نحتاج صبر ودائما نتذكر أثر عمر ابن الخطاب: "نحن أمة أعزنا الله بالإسلام" كن عزيزًا بإسلامك لا تتنازل عن هويتك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتنا وإياكم على الإسلام الحق، وأن يجعلنا من المتمسكين بسنة النبي صلى الله عليه وسلم الحاملين لها الثابتين عليها المجملين لرايتها، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظنا ويحفظ أوطاننا ويحفظ قادتنا وولاة أمرنا، وصلى الله على نبينا محمد.


 

([1]) الحاكم في المستدرك (1/62) وصححه ووافقه الذهبي.

([2])  الفرائد من أقوال القائد(2/141).

([3])  ينظر أضواء البيان ().

([4]) ينظر: التبويكية().

([6]) رواه مسلم (18).

([7]) رواه البخاري (6484)، ومسلم (64).

([8]) رواه مسلم (2581).

([9]) رواه مسلم (1849).

([10]) رواه البخاري (2587)، ومسلم (1623).

([11]) رواه ابن ماجه (3669).

([12]) رواه أبو داود (1134)، والنسائي (1556).

([13]) رواه البخاري (5058).

([14]) رواه ابن ماجه (176).

([15]) البيهقي في شعب الإيمان (1556).

([16]) رواه أبو داود (3878)، والترمذي (994).

([17]) الاعتصام للشاطبي (1/ 85).

([18]) رواه ابن ماجه (105).