من فقه الطلاق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أما بعد؛
فنحمد الله عز وجل على نعمة الإسلام، وعلى نعمة الصحة والأمان، وكتابة اليوم بعنوان "من فقه الطلاق"، وقد أشرنا وتكلمنا في كتابة سابقة عن فقه الزواج، ولا شك أنَّ من أهم المهمات وآكد الواجبات أن يعرف العبد حكم رب العالمين، أن يتفقه فيما نزل من مسائل الشرع والدين حتى يعبد الله عز وجل على بصيرة، ويكون على نهج الأنبياء والمرسلين، الناس في حاجة ماسة إلى من يعينهم على ذلك من العلماء وطلبة العلم حتى يسهل على الناس السبيل إلى معرفة حكم الشرع في مسائل الدين، وإن فقه الطلاق من أهم الأبواب الشرعية التي أولاها أهل العلم عناية خاصة لما يترتب على مسائل الطلاق من خطورة كبيرة في الأحكام المختلفة، وقد اهتم العلماء قديما وحديثا ببيان مسائل فقه الطلاق، و اخترنا الكلام في فقه الطلاق لعدة أسباب:
أولا: لحاجة الناس عامة وحاجة طلاب العلم خاصة إلى معرفة أحكام الطلاق، وهكذا أيضا ما ينتشر في مجتمع المسلمين من كثرة الحلف بالطلاق وقلة معرفة كثير من المسلمين بأحكام الطلاق لذلك نتكلم من خلال هذه الكتابة عن بعض مسائل الطلاق حتى تتحقق الفائدة العلمية المرجوة ، وسنتطرق بإذن الله عز وجل إلى تعريف الطلاق، وما هي الحكمة من مشروعيته، وما هي وسائل إثبات القصد في الطلاق ونتكلم أيضا عن الطلاق قبل النكاح، والطلاق بعد النكاح الباطل، طلاق الصبي، طلاق المجنون، طلاق السفيه، طلاق النائم، طلاق السكران، طلاق الغضبان، طلاق المكره، طلاق الأعجمي، الحلف بالطلاق، الطلاق بالإشارة، الطلاق بالكتابة، طلاق الهازل، الطلاق الثلاث في المجلس الواحد، نشير إلى ألفاظ الطلاق، علاقة النية بالطلاق علاقة العرف أيضا بالطلاق، ونشير إلى حديث ضعيف مشهور بين الناس في مسألة الطلاق، ثم نختم الكتابة بذكر أحكام الرجعة من أراد أن يراجع امرأته بعد طلاقها.
أما تعريف الطلاق: هو حل العصمة المنعقدة بين الزوجين بيد الرجل، هذا هو تعريف الطلاق، أما الحكمة من مشروعيته: فالطلاق في شريعة الإسلام من محاسن شريعة الإسلام، ومن دلائل واقعيتها، وهو دليل على عدم إغفال الشريعة مصالح الناس في مختلف ظروفهم وأحوالهم، الشريعة الإسلامية مع حثها على الزواج والترغيب فيه، حرصها على بقاء الرابطة الزوجية إلا أنها لم تغفل عن واقع النفوس وعن طبيعة هذه النفوس وما يعتريها من تغير يؤدي إلى المنافرة والخلاف، ولا يسلم من ذلك الزوجان، قد يستعصي حل الخلاف وإزالة النفرة فيما بين الزوجين، فتكون المصلحة في حقهما في هذه الحالة هو وقوع الفرقة والطلاق؛ لهذا شرع الطلاق في الأصل لمكان المصلحة لأن الزوجين قد تختلف أخلاقهما، وعند اختلاف الأخلاق لا يبقى للنكاح مصلحة، فتغلب المصلحة إلى الطلاق وليصل كل واحد منهما إلى زوج يوافقه ليستوفي مصالح النكاح منه، وربما فسدت الحال بين الزوجين فيصير النكاح مفسدة محضة وضررا مجردا بإلزام الزوج النفقة والسكنى من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه، فالطلاق من محاسن هذه الشريعة لحاجة لمصلحة، وأما وسائل إثبات القصد في الطلاق فالقصد هو ضد الإنكار، القصد إخبار عن ثبوت حق الغير على نفسه، والإقرار سيد الأدلة كما هو معلوم، فإذا أقر الرجل بقصده ونيته في الطلاق وقع الطلاق، فمن وسائل إثبات القصد الإقرار بالقصد، وكذلك القرائن الدالة على القصد، والقرائن ما يوضح من المراد تؤخذ من لاحق كلام المتكلم الدال على خصوص المقصود، فالقرائن تدل على قصد المطلق، وكذلك أيضا العرف له أثر في القصد في الطلاق العرف في اصطلاح العلماء هو ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول وتلقته الطبائع بالقبول، فالناس إذا تعارفوا على لفظ على أنه من الألفاظ التي يقع بها الطلاق فإذا تلفظ به أحدهم فإنه في الغالب يقصد الطلاق، فالعرف له أثر عظيم في القصد في الطلاق؛ لذلك ذم العلماء الوسواس في الطلاق، الوسوسة من البلاء الذي يؤدي إلى النقصان في العبادة أو زيادة في العبادة، يجعل العبد في حيرة من أفعاله وأقواله، الشيطان يوقع العبد في هذه الأمور الوسوسة ليفسد عليه عبادته، أو يفرق بينه زوجته، والتفريق بين الزوجين أمر يفرح شيطان كما هو معلوم.
هنا نبدأ بذكر المسائل بعد هذه المقدمة المختصرة مسائل في الطلاق من فقه الطلاق.
المسألة الأولى: الطلاق قبل النكاح، فمن طلق امرأة قبل نكاحها فإنها أجنبية، لا يقع عليها الطلاق بالإجماع؛ لذلك نقل الإجماع ابن دقيق العيد قال([1]) : «أجمع العلماء على أن الطلاق لا يقع على الأجنبية»، وهكذا البغوي رحمه الله في كتابه شرح السنة([2]) قال: « اتفق أهل العلم على أنه لو نجز طلاق امرأة قبل النكاح أنه لغو»، هذه مسألة مهمة، هذا الطلاق قبل النكاح.
وأيضا من مسائل الطلاق: الطلاق بعد النكاح فيه ثلاث مسائل: أي بعد عقد الزواج فيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: الطلاق بعد النكاح الصحيح والفراق فيه يكون بالطلاق؛ لأنه نكاح صحيح هذه مسألة واضحة زواج صحيح وقع بعده طلاق صحيح، فالفراق فيه يكون بالطلاق؛ لأنه نكاح صحيح.
المسألة الثانية في الطلاق بعد النكاح: الطلاق بعد النكاح الباطل، النكاح الباطل لا يؤثر فيه الطلاق يكون الفراق فيه فسخا لا طلاقا؛ لأنه لم يثبت أصلا هذا النكاح، فَقَدَ شرطا أو أكثر من شروط صحة النكاح، لذلك لا يترتب عليه شيء من أحكام النكاح الصحيح من أمثلة النكاح الباطل: نكاح المتعة، نكاح خامسة زوجة خامسة باطل، نكاح المحرمات خالة أو العمة أو غير ذلك محرمات بالنسب أو بالرضاعة، هذا نكاح باطل لا يؤثر فيه الطلاق يكون الفراق فيه فسخا لا طلاقا، أيضا نكاح الرجل من امرأة طلقها ثلاثا قبل أن تنكح زوجا غيره هذا نكاح باطل، هكذا أيضا زواج المسلم بغير الكتابية وزواج المسلمة بالكافر هذا نكاح باطل حكمه واضح.
مسألة أخرى: طلاق الصبي: الصبي الذي لا يميز، والصبي المميز يفهم ويقدر الأمور، طلاق الصبي الذي لا يعقل لا خلاف بين العلماء أنه لا طلاق له، لا يقع طلاق الصبي الذي لا يميز، قال ابن قدامة في المغني([3]) : «أما الصبي الذي لا يعقل فلا خلاف في أنه لا طلاق له» الحالة الثانية: الصبي الذي يعقل يعلم أن زوجته تبين منه وتحرم عليه هنا أيضا اختلف العلماء على قولين: فجمهور العلماء على أن الطلاق لا يقع من الصبي المميز الذي يعلم ويعقل، هذا القول الراجح قول الجمهور العلماء أن طلاق الصبي لا يقع، واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها من قول النبي صلى الله عليه وسلم: « رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّغير حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ َ»([4]) قال: «وعن الصَّغِيرِ حتّى يَكبر» تكليف مرفوع عن الصبي، ويفيد ذلك عدم وقوع الطلاق منه إلى أن يحتلم، والصبي أيضا قالوا لأنه غير مكلف فلا يقع طلاقه كالمجنون، وهكذا ذكروا أدلة أخرى، وهذا القول الراجح أن الصبي لا يقع طلاقه وهو قول جمهور العلماء.
مسألة أخرى: طلاق المجنون والسفيه والمعتوه، فالجنون اختلال العقل بحيث يمنع جريان الأفعال والأقوال على نهج عقل إلا نادرا، ومن شروط وقوع الطلاق أن يكون المطلق عاقلا، لذلك العلماء قالوا المجنون لا يقع طلاقه بالإجماع، قال ابن قدامة في المغني([5]) : «أجمع أهل العلم على أن زائل العقل بغير سكر أو ما في معناه لا يقع طلاقه»، وهكذا ابن رشد أيضا في بداية المجتهد نقل الاتفاق قال: «واتفقوا على أن المطلق الزوجة العاقل البالغ غير المكره» ([6]) اتفقوا على أن المطلق يعني هو الزوج العاقل البالغ عاقلا ليس مجنونا، ولا يقع طلاق المجنون كذلك للحديث السابق حديث عائشة: « رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَفيقَ» .
طلاق السفيه: السفه خفة تبعث الإنسان على العمل في ماله بخلاف مقتضى العقل، يتصرف في ماله بخلاف مقتضى العقل هذا سفيه، والعلماء ذكروا أن السفيه يحجر على ماله، يحجر على السفيه في ماله والله عز وجل يقول: ﵟوَلَا تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمٗاﵞ ﵝالنِّسَاء : ﵕﵜ ، إذًا يحجر على السفيه في ماله، والسفيه الذي يسيء التصرف في ماله يمنع من ذلك، لا تعتبر معاملاته من بيع وشراء وقرض وغير ذلك، كذلك إذا طلق امرأته، فالسفه عند بعض أهل العلم قالوا لكن أكثر أهل العلم بل منهم من ذكر الإجماع على أن السفيه إن قصد الطلاق يقع طلاقه، هذا الراجح أن السفه يعني سوء التصرف في المال لا يمنع الطلاق، ومن أهل العلم ما ذكر الإجماع على ذلك لكن لا يصح الإجماع لوجود بعض الخلاف، لذلك قال ابن قدامة المقدسي في الشرح الكبير على المقنع([7]): «قد يقع طلاقه في قول أكثر أهل العلم منهم الأئمة الأربعة»، وابن المنذر قال: «وأجمعوا على أن طلاق السفيه لازم له، وانفرد عطاء بن أبي رباح، فقال: لا يجوز نكاحه، ولا طلاقه»([8]) ، إذًا السفيه إن قصد الطلاق يقع طلاقه هذا القول الراجح، وهو قول جمهور أهل العلم.
طلاق المعتوه: المعتوه ناقص العقل من كان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير هذا يسمى معتوها، قال الشافعي رحمه الله في كتابه الأم([9]) : «ومن غلب على عقله بفطرة خلقة أو حادث علة لم يكن سببا لاجتلابها على نفسه بمعصية لم يلزمه الطلاق ولا الصلاة ولا الحدود، وذلك مثل المعتوه والمجنون ... فإذا ثاب إليه عقله فطلق في حاله تلك أو أتى حدا أقيم عليه ولزمته الفرائض»، إذًا أشار إلى أن المعتوه مثل المجنون لا يقع طلاقه، وهكذا قال ابن قدامة في المغني([10]) : «أجمع أهل العلم على أن زائل العقل بغير سكر أو ما في معناه لا يقع طلاقه» بمعنى زائل العقل هذا المعتوه قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير هذا المعتوه لا يقع طلاقه.
أيضا مسألة أخرى: طلاق المريض نفسيا من به مرض نفسي، حكم طلاق المريض مرضا نفسيا، فإن كان هذا المرض لا يقصد الألفاظ التي لا يتلفظ بها فحكمه حكم المجنون لا يقع طلاقه بالإجماع، لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ومن سحر فبلغ به السحر أن لا يعلم فلا طلاق له » ([11]) إذًا طلاق المريض نفسيا يزول بحلول هذا المرض النفسي اعتدال الطبائع تفسد طبائعه كالمجنون يصير كالمجنون، فحكمه حكم المجنون لا يقع طلاقه.
أيضا من مسائل الطلاق: طلاق النائم المغمى عليه، النائم قد يتكلم بكلام يضره أو ينفعه لكنه يتلفظ ولا يقصد، وسبق أن ذكرنا أن القصد والنية معتبرة، فإذا تلفظ النائم بالطلاق لم يقع طلاقه؛ لأنه لم يقصد التلفظ لم يقصد الطلاق، وقد ذكر ابن قدامة في المغني الإجماع على أن طلاق النائم لا يقع قال: «وأجمعوا على أن الرجل إذا طلق في حال نومه فلا طلاق له» ([12]) ، ومن الأدلة على عدم وقوع الطلاق ما مر معنا سابقا من حديث عائشة: « رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ»، فهو مرفوع عنه القلم كالصبي والمجنون.
مسألة أخرى: طلاق المغمى عليه، الإغماء فتور غير أصلي لا بمخدر يزيل عمل القوى مغمى عليه، العلماء قالوا من أغمي عليه وتكلم بالطلاق من غير قصد فإن طلاقه غير نافذ لماذا لأنه تكلم بدون قصد، لم يقصد اللفظ ولم يقصد الطلاق، وقال العلماء يلحق بالمجنون أو يلحق بالنائم، وقد نقل بعض أهل العلم الإجماع على عدم وقوع الطلاق من المغمى عليه، أشار إلى ذلك ابن قدامة([13]) .
مسألة أخرى من مسائل الطلاق: طلاق السكران، السكران الذي اختلط كلامه المنظوم انكشف سره المكتوم، والسكران ثلاث حالات: الحالة الأولى: هزة ونشاط يأخذه إذا دبت الخمرة فيه لم يستول عليه الخمر بعد، لا يزول عقله في هذا الحال يقع طلاقه بلا خلاف لبقاء عقله، إذا هو سكران لكنه لا يزول عقله فيه نشاط لم يستول عليه الخمر لم يسكر، فقط سكر خفيف يعي ما يقول ينفذ طلاقه وتصرفاته، الحال الثانية: نهاية السكر هو قال العلماء أن يصير طافحا يسقط كالمغشي عليه، لا يتكلم لا يكاد يتحرك قالوا لا ينفذ طلاقه ولا غيره؛ لأنه لا عقل له إذا هنا فيه ثلاث حالات: حالة يسكر لكنه فيه نشاط وفيه العقل ويعي تصرفاته هذا يقع طلاقه، الحالة الثانية: نهاية السكر من شدة السكر يسقط كالمغشي عليه لا يتكلم لا يكاد يتحرك فقد عقله لا عقل له هذا لا يقع طلاقه، الحالة الثالثة: حالة متوسطة للسكران تختلط أحواله لا تنتظم أقواله وأفعاله يبقى تمييز وفهم وكلام، قال ابن قدامة في المغني([14]) : «وحد السكر الذي يقع الخلاف في صاحبه، هو الذي يجعله يخلط في كلامه، ولا يعرف رداءه من رداء غيره، ونعله من نعل غيره ونحو ذلك»، هذا الذي لا يقع طلاقه، إذًا هذا تفصيل جيد عند أهل العلم والحالة ثالثة التي اختلف فيها العلماء الحال المتوسطة تختلط أحواله لا تنتظم أقواله وأفعاله لكن عنده تمييز عنده فهم يتكلم بفهم لم يزل عقله فقط بعد، سكر شديد لكن عنده عقل يفهم، هذه اختلف العلماء فمنهم من قال يقع طلاقه، وهم أكثر العلماء، ومنهم قال لا يقع طلاقه، لكن الراجح أن طلاقه يقع ما دام أنه عاقل ويفهم ويعي ما يقول، فالقول بعدم وقوع الطلاق هو الراجح لماذا لأن اليقين بقاء النكاح لا يزول هذا اليقين إلا بيقين دليل صريح، وهذا القول رجحه ابن تيمية([15]) وهكذا ابن القيم([16]) ، وهذا الذي أيضا رجحه الشوكاني([17]) ، ورجحه أيضا الشيخ عبد الرحمن بن سعدي([18]) ، والذي أيضا رجحه الشيخ ابن باز([19]) وغيره من أهل العلم، إذًا السكران ما دام أنه يعي ويفهم لم يفقد عقله كاملا يقع طلاقه والله أعلم.
نأتي لمسألة أخرى: طلاق الغضبان، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى الصحابي قال له: «لَا تَغْضَب»([20]) ، لما في الغضب من آثار على صاحبه، والغضب هو تغير يحصل عند الإنسان عند غليان دم القلب، وطلاق الغضبان قسمه أهل العلم ثلاث أقسام: قالوا أن يحصل للإنسان أوائل الغضب بحيث لا يتغير عليه عقله ولا ذهنه يعلم ما يقوله ويقصده فهذا لا إشكال في وقوع طلاقه وعتقه وصحة عقوده، هذه الحالة الأولى فيه غضب لكن لا يتغير عقله يعلم ما يقول وما يقصد في أول الغضب فلا خلاف في وقوع طلاقه، الحال الثانية: يبلغ به الغضب نهايته ينغلق عليه باب العلم والإرادة، لا يعلم ما يقول ولا يريد، فهذا لا يتوجه خلاف في عدم وقوع طلاقه، لا يقع طلاق هذا الذي لا يعلم ما يقول، ولا يريد الطلاق، لذلك قال ابن القيم رحمه الله: «والغضب غول العقل- يعني سكر العقل- فإذا اغتال الغضب عقله حتى لم يعلم ما يقول فلا ريب انه لا ينفذ شيء من أقواله في هذه الحالة»([21])، هتان حالتان غضبان في أول الغضب لم يتغير عقله، يعلم ما يقول ويقصد لا خلاف في وقوع طلاقه، الثاني يبلغ به الغضب نهايته ينغلق عليه باب العلم لا يعلم ما يقول، فهذا لا يقع طلاقه بالاتفاق، الحالة الثالثة من توسط في الغضب بين المرتبتين، تعدى مبادئه ولم ينتهي إلى آخره، بحيث صار كالمجنون، فهذا موضع الخلاف، وقول جمهور من الحنفية والمالك والشافعية والحنابلة في قول أن طلاق الغضبان في هذه الحالة المتوسطة يقع ما لم يغمى عليه ما لم يزل عقله، ما دام عاقلا يقع ولو كان شديد الغضب، هذا القول الراجح في هذه المسألة ما دام عاقلا، إذًا هو وجود العقل أو عدم وجود العقل هو الضابط عند هؤلاء العلماء، وهذه المسألة العلماء اختلفوا فيها كثيرا، وأن نرجح قول جمهور العلماء القائلين بوقوع طلاق الغضبان الذي يتصور ما يقول الحالة ثالثة يعلم ما يقول هو عاقل لكن عنده غضب شديد، هذا القول رجحه كثير من العلماء المعاصرين، وأيضا من السابقين.
نأتي لمسألة أيضا: طلاق المكره، الإكراه أن يحمل المرء غيره على المباشرة حملا ينتفي به رضاه، يجبر على هذا الفعل من غير رضاه من قلبه لا يرضى، فما هو حكم طلاق المكره؟ قالوا شروط الإكراه: قدرة المكره على تحقيق ما هدد به، عجز المكره عن دفعه بهرب أو استغاثة أو مقاومة، ظنه هذا أنه إن امتنع مما أكره عليه أوقع به المتوعد أوقع به أكيد أو غلبة ظن، فحكم طلاق المكره بغير حق اختلف العلماء على قولين، وجمهور العلماء على أنه لا يقع طلاق المكره إذا استوفى شروطه لا يقع طلاقه، إذا استوفى شروط الإكراه التي أشرنا إليها، أكثر العلماء قالوا لا يقع طلاق المكره،
قالوا من الأدلة قول الله عز وجل: ﵟمَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِﵞ ﵝالنَّحۡل : ﵖﵐﵑﵜ ، قالوا: الله عز وجل جعل الكفر لا يصح مع الإكراه مع كونه أعظم الذنوب، فكذلك الطلاق لا يصح لا يقع مع الإكراه، هكذا استدلوا بحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»([22]) ، قالوا: الحديث اقتضى أن يكون طلاق المكره مرفوعا.
مسألة أخرى تتعلق أيضا بألفاظ الطلاق: علاقة النية بلفظ الطلاق، النية معتبرة في ألفاظ الطلاق في الغالب، ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله: «والألفاظ لا تراد لعينها بل للدلالة على مقاصد لافظيها، فإذا تكلم بلفظ دال على معنى وقصد به ذلك المعنى ترتب عليه حكمه، ولهذا يقع الطلاق من الأعجمي والتركي والهندي بألسنتهم، بل لو طلق أحدهم بصريح الطلاق بالعربية ولم يفهم معناه لم يقع به شيء قطعا فإنه تكلم بما لا يفهم معناه ولا قصده» ([23]، إذًا النية معتبرة في ألفاظ الطلاق في الغالب، أيضا العرف له علاقة مباشرة بلفظ الطلاق، فالله عز وجل ذكر الطلاق ولم يعين له لفظا، فعلم أنه رد الناس إلى ما سيتعارفونه طلاقا، فأي لفظ جرى في عرف الناس وقع به الطلاق مع النية، هنا سؤال هل ألفاظ الطلاق محصورة، قال ابن تيمية رحمه الله أنها غير محصورة، قال: «الطلاق لم يجعل الشارع له لفظا معينا؛ بل إذا وقع الطلاق بأي لفظ يحتمله وقع عند الصحابة والسلف وعامة العلماء لم ينازع في ذلك إلا بعض المتأخرين» ([24]) ،
وهكذا قال السعدي رحمه الله في الفتاوى السعدية([25]) : «وأما الصحيح وهو قياس المذهب واختيار الشيخ وغيره من المحققين بأنه لا ينحصر لا يتعين بلفظ مخصوص، بل كل لفظ أفاد معنى الطلاق فانه يصلح أن يكون من ألفاظ الطلاق كما في ألفاظ المعاملات»، إذا ألفاظ الطلاق غير محصورة، العرف ما تعارف عليه الناس من الألفاظ يقع بها الطلاق مع النية، وهناك ألفاظ كثيرة ذكرها العلماء من ألفاظ الطلاق في أعراف الناس.
حكم الطلاق باللفظ الصريح أنه يقع ولو لم يقصد الطلاق، قال لزوجته أنت طالق وقع الطلاق ولو لم يقصد طلاقا، وذكر ذلك العلماء، بل منهم ما نقل الإجماع، أشار إلى هذا ابن قدامة في المغني([26]) ، وقال في الذخيرة([27]) : «أجمعوا على أن صريح الطلاق لا يفتقر إلى نية» ، وقال ابن قدامة: «صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية بل يقع من غير قصد ولا خلاف في ذلك» ([28]، هناك أيضا ألفاظ الكناية في الطلاق تكلم العلماء وأشاروا إليها.
مسألة أخرى هنا: الحلف بالطلاق، لا يجوز الحلف إلا بالله عز وجل قال صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ »([29]) ، والعلماء قالوا يؤدب من حلف بالطلاق إذا كان بالغا عالما، ولا ينبغي تعاطي هذه الأمور، فالأصل أنه لا يجوز الحلف بالطلاق، لكن لو حلف بالطلاق الحلف بالطلاق تعليق الطلاق على شرط يقصد به الحث على الفعل أو المنع منه أو تصديق خبره، سمي تعليق الطلاق على شرط حلفا سمي تجوزا لمشاركته الحلف في المعنى المشهور، معنى مشهور من الحلف الحث المنع تأكيد الخبر، والحلف بالطلاق إذا لم يحنث في حلفه إذا لم يحنث في يمينه لا يقع الطلاق بلا ريب، قال لزوجته: علي الطلاق إن خرجت من البيت، علي الطلاق أن لا تخرجي من بيتك ولم تخرج لم يحنث في يمينه لا يقع الطلاق بلا ريب، لكن إذا حلف بالطلاق مع الحنث باليمين، هي الآن خرج من البيت قال: علي الطلاق أن لا تخرجي، خرجت هو الآن حنث عن يمين هنا العلماء اختلفوا على قولين: منهم من قال يقع الطلاق إذا حنث في يمينه سوى إن قصد الإيقاع أو الحث أو المنع أو التهديد، هذا قال به الحنفية والمالكية والحنابلة، القول الثاني: أن الحلف بالطلاق فيه كفارة يمين، إذا حلف باليمين خرجت هذه المرأة قال: علي الطلاق أن لا تخرجي وخرجت، حنث في يمينه، فمن أهل العلم قالوا يقع طلاقه، والقول الثاني أنه لا يقع الطلاق، قالوا عليه كفارة يمين إذا قصد الحث أو المنع، أما إذا قصد الطلاق فإنه يقع طلاق، هذا تفصيل جيد، وأحيانا يقول الرجل بدون نية الطلاق: علي الطلاق أن لا تخرجي من البيت، فخرجت هل كان ينوي طلاقها فإذا كان ينوي طلاقها يقع الطلاق الآن عند أصحاب القولين، وإذا كان ينوي التهديد فقط المنع الحث على عدم الخروج من البيت القول الثاني قالوا لا يقع الطلاق وعليه كفارة يمين، وهذا قول قوي، قول للشافعية وقول ابن تيمية([30]) وابن القيم أيضا رجّح هذا القول، قال ابن ابن القيم: «وعلى هذا فيظهر أن يقال: إن نوى بذلك التزام التطليق لم تطلق، وإن نوى وقوع الطلاق طلقت» ([31]) ، هذا تفصيل جيد وقول قوي في هذه المسألة ،والراجح هو القول الثاني، إذًا هذا تفصيل جيد، حكم الحلف بالطلاق لا يجوز إذا حلف بالطلاق ولم يحنث في يمينه لا يقع طلاق بلا ريب، إذا حلف بالطلاق وحنث في يمينه، المرأة خرجت من البيت قولان: قول يقع الطلاق وقول لا يقع الطلاق وعليه كفارة يمين، وهذا الذي رجحناه؛ لأنه لم يقصد طلاق المرأة قصد تهديدها، أراد الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، لا يقع عليه كفارة يمين لماذا؛ لأنه اعتبرنا القصد والنية ولم يرد الطلاق، وهذا القول فيه رفع للحرج عن الناس، ورجحه ابن باز رحمه الله وغيره من العلماء المعاصرين، قال ابن باز رحمه الله: «وقد ذهب جمع من أهل العلم على أنه لا يقع؛ لأن حكمه حكم اليمين، إذا كان مقصوده حثًّا أو منعًا، أو تصديقًا أو تكذيبًا، وليس قصده طلاق امرأته، وهذا هو الغالب على الناس، في مثل هذا، يقصد حث نفسه على شيء أو منعها من شيء، أو التصديق أو التكذيب، فإذا قال: علي الطلاق أنه ما يعمل بالشركة الفلانية، ومقصوده منع نفسه من العمل، ليس قصده فراق أهله، وإنما مقصوده أن يمنع نفسه من العمل بالشركة، هذا على الصحيح أنه لا يقع الطلاق»([32]) .
هنا أيضا مسألة حتى لا نطيل عليكم: طلاق الأعجمي غير العربي، إذا تلفظ بالطلاق باللغة العربية ويقصده ويعرف معناه يقع الطلاق، إذا تلفظ بالطلاق باللفظ باللغة العربية ولم يقصده فإنه لا يقع، إذا تلفظ بالطلاق بلغته ويقصده فهذا يقع الطلاق، ابن المنذر في كتابه الإجماع([33]) قال: «وأجمعوا على أن العجمي إذا طلق بلسانه، وأراد الطلاق، أن الطلاق لازم له»، الحالة الرابعة: يتلفظ بالطلاق بلغته ولا يقصده، فإذا كان اللفظ صريحا في لغته فيقع الطلاق، وإذا كان لفظ كناية في لغته يحتمل طلاقا وغيره يرجع إلى قصده، فإذا لم يقصد الطلاق لم يقع، وإذا قصد الطلاق وقع، الحالة الخامسة للأعجمي: إذا تلفظ العربي بالطلاق بلغة الأعاجم، باللغة الانجليزية أو بغيرها، فإذا كان يعرف معناه يقع الطلاق، وإذا كان لا يعرف معناه لا يقع الطلاق، هذا باختصار حتى لا نطيل عليكم.
الطلاق بالإشارة للأخرس أو لغيره جمهور العلماء على أن الطلاق بالإشارة لا يقع، الطلاق بالإشارة لغير الأخرس لا يقع عند جمهور العلماء؛ لأنه يستطيع الكلام يستطيع التلفظ قادر على النطق والكلام فلا يصح طلاقه بالإشارة، قالوا الإشارة من الأخرس إذا كان يكتب أو يومئ إيماء يعرف جاز نكاحه وطلاقه وبيعه وشرائه، هذا بالنسبة للأخرس إذا أشار الأخرس إشارة مفهمة فإن طلاقه واقع، قال في كشاف القناع([34]) : «يقع الطلاق بإشارة مفهومة من أخرس فقط؛ لأنه يفهم منها الطلاق أشبهت الكتابة فلو لم يفهمها أي الإشارة إلا البعض فكناية بالنسبة إليه»، والله أعلم.
الطلاق بالكتابة: أن يقترن بكتابته لفظ الطلاق فإن الطلاق واقع، أن يقترن بالكتابة نية يقع الطلاق، فالنية والمقصد لها دور، أن تتجرد الكتابة عن قول ونية أو ينوي غير الطلاق فإن الطلاق لا يقع.
نشير أيضا في آخر هذه الكتابة إلى مسألة طلاق ثلاث في دفعة واحدة، اختلف العلماء قديما ومنهم من قال أكثر العلماء أنه يقع الطلاق الثلاث في المجلس الواحد، واستدلوا بأثر ابن عباس قال: « كَانَ اَلطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ اَلثَّلَاثِ وَاحِدَةٌ , فَقَالَ عُمَرُ بْنُ اَلْخَطَّابِ : إِنَّ اَلنَّاسَ قَدْ اِسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ , فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ»، طلاق الثلاث في المجلس الواحد، هذا الأثر ضعيف هو في سنن أبي داوود([35]) معلقا لم يثبت، والعلماء قالوا هو حديث منكر وفيه راو منكر الحديث، فلا يصح هذا الأثر أصلا، وممن قال إن طلاق الثلاث تقع بكلمة واحدة هم جمهور أهل العلم وقاسوا ذلك بطلاق الملاعن ثلاثا، قالوا يقع طلاقه في المجلس الواحد، وأهل العلم قالوا هذا القياس غير صحيح على الملاعن فقال كثير من أهل العلم من السلف أن طلاق السلف لا يقع بكلمة واحدة بل لا بد في أكثر من مجلس ذهب إلى هذا سعيد بن جبير وطاووس وعطاء، وهو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب مالك، أحد القولين أيضا في مذهب الإمام أحمد، ورجحه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وهكذا الشوكاني رحمه الله وأحمد شاكر والألباني والعثيمين والفوزان، رجحوا هذا القول بأن طلاق الثلاث لا تقع بكلمة واحدة قال: لا أنت طلاق ثلاثا هي تعتبر واحدة أو في المجلس الواحد، هذا الراجح في المسألة والله أعلم.
نشير إلى بعض أحكام الرجعة حتى نختم هذه الكتابة، رجعة غير المدخول بها إذا طلقها زوجها ولم يدخل بها بعد العقد، فهذه بانت بينونة رجعتها بعقد ومهر جديدين، قال الله عز وجل: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَكَحۡتُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمۡ عَلَيۡهِنَّ مِنۡ عِدَّةٖ تَعۡتَدُّونَهَاۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا ٤٩ﵞ ﵝالأَحۡزَاب : ﵙﵔﵜ هنا الدليل: ﵟ فَمَا لَكُمۡ عَلَيۡهِنَّ مِنۡ عِدَّةٖ تَعۡتَدُّونَهَاۖ ﵞ ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَكَحۡتُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّﵞ قبل الدخول فهذه بانت بينونة إذا طلقها قبل الدخول، فإذا أراد مرة أخرى بعقد جديد ومهر جديد، وأجمع العلماء على أن غير المدخول بها تبين بطلقة واحدة لا يستحق مطلقها رجعتها، وإنما تعود إليه برضاها وبنكاح جديد، رجعة المبتوتة يعني المطلقة ثلاثا طلقها ثلاث مرات في ثلاث مجالس لا رجعة لها إلا أن ينكحها زوج آخر، ويطأها وطأً صحيحا فإن طلقها يجوز لها أن تعود لزوجها الأول بنكاح جديد، قال الله عز وجل: ﵟفَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوۡجًا غَيۡرَهُۥۗ ٢٣٠ﵞ ،
هناك طلاق التحليل بالوطء فهذا النكاح محرم، قال ابن مسعود: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» ([36]) نكاح التحليل لا يجوز محرم في الشرع، رجعة المعتدة الرجعية طلقها طلقة واحدة أراد أن يرجعها خلال العدة أو طلقها طلقتين ولا تزال في عدتها، يجوز له أن يراجعها وأما إن بانت منه بمضي العدة إذا انتهت العدة بانت منه، فإذا أراد مراجعتها بنكاح جديد من عقد وصداق وولي وشهود وهكذا، كيف يراجع المعتدة الرجعية؟ السنة أن يراجعها قولا يقول رجعت فلانة بنت فلان، وألفاظ المراجعة راجعتك رددتك أمسكتك وما في معناها، رضا الزوجة حكم الرجعة فلا يشترط رضا الزوجة في حالة المعتدة رجعية والله أعلم.
هذه بعض ما يتعلق بهذه المسائل، نسأل الله عز وجل أن يفقهنا وإياكم في ديننا، كما نسأله عز وجل أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر، نسأله عز وجل أن يوفق ولاة أمورنا لما يحبه ويرضاه، وأن يرزقهم البطانة الصالحة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
([1]) الإحكام شرح أصول الإحكام -المجلد الرابع
([2]) (9/199).
([3]) (10/348).
([4]) رواه أحمد (24738)، والنسائي (3432)، والترمذي (1423)، وأبو داود (4402)، وهو في صَحِيح الْجَامِع (3512).
([5]) المغني (10/345).
([6]) بداية المجتهد (/137).
([7]) الشرح الكبير على المقنع -المجلد الثاني و العشرين
([8]) الإجماع (ص86).
([9]) (5/270).
([10]) (10/346).
([11]) الدرر المضيئة مختصر فتاوى ابن تيمية (ص531).
([12]) المغني (10/345).
([13]) المغني (10/345).
([14]) (7/380).
([15]) ينظر: الفتاوى (33/202).
([16]) ينظر: إعلام الموقعين (4/39).
([17]) ينظر: نيل الأوطار (6/279).
([18]) ينظر: فتاوى ابن سعدي (ص523).
([19]) ينظر: فتاوى الطلاق (ص30).
([20]) رواه البخاري (6116).
([21]) إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان (ص38)، وهكذا في إعلام الموقعين (4/40).
([22]) رواه ابن ماجه (2036)، والبيهقي (11454)، والحاكم (2801)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (1731).
([23]) زاد المعاد (5/291).
([24]) مجموع الفتاوى (32/302).
([25]) (ص534).
([26]) ينظر: المغني (10/372).
([27]) الذخيرة للقرافي (4/850).
([28]) المغني (10/372).
([29]) رواه البخاري (6646).
([30]) ينظر: مجموع الفتاوى (33/142).
([31]) إعلام الموقعين (4/64).
([32]) الفتاوى (ص130).
([33]) (ص85).
([34]) (5/249).
([35]) رقم (2199).
([36]) رواه الترمذي (1119)، وأبو داود (2076).