الأحكام الشرعية للملاهي والقضايا الترفيهية


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 

الحمد لله رب العالميـن والصلاةُ والسـلام على خاتم النبييـن ، وأشهـدُ أن لا إله إلا الله وحـده لا شريك له وأشهدُ  أن محمداً عبده ورسوله ،  وبعد :

 مقدّمــة: إنّ الترفيهَ عن النفسِ أمرٌ قرَّرتْهُ الفطرةُ والشريعةُ ، فأباحت الشريعةُ الإسلاميةُ أنواعاً من اللهو الجاد وحرّمت أنواعاً من اللهو الذي يؤدي إلى مفاسدِ على الفرد أو المجتمع المسلم . ونذكرُ هذا الموضوع لأهمِّيتهِ من النواحي التالية :

أ  - نظراً لاضطراب أقوال المجتهدين والفقهاءِ في الحكم على بعض القضايا الترفيهيةَ .

ب- لأن الملاهي أصبحت عند كثيرٍ من المسلمين من البرامج اليومية في حياتهم .

ج- لأن الموضوع لم يلْقَ الاهتمامَ القويَّ من العلماء بالنسبة للقضايا المعاصرة .

هذا وحده كافٍ لإعطاء الموضوع أهميةً خاصة. وما هذا البحثُ إلاّ إشاراتٌ مختصرةٌ لأغلب الأحكام  الشرعية المتعلقةِ للملاهي والقضايا الترفيهية . أما عن مباحث الموضوع فهي : مقدّمةٌ وثلاثة عناوين وخاتمة كما يلي :

1- قيمةُ الوقت في الإسلام وبيان الفرق بين اللعب والجدِّ في الإسلام .

2- موقفُ الإسلام من اللهو والترفيه ، وذكر الأدلّةِ الشرعية عليه .

3-أنواع الملاهي والقضايا الترفيهية وأحكامها الشرعية :

أ - النوع الأول: الملاهي الذهنية ( النرد، الشطرنج، حل الألغاز والمسابقات الثقافية والعلمية، الكوتشينة، الكلمات المتقاطعة ) .

ب- النوع الثاني: الملاهي النفسية ( المزاح، الشعر والغناء والإنشاد، التلفاز، الحاسوب، آلاتُ الطربِ، التمثيل، التصوير، السينما، حبس الأطيار والأسماك، زيارة حديقة الحيوان، اللعبُ بالحمام، التحريش بين الحيوان وصبر الحيـوان، اقتناء الكلاب والقطط والحيوانات الأليفـة، ألعاب السيـرك، اللهـو بصيد الحيـوان، اللهو بالسُّبحةِ، السفر والسياحة والرحلات ) .

جـ- النوع الثالث: الملاهي الرياضية ( كرة القدم، البلياردو، الجولف، الرماية، السباحة، سباق الخيل، سباق الإبل، سباق السيارات ).

د - النوع الرابعُ: ألعابُ فنون القتال (الكاراتيه، الملاكمة، المصارعة، المسايفة ) .

فائدتـان مهمتـان :

الفائدة الأولى : ما يجوز فيه العوض من الألعاب والرياضات .

الفائدة الثانية : الضوابط الشرعية المتعلقة بالملاهي والقضايا الترفيهية .

ثم خاتمةُ البحث مختصراً من كتاب قضايا اللهو والترفيه – تأليف : مادون رشيد .وغيره من الكتب .

 فإلى نقاط البحث إن شاء الله تعالى .

 

'1- قيمةُ الوقتِ في الإسلام :

 إنّ عُمُرَ الإنسان ليس ملكاً له وإنمّا هو ملكٌ لله تعالى ولذلك سيسأله عنه يوم القيامة، ففي الحديث الصحيح"" لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربعِ خصالٍ: عن عمرِه فيما أفناه، وعن شبابِه فيما أبلاه، وعن ماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به"" رواه الترمذي ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (7300) والإنسانُ مطالبٌ باستفراغ الوقتِ كلِّه في عبادة الله وطاعتِه وهي الغايةُ النهائيةُ من خلقِه وإيجادِه، قال تعالى) وما خلَقتُ الجنَّ والإنسَ إلاّ ليعبدون((56) الذاريات والعبادةُ هي كلُّ ما يحبُّه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأفعالِ الظاهرةِ والباطنة فلا يوجد وقتٌ لدى الإنسان بدون تكليف، فإذا ابتعد عن الحرام فله أجرٌ وإذا فعل الواجبات والمستحبَّات فله أجرٌ، حتى إذا فعل المباحات بنيِّةِ التقوي على الطاعة فله أجرٌ . فالمؤمنُ الجـادُّ في تمسُّكهِ بدينه لا يوجد لديه فراغٌ للَّهو واللعّب إلاّ فيما يرضي الله تعالى ، قال تعالى)  الذين اتَّخذوا دينَهُم لهواً ولعباً وغَرَّتْهُمُ الحياةُ الدنيا ،فاليومَ ننساهُم كما نسُوا لقاءَ يومهم هذا( الأعراف (51) ويقولُ صلى الله عليه وسلم "" كلُّ شيءً ليس من ذكر الله لهوٌ ولعبٌ إلاّ أن يكونَ أربعةً: ملاعبهُ الرَّجلِ امرأتَه، وتأديبُ الرَّجل فرسَه، ومشيُ الرجلِ بين الغرضين، وتعليمُ الرجلِ السباحة"" رواه النسائي وهو في صحيح الجامع (4534) قال المناوي ( أي فهو مذمومٌ ، لأنه باطلٌ كما في خبر آخر ... وتعليم الرجلِ السباحةَ أي العومَ فإنه عونٌ ولهذا كانت لذّةُ اللعبِ بالدُّفِ جائزةً لإعانتها على النكاح، كما تعينُ لذّة الرمي بالقوس وتأديبُ الفرس على الجهاد، وكلاهمُا – أي النكاحَ والجهادَ – محبوبٌ لله ولهذا عَدّ ملاعبةَ الرجلِ امرأتهَ من الحقِّ لإعانتها على النكاح المحبوب لله) فيض القدير (9/478) .

 اللّهُو واللّعبُ معناهما التشاغلُ عمَّا هو مطلوبٌ ومرغـوبٌ، ومدلُولُهما في النصوص يدور حول ما لا ينتفعُ به وهو الباطلُ والعبثُ وهو ضدُّ الجّدِّ وضدُّ الحقِّ إلاّ ما استثنتْهُ النصوصُ كما في الحديث السابق ذكرُه قريباً الترفيهُ والترويحُ معناهما إدخالُ السرور على النفسِ والتنفيسُ عنها وتجديدُ نشاطها.

 أما الفرقُ بين اللعبِ والجدِّ في الإسلام ِ : مفهوم الجدِّ في الإسلام هو كلُّ فعلٍ أو عملٍ رجحت مصلحتُه على مفسدتِه ، وكلُّ لعبٍ تَرتبت عنه فوائدُ ومصالحُ تفوقُ مفاسدهَ فهو جدٌّ ، وكلُّ لعبٍ فاقت مفاسدُه ومصالحَهُ وفوائدَه فهو الباطلُ والعبثُ ، وعلى هذا الأساس يفسَّر قولُه صلى الله عليه وسلم "" كلُّ شيءً ليس من ذكر الله فهو لهوٌ غيرَ أربعِ خصال"" الترمذي / صحيح الجامع (4534) ، فاستثنى الأربعةَ لما يترتّبُ عليها من فضائلَ وفوائدَ فعدَّت من الجدِّ وإن كان ظاهُرها لعباً ولهواً .

'2- موقفُ الإسلامِ من اللهو والترفيه : إن في جنس الإنسان جانباً آخر لابدّ من مراعاته وحاجةً غير حاجتهِ إلى الجدِّ والانضباط لابد من إشباعها وأداءِ حقِّها وإلاّ كانت النتيجةُ هي الفشلُ التام ، ذلك الجانبُ هو الاستجمامُ والترويحُ والترفيه، فالمواظبةُ على الحزم والجدِّ في كل حالٍ شاقةٌ على النفس ، وتورثُ المللَ والضيقَ ، لأن النفسَ مجبولةٌ على المراوحةِ بين الأشياء ، فهي تتحول من عمل إلى آخر ، ولعل هذا التحّول في النفس هو الذي يعنيه الرسول صلى الله عليه وسلم  في توجيهاته للصحابةِ من خلال ما رواه مسلمٌ في صحيحه من قصةِ حنظلة الأسيدي الذي قال: نافق حنظلةُ يا رسول الله فقال رسول الله:وما ذاك؟ قال حنظلة: يارسول الله ! نكونُ عندك تذكِّرنا بالنارِ والجنّةِ حتى كأنَّها رأيُ عين ، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعاتِ نَسينا كثيراً، فقال رسول الله"" والذي نفسي بيده! إنّكم لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة ُعلى فرشكم وفي طرقكُّم ، ولكن يا حنظلةُ ! ساعة وساعة " ثلاث مرّات . قال الأبِّيُّ في شرحه لمسلم (7/156) ( على العاقلِ أن تكون له ساعةٌ يناجي فيها ربَّه وساعةٌ يحاسبُ فيه نفسَه وساعةٌ يفكّرُ فيما صنع الله وساعةٌ يخلو فيها بحاجتهِ من المطعم والمشرب) قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (3/247) ( وكانَ عليه الصلاةُ والسلامُ يلاعبُ الحسن والحسين ويداعبهما، وسابق عائشَةَ، ويداري زوجاتِه، والعاقلُ إذا خلا بزوجاتِه وإمائِه ترك العقل في زاويةٍ وداعب ومازح وهازل ليعطي للزوجةِ والنفسِ حقَّهما، ويهجرّ الجدَّ في ذلك الوقت ) وابن القيمّ رحمه الله في كتابه الفوائد صـ140 يرى ضرورة الحصول على قسط كافٍ من الاستجمام والراحةِ لإزالةِ التعب والإرهاق، وتجدد النشاط والقدرةِ على العمل .

 فما هو موقفُ الإسلام من الترويح ؟ بالنظر إلى أصول الشريعةِ الإسلاميةِ ، نجدُ أنها عاملت الإنْسانَ على أساس مراعاةِ غرائزه النَفْسيةِ وحاجاتِه الجسديةِ، ونجدُ أن الإسلام اعترفَ بحقِّ البدن في أخذ نصيبه من الراحةِ والاستجمامَ، وحقِّ الروح والنفس في أن تنالَ حظَّها من الترويح والتلطّف ليقوى كلٌّ منهما على متابعةِ الطريقِ إلى الآخرة بلطفٍ وثبات . 

وهذه بعضُ الصور والشواهد من سيرةِ الرسول والصحابةِ وأقوال العلماء :

أ- ثبت في الأحاديث الصحيحة ممارسةُ الرسول صلى الله عليه وسلم لجوانبِ متعددة من ألوان الترفيه والترويح واللهو المباح  فقد كان صلى الله عليه وسلم يمزحُّ ويداعبُ ولكن لا يقولُ إلاّ حقَّا، وكان يسابقُ وينظر للآخرين يستروحون فيبش في وجوههم، كما أذن للحبشةِ أن يلعبوا بسهامهم وحرابهم على عادتهم في مسجده الشريف، وأذن لعائشةَ أن تنظَر إليهم، كما أباح للنساءِ الغناءَ المباحَ وضربَ الدفِّ في المناسبات وأيّام الأعيادِ وعلّله بيسر الإسلام وسماحته، كما رغّب في الزواج من الأبكار وقال لجابر"" فهلا جاريةً تلاعبهاَ وتلاعبك "" والحديث في الصحيحين وستأتي أمثلةٌ أخرى عنه صلى الله عليه وسلم أثناء البحث .

ب- أما عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم   فقد كانوا يعكسون نموذجَ المسلمِ الموازن في حياتِه بين حاجِيات الروح ومطالب الجسد . يقول التابعيُّ الجليل أبو سلمة ابن عبد الرحمن( لم يكن أصحابُ رسول الله منحرفين ولا متماوتين ، وكانوا يتناشدون الأشعار في مجالسهم ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريدَ أحدُهم على شيءً من دينه دارت حماليقُ عينيه ) رواه البخاري في الأدب المفرد وحسنه ابن حجر في الفتح (10/556)  وعن عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال(صلى أبو بكر العصرَ ثم خرج ومعه عليٌّ ، فرأى الحسنَ  يلعبُ مع الصبيان ، فحمله على عاتقه وقال : بأبي شبيهٌ بالنبيِّ ، ليس شبيهاً بعليِّ ، وعليٌّ يضحكُ ) رواه البخاري برقم (3542) . وعن بكر بن عبد الله قال ( كانَ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم   يتبادحون بالبطيخ ، فإذا كانت الحقائقُ كانوا همُ الرجال ) صحيح الأدب المفرد (201) .

جـ وهكذا التابعون والعلماءُ اعتنوا بهذا الجانب النفسي من شخصية الإنسان ولا عجب إذا جرت العادةُ عند المحدّثين في ختم مجالس الحديثِ الشريفِ والإملاءِ بشيءً من الحكاياتِ والنوادر والأشعار، بل من العلماء من صنّف في أخبار الحمقى والمغفلين وأخبار الأذكياءِ والظرافِ وهكذا .

وممَّا سبق نجدُ شرعية اللهو الترفيه وفي حدود الآداب والأصول الشرعية .

 وقبل ذكرِ أنواع الملاهي وأحكامِها الشرعية لابد من توضيح المعنى الصحيح للحديثِ الصحيح ( كلُّ شيءً ليس من ذكر الله عزّ وجلّ فهو لغوٌ ولهوٌ أو سهوٌ إلاّ أربعَ خصالٍ مشي الرجلِ بين الغَرضَين وتأديبُهُ فرسَهُ وملاعبتُه أهلَهُ وتعلّمُ السباحةِ) والحديث رواه النسائي والطبراني وهو في سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني برقم (315) وصحيح الجامع (4534) ، فقد يفهم البعضُ أن جميع اللهو والترفيه عن النفس محرّمٌ إلا هذه الأربع خصال.

 قال ابنُ العربي في عارضة الأحوذي (7/137)( قوله "" كلَّ ما يلهو به الرجلُ باطلٌ "" ليس مرادُه حراماً ، وإنّما يريدُ به أنَّه عارٍ من الثواب وأنه للدنيـا محضـاً، لاِ تعلّقَ له بالآخرةِ ) . وقـال الحافـظُ ابنُ حجـر ( إنما أطْلَقَ على ما عداها " أي الثلاثة" البطلانَ من طريق المقابلةِ لا أنّ جميعها من الباطل المحرَّم ) فتح الباري (11/91) وقال ابنُ تيميه ( وفي الصحيح عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم  أنه قال"" كلُّ لهوٍ يلهو به الرجلُ فهو باطلٌ"" والباطلُ من الأعمالِ هو ما ليس فيه منفعةٌ ، فهذا يرخّص فيه للنفوس التي لا تصبرُ على ما ينفع، وهذه نفوسُ النساءِ والصبيان ، فهنّ اللواتي كنَّ يغنِّين في ذلك على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم  وخلفائِه ، ويضربن بالدفِّ، وأما الرجالُ فلم يكن ذلك فيهم بل كانَ السلفُ يسمُّون الرجلَ المغنِّي: مخنَّثاً لتشبُّهه بالنساءِ ) الاستقامه (1/277)وقال أيضاً( ومحبّةُ النفوس للباطل نقصٌ، لكن ليس كلُّ الخلقِ مأمورين بالكمال، ولا يمكنُ ذلك فيهم فإذا فعلوَا ما بَه يدخلون الجنّةَ لم يحرمْ عليهم ما لا يمنعهم من دخولها)الاستقامة(2/153).

قال الغزاليُّ أبو حامد في الإحياءِ (2/285) قوله (فهو باطلٌ) لا يدلّ على التحريم، بل يدلّ على عدمِ الفائدة).

قال الشوكاني مقرراً لكلام الغزالي ( وهو جوابٌ صحيحٌ ، لأن ما لا فائدة فيه من قسم المباح ، على أنّ التلهيِّ بالنظر إلى الحبشةِ وهم يرقصون في مسجده صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيح خارجٌ عن تلكُمُ الأمورِ الثلاثةِ ) نيل الأوطار (8/104) .

وخلاصةُ كلامِ أهل العلم في الحديث لا يخرج عن أربعة أمور هي :

1- إن معنى لفظةِ ( باطل ) في الحديث ، ما لا ثوابَ فيه ولا إثمٌ .

2- إن غيرَ هذه الأنواع المذكورة من اللهو ليست محرّمةً ، بل منها ما هو مباحٌ وما هو محرّمٌ بدليل نظر عائشةَ للحبشةِ وهو يرقصون في المسجد وبإقرار رسول الله لها .

3- إنّ هذا المباحَ يكونُ مكروهاً في حقِّ من هو قادرٌ على تصريفِ وقته فيما هو مستحبٌّ .

4- إذا كانَ المباحُ تعقبه فائدةٌ أخرويةٌ فهو من هذه الثلاثةِ .

 وخلاصةُ المسألة أنّ اللهوَ والترفيهَ عن النفس منه ما هو مباحٌ ومنه ما هو مستحبٌ ومنه ما هو          محرَّمٌ على التفصيلِ التالي : فاللهو الحرام هو ما وردَ نصٌّ بتحريمِه، أو ما أفضَى إلى محرّماتٍ ومنها: الصدُّ عن آداءِ الوجباتِ الشرعيةِ والاعتداءُ على حُرمةٍ أو حقِّ من حقوق الغير وإذا أدى إلى حدوثِ إسرافٍ أو تبذيرٍ في المالِ والوقت، وإذا أدَّي إلى لحوقِ تعذيبِ أو قسوةٍ بالحيوانِ أو الإنسانِ أو الإساءةُ إلى البيئةِ عموماً، أو أدّى إلى الكذبِ وتزييفِ الحقائقِ أو إشاعـةِ المفاسـدِ والمنكـراتِ أو إثارةِ العداوةِ والبغضاءِ والصراعاتِ أو إثارةِ العصبيةِ لشعارِ أو بلدةٍ أو منطقة أو نَسبٍ ، أو أن يزاولَ اللهوُ في ظروفٍ غير إسلاميةٍ كالاختلاطِ بين الجنسين أو تناولِ المحرّماتِ كالدّخانِ والخمورِ وغيرها من الأصواتِ الغنائيةِ وآلات الطرب . أمَّا اللهوُ المباحُ في الإسلام فهو الذي لم يرْد نصٌّ بتحريمه ، ويخلُو من المحرّمات ، ولا يُفضي إلى المحرّماتِ وأن يُزاولَ في ظروفٍ وأجواءَ إسلامية. وأما اللهوُ المندوبُ والمستحبُ في الإسلام ما كانَ منضبطاً بالضوابط السابقةِ، وحقَّقَ مقصداً من مقاصدِ الشريعةِ كتأليفِ قلوبِ الناسِ على الإسلام ، وإعدادِ القوّةِ للجهادِ في سبيل الله ، وتقويه العلاقات والأخوّةِ الإسلاميةِ وغيرها .

ونبدأ الآن بذكر أنواع الملاهي والقضايا الترفيهيَّةِ وما يتعلق بها من الأحكام الشرعية ، مع ذكر الأدلّةِ وأقوالِ العلماء فيها .

'3-  أنواعُ الملاهي والقضايا الترفيهيةِ :

أ- الملاهي الذهنية :

1-  لعبةُ النرد أو لعبة الطاولة : والنردُ: فارسيُ معرٌب وهو النردشير وهو عبارة عن قطع صغيرةٍ من مادة العاج أو الخشب غالباً، وله أوجه ستّةٌ، ولكل وجه منها نقاطٌ مرتبةٌ من الواحد إلى الستَّة ، بحيثُ يكون مجموع النقاط في وجهين متقابلين سبعةً، ويسمَّى في عرف المغاربةِ بلعبة دادوس. قال ابنُ خلّكان في وفيـات الأعيـان (4/357) ( إنّ أردشير بن بابك ، أول ملوك الفرس ( المجوس ) قد وضع النرد ولذلك قيل له : النردشير ).

حكمُــهُ : إذا كانَ الّلعبُ على وجه القمار فهو محرّمٌ بالقرآن والسُنَّةِ والإجماع كما حكاه ابن قدامه وابنُ تيميه والمنذري والذهبيّ . أما إذا كانَ اللعب به ليس على وجه القمار فاختلف فيه العلماء على ثلاثة أقوال : فبعضُ الفقهاء قد أباحه ومنهم من كرهه والجمهور على تحريمه وهو الراجحُ لما يلي :

1- عن بُريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"" من لعب بالنردشير فكأنّما غمس يده في لحم الخنزير"" رواه مسلم برقم (2260) وفي روايه لأحمد( لحم الخنزير ودمه) صحيح الجامع الصغير (6528) ووجه الاستدلال من الحديث : تشبيه اللعب بالنرد بغمس اليد في لحم الخنزير وهو نجس وعدم التحفّظ من النجاسةِ حرامٌ ، إذن كانَ اللعبُ بالنرد حراماً لحرمةِ الغمس المشبّه به .

2- عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"" من لعبَ بالنرد فقد عصى الله ورسوله"" أحمد وأبو داود وابن ماجه وهو في صحيح الجامع برقم (6529) . والنهيُ ظاهرٌ حيث صرّح بعصيانِ فاعله وهو عامٌّ سواء كانَ على وجه القمار أو بدونه .

3-واستدل على تحريمه بقياسه على حرمةِ الخمرِ فإنّه ممّا يُلهي عن ذكر الله غالبـاً ، ويصدّ عن الصلاةِ وهو من أسباب إيقاع العداوة والبغضاء بين لاعبيه .

4- أمّا أقوالُ العلماء فيه:  قال الزيلعي في شرحه لكتاب الكنز في الفقه الحنفي (4/121) ( وقالوا في النرد: تردُّ شهادتُه بمجردّ اللعب فيه، من غير اشتراط القمار ولا غيره لأنّ نفسَ اللعب فسقٌ) وفي المدونةِ للمالكيةِ (5/153) قال ابنُ القاسم: قال مالكٌّ في الذي يلعبُ بالشطرنج والنرد المدمن عليهما فلا تقبل شهادتهُ ) قال النووي عند حديث بريدة ( وفيه حجَّةٌ للشافعي والجمهور في تحريم اللعب بالنرد ) شرح مسلم(15/15)  قال ابنُ القيمّ ( وأمّا اللعبُ بالنرد فهو من الكبائر ) أعلام الموقعين (4/406) وقال ابنُ قدامه ( كل لعب فيه قمارٌ فهو محرّمٌ أي لعب كان ، وما خلا من القمار فمنه محرّمٌ ومنه ما هو مباحٌ ، فأمَّا المحرّمُ فاللعبُ بالنردِ ) المغني مع الشرح (12/35) .

2-الشطرنج : فارسي معربٌ مأخوذ من المشاطرة وهو المقاسمة لأن كل فريق له شطر ما يستحقه          من اللعب وهو النصيب . قال ابنُ خلّكان في وفيات الأعيان (4/357) ( ولمّا وضع أردشير بن بابك النردَ وافتخرت الفرسُ بوضعها، وضع صصَّةُ الهنديُّ الشطرنج لملك الهند ، فقضت حكماءُ ذلك العصر بترجيح الشطرنج على النرد ) .

حكمُـهُ : اتفقت كلمةُ الفقهاء على تحريم الشطرنج إن كانَ اللعبُ به على وجه التقامر، واختلفوا فيما إذا تجرّد عن القمار على ثلاثة أقوال : الإباحة والكراهة والتحريم . والقولُ بالكراهةِ هو الراجحُ إذا لم يفضِ إلى محرّم أو كانت بيادقُه مصورةً وإلاّ فهو حرامٌ وهذا قولُ الشافعيةِ وغيرهم، قال النـوويُّ( مذهبنا أنه مكروهٌ وليس بحرام ) شرح مسلم (15/15) وفي المدوّنـةِ (2/13) قال سحنون( وكانَ مالكٌ يكره اللعب بالشطرنج ) وقال ابنُ عبد البرِّ( وتحصيلُ مذهب مالك وجمهور الفقهاء في الشطرنج أن من لم يقامر به ولعب مع أهله  في بيته مستتراً به مرةً في الشهر أو العام ... أنه معفوٌ عنه، غيرُ محرّم عليه وأنه إن تخلّع به واستهتر فيه سقطت مرؤتُه وعدالتهُ وردّت شهادتُه، وهو يدلّك على أنه ليس بمحرّمٍ لنفسه وعينه  فيعفى عن اليسير منه) التمهيد (13/183) والقولُ بالكراهيةِ هو الراجحُ لأن الشطرنج لا فائدة فيه ولأنه يؤدي إلى بعض المفاسد مثل تضييع الأوقات وآفات اللسان وفي الحديث الصحيح"" إنّ الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال"" ولأنه لا توجد في القرآن آيةٌ صريحةٌ للدلالةِ على تحريم الشطرنج . ولم  يصحَّ حديثٌ في ذلك، قال ابنُ حجر( لا يثبتُ في الشطرنج عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم شيء) ذكره عنه ابنُ حجر الهيثمى في كف الرعاع ، انظر الزواجر (2/322) ولم يصحّ أثرٌ واحدٌ عن الصحابةِ يحرّمُ الشطرنج كقول عليٍّ أنه مرّ على قومٍ يلعبون الشطرنج فقال ( ما هذه التماثيلُ التي أنتمُ لها عاكفون ) فقد ضعفه أهلُ العلم بالعلل، وقال الألباني رحمه الله بعد نقده لأسانيد هذا الأثر وطرقه ( وجملةُ القول أن هذا الأثر لا يثبت عن علي ) أرواء الغليل (8/288) برقم (2672) .

 وخلاصةُ ما سبق في حكم اللعب بالشطرنج ما يلي :

أ-يحرم اللعبُ بالشطرنج على وجه القمار .

ب- يحرمُ اللعبُ بغير قمار إذا أفضى إلى محرّم كتأخير صلاةٍ أو تلفظ بكلام فاحشٍ أو إثارةِ عداوةٍ ،  أو كانت بيادقُه مصوّرةً أو داوم عليه .

جـ-  يكره اللعبُ في غيرِ الأحوال السابقةِ .

1-    حلّ الألغازِ والمسابقات الثقافية والعلميةِ : اللغـزُ: الكلام الملبَّسُ ، إذا ورَّى فيه وعرَّضَ ليَخْفَىِ ، والجمعُ ألغاز وقد نظم الناسُ ألغازاً في الحيوان والنباتِ والجمادِ وغيرها.

 

 قال شاعرٌ :     وطائرةٌ تطيرُ بــلا جناح                 تعـدُّ الطـائراتِ ولا تطيرُ

                      إذا ما مسَّها الحجرُ استلذّت            وتخشى أن يلامَسَها الحريرُ

والجواب : أنها العينُ ، والحجرُ هو الكحلُ .

وآخرُ يقول ( ما تقولُ في رجلٍ صلَّى صلاةً قضاءً بزيادةٍ عن الصلاة الفائتةِ ) الجواب : صلاةُ الجمعة إذا فاتت أو فسدت عليه فإنَّه يقضيها ظهراً أربع ركعات بدل ركعتين .

وآخر يقول ( ما تقولُ في رجلٍ يحرُم عليه الجماع في ليل رمضان ) الجواب : لأنه صائمٌ معتكفٌ .

وآخرُ يقول ( ما هي الأمُّ التي لم تلد ؟ ) الجواب : هي أمُّ القرى .

وثمَّةَ ألغازٍ كثيرةٍ كانت تطرح لاختبار حدّة الذكاء وسعةِ الأفقِ وسرعةِ النَّباهةِ.

حكمُ حل الألغاز : لا شك أن توظيف الألغاز في ميادين التعليم أحياناً من أحسن الطرق لتحفيز التلاميذ وطلاب العلم على المثابرةِ والبحث والاجتهاد لما فيه من التشويق وإثارةِ روح المنافسةِ بين الطلاب، وهذا يندرج تحت المستحّبات، فقد عقد البخاريُّ باباً في كتاب العلم قال في ترجمته ( باب طرح الإمام المَسألةَ على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم ) وأورد فيه حديثَ ابنُ عمرعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم  قال"" إنّ من الشجرِ شجرةً لا يسقطُ ورقُها وإنَّها مثلُ المسلم، حدّثوني ما هي ؟ قال: فوقع الناسُ في شجر البوادي، قال عبد الله: فوقع في نفسي أنَّها النخلةُ، ثم قالوا: حدِّثنا ما هي يا رسول الله؟ قال ""هي النخلةُ " رواه البخاري برقم (62) وذكر الحافظ ابن حجر من فوائد هذا الحديث ( امتحانُ العالم أذهانَ الطلبةِ بما يخفى بيانه لهم إن لم يفهموه ... وفيه التحريضُ على الفهم في العلم ) فتح الباري (1/176) .

أمَّا الألغازُ التي يقصدُ بها التعجيزُ وتحدِّي المسؤولِ ، فقد منعها العلماء كالإمام ابن حجر في الفتح (1/177) وأما الألغازُ التي يقصدُ بها تمضيةُ الوقتِ وقتل العُمرِ ، دون ترتب فائدةٍ علميةٍ أو دينيةِ فيكرهُ إلقاؤها وبذلُ الجهدِ في حلِّها ، قال الماورديُّ في أدب الدنيا والدين صـ62 ( وأمّا اللغزُ فهو تحدِّي أهلَ الفراغِ  وشغلُ ذوي البطالةِ ليتفاخروا في سرعةِ خواطرهم، ويقولُ: فاصرف نفسَك عن علومِ الحمقى وتكلّفِ البطّالين فقد روي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال"" من حسنِ إسلامِ المرءِ تركُه ما لا يَعنيه"" رواه الترمذي وابن ماجه ).

قلـتُ : وكذلك يقال في المسابقاتِ العلميةِ والثقافيةِ ، فإذا كانت ذات فائدةٍ في تنميةِ العلم الشرعي أو حفظَ القرآن الكريم أو السيرةِ النبويةِ ، فإنَّها مستحبّةٌ ومشروعةٌ إذا لم تفضِ إلى تأخير صلاةِ أو ترك واجبٍ أو فعلِ محرّمٍ.

4- أوراقُ اللعب ( الكوتشينة ، الكارتا ، الشدّة ، البلَوت ) :

حكمُهـا : لعبُ الورقِ على مالٍ أو طعام أو شراب أو أيِّ شيءٌ آخر يأخذه الغالبُ من المغلوب حرامٌ من الميسرِ والقمارِ المحرّمً بالكتاب والسنّةِ والإجماع.  وكذلك إن كانَ هذا المالِ من أحدِ اللاعبَيْن أو من طرفٍ ثالَثٍ، فهو حرامٌ شرعاً أيضاً لأنّ بذلَ العوض في هذه الصورةِ لا يجوزُ إلاّ في آلات الحربِ وما يعينُ عليها، لحديث ( لا سَبَقَ إلاّ في خُفٍّ أو حافرٍ أو نصلٍ ) رواه الخمسة وهو في ارواء الغليل للألباني (5/333) قال الخطابيُّ ( يريدُ إن الجُعْلَ والعطاءَ لا يُستحقِ إلا في سباقِ الخيل والإبل وما في معناهما ، وفي النصل وهو الرمي، وكذلك لأنَّ هذه الأمور عدَّةٌ في قتال العدو، وأما السباقُ بالطير والزجلِ بالحمام وما يدخلُ في معناهُ ممّا ليس من عدّةِ الحرب ولا من باب القوّةِ على الجهادِ  فأخذُ السَّبَقِ عليه قمارٌ محظورٌ لا يجوز ) معالم السنن (2/255) قال الشيخ مشهور حسن في كتابه حكم الشرع في لعب الـورق صـ15 ( ولا يخفى على عاقل أن لعبَ الورقِ  ممّا يندرجُ تحت كلام الخطابي إذا ليس هو من باب عدّة الحـربِ ولا معيناً على الجهادِ ) ثم قال صـ18( لم يأتِ نصٌّ في الكتاب والسنّةِ على حكمه ولكنَ النظرَ الصحيحَ قاضٍ بالتحريم جازمٌ به للأسباب التاليةِ :

أ- أنه أشبههُ بالنّرد لأنه يعتمد على المصادفةِ والحظِّ والتخمين، ولاشتراكه مع النردِ في رجحانِ المفسدةِ على المصلحةِ حيث أنه يصدّ عن ذكر الله وعن الصلاةِ ويوقعُ العداوة والبغضاء في النفوس وفي مجالسه يكثرُ الفحشُ والكلام البذئ وفوق هذا فلعبُ الورقِ لهوٌ لا فائدة فيه ولا حاجةَ لنا به في الدين والدنيا ).

ب- ولأنه من اللهو الباطلِ والعبث .

جـ - ولأن لعبَ الورقِ فيه تشبُّهٌ بالكفّار وأهل الفسقِ واللهو والباطل .

ثم ذكر من صـ39 فتاوى علماء العصر بتحريم لعب الورق نذكرُ منها :

× سُئل الشيخ حسنين مخلوف مفتى الديار المصرية عنه فأفتى بالتحريم – الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية (4/1295) فتوى رقم (622) .

× وممّن حرم لعب الورق الشيخ صالح الفوزان في نور على الدرب فتاوى صـ102.

× والشيخ محمد ناصر الدين الألباني في شريط تسجيلي عند الشيخ مشهور حسن .

× والشيخ عبد العزيز بن باز في فتاوى إسلامية – لمجموعة من العلماء (3/372) .

× وقال الشيخ محمد العثيمين ( صرّح العلماءُ ومنهم شيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله بأن لعب الورقِ حرام، وعلّل ذلك بأنّها تلهي كثيراً ، وصدر فيها فتوى من اللجنة الدائمة برقم (888) بالرياض  بأنّها حرامٌ ) أسئلةٌ مهمةٌ صـ17.

قلتُ: وخلاصة المسألة : أن اللعب بالورقِ تنعدم فيه المقاصدُ الإسلاميةُ من مشروعيةِ الترويح والترفيه فلا يكسبُ مهارةً جهاديةٌ ولا خبرةً علميةً ولا فائدةً اجتماعيةً، بل هي لعبةٌ مجرّدةٌ من كل خيرٍ وفيها قتلٌ للوقتِ وغالباً تفضي إلى محرّماتٍ ، ولذلك حرّمها علماؤنا ، والله أعلم .

5- الكلماتُ المتقاطعةُ : من الألعاب الذهنية في الصحف والمجلاّت وأغلب هذه المسابقات تطرح شخصيات  فنيةٍ وفكريةٍ أو تطالب بأجوبةٍ أو مرادفاتٍ لا تكسب المتسابقَ كبير فائدة ، فضلاً على صرفها له عن المطالعةِ الجادةِ وطلب العلم النافع .

حكمُهـا : تندرج في إطار الملاهي المكروهةِ على غرار حلِّ الألغاز إلاّ إذا أفضت إلى ترك الواجبات ولم تصل إلى حدِّ الإدمانِ والغفلةِ وإلاّ فتحرُم . 

ب- الملاهي النفسية :

6- المـزاح : معناهُ الدعابةُ ، والمزحُ نقيضُ الجِدِّ :

حكمُـه : منه ما هو مباح وهو الذي يؤدي إلى تأليف القلوب وتخفيف مصاعب الحياةِ مع طلاقةِ الوجه وحسنِ الكلامِ ولا يكون إلاّ في الحقِّ ، ولا يشغلُ عن ذكر الله، وقد مازح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم   أهلَهُ ومازح الأطفال فقد كانَ يدلعُ لسانه للحسنِ بن علي فيرى الصبيُّ حمرةَ لسانه فيهش إليه كما في السلسلة الصحيحة برقم (70) وقال لطفل آخر(يا أبا عمير ما فعل النُّغيرُ) كما في الصحيحين، قال النووي( فيه جوازُ المزاح فيما ليس إثماً)شرح مسلم (14/376) وقال ابنُ حجر في الفتح (10/600) ( فيه جوازُ الممازحةِ وتكرير المزاح ) وعن محمود بن الربيع قال ( إنِّي لأعقلُ مجَّةً مجَّها رسولُ الله في وجهي) متفقٌ عليه وعند الترمذي في الشمائل المحمدّيةِ أن رسول الله قال ( يا أمَّ فلانٍ إنّ الجنّةَ لا يدخلها عجوزٌ ) وانزعجت المرأةُ وبكت فقال لها"" إن العجوزَ لن تدخل الجنّةَ عجوزاً بل تدخلها شابةً بكراً"" والحديث حسّنه الألبانيُّ في غابة المرام صـ215 ، وقال صلى الله عليه وسلم لأنس ( ياذا الأذنين ) والحديث في صحيح سنن أبي داود (5002) فهذا هو مزاحُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو القائلُ " إنِّي لا أقولُ إلا حقَّاً " جواباً على سؤال الصحابةِ: يا رسول الله إنّك تداعبنا. والحديث عند الترمذي وأحمد وهو في صحيح الجامع الصغير (1/493) أمَّا إذا شغلَ المزاحُ عن ذكر الله وداوم عليه صاحبُه، وأفضى إلى حرامٍ أو ترك واجبٍ فهو محرّمٌ، قال الحافظ ابنُ حجر في الفتح (10/543) ( والمنهيُ عنه – أي المزاح – ما فيه إفراطٌُ أو مداومةٌ عليه لما فيه من الشغل عن ذكر الله ويؤول كثيراً إلى قسوة القلب والإيذاءِ والحقدِ وسقوط المهابةِ والوقار ) فإذا كانَ المزاحُ بالسخريةِ والاستهزاء واحتقار الناس فهو محرّمٌ، وإذا كانَ المزاح باللمز والتنابز بالألقاب وإظهار العيوبِ فهو محرّمٌ، وإذا كان المزاحُ بترويع المسلم وإفزاعه فهو حرام لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يحلُّ لمسلم أن يُروِّعَ مسلماً " صحيح سنن أبي داود (5004) ولحديث ( لا يأخذنّ أحدُكم متاع أخيه لاعباً ولا جادّاً ) صحيح سنن أبي داود (5003) وإذا كانَ المـزاح بالكذبِ لإضحاك الناس فهو حـرام لحديث" ويلٌ للذي يحدّثُ بالحديثِ ليضحكَ به القوم فيكذب! ويلٌ له! ويلٌ له) صحيح سنن أبي داود (4990) .

7،8،9- الشعرُ والغناءُ والأناشيدُ : هي كلامٌ حسنُهُ حسنٌ وقبيحُهُ قبيحٌ ، والغناء يكونُ عادةً بالشعر وكذلك الإنشادُ ، ولذلك فالحكم عليها واحدٌ .

حكمُهـا : أما الشعرُ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هو كلامٌ ، فحسنُه حسنٌ ، وقبيحُه قبيحٌ " صحيح الأدب المفرد (664) والسلسلة الصحيحة (447) وفيهما أيضاً قولُ عائشـة رضي الله عنها ( الشعرُ منه حسنٌ ومنه قبيحٌ ، خُذ بالحسنِ ودع القبيح ) وقد استمع رسولُ الله للشعر وقاله ولم يكثْر منه وهو القائلُ  " إنّ من الشعرِ لحكمةٌ " رواه البخاري، قال ابنُ بطّال رحمه الله ( ما كانَ في الشعرِ والرَّجزِ ذكرُ الله تعالى وتعظيمٌ له ووحدانيتُهُ وإيثارُ طاعتِه والاستسلامُ له فهو حسنٌ مرغّبٌ فيه ) فتح الباري (10/556)  وقال النوويُّ رحمه الله ( لا بأس بإنشاد الشعرِ في المسجدِ إذا كانَ مدحاً للنبوةِ أو الإسلامِ أو كانَ حكمةً أو في مكارم الأخلاقِ أو الزهدِ ونحو ذلك) المجموع (6/180) وقال ابنُ القيمُّ رحمه الله ( يجوزُ إنشادُ الشعر للقادم فرحاً وسروراً به ما لم يكن معه محرّمٌ من لهوٍ ، كمزمارٍ وشبابةٍ وعـودٍ ، ولم يكن عنـاءً يتضمنُ رقيـةَ الفواحـشِ ، وما حرَّمَ اللهُ ، فهذا لا يحرّمُهُ أحدٌ ) زاد المعاد (3/572) قلتُ : وسيأتي الكلام عن حكم آلات الطرب قريباً .

× فإذا اشتمـلَ الشعـر على الشـركِ بالله أو الدعـوةِ إلى الفاحشـةِ أو اقترن بآلات الطـرب المختلفـةِ أو الإضطرابِ والتثنيِّ والضرب بالرجل ممّا يخل بالمروءةِ أو اقترن بترقيق الصوتِ وتمطيطه ممّا يحرّكُ الشهوةَ ويثَير ُحبَّ الهوى ويخرجُه عن حدِّ الاعتدالِ أو أفضَى إلى حرامٍ ، فأجمع العلماءُ على تحريمه لما فيه من تلك المفاسدِ وغيرها .

×  وكذلك الغناءُ والإنشادُ ، لا يصحُّ إطلاقُ القول بتحريمه لأنه لا دليلَ على هذا إطلاقاً ، كما لا يصحُّ إطلاقُ القولِ بإباحتهِ، لأنّ الغناءَ يكونُ عادةً بالشعرِ وليس هو بالمحرّم إطلاقاً لأن من الشعر حكمةً كما في الحديث  وما ورد عن ابن عباس وابنِ مسعَود وغيرهما من السلف في تفسير قوله تعالى ] ومن الناسِ من يشتري لهوَ الحديثِ ليُضلَّ عن سبيل الله ( أنه الغناءُ ، فالمرادُ به الغناءُ الذي يلهي عن ذكر الله ويفضي إلى محرّم ومفسدةٍ ويقترن بآلاتِ الطرب المختلفةِ أمَّا إذا خلا من تلك المفاسد فهو مباحٌ كغناء الحجيج في الطرقاتِ يصفُون الكعبةَ وزمزمَ والمقامَ وغناءِ الغزاةِ وهمِ يحرِّضون على الجهادِ والمبارزةِ للقتال وكذلك غناءُ الحُداةِ الذي يحرّكُ الإبلَ والأدميَّ، وقد كانَ لرسول الله حـادٍ يقالَ له (أنجشةُ) فتُسرعُ الإبـلُ فيقـول له رسول الله ( يا أنجشةَ رويدَك، سوقاً بالقوارير) والحديث في الصحيحين ، وكذلك غناءُ الأمِّ لرضيعها لينامَ وغناءُ الغاصةِ في البحر في رحلات الغوص والصيد، وغناءُ الجواري يوم العيد وفي النكاح وضربهنّ بالدّفِّ، وقد أقرّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم   .

× أمّا حكمُ ما يُسمَّى اليومَ بالأناشيدِ الإسلاميةِ : ففيه تفصيلٌ : فإذا كان عملُ الأناشيدِ وترديدُها للتقرّب إلى الله تعالى فهذا لا يجوزُ لأنه لا يجوزُ التقرُّبُ إلى الله تعالى إلاّ بما شرع ولو كانَ أصلُه مشروعاً كالأذانِ لصلاةِ العيدين فإن أصل الأذان مشروع ولكن ليس للعيدين أذان، ولذلك لا يوجدُ في الإسلام طيلة أربعة عشر قرناً أناشيد تسمَّى بالأناشيد الإسلامية ، قال ابن تيمية رحمه الله ( وقد عُرف بالإضطرار من دين الإسلام أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم  لم يشرع لصالحي أمته وعبّادهم وزهّادهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملحنةِ مع ضربٍ بالكفِّ أو القضيب أو الدفِّ ، كما لم يبح لأحدٍ أن يخرجَ عن متابعته واتباع   ما جاء من الكتاب والحكمة )  الفتاوى (11/571) .

قال الشيخ الألباني رحمه الله ( هذه الأناشيدُ لم تكن في العهد الأول ، لا في مبناها ولا في طريقةِ  إلقائها ) شريط (334) من الهدى والنور .وسَئل الشيخ صالح الفوزان عن الأناشيد الإسلاميـة فقال ( هذه التسمية غيرُ صحيحةٍ وهي تسميةٌ حادثةٌ  فليس هناك ما يسمَّى بالأناشيد الإسلاميةِ في كتب السلف، ومن يُعتد بقولهم من أهل العلم، والمعروف أنّ الصوفية هم الذين يتخذون الأناشيد ديناً لهم وهو ما يسمُّونه بالسماعِ، وفي وقتنا لمَّا كثرت الأحزاب والجماعات  صار لكل حزب أو جماعةٍ أناشيد قد يسمُّونها بالأناشيد الإسلامية ، هذه التسميةُ لا صحّة لها، وعليه فلا يجوزُ اتخاذ هذه الأناشيد وترويجُها بين الناس ) مجلة الدعوة العدد (1632) 5/3/1998 م وسُئل الشيخ محمد العيثمين عن الإنشاد الإسلامي فقال ( الإنشادُ الإسلامي إنشادٌ ابتدعه الصوفيةُ ، ولهذا ينبغي العدولُ عنه إلى مواعظ القرآن والسنّة ) فتاوى العقيدة صـ651. وأما إذا لم يُتَّخذ الإنشادُ ديناً وإنّما كترديد الأشعار الخالية من آلات الطرب وإذا خلت من المحرّمات ولم تفضِ إلى محرّم ولا يداوم عليها فهو مباحٌ حكمُه كحكم استماع الأشعار . قال الشيخ العثيمين رحمه الله ( إذا جاءت الأناشيدُ عفويةً بدون تطريب ولا تلحين فإن الاستماع إليها لا بأس به ولكن بشرط ألاّ يجعلها الإنسانُ ديدناً يستمع إليها دائماً ، وشرط آخر ألا يجعل قلبه لا ينتفع إلاّ بها ولا يتعظ إلاّ بها، فإذا استمع إليها أحياناً أو أنه كانَ يقود سيارتَه في البَرِّ وأراد أن يستعين بذلك على المشي والسيرِ فهذا لا بأس به ) كتاب الصحوة الإسلاميةِ صـ123 فإذا اختلطت الأناشيدُ بالتلحينِ والتطريبِ وآلاتِ اللهوِ والطربِ والتصفيقِ والتمايلِ والكذبِ والإطراءِ والتصويرِ بأنواعهِ، والاختلاط بين الجنسين، فهي محرّمةٌ، كذلك إذا اشتغل بها المسلم عمّا ينفعه من الواجباتَ  أو استُعمل فيها الأطفالُ والمردانُ بأصواتٍ فاتنةٍ، أو أفضت إلى محرّمَ أو غير ذلك، وكذلك تحرُم إذا استبدل الداعيةُ القرآن والسنّـةَ بالأناشيـد في دعوة الشباب، قال الشيخ ابن بـاز رحمه الله ( الأناشيدُ تختلف ، فإذا كانت سليمةً ليس بها إلا الدعوة إلى الخير والتذكير بالخير ونحو ذلك فليس فيها شيءٌ ، أمّا إذا كان فيها غيرُ ذلك من دعوة إلى المعاصي واختلاط النساء بالرجال أو أي فساد كان فلا يجوزُ سماعها ) كتاب الأغاني والملاهي له صـ60.

 ملاحظـة: بدأت الأناشيدُ في المناسباتِ فقط عن طريق فردٍ واحد أو إثنين ، ثم استُعمل الضربُ على الأخشابِ في الأعيادِ والأفراح ثم استعمل الدفُّ مع الإنشاد للرجالِ ، ثم سجِّلَ على أشرطة الكاسيت بأسماء المنشدين ، ثم أدخلِ صدى الصوتِ عليها ، ثم تطوّر الأمرُ إلى نشأة فرقٍ متخصصةٍ للإنشاد الجماعي ثم أدخلوا الطبلَ والناي عليها، ثم تصويرها على أشرطةِ الفيديو ثم أدخلت الفتيات دون البلوغ، كلُّ ذلك من باب الأناشيد الإسلامية)وإذا أردتم المزيد فأقرؤا القول المفيد في حكم الأناشيد لعصام المريْ .

10- ومن أنواع الملاهي النفسيةِ :آلاتُ الطرب : مختصرٌ من كتاب تحريم آلات الطرب للألباني :

وقد يسمِّيها العلماء آلات الملاهي التي يعزفُ بها كالمزمار والطبل والدُّفِ والشبابة وغيرها وقد تستخدم للغناء أو الرقص فقط أو بدونِ غناءٍ ولا رقصٍ ، وحكمُها واحد في جميع الحالات .

حكمُها : أختلف العلماءُ فيها على قولين :

فقال ابنُ حزم والصوفيةُ إلى الترخيص فيها وقالوا : الأصلُ في الأشياء الحلُّ ولم يصح نصٌ في تحريمها وقال الجمهور وهم الأئمةُ الأربعةُ وأهلُ الحديثِ وغيرهمِ ، هي حرامٌ تبعاً للنصوص وفهم السلف ، قال الإمامُ الشوكانيُّ في نيل الأوطار (8/83) ( وقد اختُلف في الغناءِ مع آلةٍ من آلات الملاهي  وبدونها ، فذهب الجمهورُ إلى التحريم ، مستدلين بما سلف ، وذهب أهلُ المدينةِ ومن وافقهم من علماءِ الظاهرِ والصوفيةِ إلى الترخيص في السماع ولو مع العودِ واليراعِ ) .

× وقولُ الجمهورِ هو الراجحُ للأدلّةِ التالية : قد وردت أحاديثُ تحرّمُ آلاتِ الطرب وفيها ألفاظٌ متنوعةٌ ، بعضهُا دلالتهُا عامّةٌ شاملةٌ لكلِّ أجناسِ الآلات مثل (المعازف) وبعضُها خُص ببعض الآلات مثل (الكوبة) .

1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" ليكوننَّ من أمَّتي أقوامٌ يستحلُّون الحِرَ والحريَر والخمر والمعازفَ " علّقهُ البخاريُّ في صحيحه بصيغة الجزم ، وقد جاء موصولاً من طرقِ جماعـةٍ من الثقـات الحفّـاظ عند ابن حبّان والطبراني والإسماعيلي ، قال ابنُ تيمية ( والآلاتُ المُلْهَّيةُ قد صحَّ فيها ما رواه البخاريُّ في صحيحه تعليقاً مجزوماً به  داخلاً في شرطه ) كتاب الإستقامةِ (1/294) قلتُ : والحديثُ صححه كبارُ أهل الحديث كما سيأتي وقال ابنُ القيمِّ في إغاثةِ اللهفان (1/260) ( ووجه الدلالة، أنَّ المعازف هي آلاتُ اللهوِ كلُّها، لا خلاف بين أهل اللغةِ في ذلك ، ولو كانت حلالاً لَمَا ذمَّهُم على استحْلالها ، ولَمَا قرن استحلال الخمرِ والحِرَ ... وقد توعدَّ مستحلِّى المعازف فيه بأن يخسفَ الله بهم الأرض ويمسخَهَمُ  قردةً وخنازير، وإن كانَ الوعيدُ على جميع هذه الأفعالِ ، فلكلِّ واحدِ قسطٌ في الذمِّ والوعيد ).

2- عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صوتان ملعونان في الدنيا والآخرةِ : مزمارٌ عند نعمةٍ ورنّةٌ عند مصيبةٍ" رواه البزّارُ وغيرُه وله شَاهدٌ من حديث عبد الرحمن بن عوف، قال : قال رسول الله " إنِّي لم أنهَ عن البكاءِ ولكنِّي نَهيتُ عن صوتين أحمقين فاجرين ، صوتٍ عند نغمةِ لهوٍ ولعبٍ ومزاميرَ الشيطان ، وصوتٍ عند مصيبةٍ لطمِ وجوهٍ وشقِّ جيوبٍ ، ورنّةِ شيطان " رواه الحاكم والبيهقي وغيرهما وقد صحَّح الحديثَ الأول وذكر الشاهد له الشيخُ الألباني في تحريم آلات الطرب صـ52 .

والمزمارُ : آلةٌ من قصبٍ أو معدنٍ تنتهي قصَبتُها ببوقٍ صغيرٍ، والرنّةُ : الصوتُ الحزينُ. والمزمارُ من آلات الطربِ واللهو ، لذلك قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنه( الدفُّ حرامٌ، والمعازفُ حرامٌ والكوبةُ حرامٌ ، والمزمارُ حرامٌ ) رواه البيهقي،وقال الألباني صـ92 (إسناده صحيحٌ )  قال ابنُ تيمية(حديثَ جابر" صوتٌ عند نغمةٍ : لهو ولعبُ ومزاميرُ الشيطان ) من أجودِ ما يحتجُ به على تحريم الغناء ، فنهى عن الصوت الذي يفعلُ عند النعمةِ وهو صوتُ الغناء ) الإستقامة (1/292) .

3- عن ابن عباس قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم  " إنّ الله حرّم عليّ الخمرَ والميسرَ والكوبَةَ ، وكلَّ مسكرٍ حرامٌ " رواه أبو داود والبيهقي وأحمد وابنُ حبان ، وهو في صحيح سنن أبي داود (3696) ، والكوبةُ هي الطبلُ كما فسّرها رواةُ الحديثِ . روى الخلاّلُ في كتابه الأمر بالمعروف صـ26 ، عن الإمام أحمد أنه قال ( أكره الطبلَ وهي الكوبةُ  نهي عنه رسول الله ) .

4- عن عبد الله بن عمرو أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم  قال " إنّ الله عزّ وجلَّ حرّمَ الخمرَ والميسرَ والكوبةَ والغبيراء  وكلُّ مسكر حرام " رواه أبو داود وأحمد والبيهقي ، وهو في صحيح سنن أبي داود (3685) ، ومن شواهده ما رواه أحمد والبيهقي من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال " إنّ ربِّي حرَّم عليّ الخمرَ والميسرَ والكوبةَ والقنِّينَ " والقنِّينُ هو الطنبورُ بالحبشةِ وهو من آلاتِ الطربِ  الوتريَّةِ ، طويلُ العنقِ له صندوقٌ نصف بيضاوي فيه وتران أو ثلاثه .

5- عن عمران بن حصينٍ قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم " يكونُ في أمَّتي قذفٌ ومسخٌ وخسفٌ"  قيل : يا رسول الله ! ومتى ذاك؟ قال " إذا ظهرت المعازفُ ، وكثرت القيانُ ، وشُربت الخمورُ " رواه الترمذيُّ وغيره وهو في صحيح سنن الترمذي برقم (3212) ، والقيانُ : المغنِّياتُ من الإماءِ . قال الشيخ الألباني رحمه الله صـ92( إنّ الأحاديثَ المتقدّمةَ صريحةُ الدلالةِ على تحريمِ آلاتِ الطربِ بجميع أشكالها وأنواعها، نصاً على بعضها كالمزمار والطبل والبربط ، وإلحاقاً لغيرها بها وذلك لأمرين:

الأول : شمولُ لفظِ ( المعازف) لها في اللغةِ ، والآخر : أنّها مثلها في المعنى من حيثُ التطريب والإلهاءِ ويؤيدُ ذلك قولُ عبد الله بنِ عباس ( الدفُّ حرامٌ ، والمعازفُ حرامٌ ، والكوبَةُ حرامٌ ، والمزمارُ حرامٌ ) رواه البيهقي وإسناده صحيح ... انتهى كلامه .

 أمَّا الجواب على ابن حزم وغيره فعقد له الألبانيُّ فصلاً كاملاً ، هذا ملخصُه :

فما ضعَّفه ابنُ حزم من الأحاديثِ فقد خطأهُ كثيرٌ من العلماء الذين صححَّوا حديثَ البخاري وهم البخاريُّ وابنُ حبان وابن الصلاح والنووي وابنُ تيميه وابن القيمِّ وابنُ كثير وابن حجر العسقلاني ، والسخاويُّ والصنعانيُّ والألبانيُّ رحمهم اللهُ تعالى . ولو أطلعَ ابنُ حزم رحمه الله على تصحيحهم وأسانيدهم وطرقِ الحديثِ وشواهدِه لتراجع عن تضعيفه وهو القائلُ في المحلى (9/59) ( و والله لو أُسندَ جميعُه أو واحدٌ منه فأكثر من طريقِ الثقات إلى رسول الله لما ترددنا في الأخذِ به ) قلتُ: أمَّا الأحاديثُ الأخرى فلم يقف عليها رحمه الله ولو ثبتت لأخذ بها بلا تردّد . وأخيراُ قال الشيخ صـ121( ورُبَّ سائلٍ يقول : قد عرفنا ممَّا تقدّم من الأحاديث والبحوثِ وأقوال العلماءِ تحريَم آلات الطربِ كلِّها بدون استثناء سوى الدُّفِّ في العرسِ والعيد، وقد يردُ في كلام بعضِ العلماءِ ما يشيرُ إلى جواز الضرب على الدُّفِّ في الأفراح وفي الختان وقدومِ الغائب، ولم أجدْ ما يدلُّ على ذلك ممَّا تقومُ به الحجَّةُ ولو موقوفاً )  .

11،12- ومن الملاهي النفسيةِ : التلفازُ والحاسوبُ :

أمَّا التلفاز : فهو أكثرِ وسائل الترويح انتشاراً ، فلا يكادُ يخلو منه بيتٌ ، مضارُّهُ كثيرةٌ جداً وفوائدُه قليلةٌ بالنسبةِ لكثرةِ مفاسده .

 فمن مضارِّه :*إثارةُ الشهوات بإظهار العوراتِ بأنواع الملابس الفاضحةِ وغيرها  * تضييعُ الأوقاتِ والواجبات بسبب الإدمان عليه والسهر والانشغال بالبرامج وغيرها  * تشويه أمور الشريعةِ كالحجاب وتعدّد الزوجاتِ وغيرها من أمور الاعتقاد.   * تعليمُ الناس أنواع الرقصِ والموسيقى واللهو والألفاظ البذيئةِ وغيرها من المفاسد .   * تعليمُ فن الجريمة كالسرقةِ والتزوير والقتل والخطفِ والعنفِ وغيرها .  * تشويهِ التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية وحياةِ الصحابةِ والعلماء. *التلفازُ وسيلةٌ إلى النظر المحرّم والسَّماع المحرَّم لما فيه من العورات وآلات الطرب.   * نقل اعتقادات وأخلاق وانحرافات الأمم الكافرةِ إلى مجتمعاتنا المسلمة .   * تأثير الرسوم المتحركة على الأطفال بما يرد فيها من اختلاطٍ وتقبيل وغناءٍ وغيرها    * تعويد المشاهدِ على رؤيةِ المنكرات والمحرّمات وعدم إنكارها ولو بقلبه.   *  تشويه قضايا المسلمين المعاصرة بسبب تبعية بعض الأجهزة الإعلامية للغرب . *وهناك أضرارٌ نفسيَّةٌ وتعليمية وفكريةٌ وصحيَّةٌ وماليةٌ كثيرة .

ومن فوائده القليلة التي لا يزيد نسبتُها عن 10% من نسبة البرامج :

* استماعُ تلاوة القرآن والبرامج الدينية والثقافية والعلمية وغيرها . * يمكنُ استخدام جهاز التلفاز لتشغيل برنامج تالي ليزر لتحفيظ القرآن الكريم ، وهو برنامج لحفظ القرآن وأحكام التلاوةِ والتجويد ، يتكون من جهازٍ وشريطين) (CD يتم توصيله بأي جهاز تلفاز مع استخدام الريموت كنترول .

حكمُــه :  إنّ الحكم على التلفزيون إنما هو حكمٌ باعتبار ما يُبثَّ فيه حالياً من برامج وأفلام وغير ذلك من الأمور التى لا يختلف اثنان على حرمتها ، لكن هذا الجهاز لا يخلو من بعضِ البرامج المفيدةِ كبرنامج ديني أو علمي أو تعليمى أو طبيِّ ، وهذه نسبتُها قليلةٌ ولا تكادُ تخلو هي الأخرى من مقطوعات موسيقية أو مذيعةٍ متبرجةٍ أو غير ذلك ، ولأجل ذلك قال كثيرٌ من العلماء بعدم جواز اقتنائه لأجل أن ضرره أكثرُ من نفعه ومنهم من أجاز الاستفادة من برامجه المفيدةِ فقط إذا خلت من المحظورات الشرعية وهذه أقوالُهم :

× قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله ( لا يجوزُ اقتناء التلفزيون لأنَّ فيه شراً كثيراً من وجود النساء الكاسيات العاريات والأغاني وآلات اللهو ، فالذي نعتقده تحريم اقتنائهِ ) ذكرها الشيخ إبراهيم الغيث في شريط مفاسد أجهزة الإعلام .

* قال الشيخ الألباني رحمه الله ( فإذا كنّا متفقين على تحريم استعمال التلفاز كأصلٍ لما فيه من صورٍ ولأنه آلةٌ يغلبُ عليها أن تستعمل في غير مرضاة الله عزّ وجلِّ ، إذا كنّا متفقين على هذا فحينها لا يوجد لدينا ما يسوّغُ لنا أن نتخذ هذه الوسيلةَ في الدعوةِ والتعليم والارشاد، والبديلُ عندنا موجودٌ دون تعرّض لأيّةِ مخالفةٍ شرعية وهو الراديو) شريط سلسلة الهدي والنـور رقم (368) قال الشيـخ عبد الله ناصح علوان في كتابه ( حكم الإسلام في وسائل الإعلام ) (ما دام التلفزيون اليوم يرمي في أكثرِ برامجه إلى هدر الشرف ويوجِّه نحو الفساد فإنّ اقتناءه والنظرَ إلى مشاهده يعدَّ من اكبر الحرامِ لأنه وسيلةٌ إلى النظر الحرام والسماعِ الحرام، لأن أكثر برامجه مصحوبةٌ بالمعازف ، والغناء الخليع والإختلاط ).

* سُئل الشيخ محمد العثيمين حفظه الله عن حكم وجود التلفاز في بيت الرجل المسلم فقال( الذي نرى أن التنزُّة عن اقتناء التلفاز أولى وأسلم بلا شك ، وأما مشاهدتُه فإنّها تنقسمُ إلى ثلاثة أقسام :أولاً : مشاهدةُ الأخبارِ والأحاديثِ الدينيةِ والمشاهداتِ الكونية ، فهذا لا بأس به.   ثانياً : مشاهدةُ ما يعرضُ من المسلسلات الفاتنةِ والأعمال الإجراميةِ وما أشبه ذلك فإن مشاهدةُ هذا حرامٌ ولا  تجوز .  ثالثاً : مشاهدةُ شيءٍ تكونُ مشاهدتُه مضيعةً للوقتِ ليس فيه ما يقتضي التحريم ، وفيه شُبهةٌ بالنسبة لإقتضاءِ الإباحةِ ، وفيه أيضاً اضاعةٌ للمال إذا صرف فيما لا ينفع مثل صرف الكهرباء، وربِّما يتدرجُ الإنسانُ إلى مشاهدة الحرام ) فتاوى العثيمين (2/930) .

قلتُ : ولا شك بأن استخدام التلفازِ بعيداً عن برامجه الحالية ، وبدون مُستقبلٍ للصورةِ ، عن طريق برامج علميةٍ أو ثقافيةٍ خاليةٍ من المحظورات الشرعيةِ كبرنامج ( تالي ليزر ) لتحفيظ القرآن الكريم وأحكام التلاوة والتجويد حيث يتعلِّم المسلمُ تلاوة القرآن كاملاً بسهولةِ ويُسرٍ ، لاشكِ أنَّ اقتناءه لمثل هذه البرامج الخاليةِ من الصور والمعازف والمحرّمات هو من المستحبَّات لأنه من الوسائلِ التي تعينُ على حفظ وتلاوة كتاب الله تعالى . ولمزيد من الإطلاع تراجع الكتب التالية :

    1- التلفزيون بين المنافع والأضرار - دكتور عوض منصور

    2- وسائل الإعلام وأثرها في وحدة الأمّة – محمد موفق

    3- الترويح في المجتمع الإسلامي – للدكتور محمد السيد الوكيل

أمَّا الحاسوبُ ( الكمبيوتر ) : فيعتبرُ في البيتِ بديلاً قوياً عن التلفاز، فالحاسوبُ يمكنُ التحكُّم في تشغيله  وفي برامجه بسهولةٍ ، بالإضافةِ إلى كثرةِ فوائده بالنسبة لأضراره القليلة وقد يستخدم الحاسوبُ للتعليم والتثقيف والترفيه المباح ، ووجودُ مثل هذه البرامج الخاليةِ من المحظورات الشرعيةِ يحفظ أهل البيتِ من مظَاهر الإنحرافِ المتاحةِ  كالتلفاز والفيديو وغيرها ، بشرط عدم الإدمانِ عليها وتضيع الأوقات الطويلة والإنشغال عن الواجبات الشرعيةِ ، فجهاز الحاسوب إذا استخدم في التعليم والترفيه المباح ، وخلت برامجُه من المحظورات الشرعيةِ ولم يشغل عن واجبٍ شرعي ، ولم يؤدي إلى مفسدةٍ محقّقةٍ فجائزٌ استخدامه بل قد يكون مستحبّاً ومطلوباً في برامج القرآن والتفسير والحديث والفقه ولسان العرب وغيرها من العلوم التي يستفيدُ منها المسلم في دينه ودنياه أمَّا برامج الفسادِ فيه وبعض نوافذ الإنترنت التي تشاعُ فيها الفاحشةُ والكفرُ وتروّجُ فيها الأفكارُ الضاّلةُ فلا يجوزُ تشغيلها ، والله أعلم .

13- ومن الملاهي النفسية : التمثيـلُ :هو عرضٌ حيٌّ لقصةٍ وأصحابِها واقعيةً أو متخيّلةً وله أسماءٌ أخرى كالمحاكاةِ والمسلسلاتِ والمسرحياتِ والدراما والكوميديا وغيرها. والتمثيل لم يوجد عند المسلمين في خير القرون وإنّما تسلل من معابد النصارى إليهم ، وأصبح في العصرِ الحاضر فناَّ له روّادُه ومدارسُه وأصبح حرفةً وأداءً وسماعاً ومشاهدةً .

حكمُــهُ : نظراً لعدم وجود التمثيل عند المسلمين في القرون الأولى لا نرى كلاماً لمتقدمي العلماء فيه لأن التمثيل لم يدخل محيط العباداتِ ولم ينتشر في العاداتِ ووسائل الترفيه عند المسلمين في العهد الأول .

×وخلاصةُ كلام أهل العلم المعاصرين في حكم التمثيل يذكره الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه التمثيل ، حقيقتُه وحكمُه ، فيقول من صـ27 ( يكونُ التمثيلُ في موضوع محرماً لذات الموضوع ، ويكونُ التمثيلُ في موضوع جائزاً ويحرمُ بحكم ما يحفّ به من أمورٍ أخرى ، ويكونُ التمثيلُ في موضوع جائـزاً ولا يحفُّ به ما يرقيهِ إلى رتبة النهي ثم قال : أعلم أن قواعد الشريعةٍ وأصولها تقضي برفضه وردِّه من حيثُ أتى وهذا بيانُهـا :

أولا : لا يخلو التمثيلُ أن يكون على سبيل التعبدّ ( التمثيل الديني ) أو من باب الاعتياد على سبيل اللهو والترفيه، فإن كانَ على سبيل التعبدّ فإن العبادات موقوفةٌ على النص ، والتمثيلُ الدينيُّ لا عهد للشريعةِ به  فهو سبيلٌ محدثٌ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قال " من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردٌّ "  والتمثيلُ  من سبيل التعبدّ لدى أهل الأوثان ومبتدعةِ النصارى ، فلا أصل له في الإسلام ، فهو إذا محدثٌ ، وكلُّ أمر ٍمحدثٍ في الدين فهو بدعةٌ ، تضاهي الشريعة ) .

قلـتُ : قال ابنُ تيمية في جوابه عن السماع ( ولو كانَ للمسلمينَ به منفعةٌ في دينهم لفعله السلف ) الفتاوى (11/591) ،ثم قال الشيخ بكر صـ30 ( وأما إن كانَ التمثيلُ في العاداتِ ، فهذا تشبُّه بالكافرين ، وقد نهينا عن التشبُّه بهم في الإسلام ) .

ثانياً : لا يخلو التمثيلُ أن يكون أسطورة متخيلةً فهذا كذبٌ ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم  قال" ويلٌ  للذي يحدّثُ  فيكذبُ ليضحك به القوم ، ويلٌ له ، ويلٌ له " أحمد وأبو داود والترمذي صحيح الجامع (7136) .

قلـتُ : ومن مظاهر الكذب في التمثيل تسميةُ القائمين به بغير أسمائهم وانتسابهم إلى غير آبائهم ، والتظاهرُ بالأمراض والعاهات والجهلِ ، والخروجُ بمظهر الصلاح الكامل أو الفساد الكامل ، وغيرها .

            ثم قال الشيخ بكر صـ32( ولا يخلو التمثيلُ أن يكونَ حقيقةِ بتمثيل معيَّنٍ ، فهذا محاكاةٌ ، والمحاكاةُ منهيٌّ عنها بإطلاق كما في حديث عائشة أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال " ما أُحبّ أني حكيتُ إنساناً ، وأن لي كذا وكذا " رواه أحمد وأبو داود وهو في صحيح الجامع (5515)  قوُله " حكيتُ إنساناً " أي قلّدتُه في حركاته وأقواله فهي غيبةٌ فعليةٌ وهي كالغيبةِ القوليةِ في التحريم سواء، قال النوويَّ في الأذكار صـ490 ( ومن الغيبة المحاكاةُ  بأن يمشي متعارجاً أو غير ذلك من الهيئاتِ مريداً حكايةَ من يتنقَّصُه بذلك ، فكل ذلك حرامٌ بلا خلاف ) فظهر أن المحاكاة فيها إيذاءٌ في جميع الأحوال ، والمحاكاةُ خاصيةُ القردةِ من الحيواناتِ والمسلم منهيُّ  عن التشبّه بالحيواناتِ ، قال ابنُ حجر في الفتح (7/160) ( ومن خصاله أي القرد : أنه يضحك ويطربُ ويحكي ما يراه ) انتهى .

ثالثـاً :المرؤةُ من مقاصد الشريعةِ ، وخوارمهُا من مسقطاتِ الشهادةِ قضاءً ، وكم رأى الراءون الممثلَ يفعل بنفسه الأفاعيلَ وفي حركاته وصوته واختلاج أعضائه بل يمثل دور مجنون أو معتوه أو أبله وهكذا ، وعليه فلا يمتريَ عاقلٌ أن التمثيل من أولى خوارم المروءةِ وما كانَ كذلك فإنّ الشرعَ لا يقرُّه في جملتهِ.

رابعـاً : التمثيلُ في مسلسلاتِه ومسرحياتِه التي تستغرق الساعات الطوالِ ، عدوٌّ كاسرٌ على وقت المسلم ففيه تضييعٌ لعمرِ المسلم وماله أيضاً .

خامساً : التمثيلُ لا ينفك عن الكذب في الأفعال والأقوال ، بل كم من يمين غموسٍ ، وزواج وطلاقٍ ، وإذا كان الكذبُ لوعظ الناس وتذكيرهم منعه عمرُ بن الخطاب وشدّد النكيرَ على القصّاصِ والمذكِّرين فكيف الكذبُ للترفيه عن الناس في التمثيل .

الخلاصةُ : أن الممثلَ يدور في الابتداعِ أو التشبيُّه بالمشركين ، وفي الكذب وخرمِ المروءةِ ووأدِ الحياءِ والتضحيةِ بوقتِه ومالِة .

*ثم قال الشيخ بكر صـ45( ثم اعلم أن قاعدة الشريعةِ أن الشيءَ إذا كانَ في أصله مباحاً ثم احتوى على محرّمٍ أو أفضى إليه أنه يكون حراماً ، وهكذا التمثيلُ خالطته محرّمات وأفضى إلى محرّماتٍ كتمثيل الأنبياء والصحابةِ ، أو القيام بدور شيطانٍ أو كافرٍ أو حيوانٍ أو قيامِ رجلٍ بتمثيل دور إمرأةٍ أو عكسه ، أو محاكاةِ معيَّن على سبيل الايذاءِ والسخريةِ أو فيه اختلاطٌ بين الرجالِ والنساءِ أو اشتمالُه على المعازفِ والرقص والغناء المحرَّمِ ، أو اشتماله على التصوير بأنواعه والسبِّ والقذفِ والغزل وكشَفِ العوراتِ ، أو إثارةٍ للشهواتِ والشبهاتِ أو غيرها من المحرَّماتِ وبه يظهرُ أن التمثَيلَ قد يجمع أسباب التحريمِ الثلاثةِ لذاتِه ولموضوعه ولما يفضي إليه ، وإنه لا تنفكّ الحرمةُ عنه ، إنْ حالاً أو مآلاً) انتهى من كتابه التمثيل حقيقته وحكمه.  قلت : وقد ذكر الشيخ عبد السلام بن برجس في كتابه حكم التمثيل أسماءَ كثير من العلماء الذين قرروا حرمةَ التمثيل ومنهم ابن باز والألباني والفوزان وحمّاد الأنصاري وحمود التويجرى ومقبل الوادعي وبكر أبو زيد وعبد الرزاق عفيفي وغيرَهم ، ثم ردَّ على شبهاتِ المجيزين له وبين ضعفَ أدلّتهِمِ وآرائهم .

   14- ومن وسائل الترفيه : التصويرُ : موضوع الصور والتصوير من المسائل التي عمَّت بها البلوى  في حياةِ الناس وواقعهم فلا يكادُ تخلو منها كثيرٌ من المجالات الإدارية والأمنيةِ والطبيةِ والتعليمية والإعلاميةِ بل اغلبِ المصنوعاتِ والمنتوجات من ملبوس ومفروش وغير ذلك من المجالات ، من أجل ذلك لابد من معرفة الأحكام الشرعية المتعلقةِ بالصور والتصوير لكل مسلم .وموضوعُ التصوير يحتوي على مسائل كثيرةٍ ومتفرقةٍ ويهمّنا في هذا البحث ما يتعلق باتخاذ التصوير وسيلةً للترفيهِ واللعبِ أو من باب الهوايةِ فقط ، ولذلك لابد من معرفة حكم التصوير والصورِ أولاً ثم معرفةِ ما يجوزُ وما لا يجوزُ من الصور والتصوير في باب اللعب والترفيه عن النفس .

التصويُر في اللغةِ هو صناعةُ الصورةِ واختراعها سواء كانت مجسَّمةً أو مسطحةً ولفظُ التصوير له مرادفاتٌ منها التمثيلُ والرسمُ والنحتُ والنقشُ والرقمُ وغيرُها .

وأنواعُ التصوير بالنظر إلى الوسيلةِ نوعان : تصويرٌ يدويٌّ ويشملُ المجسّماتِ من ذواتِ الظل والتصويرَ المسطّح . والنوع الثاني : التصويرُ بالآلةِ ويتضمن التصوير الفوتوغرافي وبالفيديو وغيرها.

 والصورُ نوعانِ : صورُ ذواتِ الأرواح من الإنسان والحيوان وصورُ غير ذوات الأرواح كالشجر والجبال ونحوها ، وقسم العلماءُ الصورَ إلى قسمين :

أ - الصورة التي لها ظلٌ وهي المصنوعةُ من جبس أو نحاس أو حجر أو غير ذلك ويطلق عليها أيضاً التماثيل.

ب- الصورةُ التي ليس لها ظلٌ وهي المرسومة على الورق أو الجدار أو اللباس أو البساطِ أو غير ذلك .

وسنتكلم عن هذا الموضوع في شقّين هما : حكم الصور والتصوير وحكم استخدام الصور في الترفيه والتسليةِ .

أ- حكمُ الصورِ والتصوير :

1- يبـاح صناعـةُ صورِ غير ذوات الأرواح عموماً ، ويباحُ اتخاذهُ سواءً كانت صوراً لأشجار أو أحجـارٍ أو أنهار أو غير ذلك لوجود الدليل على جواز صناعتها أو اتخاذها ، ففي الصحيحين عن ابن عباس أن رجلاً قال له : إنِّي أصوّرُ هذه الصورَ فأفتني فيها ، فقال له : ادنُ منىِّ ، فدنا حتى وضع يده على رأسه وقال : أنبئك بما سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعتُه يقول " كلُّ مصوِّرٍ في النّار ، يجعل له بكلِّ صورةٍ صوّرها نفسٌ ، فيعذّبُه في جهنّم " قال ابنُ عباس (فإن كنتَ لابد فاعلاً فصُور الشجر وما لا روح فيه ) وفي روايةٍ ( إنْ أبيت إلاّ أن تصنع ، فعليك بهذا الشجرِ  كلَّ شيءٍ ليس فيه روحٌ ) وكذلك حديث أبي هريرة  وقول جبريل عليه السلام ( فمر برأس التمثال يقطع ، فيصيرُ كهيئةِ الشجرةِ ) رواه مسلم وغيرُه ، فإذا كان التمثال قد أبيح بعد قطع رأسه فما لا روح له أصلاً من باب أولى يجوز وذهب إلى هذا جماهير العلماء  ومنهم المذاهبُ الأربعةُ .

2- تباحُ كلُّ صورةٍ قُطع رأسهُا أو كانت ممتهنةً أو ممَّا يداسُ أو ليست متصلةً بالهيئةِ .أما الصورةُ مقطوعةُ الرأس فيدلّ عليها قولُه صلى الله عليه وسلم " الصورةُ الرأسُ ، فإذا قطع الرأسُ فلا صورة " رواه البيهقي وسنده صحيح كما في السلسلة الصحيحة للألباني برقم (1921) وقال فيه ( فالسندُ صحيحٌ ويشهدُ له حديث أبي هريرة قولُ جبريل عليه السلام ( فمر برأس التمثال يقطعُ فيصيرُ كهيئةِ الشجرةِ ) رواه مسلم وغيرُه، قال : فهذا صريحٌ في أن قطع رأس الصورةِ يجعله كلا صورة ، هذا في المجسَّم كما قلنا ، وأما في الصورةِ المطبوعة على الورق أو المطرزةِ على القماش ، فلا يكفي رسمُ خط على العنقِ ليظهر كأنه مقطوعٌ عن الجسد ، بل لابد من الإحاطةِ بالرأسِ ، وبذلك تتغيرّ معالم الصورةِ وتصيرُ كهيئةِ الشجرةِ ) انتهى كلامة تحت حديث (1921) . وأما إذا كانت ممتهنةً أو تُداسُ على الأرض فلحديث عائشة أن رسول الله دخل عليها وقد سترت بستارٍ فيه تماثيل فلما رآه هتكهُ وتلوّن وجهُه وقال " يا عائشة ، أشدّ الناس عذاباً يوم القيامةِ الذين يضاهئون بخلقِ الله، قالت عائشةُ: فقطعناه فجعلنا منه وسادةً أو وسادتين " رواه مسلم وغيرُه ، وكذلك حديثُ أبي هريرة أن رسول الله قال" أتاني جبريلُ فقالَ : أتيُتك البارحة فلم يمنعني أن أكونَ دخلتُ إلاّ أنه كانَ على الباب تمثال، وكانَ في البيت قرامُ ستر فيه تماثيلُ وكانَ في البيت كلبٌ، فمُرْ برأس التمثال الذي في البيتِ يقطع فيصيرُ كهيئةِ الشجرةِ، ومُرْ بالستر فليقطع فليجعلْ منه وسادتان منبوذتان توطأن )الحديث في صحيح الجامع الصغير (68) ورواه أحمد وأبو داود والترمذي .

وأما جواز كل صورةٍ ليست متصلةَ الهيئةِ كصورةِ اليدِ أو العينِ أو القدم فلأنها ليست كاملة الخلق ، ودليلٌ جوازها حديثا عائشة وأبي هريرة قبل قليل . قال ابن العربي رحمه الله ( قطعُ عائشة للستر الذي فيه تصاوير وجعلها له وسادتين غيَّرت الصورةً وخرجت عن هيئتها ، فتجوزُ إذا لم تكن الصورةُ فيه متصلة الهيئةَ ولو كانت متصلةَ الهيئةِ لم يجزْ ) أحكامُ القرآن الجزء الثالث .

- قال ابنُ باز رحمه الله ( تبيّن ممَّا سلف من الأدلّة أنه لا يجوزُ بقاء هذه التصاويرِ المشارِ إليها على حالها، بل يجبُ قطع رأسها أو طمسها ما لم تكن في بساط ونحوه ممّا يداسُ ويمتهنُ ، فإنه لا بأس بتركها على حالها كما تقدم في أحاديث عائشة وأبي هريرة ) حكم الإسلام في التصوير .

3- جوازُ لعب البناتِ والأطفال من العهنِ والقماش كما كانَ في العهدِ القديم وهو قولُ جمهور العلماءِ بدليل حديث عائشة وأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أقرَّها على لعبها بتماثيل الخيل من الرقـاع ، والحديث رواهُ أبو داود والنسائي ، وصححَّه الألبانيُّ في غاية المرام (129) . وكذلك حديثُ عائشةً في صحيح البخاري فتح الباري ( 10/543) قالت( كنتُ ألعبُ بالبناتِ عند النبيّ صلى الله عليه وسلم   وكانَ لي صواحبُ يلعبن معي ) أمّا صناعةُ اللعب لذوات الأرواح من البلاستيك في العصر الحديث فهي تحملُ كلَّ صفاتِ المخلوقِ الظاهرةِ وملامحه كالرأس وما فيه بل منها ما يتكلّم و يتحرّك ، ولذلك حرّمها كثيرٌ من أهل العلم المعاصرين لشدّة مشابهتها لذوات الأرواح ، ولأن القولَ بالتحريم أحوطُ للمرءِ وأبرأ للذمّةِ وأبعدُ عن الإثم ، وقد ذهب إلى تحريمها الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في رسائله (1/180)  والشيخ صالح الفوزان في المنتقي (2/260) والشيخ حمود التويجري في إعلان النكير صـ 97، وهو مقتضى كلام الشيخ محمد العثيمين في المجموع الثمين (2/260) ،وقد سئل رحمه الله عن أنواع العرائس فأجاب ( أما الذي لا يوجد فيه تخطيطٌ كاملٌ ولم تتبين فيه الخلقةُ فهذا لا شك في جوازه وأنه من جنس البنات اللاتي كانت عائشة تلعب بهنّ وأما إذا كان كامل الخلقةِ وكأنّما تشاهدُ إنساناً ولا سيما أن كانَ له حركة أو صوتٌ فإن في نفسي من جواز هذه شيئاً لأنه يضاهي خلقَ الله تماماً ) فتاوى العقيدة للعثيمين صـ684 ، قال ابنُ باز رحمه الله ( وأما اللعبُ المصورةُ على صور من ذوات الأرواح ، فقد اختلف العلماء في جواز اتخاذها للبناتِ وعدمه ... ثم نقل قول الحافظ في الفتح بجواز اتخاذ صور البناتِ واللعب ونقله عن الجمهور ، ثم ذكر أن البعضُ ذهب إلى أنه منسوخٌ بالنهي عن اتخاذِ الصورِ وبه جزم ابنُ الجوزي والداوودي ومال إليه ابن بطالٍ ... ثم قال ابنُ باز : والأحوطُ تركُ اتخاذ اللُّعب المصورةِ لاحتمالِ نسخ اللعب بها ، ولاحتمالِ أنها مخصوصةٌ من النهي لمصلحة التمَرين ولأن في لعب البناتِ فيها نوعَ امتهان ، ومع الاحتمالِ المذكور والشكِّ في حَلّها يكون الأحوطُ تركهُا ) حكم الإسلام في التصوير صـ47 .

4- تحرمُ التماثيلُ المجسمةُ لذواتِ الأرواح بالإجماع لأن الله عزّ وجلَّ حقّر هذه التماثيل ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنّ الملائكةَ لا تدخلُ بيتاً فيه كلبٌ ، ولا صورةٌ ، ولا تماثيلُ ) رواه البخاري وغيرُه ، ويستثنى من ذلك ما كانَ مقطوع الرأس لحديث أبي هريرة وقول جبريل عليه السلام ( فمُرْ برأس التمثال يقطعُ فيصيرُ كهيئةِ الشجرةِ ) رواه مسلمٌ وغيرُه .

5- تحرم صورُ ذواتِ الأرواح المصوَّرةُ باليد بالاتفاقِ لحديث" إنّ أصحابَ هذه الصور يعذّبون يوم القيامةِ ، يقال لهم : أحيوا ما خلقتُم " رواه الستّة ولحديث " من صوّر صورةً أُمر أنَ يَنْفَخَ فيها الروحَ يوم القيامةِ وليس بنافخ " رواه الأربعة .قال النووي رحمه الله ( قال أصحابنا وغيرُهم من العلماءِ : تصويرُ صورةِ الحيوانِ حرام شديدُ التحريم وهو من الكبائر ، لأنه متوعدٌ عليه بوعيدٍ شديدٍ ، لأن فيه مضَاهاةٌ لخلقِ الله تعالى وسواءَ ما كانَ في ثوبِ أو بساطٍ أو درهم أو دينار أو فلس أو إناءٍ أو حائطٍ أو غيرها ، وأمَّا اتخاذُ المصوَّرِ فيه صورةَ الحيوانِ فإن كان معلقاً على حائطٍ أو ثوبٍ ملبوسٍ أو عمامةٍ ونحوِه ممّا لا يعدُّ ممتهناً فهو حرامٌ ...  هذا تلخيصُ مذهبنا وبمعناه قال جماهيرُ العلماء من الصحابةِ والتابعين ومن بعدهم وهو مذهب الثوري ومالك وأبي حنيفة وغيرهم ) نقله الحافظ في فتح الباري – المجلد العاشر (10/384) ، وقال النووي مثله في شرح مسلم (14/82) .

6- ولا فرق بين الصورِ التي لها ظلٌ والتي ليس لها ظلٌ عند جمهور العلماء وهذه أقوالُهُم :

* قال ابنُ القيمَّ رحمه الله في أعلام الموقعين (4/403) لمَّا ذكر الكبائر قال ( ومنها تصويرُ صورةِ الحيوان سواء كان لها ظلٌ أو لم يكن ) .

* وقال النووي في شرح مسلم (14/81) بعد أن ذكر تحريم الصّور ( ولا فرٌقَ في هذه كلِّه بين ماله ظلٌ وما لا ظلَّ له ، هذا تلخيصُ مذهبنا وبمعناه قال جماهيرُ العلماء من الصحابةِ والتابعين ومن بعدهم وهو مذهب الثوري ومالك وأبي حنيفة وغيرهم ... فإنّ السترَ الذي أنكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم  الصورةَ فيه ليس لصورتهِ ظلٌ مع ما في الأحاديث المطلقةِ في كل صورة ) انتهى كلامه .

* وقال الحافظ ابنُ حجر في فتح الباري (10/384) بعد أن ذكر كلام النووي هذا ( قلتُ : ويؤيدُ التعَميم فيما له ظلٌ وما لا ظلَّ له ما أخرجه أحمد من حديث علي أن النبيَّ قال " آيّكم ينطلق إلى المدينةِ فلا يدعُ بها وثناً إلا كسره ولا صورةً إلا لطّخها "  وكذلك قال في الفتح (10/390) عند كلامه على حديث عائشة ، قال ( ويستفادُ منه أنه لا فرقَ في تحريم الصور أن تكونَ الصـور لها ظلٌ أو لا ، ولا بين أن تكون مدهونـةً أو منقوشةً أو منسوخةً ) .

* قال الشوكاني في نيل الأوطار (2/108)عند حديث ابن عمر وحديث ابن عباس رفعه ( كلُّ مصوّرٍ في النّار ) قال ( الحديثان يدلانِ على أن التصوير من أشدِّ المحرَّمات ، وظاهرُ قوله ( كلَّ مصوُرٍ ) أنه لا فرق بين المطبوع في الثياب وبين ما له جرمٌ مستقلٌَ ) .

* وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في رسالةٍ له عن التصوير ( ومن أعظم المنكراتِ تصويرُ ذواتِ الأرواح واتخاذُها واستعمالهُا ، ولا فرق بين المجسَّدةِ وما في الأوراقِ ممّا أخذَ بالآلةِ ) .

* وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله ( تعليقُ الصور على الجـدرانِ ، سواءً كانت مجسَّمـةً أو غيرَ مجسمَّةِ ، لها ظلٌ أو لا ظلّ لها ، يدويةً أو فوتوغرافيةً ، فإن ذلك كلَّه لا يجوزُ ، ويجبُ على المستطيع نزعها أن لم يستطع تمزيقَها وفيه أحاديث ... ثم ذكر الأدلة على ذلك وردَّ على شبهات المخالفين وخاصة في مسألةِ التصوير الفوتوغرافي وذلك في كتاب آداب الزفاف من صـ185 .

7- يستثنى من أصل تحريم صور ذوات الروح ما يلي :

    أ- ما تدعوا إليه الحاجـةُ أو الضرورةُ مثل ما يحتـاجُ إليه من الصـور في المجـال الأمني أو الحربـي أو الإداري أو التعليمي أو الطبَّي أو غيرها لأن الضرورات تبيحُ المحظورات .

    ب-إذا كانت الصورةُ مقطوعةَ الرأس أو ممحوةً لأنها تكونُ كهيئةِ الشجرةِ .

    ج- ما كان من صور ذوات الروح ممتهناً ، مبتذلاً ، منبوذاً ، وتركها أولى .

    د- لعبُ الأطفال التي تصنع من الخرقِ و الرقاع وليس فيها قوة المشابهةِ والمضاهاة لخلق الله .

    هـ- الحيواناتُ والطيورُ المحنَّطةُ ليس فيها محاكاةٌ ومضاهاةٌ لخلق الله ، إلاّ أنه يكرهُ تعليقُها في البيوتِ لأنه من العبثِ وإضاعةِ المالِ والإسراف فيه ، وبعضُ العلماءِ حرّموها سدّاً للذريعةِ إذا أفضت إلى تعَليق الصور الأخرى المحرّمةِ ، أو إلى التعلّقِ بها ظنّا أنها تدفع البلاءَ والضررَ عن البيتِ ، فالأولى تركهُا .

ب- حكمُ استخدامِ الصّور في الترفيه والتسليةِ : ويكون الترفيه بالصور إمّا باستخدام التماثيل المجسّمة للزينة في البيوت أو باستخـدام الحيوانات والطيور المحنطةِ للزينـةِ أو بتعليق الصـور المسطحـةِ في البيـوت أو بالاحتفاظ بالصور لقصد الذكرى أو باستخدام ما يسمَّى بالإنسان الآلي .

* أما استخدام الحيوانات والطيور المحنّطة للزينة في البيوت فقد مرَّ حكمها قبل قليل .

* وأما استخدام التماثيل المجسَّمةِ للزينةِ في البيوت فقد مرَّ حكمها في الصفحةِ السابقةِ .

* وأما الاحتفاظ بالصورةِ لقصدِ الذكرى في البيتِ أو السيارةِ أو الحقيبةِ أو غير ذلك فقد حرّمها جمهور العلماء لعموم الأدلةِ الدّالةِ على تحريم التصوير واتخـاذ الصور ومنها حديثُ علي رضي الله عنه مرفوعـاً ( لا تدعْ صورةً إلا طمستَها ) رواه مسلم ، وكذلك حديثُ جابر قال ( نهى رسول الله عن الصورةِ في البيت، ونهى أن يصنع ذلك ) رواه أحمد والترمذي وهو في الصحيحة للألباني ( 1/709)

* وأما تعليق الصور المسطحةِ في البيوت فحكمُها حكمُ الاحتفاظ بالصورةِ لقصد الذكرى ، وقد اتلف النبيُّ صلى الله عليه وسلم  الستر الذي كان في بيت عائشة فكيف لو رأى أي صورةً من غير ستر !!؟

* وأمّا حكم استخدام ما يسمَّى بالإنسان الآلي : فإذا كانت هذه الآلةُ على شكل إنسانٍ تماماً بكامل أعضائه بما في ذلك الرأس مع الوجه فحكمَها حكمُ استخدام التماثيل ، فإذا قطع الرأس فصار كهيئةِ الشجرةِ فيجوزُ ذلك ، وأما إذا كانت الآلة على هيئةِ الجماداتِ بدون رأس فإنه يجوزُ استخدامها كما دلّ ذلك حديثُ جبريل المتقدم ( فَمُرْ برأس التمثال الذي في البيت يقطع ، فيصيرُ كهيئةِ الشجرةِ ) رواه مسلم .

     15- ومن وسائل الترفيه : السينما : تعرضُ أفلاماً بوليسيةً وجنسيةً وكذلك أفلام الكاراتيه والمغامـرات ، لا يخلو فيلمٌ من آلات الطرب والمعازف واختلاط النساء وكشف العورات ، يتم عرض الأفلام في أجواء غامضةٍ ومظلمةٌ بالإضافة إلى دخان السجائر ، تختلط القاعةُ بالرجال والنساء والمسلمين وغيرهم .

والخلاصـةُ : أن مضار ارتياد دور السينما أكبر وأكثرُ من مضار التلفاز التي مرّت معنا ، وأكثرُ العلماء على تحريم الذهاب إلى دور السينما مطلقاً وبعض العلماء أباحوها بشروط منها خلو الأفلام من المجون والفسقِ وكل ما ينافي الشريعةِ الإسلاميةِ ، وأن لا تشغلَ عن واجبٍ ديني أو دنيوي وأن لا يكون فيها اختلاطٌ بين الرجال والنساء الأجنبيات ، وأن تكون صالةُ العرضِ خالصةً من المنكراتِ والفسادِ .

    16- حبسُ الأطيارِ في الأقفاصِ ووضعُ أسماك الزينةِ في الأحواض : تحبسُ الحيواناتُ في أٌقفاص   للاستمتاع بترنيماتها وسماعِ نغماتها أو التمتُّعُ بجمالِ خلقتِها وغير ذلك من الأغراض .

حكمُ ذلك : من العلماء من كره ذلك كما قال ابنُ مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية (3/361) قال ( أما حبسُ المترنماتِ من الأطيارِ كالقماري والبلابلِ لترنّمها في الأقفاص ، فقد كرهه أصحابُنا لأنه ليس من الحاجات لكنه من البطرِ ورقيق العيش وحبسُها تعذيبٌ ) ومن العلماء من حرّم ذلك كما قال عبد الباقي الزرقاني عند قول الشيخ خليل في باب الزكـاة ( وحرمَ اصطيادُ مأكول لا بنيةِ الزكاةِ ) قال ما نصّه ( بل بلا نيةٍ أصلاً أو نيةِ فُرجةٍ عليه كغزالٍ أو يحبسُه بقفص ولو لذكر الله كدرةٍ وقمري )الآداب الشرعية (3/16) واستدلوا بأن حبس الحيوانات كحبس الآدمي لا فرق وأن ذلك يعتبرُ تعذيباً لها . ومن العلماءِ من أجاز ذلك إذا وفّر لها المأكلَ والمشربَ واستدلوا بحديثِ أنس عند البخاري قال ( كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناس خلقُاً ، وكانَ لي أخٌ يقال له أبو عمير ، وكانَ إذا جاء قال : يا أبا عمير ما فعل النغير ؟ نغرٌ كانَ يلعبُ به ) فتح الباري لابن حجر (10/582) حديث رقم (6203) . قال المناويّ رحمه الله ( فيه جوازُ حبس الطير في نحو قفص لسماع صوتِه أو رؤيةِ لونهِ إذا أحسن القيامَ به ) ذكره عنه الشيخ جسوس في شرح الشمائل صـ222  وقال ابنُ حجر في شرح الحديث في الفتح (10/584)( فيه جواز لعب الصغير بالطير وجوازُ إنفاق المالِ فيما يتلهَّى به الصغيرُ من المباحات وجوازُ إمساك الطير في القفص ونحوه ) وهذا هو الراجح للحديثِ السابقِ وللبراءةِ الأصليةِ أيضاً ، وكذلك حديثُ قصةِ المرأة التي دخلت النار في هرَّةٍ فقد علّق رسول الله الحرمـةَ بحبسها وعدم إطعامها وهذا يفيدُ على أن الحبس مع الإطعامِ والرعايـةِ الضروريـة جائـزٌ لا حرج فيـه .

17- زيارةُ حديقةِ الحيوان : بناء على القول بجواز حبس الحيوان في أقفاص بشرط القيام عليها بالأكل والشرب والرعايةِ ، فإن زيارة حدائقِ الحيوانِ جائزةٌ بقصد الترفيه عن النفس والاستمتاع بهيآتها وأشكالها على اختلافِ أنواعها وألوانها ، وقد تكون الزيارةُ مستحبةً إذا كان القصدُ هو التأملُ في خلقِ اللهِ والتفكّرُّ في آياتِه من خلال مشاهدةِ هذه الحيوانات، ودليلُ ذلك قولُه صلى الله عليه وسلم" تفكّروا في آلاء الله، ولا تفكَّروا في الله عزّ وجلّ " البيهقي وهو في سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني برقم (1788).ولكن يشترط لجواز زيارة الحدائق أن لا تشغل عن واجبِ ديني أو دنيوي ، وأن يتجنب الاختلاط بين الرجال والنساءِ الأجنبيات منعاً للفتنةِ وأن لا تفضي هذه الزيارةُ إلى محرَّم .

18- اللعبُ بالحمام :

* اتخاذُ الحمـامِ لإنتاج الفـراخ والبيضِ أو الأنسِ بها من غيرِ إضاعةِ واجبٍ ، جائزٌ . قال ابنُ مفلح الحنبلي ( وأباح أحمدُ اتخاذ الحمام للأنس ، واعتبر أن تكونَ مقصوصةً لئلا تطيرُ فتأكلُ زروع الناس ) الآداب الشرعية (3/359) .  وأمَّا ما اتُّخذ منها للعب والتطيير والمسابقةِ بها وتتبعها فيحرُمُ عند بعض العلماء ويُكرهُ عند آخرين ، لقوله صلى الله عليه وسلم لمَّا رأى رجلاً يتبع حمامةً " شيطانٌ يتبع شيطانة " رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرُهم من أربع طرق عن أبي هريرة وعائشة وأنس وعثمان ، وهو في صحيح الجامع الصغير (3724) وصحَّحه . وذهب إلى العمل بالحديثِ جلُّ الفقهاءِ ، وذكر الشوكاني في نيل الأوطار (8/94) علَّةَ تسميةِ الحمامةِ شيطانة فقال ( إمّا لأنهّا سببُ اتباع الرجلِ لها أو لأنها تفعلُ فعل الشيطانِ حيثُ يتولّع الإنسانُ بمتابعتها واللعب بها لحسن صورتها وجودة نغمتها) .

* قال ابن قدامة في المغني (9/176) ( واللاعبُ بالحمام يطيرّها لا شهادةَ له ، لأنه سفاهةٌ ودناءةُ وقلّةُ مروءةٍ ، ويتضمّنُ أذى الجيرانِ بطيره واشرافه على دورهم ، ورميه إياها بالحجارةِ ) .

* وذكر ابنُ مفلح الحنبلي عن أحمد ( من لعب بالحمام الطيارةِ يُراهنُ عليها ، ويسرّحهنّ من المواضيع لعباً  لم يكنْ عدلاً ) الآداب الشرعية (3/359) .

* وقال المالكيةُ بردِّ شهادتِه كما في مواهب الجليل (6/153) وبه جزم صاحب الدر المختار عن الحنفيةِ (2/354) مع حاشية ابن عابدين .

* وقال النوويُّ (اتخاذُ الحمام للفرخ والبيضِ أو الأنسِ أو حملِ الكتب جائزٌ بلا كراهة ، وأمَّا اللعبُ بها بالتطيير والمسابقةِ ، فقيل: لا يكَره ، والصحيحُ أنه مكروهٌ ، ولا تردُّ الشهادةُ بمجرَّده ، فإن انضمَّ إليه قمارٌ ونحوه رُدّت ) روضة الطالبين (11/226) . قال الشوكاني في نيل الأوطار (8/94) ( ولا يبعدُ تحريمُه ، لأن تسميةَ فاعله شيطاناً يدلّ على ذلك )

* وخلاصةُ أقوالهم أنه مكروهٌ إلاَّّ إذا أكثر من اللعب به إلى حدود الاشتغال به عن الفرائضِ والغفلةِ عن الواجب أو كان ذلك ذريعةً لارتكاب محرّم كأذيةِ الجيرانِ أو غير ذلك من المفاسد فإنه يكون حينها محرّماً . والله أعلم .

19-20 - اللهو بالتحريش بين الحيوانِ واللهو بصبرِ الحيوان : أمّا التحريشُ بين الحيوانِ فهو إغراءُ الحيوانات فيما بينها ، وتأليبُ بعضها على افتراسِ بعض ، وهذا الفعلُ مخالفٌ لأصول الإسلامِ العامّةِ في الأمرِ برحمةِ الحيوانِ وبالعدلِ ، والنهي عن الظلمِ عموماً وقد روُي في النهى عن التحريش بين البهائم حديثٌ ضعيفٌ عند أبي داود والترمذي ، وهو في ضعيف الجامع الصغير برقم (6036) عن ابن عباس ، ولكن أصول الإسلام تشهدُ له ، وكذلك صحَّ عن بعض السلفِ النهيُ عن ذلك ، فقد ثبت عن ابن عمر أنه كره أن يحرَّشَ بين البهائمِ – كما رواه البخاري في الأدب المفرد ، وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد برقم (936)  والحكمةُ من تحريم التحريش بين الحيوان أن ذلك تعذيبٌ له وإتلافٌ لنفسهِ بدون غرض شرعي أو نظر معقول ، وفيه تضييعٌ للمال وجرأةٌ واستهانةٌ بخلق الله تعالى ، وهو فعلٌ يتنافى مع مكارم الأخلاقِ ، وهو من الظلمِ الذي حرَّم الإسلامُ جميع صورة . ومن هذا اللون المحرم ، مناطحةُ الكباشِ والثيرانِ ومصارعةُ الكلاب والخيولِ والحمير، وكذلك مهارشةُ الديكةِ وغيرها . قال الدكتور أحمد شلبي في كتابه الحياة الاجتماعية صـ238 ( وقد عشتُ فترةً في أندونيسيا ورأيتهم يهتمّون بصراعِ الديكةِ ولقد رأيتُ صاحب الديكِ يعيش له ، يؤثره على نفسِه بالنظافةِ والطعام ومع هذا يسلمه للصراع مع ديكٍ آخر، وقد رأيتُ كلاَّ من أصحابِ الديكةِ المتصارعةِ يربطُ في قدم ديكهِ سلاحاً حاداً يساعدُ على الفتك بالديك الآخر ثم ينطَلق الطائران المسكينان إلى حلبةِ الصراع ، ويحيط بهم الناسُ للفرجةِ على هذا المنظر الأليم ، فيخرُّ أحدُ الديكين صريعاً ، وقد يخرّان معاً ) . قال الشيخ المطيعي في تكملة المجموع (15/141) ( وأما السبقُ بنطاح الكباش ونقار الديكة فهو أسفه أنواع السبقِ وهو باطلٌ  لا يختلف أحدٌ من أهل العلم في عدم جوازه ) وأنظر مغني المحتاج للشربيني (4/312) ومجموع الفتاوى لابن تيمية (32/253) وفيه تنصيصٌ على حرمةِ المناقرة بين الديوك والنطاح بين الكبائش ، ولأن المغالبة بمثل هذه توقع العداوةَ والبغضاء ، وتصدّهم عن ذكر الله وعن الصلاة ).

* وأما اللّهو بصبر الحيوان بحبسه حتى يموت أو نصبه ليرُمى إليه فهو محرّمٌ باتفاق العلماء بلَ هو من كبائر الذنوب للأدلّةِ التاليةِ :

1- عن ابن عباس أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال " لا تتخذوا شيئاً فيه الروحُ غرضاً " رواه مسلم (1957) ، قال المناوي في شرح الغرض( ما ينصبُ ليرُمى إليه ، لما فيه من الجرأةِ والاستهانةِ بخلقِ الله والتعذيب عبثاً ) فيض القدير (6/347) .

2- قال رسول الله " دخلت امرأةٌ النّارَ في هرَّةٍ ربطتها ، فلم تطعمْها ، ولم تدعْها تأكل من خشاش الأرضِ حتى ماتت " رواه البخاري – وأحمد وغيرُهما – صحيح الجامع (3374) .

3- عن سعيد بن جبير أن ابنَ عمر مرَّ بفتيان من قريش قد نصبوا طيراً وهم يرمونَه فلما رأوا ابن عمر تفرّقوا  فقال(إنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم  لعن من اتخذَ شيئاً فيه الروح غرضاً ) رواه مسلمٌ (1958)

4- وعن أنسِ بن مالك أنه دخل على قومٍ قد نصبوا دجاجةً يرمونَها فقال ( نهى رسولُ الله أن تصبَر البهائمُ ) متفقٌ عليه ـ فتح الباري (9/558) ومسلم (1956).

5- وعن جابر قال ( نهى رسول الله أن يقتل شيءٍ من الدواب صبراً ) مسلم وأحمد – صحيح الجامع (6839)

* وفي بيان معنى صبر الحيوان يقول المناويُّ رحمه الله( أي يمسَكَ شيءٌ منها ثم ترُمى بشيءٍ إلى أن تموت  أخذاً من الصبرِ وهو الامساكُ في ضيقٍ ، يقال: صَبَرتَ الدابةَ إذا حبستَها بلا علفٍ ) فيض القدير (6/340)

* وقال النووي رحمه الله ( قال العلماءُ: صبرُ البهائم أن تُحبَسَ وهي حيَّةٌ لتُقتل بالرمي ونحوه، وهومعنى: لا تتخذوا شيئاً فيه الروحُ غرضاً ، وهذا النهيُ للتحريم ولهذا قال رسول الله في روايةِ ابن عمر " لعنَ اللهُ من فعل هذا " شرح مسلم (13/108) . وقال ابنُ حجر في الفتح (9/560) ( واللعنُ من دلائل التحريم )

* وجاء في قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة بمكة في 24 صفر 1408 هـ الموافق 17/10/1987 ما نصَّه ( أما مصارعةُ الثيران المعتادة في بعض بلاد العالم والتي تؤدي إلى قتل الثور بالسلاح فهي محرَّمةٌ شرعاً لأنها تؤدي إلى قتل الحيوان تعذيباً بما يغرسُ في جسمه من سهام وهذه المصارعةُ عملٌ وحشيٌّ يأباه الشرعُ الإسلامي، فإذا كانَ حبسُ الهرَّةِ يوجبُ دخول النارِ يوم القيامةِ فكيف بحالِ من يعذِّبُ الثورَ بالسلاح حتى الموتِ)ذكرها ابنُ باز في مجموع فتاواه صـ410

21- ومن وسائل اللهو والترفيه : إقتناء الكلابِ والقطط والحيوانات الأليفة لغير حاجةٍ شرعيةٍ :

* أما اقتناءُ  الكلابِ في البيوتِ لغير غرض الصيد به أو الحراسةِ للزرع والماشيةِ فلا يجوزُ عند جمهور العلماء من الشافعية والمالكية والحنابلةِ والظاهريةِ للأدلةِ التاليةِ :

1- عن أبي هريرة قال : قال رسول الله " من اتخذ كلباً إلاّ كلبَ صيدٍ أو زرعٍ أو ماشيةٍ انتقص من أجره كلَّ يوم قيراطٌ ) متفق عليه .

2- عن أبي طلحة قال: قال النبيَّ صلى الله عليه وسلم" لا تدخلُ الملائكةُ بيتاً فيه كلبٌ ولا تصاويرُ " متفق عليه

3- قالت ميمونةُ رضي الله عنها ( فأصبحَ رسولُ الله يومئذٍ ، فأمر بقتل الكلاب حتى أنه يأمرُ بقتل كلبِ الحائط الصغير ويترك كلبَ الحائط الكبير ) رواه مسلمٌ (3/1664) وأبو داود (4157) .

* قال النوويُّ في المجموع (9/234) ( قال الشافعيُّ والأصحابُ : لا يجوزُ اقتناءُ الكلب الذي لا منفعة فيه ... ويجوزُ اقتناءُ الكلب للصيدِ أو الزرع أو الماشيةِ بلا خلاف )

* وقال ابنُ قدامة في المغني (4/301) ( لا يجوزُ اقتناءُ الكلب إلا كلبُ الصيدِ أو كلب ماشية أو حرثٍ )

* وقال ابنُ حزم في المحلِّى (9/9) ( ولا يحلُّ اتخاذُ كلب أصلاً إلا لماشيةٍ أو لصيدٍ أو لزرع أو لحائطٍ )

* وقال العثيمين رحمه الله ( إذا كانَ اقتناءُ الكلاب لمجرّدِ الهوايةِ لها، فإنَّ هذا حرامٌ ولا يجوزُ وينتقص من أجره كلَّ يوم قيراطٌ . وبهذه المناسبةِ أودُّ أن أنبّه على ما يفعله كثيرٌ من المترفين كاقتناء الكلابِ في بيوتهم بل ربما يشترونها بأثمانٍ باهظةٍ مع أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم  نهى عن ثمن الكلب) ( متفق عليه ) ، يفعلون ذلك تقليداً لغير المسلمين وهذا لا يجوزُ ) نور على الدرب للعثيمين – مكتبة الضياء .

* قال العلماءُ : الحكمةُ من التحريم إمّا لامتناع الملائكةِ من دخول البيت بسببه وإما لما يلحق المارِّين من الأذى من ترويع الكلب لهم وإما لنجاسةِ لعابه .

قلتُ : وقد أظهرت الدراساتُ العلميةُ المعاصرةُ أن اقتناء الكلاب من العوامل الرئيسية في انتشار بعض الأمراض الخطيرة كمرض الكلب الذي يصيبُ المخَّ وداءِ الجربِ والتيفوئيد وغيرها وأهم وقايةٍ من هذه الأمراض التقيدُ بكلام الرسولِ بعدم اقتناء الكلاب لغير حاجةٍ شرعيةٍ .

وأما اقتناء القططِ والحيواناتِ الأليفةِ الأخرى فيجوزُ اقتناؤها بشرط القيام عليها ورعايتها من حيث المشرب والمأكل والعلاج وكذلك بشرط الرفق بها ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قال " اتقوا اللهَ في هذه البهائم المعجمةِ " أحمد وأبو داود وهو في صحيح الجامع الصغير (104) وقال أيضاً " في كلِّ ذاتِ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ " متفق عليه فتح الباري (5/50) بل قال أهلُ العلم بوجوب النفقةِ على الحيوانِ على مالكه ، فإن امتنع أُجبرَ على بيعه إذا كانَ ممَّا يباعُ أو تسييبهِ إلى مكانٍ يجدُ فيه رزقَه أو ينفقُ عليه، فنصَّ المالكيةُ بأنه يجبُ على صاحبِ الدوابِّ علفُها أو رعيتُها فإن لم يعلفْها أُمر ببيعها أو بذبحها إن كانت ممّا يؤكلُ. القوانين الفقهية لابن جزي صـ148 ، وقال صاحبُ المهذّب من الشافعية ( من ملك بهيمةً لزمه القيامُ بعلفها  المجموع للنووي (18/318) .

*وأمَّا الدليلُ على جواز اقتناءِ القطط في البيوتِ حديثُ أم داود بنِ صالح أن مولاتهَا أرسلتْها بهريسةٍ إلى عائشة رضي الله عنها فوجدتها تُصلِّي، فأشارت إليَّ أن ضعيها، فجاءت هرَّةٌ فأكلت منها فلمَّا انصرفت  أكَلَتْ من حيثُ أكلت الهرَّةُ فقالت: إن رسول الله قال" إنها ليست بنجسٍ، إنما هي من الطوّافين عليكم " وقد رأيتُ رسول الله يتوضأ بفضلها "رواه أبو داود وغيرُه وهو في صحيح سنن أبي داود(76) وفي حديثِ أبي قتاده عند أحمد ( السِّنَّورُ من أهل البيتِ وأنَّه من الطوّافين أو الطوّافاتِ عليكم ) صحيح الجامع الصغير (3694). ويقاسُ عليها بقيةُ الحيواناتِ الأليفةِ الأخرى كالأرنب والسلحفاةِ وغيرها .

 وفي الغنم يقولُ رسولُ الله " اتخذوا الغَنَم فإنها بركةٌ " رواه الطبراني صحيح الجامع الصغير (82) .

 ولا يجوزُ اتخاذُ ما أمرنا بقتلهِ من الحيوانات كالحيَّةِ والعقربِ والفأرةِ والغرابِ والكلبِ العقورِ والحُديَّا والوزغِ ، وسمّاهَنَّ رسولُ الله بالفواسقِ وأمرَ بقتلَها في الحلِّ والحرمِ كما صحَّت بذلك الأحاديث .

22- ومن وسائل الترفيه : ألعابُ السيرك : كانَ عند الرومانِ قديماً ، يقومون فيها بألعابهم العامةِ والشعبيةِ ثم أصبح بعد ذلك تقدّمُ فيه الألعابُ البهلوانية ثم تطوّر حديثاً ودخلت فيه ألعابُ التوازن والأرجوحةُ الخطرةُ والدراجاتُ الناريّةُ والحيوانات المفترسةُ والرجالُ والنساءُ بعوراتِهِم

فما هو حكمُ حضور ألعاب السيرك : قال صاحب الدرِّ المختار في فقه الحنفية (6/404) ( وكذا يحلُّ كلُّ لعبٍ خطرٍ لحاذقٍ تغلبُ سلامتُه ، كرمي لرامٍ وصيدٍ لحيَّةٍ ، ويحلُّ التفرّجُ عليهم حينئذً ) وقد كره الإمامُ مالكٌ حضور مثل هذه الألعاب كما في البيان والتحصيل لابن رشد ( 18/445) .

قلتُ : والأصلُ هو إباحةُ ذلك في مناسباتِ الأعيادِ ، ويشهد لذلكِ إذنُه صلى الله عليه وسلم  لعائشة أن تنظرَ إلى الحبشـة وهم يلعبون بحرابهم في المسجـد النبـوي، والحديث متفق عليه . قال ابنُ حجر عقب الحديث ( وفي الحديثِ جوازُ النظر إلى اللهو المباح ) فتح الباري (1/654) . ولكن القولَ بالجواز له شروطٌ وقيودٌ منها عدم إفضاء هذه الألعاب أو حضورها إلى محرَّم كسماع آلات الطرب والاختلاط بين الرجال والنساء الأجانب وظهور عورات اللاعبين ومنع ألعاب السحر والشعوذةِ وغيرها من المفاسد وكذلك لا يؤدي حضورُ هذه الألعابِ إلى ترك واجبٍ ديني أو دنيوي أو تضييع للأوقات بالدوام على ذلك .

23- ومن وسائل الترفيه عن النفس اللهو بالسبحةِ : وذلك بتعليقها حول العنق أو بالسيارةِ أو إمساكها باليد للتظاهر أو التزيُّن أو العبثِ بحبّاتها أو غير ذلك من الاستعمالات.

ولابد أولاً من معرفةِ تاريخ السبُحةِ وحكمِ التعبّدِ بها ثم حكمُ استعمالها للتسليةِ والترفيـه : السبحـةُ هي خـرزٌ أو غيرُه ينظمُ في خيطٍ ويقال لها مسبحةٌ . كانت شائعةً قبل الإسلامِ في ديانةِ البوذيين ثم الأعاجم كالبراهمةٌ والنصارى ، يتخذونها شعاراً دينياً لهم في صلواتهم ومعتقداتهم الدينيةِ . ولم تكن معروفةً لدى العرب في الجاهليةِ ولهذا لم يرد لها ذكرٌ في كلامهم . ولما جاء الإسلامُ كانَ من هديَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عقدُ التسبيح بالأنامل ، لأنهنَّ مسؤولاتٌ ومستنطقاتٌ يوم القيامةِ كما ثبتت بذلك الأحاديث وليس هناك حديثٌ واحدٌ يفيدُ الإقرار على عقد التسبيح بغير الأنامل ، أما حديث ( نعم المذكِّر السُّبحةُ ) فهو موضوعٌ وأما حديث أبي هريرة أن النبيِّ كان يسبِّح بالحصى فهو موضوعٌ أيضاً وأما حديثُ صفيةَ فقد استنكرِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم  عملها فقال ( ما هذا ) ثم دلَّها على الذكر الجامع والحديث في سنده مقالٌ أيضاً . ولهذا انقرض زمنُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم  ولا وجود للتسبيح بالحصى أو النوى فضلاً عن وجود التسبيح بها منظومةً في خيط ، ثم مضى عصر الصحابةِ ولم يثبت عن واحدٍ منهم أنه خالف هديَ النبيِّ فعدَّ التسبيح والذكرِ بالحصى أو غيرها بل ثبت عن ابن مسعودٍ قولُه ( لقد أحدثتُم بدعةً ظلماً ) بل قطع خيطَ رجلٍ عقده للتسبيح بل ضربَ برجلِ رجلٍ لما رآه يعُدُّ التسبيح بالحصى ، ويعلنُ في الناسِ كراهيتَه للعدِّ بالحصى أو النوى ، وهكذا التابعيُّ إبراهيمُ النخعي ينهى بناتَه عن فتل الخيوط للتسابيح لأنها وسيلةٌ إلى غير المشروع . قال بكر أبو زيد حفظه الله في كتابه السبحةُ صـ100 ( لا يستريبُ منصفٌ أن اتخاذ السبحةِ لتعداد الأذكارِ تشبُّهٌ بالكفّار ، وبدعةٌ مضافةٌ في التعبدّ بالأذكار والأوراد ، وعدولٌ عن الوسيلةِ المشروعةِ ( العدُّ بالأنامل ) التي دلَّ عليها النبيُّ صلى الله عليه وسلم  بقوله وفعله وتوارثه المهتدون بهديه إلى يومنا هذا وإذا انضاف إلى السبحةِ أمرُ زائدٌ مثل جعلها في الأعناقِ تعبّداً وإظهار التنسُّكِ والزهادةِ فإنه يحرم اتخاذها ثم قال صـ109 ( وأمَّا استعمالها للتسلِّي واللعب بها ، فخليقٌ بالمسلم الابتعادُ عن التشبُّه بالكفّار وعدمُ تكثير سواد المبتدعةِ ... هذا ويكونُ التحريمُ للسبحةِ أشدَّ أن كانت من ذهبٍ أو فضّةٍ أو مطليةٍ ، وإن كانت من مادَّةٍ نجسةٍ كعظمِ ما لا يؤكلُ لحمُه ، هذا ومن ضعفِ الأدب وقلّةِ الإحساسِ أن تخاطبَ الشخصَ وهو يعبثُ بالسبحةِ ويتسلّى وأنت مجهدٌ نفسك بإكرامه والحديثِ معه ... والله أعلم ) انتهى كلامه صـ 111 .

انتهينا من ذكر بعض الملاهي الذهنية والنفسية، وهي القسم الأول، وسنتكلم عن القسم الثاني وهو:- ج- الملاهي الرياضيـة :

24- كرة القدم وما يلحقُ بها :

لا يجادلُ أحدٌ في قيمةِ وفوائد التربية الرياضية على الإنسان نفسياً وروحياً وبدنياً ، فالمشيُ والجريُ والرفعُ والوثبُ وغيرُها من المهاراتِ هي من الأمور الضرورية التي يحتاجهُا الفردُ ويمارسها في حياته اليومية ، والنشاطاتُ الرياضيةُ كلّها تنمِّي هذه المهارات ، ومن فوائد الرياضة الصحيَّة أنها تزيدُ سرعةَ الدورةِ الدمويةِ فيزدادُ الأكسجينُ والغذاءُ الذي يصلُ إلى الأنسجةِ ، وتساعدُ وتقوي أعضاء التنفسّ فيتسع الصدرُ ويصفو الدمُ  والرياضةُ أيضاً تساعدُ عمليةَ الهضم وتقوي الشهوةَ لتناول الطعام وتقوي القلبَ وتريحُ الجسم ، بل هي علاجٌ لكثير من الأمراضِ الخطيرةِ ، قال ابنُ القيمِّ رحمه الله في زاد المعاد (4/247) ( ركوبُ الخيلِ ورميُ النشّاب والمسابقةُ على الأقدام ، فرياضةٌ للبدنِ كلِّه ، وهي قالعةٌ لأمراضٍ مزمنةٍ كالجذامِ والاستسقاء والقولنج ).

* وقد مرَّ معنا بيانُ عنايةِ الإسلام بالجانب الترفيهي في حياةِ الإنسان ، ولا تخفى مكانةُ الرياضةِ في هذا المجالِ ، إلاّ أن الإسلامَ لا يجعلُ الرياضةَ غايةً في نفسها ، بل اعتبرها وسيلةً متعينةً لصيانةِ حرمات الدينِ وحقوق المسلمين فإذا كانَ الغرضُ من الرياضةِ هو إعداد الجسم ليكون صالحاً لأداء فريضةِ الجهادِ فالرياضةُ واجبةٌ بناء على قوله صلى الله عليه وسلم : " المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمنِ الضعيف " رواه مسلمٌ (2664) . ويقولُ ابنُ القيمّ رحمه الله ( وأنت إذا تأملتَ هدية صلى الله عليه وسلم في ذلك  وجدتَه أكملَ هديٍ حافظٍ للصحةِ والقوةِ ، ونافعٍ في المعاشِ والمعاد، ولا ريبَ أن الصلاةَ نفسَها فيها من حفظ صحةِ البدنِ وإذابةِ أخلاطه وفضلاتهِ ما هو أنفعُ شيءٍ له ... وفي الصوم الشرعي من أسباب حفظِ الصحةِ ورياضةِ البدن والنفس الكثير ( ثم ذكر الجهادَ والحجَّ والمسابقةَ على الخيلِ والمشيَ في الحوائجِ وتشييعَ الجنائزِ والمشيَ إلى المساجد وغير ذلك ..) زاد المعاد (4/247) . وليس هذا خاصٌ بالرجلِ فقط ، وإنما لم يمنع الإسلامُ المرأة  المسلمةَ من جمعها بين حقِّها في الرياضةِ والتربية البدنيةِ وبين الكرامةِ والاحتشام والعفّةِ ورعايةِ حقِّ الله تعالى وحدوده إذا ما اقتصرت على الألعابِ التي تتناسبُ مع أهدافِ الشريعةِ . فحسبُ المرأةِ من الرياضةِ بعضُ الحركاتِ الجسميةِ التي لا تستدعي خروجها من بيتها ،  فضلاً عن فوائد العمل المنزلي الذي تمارسه المرأة من خلال إشرافها على بيتها تنظيفاً وترتيباً بالإضافة إلى أداء الفرائضِ الدينيةِ اليوميةِ ، أمّا خروجهُا من بيتها لممارسةِ الرياضةِ فلا يخلو غالباً من مفاسد منها ما في قوله صلى الله عليه وسلم " ما من امرأةٍ تخلعُ ثيابها في غير بيتها إلاّ هتكت ما بينها وبين الله تعالى " رواه أحمد والترمذي وهو في صحيح سنن أبي داود (4010) . ثم أنه ليس ممتنعاً اطلاعُ الأجانبِ على عورات النساء في أماكن ممارسة الرياضة .

* وقد مرّت معنا كثيرٌ من الضوابط الشرعيةِ للقضايا الترفيهية منها أن لا تفُضي إلى محرّمات ولا تصدّ عن واجباتِ وأن لا تؤدي إلى العداوةِ والبغضاء بين المسلمين ، وأن لا تؤدي إلى لحوقٍ أذىً بالآخرين أو إلى ضررٍ على النفسِ أو غيرها من المفاسد وهذه الضوابط تنطبقُ أيضاً على الملاهي والألعابِ الرياضيةِ وخاصةَ ما يتعلقُ بإظهارِ العوراتِ ومنها الفخذُ . ولذلك لابدّ من معرفةِ الأحكام الشرعيةِ للعورات وخاصةً الفخذ : والعورةُ في الشرع هو ما يجبُ سترهُ من الجسدِ عن أعينِ مَنْ لا يجوزُ النظُر إليه ، وجاءت الأوامرُ في الكتاب والسّنةِ بحفظ العورات للرجالِ والنساءِ .فعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال " لا ينظرُ الرجلُ إلى عورةِ الرجل ، ولا المرأة إلى عورةِ المرأةِ " مسلم في كتاب الطهارة (4/30) ، فما هي حدود عورةِ الرجلِ وعورةِ المرأةِ ؟ .

* أما عورةُ الرجل فاختلف العلماءُ في حدِّها فذهب الجمهورُ من المالكيةِ والشافعيةِ والحنابلةِ إلى أن عورةَ الرجلِ ما بين السرَّة والركبةِ وليست السُرَّةُ والركبةُ من العورةِ . ذكر ذلك ابنُ عبد البرِّ في الكافي (1/238) والنوويُ في المجموع (3/168 ) وابن مفلح في الفروع (1/329) وهو القول الراجح للأدّلةِ التالية :

1- ما أخرجه البخاريُّ تعليقاً (1/371) عن ابن عباسٍ وجَرهدَ ومحمد بن جحش عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنه قال " الفخذُ عورةٌ "ورواه الترمذيُّ وأبو داود والحاكمُ  وصحَّحهُ الألباني بمجموع طرقه في إرواء الغليل تحت حديث (269) وحديثُ جَرهد في صحيح سنن أبي داود (4013) وهو في صحيح الجامع الصغير أيضاً برقم (4280) .

2-حديثُ عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه مرفوعاً ( ما بين السُّرَّةِ والركبةِ عورةٌ ) رواه الدارقطني وغيرُه ، وحسنه الألباني في ارواء الغليل (271) وقال ( وعزوه للدارقطني وحده قصورٌ فقد أخرجه أبو داود في سننه وأحمد في مسنده ). والحديثُ رواه الحاكم عن عبد الله بن جعفر رفعه ( ما بين السُّرَّة والرّكبةِ عورةٌ ) وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (5583) . قال الألباني رحمه الله في الارواء تحت حديث(269) (1/298)( ولكن هناك أحاديث أخرى تخالفُ هذه )( ثم ذكر حديث عائشة في قصةِ دخولِ أبي بكر وعمر على رسولِ الله وهو مضطجعٌ في بيته كاشفاً عن فخذيه، فلما دخل عثمانُ سوَّى ثيابه، وحديثَ أنس أن رسول الله أردفه يوم خيبر وأنه رأى فخذَ رسول الله بعد أن انحسر الإزارُ عنه – ثم قال بإمكانية الجمـع بين الأحاديث وأن الأقـرب أن يقال في الجمـع بينها ما قاله ابنُ القيـمِّ في تهذيب السنن (6/17) ( وطريقُ الجمع بين هذه الأحاديث ما ذكره غيرُ واحد من أصحاب أحمد أن العورةَ عورتان : مخففةٌ ومغلّظةٌ ، فالمغلّظةُ السؤأتان ، والمخففّةُ الفخذان ، ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورةً ، وبين كشفهما لكونهما عورةً مخفّفةً والله أعلم ) والخلاصةُ أن الفخذَ عورةٌ كما قال جمهور العلماء .

قال العثيمين رحمه الله ( إذا كانَ الممارس للرياضةِ ليس عليه إلاّ سروالٌ قصيرٌ يبدو منه فخذه أو أكثرُه فإنه لا يجوزُ فإن الصحيحَ أنه يجبُ على الشبابُ سترُ أفخاذهم وأنه لا يجوزُ مشاهدةُ اللاعبين وهم بهذه الحالةِ من الكشفِ عن أفخاذهم ) فتاوى العثيمين (2/986) إعداد أشرف عبد المقصود .

أما عورةُ المرأةِ فقد أجمع العلماء على أن يجب على المرأةِ سترُ ما عدا الوجه والكفين لأنه عورةٌ واختلفوا في الوجه والكفين مع اتفاقهم على وجوب سترهما عند عدم أمن الفتنةِ .

هذه مقدّمةٌ لابد منها قبل الكلام عن أنواع الملاهي الرياضية وأحكامها الشرعية .

أما كرةُ القدم وما يلحقُ بها من الرياضات الجماعية ككرةِ اليد وكرةِ السلّةِ وكرةِ الطائرةِ وغيرها ، فالقولُ فيها جميعاً قولٌ واحدٌ لا يختلف .

كـرةُ القـدم : هي رياضةٌ قَديمةٌ مفيدةٌ للجسم ، لاشك في جوازها إذا روعي فيها الالتزام بتغطيةِ العورة وخلوِّها من القمار والمفاسدِ وأن لا تكون سبباً للبغضاء والعداوةِ بين اللاعبين ولا تؤدي إلى تضييع واجب دنيوي أو ديني . والذي يشاهدُ هذه الرياضةِ في أيامنا يجدْها في أكثر البلاد قد انحرفت من كونها وسيلةً تربويةً تساهمُ في بناء اللياقةِ البدنيةِ والقيمِّ الأخلاقية العاليةِ إلى صورة من صور الجاهليةِ الحديثةِ ، فقد تحولت في ملاعب كرة القدم إلى وسيلةِ لإشعال نيران العداوةِ والبغضاءِ بين اللاعبين من وجهةٍ وبين الجمهور في المدرّجات من جهةِ أخرى ، بالإضافة إلى صدِّها عن ذكر الله وعن أداءِ الواجبات الشرعيةِ وغيرها من المفاسد ، فإذا اقترنت معها المحذوراتُ والمفاسدُ والأضرارُ فيكونُ حكمُها حكمَ هذه القرائن . قال الشيخ عبد العزيز السلمان رحمه الله ( ومن علم ما ينشأ من الكرةِ من ضياعِ صلاةٍ وضياعِ أوقاتٍ وكلامٍ فاحشٍ وانكشافِ عورةٍ وأضرار بدنية ، وقيل وقال ، ونسيانٍ لذكر الله لم يشكَّ في تحريم لعبها الذي ينشأ عنه ذلك ) الأسئلة والأجوبة الفقهية (5/358) .

فالأصل أن لعبة كرة القدم والسلّـة والطائرةِ والتنس وغيرها من الأمور المباحـةِ ، فإذا أفضت إلى حرام أو خالطها حرام أو أدّت إلى مفاسد دينية أو دنيوية فقد حرّمها العلماء .قال الشيخ مشهور حسن في كتابه كرة القـدم بين المصالح والمفاسـد الشرعيـة صـ 14 ( ممارسةُ كـرة القدم من الأمور المشـروعةِ ، إذْ لا نعرفُ دليلاً يحرِّمها ، والأصلُ في الأشياء الإباحةُ ثم قال صـ19 ( ولم تحصرْ الوسائلُ في الشرع التي تعينُ على تقوية البدن ، لكنّ هذا الحل مشروطٌ بعدم التعِّدي على الأحكام الشرعيةِ ، وكذا بعدم الوقوع في المضارِّ التي سيأتي ذكرها ، فإذا اقترنت معها المحذورات والمفاسدُ والأضرارُ فيكون حكمُها حكمَ هذه القرائنِ فقد يصلُ حكمهُا إلى درجةِ التحريم في حقِّ بعض المتعصبين ) .قال الشيخ العثيمين في الفتاوى (2/986) اعداد أشرف عبد المقصود ( ممارسةُ الرياضةِ جائزةٌ إذا لم تلهِ عن شيءٍ واجب ، فإن ألهت عن شيءٍ واجب فإنها تكون حراماً ، وإن كانت ديدنَ الإنسانِ بحيث تكون غالب وقته فإنَّها مضيعةٌ للوقت وأقلُّ أحوالها في هذه الحال الكراهةُ ، أما إذا كانَ الممارس للرياضةِ ليس عليه إلاّ سروالٌ قصيرٌ يبدو منه فخذُه فإنه لا يجوز فإن الصحيح أنه يجبُ سترُ الفخذ وأنه لا يجوزُ مشاهدةُ اللاعبين وهم كذلك ) .

وجاء في فتوى اللجنةِ الدائمةِ مجلد (4/432) ما يلي ( الدخولُ في الملعب لمشاهدةِ مبارياتٍ لكرة القدم إن كانَ لا يترتب عليه تركُ واجبٍ كالصلاةِ وليس فيه رؤيةُ عورةٍ ، ولا يترتب عليه شحناءُ وعداوةٌ فلا شيء فيه ، والأفضلُ ترك ذلك لأنه لهوٌ ، والغالبُ أن حضوره يجرّ إلى تفويت واجبٍ وفعلِ محرَّمٍ ) .

25- البليـاردو : لعبةٌ تتمَّ على طاولةٍ يتخللها عدَّةُ ثقوبٍ مع بعض كراتٍ وعصا ، يسعى اللاعبون إلى إصابةِ الهدف بضرب الكرات بالعصا كي تدخل الثقوب . لها فوائد صحِّيةٍ بسبب المشي وكثرةِ الحركةِ .

حكمُها :  لأنها تخلو من معاني الجهادِ والتدريب القتالي وكذلك لا تؤدِّى إلى تقوية الجسم ، فهي من الألعاب التي  لا تترتب عليها فائدةٌ معتبرةٌ من وجهةٍ شرعية ، بالإضافة إلى أنها مهدرةٌ للوقتِ في غير منفعةٍ ، فهي مكروهةٌ كالشطرنج إلاّ إذا خالطها قمارٌ أو أفضت إلى حرامٍ أو أشغلت عن واجبٍ ديني أو دنيوي فهي حرام

26- لعبةُ الجولف : لا تختلف رياضةُ الجولف عن البلياردو إلاّ بارتفاع تكاليفها وجوائزها الباهظةِ ممَّا يجعلها لعبةً أشدّ كراهةٍ من سابقتها .

27- الرمايـةُ : رياضةٌ يستخدم المتُسابقُ فيها نوعاً من السلاح ، ويصوّبُ نحو هدفٍ معينٍ لإصابته ، والإسلامُ رغّبَ في تعلّم الرمايةِ ، فعن عقبة بن عامر قال : سمعتُ رسول الله وهو على المنبر يقول " وأعدُّوا لهم ما استطعتُم من قوّةٍ " ألا إنّ القوّةَ الرميُ ألا إن القوةَ الرميُ ألا إنّ القّوةُ الرمي ) رواه مسلم (1917) وأبو داود وأحمد وفي صحيح البخاري (2899) عن سلمة بن الأكوع قال( خرج رسول الله بنفر ينتضلون فقال " ارموا بني اسماعيل فإنّ أباكم كانَ رامياً " فحكمُ الرماية مستحبٌ، واعتبر الإسلام نسيانَهُ أو تركَه إلى حدِّ الإهمال كبيرةُ مشينةً ،فقد روى مسلمٌ في صحيحه (1919) عن عقبة بن عامر أنه سمع رسول الله يقول " من علمَ الرميَ ثم تركه ، فليس منىِّ أو قدْ عصى " وإطلاقُ الرمي في الأحاديثِ النبوية يشملُ كلَّ ما يرُمى به العدو من سهمٍ أو قذيفةٍ أو طيارةٍ أو بندقيةٍ أو مدفعٍ أو غير ذلك فإن اللفظ يشملها جميعاً .

28- السباحـةُ : رياضةٌ مفيدةٌ للجسم ، وهي من اللهو المستحب وقد مرَّ معنا قولُه صلى الله عليه وسلم " كلُّ شيءٍ ليس من ذكر الله لهوٌ ولعبٌ إلاّ أن يكون أربعةً : ملاعبةُ الرّجل إمرأتَه وتأديبُ الرجلُ فرسَه ، ومشيُ الرجل بين الغرضين وتعليمُ الرجل السباحة" رواه النسائي وهو في صحيح الجامع الصغير (4534) .

والسباحةُ لها فوائدُ صحيّةٌ ونفسيةٌ منها أنها تقوي الجسمَ وتنشط الدورةَ الدموية ، وتساهمُ في تسكين الجهاز العصبي وتساعدُ على الهضمِ والانشراح النفسي للأكل وتساعدُ الجلدَ على انفتاح مسامه لإفراز بعض الفضول السامةِ مع العرق ،وتلحقُ بالسباحةِ ألعابٌ أخرى كالغطس والغوصِ تحت الماء والتزلَّج على الماءِ وغيرها . وهذا الأنواعُ من الألعابِ تلحقُ بالسباحةِ في الحكمِ مادامت تحافظُ على الضوابط السابقةِ في الألعاب المتقدمةِ  ولا تظهر فيها العورات ومنها الفخذ .

د- العاب فنون القتال :

29- رياضةُ الكاراتيه ويلحق بها الجودو والتايكاندو : الكاراتيه فن من فنون القتال والدفاع عن النفس  باليدِ المجرّدة من كل سلاح . وهي مفيدةٌ جداً لممارسيها من الناحيةِ الجسميةِ والنفسيةِ والأخلاقية ، فلباسُها ساترٌ للعورةِ بالشكل التام ، والمتسابقون يُمنعون من تسديد الضربات التي تسبب ضرراً للاعب المنافس ، ولكن لا تخلو هذه اللعبةُ من بعض التجاوزات الشرعيةِ فهي تسمحُ بتوجيه الضربات إلى الوجه وهذا محرّمٌ كما سيأتي في حكم الملاكمةِ ، بالإضافةِ إلى اشتمالها على بعض الطقوس الدينيةِ الهندية منها تلك التحيةُ المتبادلةُ بين المتبارزين وهي إنحناءةٌ قريبةٌ من الركوع . فإذا خلت من هذه التجاوزات الشرعية فهي جائزةٌ بحدود الضوابط الشرعيةِ الأخرى في الملاهي .

30- الملاكمـةُ : إنّ الملاكمة أسوأُ أنواع الألعاب الرياضية لأن الهدف الرئيسي منها هو إيذاءُ الخصم وطرحُه أرضاً ويُفضّل أن يكون ذلك بالضربةِ القاضيةِ ، وبعضُهم يموتُ بها وبعضُهم يصابُ بعاهةٍ مستديمةٍ، وقد نادت برلَماناتٌ كثيرةٌ بمنعها ونجحت السويدُ في ذلك .

حكمُها : إنّ الشريعةَ الإسلاميةَ تحرمُ الضرر بالنفس وبالغير وهذه الرياضةٌ ضارّةٌ للاثنين وكذلك تحرّمُ الشريعةُ الضربَ في الوجه فقد روى البخاريُّ في صحيحة (2559) عن أبي هريرة أن رسول الله قال " إذا قاتل أحدُكم فليجتنب الوجه " ، وهذه الرياضةُ تقوم على استباحةِ ذلك بالإضافةِ إلى ما بها من كشف الفخذ وهو من العورةِ عند جمهور العلماء كما مرَّ معنا . ولذلك لا يجوزُ ممارسةُ هذه اللعبةِ .

31- المصارعةُ : رياضةٌ تستخدم في الدفاع عن النفس ، وهي مفيدةٌ للبدن مقوّيةٌ للجسم على الجهاد في سبيل الله ، وهي مشروعةٌ بضوابطها الشرعيةِ ، فقد روى أبو داود والترمذيُّ أن ركانةَ صارع النبيَّ صلى الله عليه وسلم  فصرعهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، والحديثُ حسنه الألباني بشواهده في ارواء الغليل (5/329) .

* وذكر بعضُ العلماءُ الإجماعَ على مشروعيةِ المصارعةِ باعتبارها مفيدةٌ كإبن عبد البَرِّ في التمهيد (14/88) وابن قدامه في المغني (8/666) والشربيني في مغني المحتاج (4/312) وانظر كتاب الأم للشافعي (4/148) .

* قال الشيخ المطيعي في تكملةِ المجموع ( 15/141) ( قد كانت المصارعةُ تقوم عند السلف على قوّةِ البدنِ ، وعلى إحسانِ القبضةِ على الخصم وإلقائه أرضاً ، وهي في زماننا على أنواع منها الحرَّةُ والرومانية واليابانية ولكل نوع منها أسلوبه في صرع الخصم ).

ونظراً لاختلاف المصارعةِ عند السلف وبين المصارعةِ في زماننا فالقولُ بجوازها لابدّ له من شروط منها :

أ - سترُ العورةِ وعدمُ كشفِ العورات وهي في الرجل من السترَّةِ إلى الركبةِ .

ب- عدمُ خروج المصارعةِ عن مقاصد الشريعةِ من حفظ الدين والنفسِ والعقلِ والنسل والمالِ .

ج- أن لا يترتب على المصارعةِ ضررٌ أو إيذاءٌ .

د-أن لا تشاركَ فيها النساءُ لعدم توفر شرط ستر العورة ولما فيه من الخروج عن مقاصد الشريعةِ .

فإذا خلت المصارعةُ من هذه المحذورات فهي جائزةٌ بحدود الضوابط الشرعيةِ العامة للملاهي .

32- المسايفةُ : أي المبارزةَ بالسيفِ وهي من أقدم أنواع الرياضة القتاليةِ ومن هذا القبيل مشهدُ غزوةِ بدر الكبرى ، عندما عرض الرسولُ صلى الله عليه وسلم حمزّةَ وعلياً وعبيدةَ بنَ الحارث للتصدي لثلاثي قريش شيبةَ وعتبةَ والوليد بنِ عتبةَ وهذه المسايفةُ مندوبٌ إليها إذا كانت للتدريب على القتال في سبيل الله ، أمَّا رياضةُ المسايفةِ بشكلها الحالي فلا تعدو من دغدغةٍ جسديةٍ يتبادلها المتصارعانِ في مقابلةٍ بعيدةٍ عن روح القتال الجدِّي فهي جائزةٌ في حدود الضوابط الشرعيةِ للملاهي .

33- الصيـدُ : رياضةٌ فيها مطاردةٌ للحيوانات والطيور في البراري لاصطيادها باستخـدام البندقيـةِ أو الفـخِّ أو الشباكِ أو حيوانات الصيد كالكلبِ والصقرِ وغيرها وكذلك هوايةُ صيدِ السمك في البحار والأنهار.

 حكُمه : ذهب الجمهورُ إلى أنه مباحٌ في غير حرمِ مكَّةً وحرمِ المدينةِ ، ففي الصحيحين من حديث أبي ثعلبة الخشني أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال " ما صدتَ بقوسك فذكرتَ اسمَ الله عليه فكُل ، وما صدتَ بكلبكَ المعلَّم فذكرت اسمَ الله عليه فكُل ...) فتح البارى (9/519) قال ابنُ حجر في الفتح (9/517) ( فيه إباحةُ الاصطياد للانتفاع بالصيد للأكلِ والبيعِ وكذا اللهو بشرط قصدِ التذكيةِ والانتفاع ... فلو لم يقصد به حرُمَ لأنه من الفسادِ في الأرضِ بإتلافِ نفسٍ عبثاً ) كذلك يكرهُ الصيدُ إذا اشتغلَ به صاحبُه وكانَ ديدناً له لما فيه من مضيعةِ للوقتِ ولأنه يؤدي الاشتغال به إلى الغفلةِ عن ذكر الله تعالى ، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم  " من سكن الباديةَ جفا ، ومن اتَّبع الصيدَ غفل ، ومن أتى أبواب السلطان افتتن " رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وهو في صحيح الجامع الصغير للألباني رقم (6296) و (6124) وحملَ ابنُ حجر الحديثَ على من لازمه وأكثر منه لأنه قدَ يشغله عن بعض الواجباتِ وكثيرٍ من المندوبات ، أنظر فتح الباري (9/517) . فالصيدُ يكونُ جائزاً للمعاشِ ومندوباً للتوسعةِ على العيالِ وواجباً للدفاع عن النفسِ ومكروهاٌ للهو بالاشتغال به ، وحراماً إذا كانَ عبثاً لغيرِ نيةٍ إلاّ لتعذيب الحيوانِ والتسليةِ بقَتلِه .

أحكامٌ تتعلقُ بالصيدِ :

1- أن يقصدَ الصائدُ في صيده الأكلَ أو الانتفاع المشروع به .

2- أن لا يكونَ الصائد محرماً بحجٍ أو عمرةٍ إلا صيد البحر قال تعالى ) وحُرِّمَ عليكم صيدُ البَرِّ ما دمتمُ حُرُماً ( المائدة (96) .

3- يشترط الصيدُ بالآلةِ النفاذِ والخدشِ لا بالثقلِ فلا يصادُ بالعصا والحجرِ لأنه كالموقوذةِ .

4- يشترطُ للصيدِ بالحيوانِ ككلبِ أو بازٍ أو صقرٍ أن يكونَ معلَّماً .

5- أن لا يشارك كلبَ الصيدِ أو صقرَ الصيد غيرُه من الكلابِ أو الصقور لأنه لا يدري من الذي أمسكه المذكورُ اسمَ الله عليه عند ارساله أو غيرُه وذلك لحديث ( فإن وجَدتَ مع كلبك كلباً غيرَه وقد قتل فلا تأكل ، فإنّك لا تدري أيُّهما قتله ) رواه البخاري وهو في فتح الباري (9/518) .

6- أن لا يأكل ، الكلبُ منه شيئاً لحديث ( إلاّ أن يأكلَ الكلبُ فلا تأكل ) البخاري (5488) .

7-  أن لا يظهر على الصيدِ أثرُ النتن لحديث ( كلْ ما لمْ ينتن ) رواه مسلم (3/1532) .

8-  أن يسمِّيَ الله تعالى عند الرميِ أو إرسالِ الجارحِ لقوله تعالى ) واذكر اسم الله عليه ( المائدة (4)

34- سباقُ الخيل : ان ركوبَ الخيل والفروسيةَ رياضةٌ قديمةٌ . وهي رياضةٌ رغّب الإسلامُ في تعلَّمها وتحصيلها وهو ما يؤكده اتفاقُ العلماءِ على استحبابها وفي الخيل يقولُ صلى الله عليه وسلم " الخيلُ معقودٌ بنواصيها الخيرُ إلى يوم القيامـة " متفقٌ عليه – فتح البـاري (6/64) . وعن ابن عمـَر قال ( سابقَ رسول الله بين الخيلِ ) متفق عليه – البخاري (420) ومسلم (1870) وغيرُهما . وعنه قال ( أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم  سبّقَ بين الخيل وأعطى السابقَ ) ابن أبي عاصم وصححه الألباني في الأرواء (5/336). وعن أبي هريرة أن رسول الله قال " لا سَبَقَ إلاّ في نصلٍ أو خفٍّ أو حافرٍ " رواه أبو داود والترمذي وهو في صحيح سنن أبي داود (2574) ، والسَبَقُ هو العوضُ الذي يأخذه السابقُ أو الفائزُ والمعنى أن الجُعل والعطاء لا يستحق ولا يصح إلاّ في سباقِ الخيل والأبلِ والنصلِ فرغّب الإسلام بسباق الخيل بل وأباح العوضَ والجائزةَ للفائز . فإذا كانَ ركوبُ الخيلُ والفروسيةُ للاستعداد للجهادِ في سبيل الله فهو مستحبُّ  فإذا كانَ للترفيه عن النفسِ والتسليةِ فهو جائزٌ بحدود الضوابط الشرعيةِ للملاهي .

35- سباقُ الأبلِ : وهذه الرياضةُ أشهرُ وأكثرُ من الفروسيةِ وخاصة في جزيرة العرب منذ القديم لأنها أكثرُ مركوبِ العرب مع امتيازها بالسرعةِ ، وهي من السباقات التى وقع الاتفاقُ عليها من الفقهاء قاطبة أنها مستحبةٌ فقد روى البخاريُّ في صحيحة (6/73) عن أنس قال ( كانت العضْباءُ لا تُسبقُ ، فجاء اعرابيٌّ على قعودٍ له  فسابقها فسبقها الأعرابيُّ ، وكأنَّ ذلك شقَّ على أصحاب رسول الله فقال ( حقٌّ على الله أن لا يرتفع شيءٌ إلاّ وضعَهُ ) البخاري(2871) . وحكمُ سباقِ الإبل كحكم سباقِ الخيل .

36- سباقُ السياراتِ والزوارقِ والدراجات : وهذه من الرياضات الجائزةِ إلاّ إذا خشي حدوثُ الهلكةِ أو غلبة الظنِّ بذلك ، بسبب السرعاتِ الجنونية ، وقد قال الله تعالى ) ولا تُلقُوا بأيديكم إلى التهلكةِ ( وقال صلى الله عليه وسلم  " لا ضرر ولا ضرار " .قال الشيخ مشهور حسن في تحقيقه لكتاب الفروسية لابن القيمِّ صـ112  ( والسيارةُ ليست من آلات الحرب كالإبل والخيل في الماضي ، ولا تقوِّي بدن سائقها ، وليس في هذا المعنى داع لإجازةِ السباقِ عليها فضلاً على أنه من اللهو المحظور ، لما فيه من مخاطر كبيرةٍ على النفسِ ، فقلّما يخلو سباقٌ من سباقات السيارات من حادث تتحطم فيه السيارة بالمسابقِ ممّا يؤدي إلى وفاتِه أو اصابتهِ بأضرار بالغةٍ ، وهذه المخاطرةُ التي يتسبب عنها سباَقَ السيارات كافيةٌ بأن تجعله محرّماً ). ويقال نفس الحكم في سباقات الزوارقِ السريعةِ والدراجاتِ الناريةٍ . وأما إذا خلت السباقات من المخاطرةِ كسباقات الزوارق الشراعيةِ أو الدراجات الهوائيةِ أو غيرها فالأصلُ فيها الجواز وبحدود الضوابط الشرعيةِ للملاهي الترفيهية .

37- ومن وسائل الترفيه : السياحةُ والأسفارُ والرحلاتُ :  الإنسانُ ينتقلُ ويرتحلُ من بلد إلى بلد يلتمسُ العيش الرغيدَ أو الطقسَ الجميلَ ، أو زيارةَ قَريب بعيدٍ أو طلب علم نافع أو غير ذلك .وقد اعتنى القرآن بالسياحةِ والحثِّ عليها في آياتٍ عديدات منها : قال تعالى  ) قل سيروا في الأرضِ ثم انظروا كيف كانَ عاقبةُ المكذِّبين ( الأنعام (11) . وتتنوع الرحلاتُ والأسفارُ بتنوع أهدافها ومقاصدها ، وللسفر والرحلاتِ آثارٌ تربويةٌ منها تدبرُّ وتأمل مصائرَ الغابرين وما تركوا من آثار تدلُّ على ماضيهم ، والاستفادةُ من النهضةِ العلميةٌ عند الآخرين والتفكّر في مخلوقات الله والترفية عن النفس من عناء الأعمال اليومية المتكررة .

حكمُها : أما السفر إلى بلاد المسلمين فهو جائزٌ إذا كانَ للترفيه عن النفسِ بالضوابط الشرعية للترفيه . وقد يكون واجباً إذا كانَ لأداء فريضةِ الحج أو الجهاد في سبيل الله ، وقد يكون مندوباُ إذا كانَ لطلب التوسُّع في العلوم والفنون والصناعاتِ التى تنفع المسلمين ، وقد يكونُ محرّماً أو مكروهاً إذا قصد به عملٌ محرّمٌ أو مكروهٌ ) راجع تفسير المنار (8/290) .

ومن أمثلةِ السفرِ المحرَّم شدُّ الرحالِ قصد العبادةِ إلى غير المساجدِ الثلاثةِ المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم " لا تُشدُّ الرحالَ إلاّ إلى ثلاثةِ مساجد: المسجدِ الحرام ، ومسجدِ رسول الله والمسجد الأقصى " متفق عليه . أما السفرٌُ والسياحةُ إلى بلاد الكفّار بغير حاجةٍ شرعيةٍ فقد حرّمه العلماء للنصوص الواردةِ في النهي عن الإقامةِ بين المشركين ومنها قوله صلى الله عليه وسلم " أنا بريءٌ من كلِّ مسلم يقيمُ بين أظهرِ المشركين، لا تراءى نارهما " أبو داود والترمـذي وهو في صحيح الجامع (1461) . قال الشيخ ابن بـاز رحمه الله ( لا ريب أن السفر إلى بلاد الكفرِ فيه خطرٌ عظيمٌ ... فالسفر إلى بلاد المشركين وإلى البلاد التي فيها الحرية وعدم إنكار المنكر فيه خطرٌ عظيمٌ على دينه وأخلاقه ... فكم من صالح سافر ورجع فاسداً ، وكم من مسلم رجع كافراً ... وقد صرّح أهلُ العلم بالنهي عن ذلك والتحذير ِ منه ، اللهم إلا رجلٌ عنده علمٌ وبصيرةٌ فيذهبُ إلى هناك للدعوة إلى الله ... أما الذهابُ من أجل الشهواتِ وقضاء الأوطار الدنيوية في بلاد الكفر فهذا لا يجوزُ ... وهكذا السفر إلى بلاد الشركِ من أجل السياحةِ أو التجـارةِ أو زيارة بعض النـاس أو ما أشبه ذلك فكلّه لا يجوزُ لما فيه من الخطر العظيم والمخالفة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ) فتاوى علماء البلد الحرام صـ91 .

*قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله إجابة على سؤال: ما حكمُ السفر إلى بلاد الكفّار وحكمُ السفرِ للسياحةِ ؟ قال ( السفرُ إلى بلاد الكفّار لا يجوزُ إلا بثلاثةِ شروط : الشرط الأول : أن يكون عند الإنسانِ علمٌ يدفع به الشبهات ، الشرط الثاني : أن يكون عنده دين يمنعه من الشهوات، الشرط الثالث : أن يكون محتاجاً إلى ذلك: فإن لم تتم هذه الشروط فإنه لا يجوزُ السفرُ إلى بلاد الكفار لما في ذلك من الفتنةِ وإضاعةِ المالِ الذي فيه تنمية لاقتصاد الكفّار ، أما إذا دعت الحاجةُ إلى ذلك لعلاجٍ أو تلقي علم لا يوجدُ في بلده الكفّار فهذا ليس بحاجةٍ وبإمكانه أن يذهب إلى بلاد إسلاميةٍ … ) المجموع الثمين (1/49) فتاوى علماء البلد الحرام صـ92

*ومن قبيل السياحةِ المشروعةِ رحلاتٌ إلى الحدائقِ والمعارضِ والمتاحفِ والمزارع والقرى وأماكن الآثار والمناطق الجبليةِ وفي حدود الضوابط الشرعية للترفيه عن النفس .

 

 'فائدتان مُهمتان :

الفائدةُ الأولى : ما يجوزُ فيه العوض من الألعاب الرياضية :

العـوض : هو ما اصطلح عليه الفقهاء بالجائزةِ أو الجعل الذي يخصص للفائز في السباق ، ويسمى كذلك بالسبَق . قال ابن منظور ( والسَبَقُ : ما يُجعل من المال رهناً على المسابقةِ ) لسان العرب (10/151) .

وصور إخراج العوض في السباقات ثلاث :

الصورة الأولى : أن يكون العوض من السلطان أو شخص ثالث من غير المتسابقين ليأخذه من سبق ، وهذه الصورةُ جائزةٌ باتفاق الفقهاء في السباقات والملاهي المشروعة .قال ابن حجر في الفتح (6/85) ( اتفقوا على جوازها ـ أي المسابقة بعوض بشرط أن يكون من غير المتسابقين كالإمام ) وانظر المغني لابن قدامة (11/131) . قال الشيخ محمد العثيمين ( إذا كان دفع الجائزة ممَّن لا يشارك بالمسابقةِ مثل أن يدفع شخصٌ ليس من المتسابقين مبلغاً من المال للغالب ، فلا يدخل هذا في الميسر الحرام ، أما إذا دفع الجائزة الفريقان المتسابقان ، فهذا من الميسر الحرام ) فتاوى علماء البلد الحرام صـ708 . قال الشيخ مشهور حسن ( إذا دفع كلُ واحدٍ من الفريقين في كرة القدم مبلغاً يُعطى للفريق الفائز، فهذا غيرُ مشروع وفيه مقامرة ، أما إذا قُدّم العوض من فريق ثالث فجعله للغالب أو الفائز أو قال أحدهما للآخر: إن غلبتني فتغنم وإن غلبتك فلا تغرم ، فهذه الصور كلها مشروعة كما بسطه الإمام ابن القيم في كتابه الفذ الفروسية بتحقيقي صـ325 ) كتاب كرة القدم صـ44 للشيخ مشهور حسن .

الصورة الثانية : أن يكون العوض من أحد الجانبين ، يؤخذ منه إذا سبقه الآخر . وهذه الصورة جائزةٌ عند جمهور العلماء كما حكاه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (6/85) ووجهه أن المال إذا كان من أحد الجانبين لا يحتمل القمار فيُحمل على التحريض على القتال وعمل الخير ببذل المال في سبيل الله وذلك مشروع . ومر معنا قبل قليل  قول الشيخ مشهور حسن حفظه الله ، وبسط هذه المسألة الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه الفروسية .

الصورة الثالثة : أن يكون العوض من كلَّ واحدٍ من المتسابقين على أنه إن سبق فله العوض وإن سُبق فيغرم لصاحبه مثله ، واختلف العلماءُ في هذه الصورة على ثلاثة مذاهب ، فمنهم من قال : لا تحل هذه الصورة إلا بمحلل وهو ثالث يُدخلانه بينهما لا يخرج شيئاً فإن سبقهما أخذ سَبَقهم وإن سبقاه أحرز سَبَقهما ولم يغرم المحلل شيئاً وإن سبق المحلل مع أحدهما اشترك والسابق في سَبقه ، وهو مذهب سعيد بن المسيب والأوزاعي والشافعي وأحمد وأبي حنيفة واسحاق .والمذهب الثاني : لا تحل هذه الصـورة سـواء بمحلل أو بدونه ، وهو مذهب مالك.

والمذهب الثالث : لا تحل هذه الصورة في الألعاب المحرّمة والألعاب التي  لا يترتب عليها استعداد للجهاد أو مصلحة شرعية أو نصر للإسلام وإعلاء لكلمة الله تعالى ، وما فيه لهوٌ وباطل ومضيعة للوقت كاللعب بالورق والشطرنج وغيرها من اللعب المشروع ، واحل هذه الصورة في جميع الألعاب والرياضات التي تستخدم في القتال لإعلاء كلمة الله وما فيها مصلحة شرعية ظاهرة ونصر للإسلام وإهانة لأعداء الله ، كالسباحـة والمصارعـة وأساليب القتال والرمـي بأنواعه. وذهب إلى هذا القول ابن تيميـة في الفتـاوى ( 32/227) وابن القيم في كتابه الفروسية، ورد على المخالفين وأثبت بالأدلة والقواعد الشرعية رجحان هذا القول، فليراجع هناك. وكذلك ذهب إلى هذا القول الشيخ المطيعي في تكملة المجموع شرح المهذب (15/139) وكذلك الشيخ عبد الله بن جبرين، حفظه الله حيث قال (إن الشرع حصر العوض في الخيل والإبل والسهام ، وهذا دليل على فضلها ، فيلحق بها كل ما فيه مصلحةٌ ظاهرةٌ ونصر للإسلام وإعلاء لكلمة الله تعالى، ويكون المنع خاصاً بما فيه لهوٌ وباطل ومضيعة للوقت كاللعب بالورق وما يعين على معصيةٍ، أما ما يُستعان به على الخير وفيه مصلحة ظاهرة خاصة أو عامة، فإنه ممّا يرغب في فعله، ويستحق السابق فيه جائزة تناسبه كما يفعل في مسابقات حفظ القرآن والسنة النبوية والبحوث المفيدة والأعمال النافعة والصناعات والحرف التي يتعدى نفعها ، فأرى أن هذا ممّا يدخل في المباح كما أفاد كلام ابن القيم رحمه الله) أحكام المسابقات له صـ 20.

وجاء في المهذب ما نصه ( وأما كرةُ الصولجان ومداحاة الأحجار ورفعها من الأرض والمشابكة والسباحة واللعب بالخاتم والوقوف على رجلٍ واحدةٍ وغير ذلك من اللعب الذي لا يُستعان به على الحرب ، فلا تجوز المسابقة عليها بعوضٍ لأنه لا يُعد للحرب ، فكان أخذ العوض فيه من أكل المال بالباطل ) تكملة المجموع للمطيعي (15/142) وانظر كذلك إلى مغني المحتاج للشربيني ( 4/311) .

قلـت : أما سبب اختلاف أهل العلم في هذه المسألة فهو اختلافهم في صحة قياس غير السباقات الثلاثة المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم " لا سَبق إلا في نصلٍ أو خفٍ أو حافر " رواه الترمذي والنسائي وهو في صحيح سنن أبي داود (2574) والمعنى أن الجُعل والعطاء والعوض لا يُستحق أو لا يصح إلا في سباق الخيل والإبل والنصل( الرمي) فمنهم من منع أخذ العوض في غير الثلاثة المذكورة في الحديث ، ومنهم من قاس عليها غيرها وما في معناها من العاب فنون القتال وكل ما فيه إعلاء لكلمة الله ومصلحة شرعية ظاهرة رغم اتفاق الجميع على أخذ العوض فيما نص عليه الحديث واتفاقهم أيضاً على منع العوض في الألعاب المحرمة أو الجائزة التي هي من اللهو والباطل والتي ليس فيها مصلحة شرعية وليست من فنون القتال التي يستعان بها على طاعة الله .

الفائدة الثانية : الضوابط الشرعية الأخرى المتعلقة بالملاهي المشروعة : ذكرنا أثناء البحث كثيراً من الضوابط الشرعية منها ما هو عام لجميع أنواع الملاهي والقضايا الترفيهية ومنها ما هو خاص ببعض الملاهي ، ونضيف بعض الضوابط التي ينبغي مراعاتها في الترويح الفردي أو الجماعي :

1- الرفقة الصالحة وذلك لأن الإنسان يتأثر بمن حوله .

2- الفصل بين الجنسين لأن الترويح تسوده روح الممازحة وعدم التكلف وكذلك التخفّف من الملابس فيكون الاختلاط من أكبر أبواب الفتنة .

3- تنظيم الوقت وعدم ممارسة الترويح في أوقات العبادات الواجبة المقيدة كالصلاةِ وصلة الرحم والتعلم وحقوق العباد والمهنة والوظيفة وغيرها .

4- عدم الإفراط في استهلاك الوقت المباح .

5- عدم التشبه في اللباس بالكفار أو تشبه النساء بالرجال والعكس .

6- أن يحذر الممارس للترويح الجماعي من التعدي على الأخرين بأنواعه .

7- منع تجاوز الحد في الترويح فيؤدي إلى التعب والإرهاق للجسم .

الخاتمــــة :

1- ان العمر الإنساني ليس ملكاً للإنسان وإنما هو ملك لله وحده .

2- الإسلام يعتبر عمر الإنسان أسمى وأغلى من أن يضيع بين لهوٍ عابـثٍ سخيف لا قيمة له ولعبٍ باطل لا يأتي من ورائه بمنفعة دنيوية ولا أخروية .

3- حرص الإسلام على شغل أوقات الفراغ بالعمل النافع المثمر .

4- الترفيه والترويح هما إدخال السرور على النفس وتجديد نشاطها .

5- أقر الإسلام بحقّ النفس والبدن في أخذ نصيبهما من الراحة والاستجمام وقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد مارسوا ألواناً من الترويح واللهو البريء .

6- اللهو المباح في الإسلام ما كان ملتزماً بضوابط شرعية فيها مصلحةٌ للفرد والمجتمع منها خلوّه من المحرمات وعدم إفضائه إليها وأن يكون بعيداً عن مجالات التخمين والحظ وغيرها من الضوابط المذكورة في البحث .

7- اللهو المندوب والمستحب في الإسلام هو الذي يحقق مقصداً من مقاصد الإسلام والشريعة مثل تأليف قلوب الناس وإعداد القوة لرفع كلمة الله وغيرها من المقاصد الحسنة .

8- تجوز المسابقة بالمال في كل مجال يساهم في إعلاء كلمة الله .

9- لا تجوز المسابقة بالمال في كل لهوٍ أو رياضة لا تحقق الأهداف السابقة .

 

وآخـر دعوانـا أن الحمد لله رب العالميـن .،،،