اليمين بالله تعالى صفته وأقسامه وكفاراته
بسبب كثرة الأَيمان بالله عز وجل في مخاطبات الناس واقترانها بأعمالهم فعلا وتركا، وبسبب خلط كثير من الناس بين أقسام اليمين وما تجب الكفارة منها وما لا تجب، وبسبب جهل كثير من المسلمين الواجب من أصناف الكفارة، نتكلم عن أحكام اليمين بالله تعالى.
ـ تعريف اليمين شرعًا: توكيد حُكم بذكر اسم الله تعالى أو صفته بصيغة معلومة، ودل على مشروعية اليمين في الكتاب والسنة، والإجماع.
ـ واليمين تعتريها الأحكام التكليفية الخمسة: فقد تكون واجبة لأمر واجب ومحرمة لأمر محُرم وهكذا.
والمشروع حفظ اليمين وعدم الإكثار منها ما لم تكن مصلحة شرعية لقوله عز وجل : ( وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) [المائدة:90]
وقال تعالى: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ) [البقرة:224]
أي لا تحلفوا بالله في كل حق وباطل.
صيغَة اليَمين: حرف القسم متبوعًا باسم من أسماء الله تعالى وصفاته وحروف القسم ثلاثة:
ـ الباء.
ـ الواو.
ـ التاء.
ـ وقد يكون: القسم بحذف حرف القسم مع نية اليمين مثل آ الله ما فعلت كذا وهذا عند المذاهب الأربعة.
إذا قال عَلي يمين أو يمين لأفعل كذا وكذا فهو يمين بدلالة اللغة أنه يمين وهو قول الجمهور: عدا الشافعية.
ـ إذا قال: أقسم لأفعلن أو أحلف لأفعلن، فهو يمين إذا نوى ذلك وهو قول الجمهور. والدليل حديث ابن عباس y وفيه قول أبي بكر رضي الله عنه للنبيصلى الله عليه وسلم : " أقسمت عليك يا رسول الله لتخربني بما أحببت مما أخطأت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تقسم "([1]) فكل صيغة وردت في السنة وأقوال الصحابة فهي يمين حكمها حكم اليمين. فكل صيغة وردت في السنة وأقوال الصحابة فهي يمين حكما حكم اليمين.
أقسام اليمين:ـ
1ـ اليمين اللغو: ما يجري على لسان المتكلم من الحلف بلا قصد وهذه لا إثم عليها ولا كفارة يمين.
قال الله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة:89]
2ـ اليمين المُكفرة: هي اليمين المنعقدة المقصودة فإذا حلف وجب عليه الكفارة في الآية، وشروط وجوبها: العقل، والبلوغ، والاختيار، والذكر، وعدم النسيان، وأن يكون المحلوف عليه ممكنا لا مستحيلًا، وأن لا يكون اليمين على أمر مُحرم أو معصية فلا يجوز له الفعل، وعليه كفارة الحلف باليمين لحديث: ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليأت الذي هو خيرٌ له وليكفر عن يمينه )([2]) ، ومن شروط وجوب الكفارة في اليمين التلفظ باليمين فلا يكفي حديث النفس.
3- اليمين الغموس: هي اليمين التي يحلفها على أمر ماض كاذبًا عالمًا ظالمًا لغيره، وهي كبيرة لا كفارة فيها. لحديث عبد الله بن عمرو y: أن أعرابيًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: " ما الكبائر، قال: الشرك بالله، قال: ثم ماذا؟ قال اليمين الغموس، قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: الذي يقتطع مال إمرءٍ مسلم "([3]). والتفسير لليمين من قول عامر الشعبي رحمه الله كما قال: ابن حجر رحمه الله في الفتح (456/11).
والجمهور من السلف والخلف والمذاهب على عدم وجوب الكفارة لقوله تعالى: (وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ) فخرجت الغموس. ولحديث مسلم: ( من اقتطع حق امرءٍ مسلم بيمين حَرم الله عليه الجنة وأوجب له النار)([4]) فلا كفارة لليمين الغموس إلا التوبة.
4ـ القسم الرابع: الحلف بغير الله تعالى، فإذا كان الحلف تعظيمًا لهذا المخلوق كتعظيم الله في الحلف به فهذا شرك وكفر أصغر، وقد يصل إلى الشرك الأكبر، وإذا عظم المخلوق به كتعظيم الله في العبادة كحلف الذين يعبدون الأوثان بأوثانهم فإنه شرك أكبر.
([1]) متفقٌ عليه. البخاري برقم (7036).
([2])رواه مسلم، صحيح الجامع (6208)
([3])أخرجه البخاري في استتابة المرتدين (364/12)
([4]) رواه مسلم