سلسلة: تأملت في أمر - (3) ما سبب انتشار المنهج الإخواني؟!
نسخة (PDF)
الحمد لله، وبعد:
في الستين السنة الماضية كان الخطاب الديني مختلفًا كثيرًا عما سبق، حيث سيطر الفكر الإخواني على كثير من وسائل الإعلام، وأقام فروع لحزبه في دول شتى متدثرة في كل ذلك باللباس الديني.
لكنه في العشرين سنة الأخيرة إنتقل نقلة كبيرة ونوعية، حيث أُنشئت القنوات الفضائية الكثيرة التي تتكلم بإسم الدين والشريعة والسنة، وكان الإتجاه الأكثر سيطرة هو الإتجاه السروري مع وجود بارز للإتجاه البنائي. ومما ساعد على إنتشار هؤلاء، ثقة الناس بهم مع ما يدعونه في منطلقهم من الدين والشريعة.
ساعدهم كذلك على هذا ما ظهر في أحوال مختلفة من ثقة بعض المسؤولين والحكومات وأصحاب القرار وتبنيهم لهم في بعض المناسبات. الأمر الذي أبعد الأنظار تمامًا عنهم وعن فكرة الإنقلابات والثورات مع إستمرارهم على تربية الشباب في مؤلفاتهم ومحاضراتهم على الخروج ودوافعه.
ثم ساعد كذلك من جهة أخرى ضعف الطرح الديني الرسمي وخفائه نوعا ما والذي كان مقصودًا مرات وعن غير قصد مرات أخرى. فظهر أناس معينين وأسماء معينة كممثل بارز للإتجاه الديني في العالم الإسلامي بل وغير الإسلامي.
لقد برز هنا الإتجاه السروري أكثر من غيره؛ لأنه كان الإتجاه الأبرز في بلد التوحيد المملكة العربية السعودية وبحكم موقع المملكة الديني كان التأثير أكبر في ثقة الناس في العالم بهذا الإتجاه.
لم يصمت العلماء طيلة هذه السنوات ومنذ نشأة جماعة الإخوان ثم جماعة السرورية وغيرها من إفرازات الإخوان. لم يسكتوا ولم يكلوا أو يملوا من التحذير من الإخوان وفروعها، لكن الذي منع من وصول تحذيرهم ذلك هو عدم بلوغ الصوت ووصوله إلى أصحاب القرار إلا بشكل ضعيف، مع إنحصار الإعلام الديني على جماعة الإخوان وما تفرع عنها و الذين قبضوا عليه بيد من حديد.
ولك أن تتأمل أن الفكر الإخواني بكافة فروعه وأطيافه سيطر على أكبر القنوات الدينية والتي خدمته خدمة كبيرة كالمجد، والرسالة، والناس، والرحمة والحكمة وغيرها الكثير وصار هو المرجع الأساس عند الناس.
حتى حانت ساعة الصفر وقامت هذه القنوات بدورها الفعال في وقت العوز والحاجة، وهو إطلاق شرارة الربيع العربي طمعًا في حرق الحكومات الحالية، ومن يساندها تمهيدًا لقيام دولة الإخوان الكبرى.
ولا يمكن هنا أن ننسى عمل التنظيم وتغلغله في المجتمعات بتأسيس مراكز ومؤسسات وجمعيات تم إستغلالها في عمليات الإستقطاب والتجنيد وجمع الموارد المالية لأنشطة التنظيم الدولية، أضف إلى ذلك أمورا أخرى ارتبطت بجهات أجنبية عملت على تعزيز التنظيم في الدول العربية بهدف إسقاط الأنظمة القائمة.
ولولا أن الله جل وعلا وفّق حكامًا عقلاء فطنين يوقفون هذا الفساد لكان الأمر أسوأ مما نحن فيه.
لذلك الشكر الكبير بعد شكر الله تعالى لدولة الإمارات ممثلة بقاداتها حين اجتثت كل فكر له علاقة بالإخوان والشكر للمملكة العربية السعودية حين حاربت هذا الفكر مع صعوبته وشدة تغلغله حتى أردته صريعا في كثير من أحواله، والعقبى لبقية الدول والحكومات حتي تستفيد وتأخذ العبرة من غيرها قبل أن تكون هي العبرة والعظة.
وكتبه د. محمد بن غالب العمري
9شعبان 1439
25 ابريل 2018.
