الجنة ونعيمها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خاتم النبيين وعلي آله وصحبه أجمعين , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , وبعد:-
مقدمة:-
لا شك أن كل إنسان له غاية ما, وهذه الغاية التي تملي عليه سلوكه وتصرفاته, لا فرق في ذلك بين عالم وجاهل, ولا بين مؤمن وكافر, ولا بين تقي وفاجر, فالجميع له غايات يلهثون وراءها
فما هي الغاية للمسلم الصادق في إسلامه ؟ وما هو مقصوده ؟ والجواب هو : أن الغاية هي الجنة ولاشئ غيرها , قال تعالي (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران (133)
وقد ربي رسول الله ﷺ الصحابة علي أن يجعلوا الجنة غايتهم ومقصدهم :
فقد كان يمر بآل ياسر وهم يعذبون فيقول لهم ( صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ).
وقد كان يقول أيضا ( آلا إن سلعة الله غالية , ألا إن سلعة الله الجنة )([1])
وفي غزوة بدر قال لأصحابه (قوموا إلي جنة عرضها السموات والأرض ).
وكان من دعائه ﷺ (اللهم إني أسالك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ).
وعلم الأمة أن من جعل الجنة غايته فإن الله يملأ قلبه ونفسه غني وتأتيه الدنيا وهي راغمة , كما في الصحيح (من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له)([2] )
وقد تربي الصحابة رضوان الله عليهم علي أن غايتهم الجنة حتي أصبح بعضهم يجد ريح الجنة ويطير شوقا إليها , فقد عاشوا حياتهم كأنهم يحسونها بحواسهم , فهم يذكرونها دائما ويشتاقون إليها ويجعلونها همهم , فهذا ربيعة الأسلمي رضي الله عنه يقول له رسول الله ؟ﷺ (سلني فقول : أسألك مرافقتك في الجنة ).
وهذا أنس بن النضر رضي الله عنه يقول يوم أحد ( يا سعد بن معاذ! الجنة ورب النضر , إني أجد ريحها من دون أحد !).
وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يقول يوم مؤته ( يا حبذا الجنة واقترابها......طيبة وبارد شرابها ).
وهذا عمر بن الجموح رضي الله عنه وكان أعرج شديد العرج , يقول يوم في يوم احد ( إني لأرجو أن أستشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنة ) وقال له رسول الله ﷺ ( كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة([3] )
وهكذا السلف ومن سار علي هديهم يشتاقون للجنة ويعملون لها, فما صفة الجنة ومن هم أهلها , وما هو نعيها .
الجنة وأهلها:-
الجنة هي الجزاء العظيم الذي أعده الله لأوليائه وأهل طاعته.
قال الله تعلي في الحديث القدسي (" أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، فاقرءوا إن شئتم فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين)([4] )
وتظهر عظمة النعيم بمقارنته بمتاع الدنيا فقد روي البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ( موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها ).
ولذا كان دخول الجنة والنجاة من النار هو الفلاح العظيم والفوز الكبير والنجاة العظمي : قال تعالي ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ) آل عمران (185)وقال تعالي : ( ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ) النساء (13).
فإذا دخل المؤمنون الجنة استقبلتهم الملائكة يهنئونهم بسلامة الوصول بعدما عانوه من الكربات وشاهدوه من الأهوال في الدنيا ويوم القيامة , قال الله تعالي (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) الزمر (72).
وبعد الاستقبال يذهب كل واحد منهم إلي منزله بدون دليل قال رسول الله ﷺ(والذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدي بمنزله في الجنة بمنزله كان في الدنيا ) ([5])
أول زمرة يدخلون الجنة, ما هي صفاتهم ؟
روي البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (" أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر ، لا يبصقون فيها ، ولا يمتخطون ، ولا يتغوطون ، آنيتهم فيها الذهب ، أمشاطهم من الذهب والفضة ، ومجامرهم الألوة ، ورشحهم المسك ، ولكل واحد منهم زوجتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن ، لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، قلوبهم قلب واحد ، يسبحون الله بكرة وعشيا ") ([6])
الذين يدخلون الجنة بغير حساب, عددهم وصفاتهم ؟
روي البخاري عن ابن عباس قال : قال النبي ﷺ( " عرضت علي الأمم ، فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط ، والنبي ليس معه أحد ، حتى رفع لي سواد عظيم ، قلت : ما هذا ؟ أمتي هذه ؟ قيل : بل هذا موسى وقومه ، قيل : انظر إلى الأفق ، فإذا سواد يملأ الأفق ، ثم قيل لي : انظر ها هنا وها هنا في آفاق السماء ، فإذا سواد قد ملأ الأفق ، قيل : هذه أمتك ، ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفا بغير حساب " ثم دخل ولم يبين لهم ، فأفاض القوم ، وقالوا : نحن الذين آمنا بالله واتبعنا رسوله ، فنحن هم ، أو أولادنا الذين ولدوا في الإسلام ، فإنا ولدنا في الجاهلية ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فخرج ، فقال : " هم الذين لا يسترقون ، ولا يتطيرون ، ولا يكتوون ، وعلى ربهم يتوكلون " فقال عكاشة بن محصن : أمنهم أنا يا رسول الله ؟ قال : " نعم " فقام آخر فقال : أمنهم أنا ؟ قال : " سبقك بها عكاشة ")([7])
وقد صح أن الله أعطي رسوله مع كل واحد من السبعين هؤلاء سبعين ألفا: روي أحمد بإسناد صحيح عن أبي بكر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺقال ((أعطيت سبعين ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب وجوههم كالقمر ليلة البدر وقلوبهم على قلب رجل واحد فاستزدت ربي فزادني مع كل واحد سبعين ألفا " )).
وروي أحمد والترمذي وابن حبان عن أبي أمامة بإسناد صحيح أن رسول الله ﷺ قال ((" وعدني ربي سبحانه أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا ، لا حساب عليهم ، ولا عذاب ، مع كل ألف سبعون ألفا ، وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل)) ([8])
دخول عصاة المؤمنين الجنة :- أي إخراجهم من النار وإدخالهم الجنة :
وهؤلاء هم الجهنميون :- فروي البخاري عن عمران بن حصين عن النبي ﷺ قال ((" يخرج قوم من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم فيدخلون الجنة ، يسمون الجهنميين ")) ([9]
وروي مسلم عن جابر يرفعه ( إن قوما يخرجون من النار يحترقون فيها , إلا دارت وجوههم حتي يدخلون الجنة ).
وفي صحيح مسلم عن جابر يرفعه (ثم تحل الشفاعة ، ويشفعون حتى يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، فيجعلون بفناء الجنة ، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشيء في السيل ، ويذهب حراقه ، ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها)) ([10])
آخر من يدخل الجنة:-
روي البخاري ومسلم عن أبي مسعود قال قال رسول الله ﷺ( " إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها ، وآخر أهل الجنة دخولا ، رجل يخرج من النار كبوا ، فيقول الله : اذهب فادخل الجنة ، فيأتيها ، فيخيل إليه أنها ملأى ، فيرجع فيقول : يا رب وجدتها ملأى ، فيقول : اذهب فادخل الجنة ، فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى ، فيرجع فيقول : يا رب وجدتها ملأى ، فيقول : اذهب فادخل الجنة ، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها - أو : إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا - فيقول : تسخر مني - أو : تضحك مني - وأنت الملك " فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ، وكان يقول : " ذاك أدنى أهل الجنة منزلة "))([11])
الجنة خالدة وأهلها خالدون:- الجنة لا تفني ولا تبيد واهلها فيها خالدون , لا يرحلون عنها ولا يموتون قال تعالي (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا , خالدين فيها لا يبغون عنها حولا)) الكهف (107)
روي مسلم في صحيحه مرفوعا (ينادي مناد : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا " فذلك قوله عز وجل : ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون)) ([12])
صفة الجنة :-
الجنة لا مثل لها , نعيمها يفوق الوصف , ليس لنعيمها نظير فيما يعلمه أهل الدنيا , وقد سال الصحابة رسول الله ؟؟ عن الجنة فقال ((" لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، ملاطها المسك الأذفر ، وحصباؤها الياقوت واللؤلؤ ، وترابها الزعفران ، من يدخلها يخلد فيها ينعم لا يبؤس ، لا يفنى شبابهم ، ولا تبلى ثيابهم)) ([13])
وما أخفاه الله عنا من نعيم الجنة شئ عظيم لا تدركه العقول , ففي الصحيحين عن ابي هريرة قال قال رسول الله ﷺ(" أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، فاقرءوا إن شئتم فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين)
أبواب الجنة:-
قال تعالي ((وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ , سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)) الرعد (23)
وللجنة ثمانية أبواب : ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال :قال رسول الله ﷺ( " للجنة ثمانية أبواب ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة " . قال أبو بكر : ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة ، وهل يدعى أحد منها كلها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم ، وأرجو أن تكون منهم))
وفي الصحيحين أيضا (والذي نفسي بيده ، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة ، كما بين مكة وحمير - أو كما بين مكة وبصرى).
وعند أحمد بإسناد صحيح ( إن ما بين المصرعين في الجن مسيرة أربعين سنة . وليأتين عليه يوم , وإنه لكظيظ )([14])
درجات الجنة :-
الجنة درجات بعضها فوق بعض , واهلها متفاضلون بحسب منازلهم فيها , قال تعالي ( ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فاولئك لهم الدرجات العلي )طه (75).
وفي صحيح البخاري عن أنس قال : أن أم حارثة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد هلك حارثة يوم بدر ، أصابه غرب سهم ، فقالت : يا رسول الله ، قد علمت موقع حارثة من قلبي ، فإن كان في الجنة لم أبك عليه ، وإلا سوف ترى ما أصنع ؟ فقال لها : " هبلت ، أجنة واحدة هي ؟ إنها جنان كثيرة ، وإنه في الفردوس الأعلى) ([15])
وفي الصحيحين عن أبي سعيد رفعه (إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم ، كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق ، من المشرق أو المغرب ، لتفاضل ما بينهم " قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ، قال : " بلى والذي نفسي بيده ، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين)).([16])
أنهار الجنة:- قال تعالي (أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار )الكهف (31).
فالكوثر من أنهار الجنة ففي صحيح البخاري فتح (11/464) عن أنس عن النبي ﷺ قال ((" بينما أنا أسير في الجنة ، إذا أنا بنهر ، حافتاه قباب الدر المجوف ، قلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر ، الذي أعطاك ربك ، فإذا طينه - أو طيبه - مسك أذفر)).
وروي أحمد عن أنس يرفعه (هو نهر أعطانيه الله في الجنة ترابها مسك أبيض من اللبن وأحلى من العسل يرده طائر أعناقها مثل أعناق الجزر).
وأنهار الجنة ليس ماء فحسب , بل منها الماء ومنها اللبن ومنها الخمر ومنها العسل المصفي , قال تعالي ((مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) محمد (15)
قصور الجنة وخيامها :- قال تعالي ( ومساكن طيبة في جنات عد )التوبة (72).
روي أحمد والترمذي وابن حبان أن رسول الله ﷺ قال (إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، أعدها الله لمن أطعم الطعام ، وأفشى السلام ، وصلى بالليل والناس نيام).([17])
وروي مسلم عن عبد الله بن قيس عن النبي صلي الله عليه وسلم (إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة ، طولها ستون ميلا ، للمؤمن فيها أهلون ، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا ").
وقد اخبرنا الرسول كيف يحصل المؤمن علي مزيد من بيوت في الجنة ( ففي الحديث المتواتر ( من بني مسجدا يبتغي وجه الله بني الله له مثله في الجنة )([18])
وفي صحيح مسلم واحمد والأربعة إلا الترمذي ‘عن أم حبيبة أن رسول الله ﷺ قال((من صلي في اليوم والليلة إثنتي عشرة ركعة تطوعا , بني الله له بيتا في الجنة ).([19])
أشجار الجنة وثمارها :-
أشجارها كثيرة طيبة متنوعة ففيها أشجار العنب والنخل والرمان والسدر والطلح وغيرها , قال تعالي (فيها من كل فاكهة زوجان ) الرحمن (53)
وقال تعالي ( يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب ) ص (5)
وأشجار الجنة دائمة العطاء قال تعالي ( أكلها دائم وظلها ) الرعد (35) .
وقال تعالي ( وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ) الواقعة (33-34)
أما ثمار تلك الشجار فإنها قريبة دانية ينالها أهل الجنة بيسر وسهولة قال تعالي (وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ) الانسان (14)
وهناك شجرة طوبي وهي شجرة عظيمة تصنع ثياب أهل الجنة ففي مسن الإمام احمد وصحيح ابن حبان عن أبي سعيد عن رسول الله قال (طوبى شجرة في الجنة مسيرة مئة عام ثياب اهل الجنة تخرج من أكمامها ) ([20])
سيقان أشجار الجنة من ذهب , روي الترمذي وابن حبان والبيهقي بإسناد صحيح عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال (ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب ) .([21])
كيف يكثر المؤمن نصيبه من اشجار الجنة ؟ روي الترمذي بإسناد حسن عبي أبي مسعود قال قال رسول الله ﷺ (" لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال : يا محمد ، أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء ، وأنها قيعان ، وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) ([22])
صفة اهل الجنة :-
أما صف أهل الجنة , فإنهم يدخلون الجنة علي أكمل صورة وأجملها ففي صحيح مسلم ( فكل من يدخل الجنة علي صورة آدم وطوله ستون ذراعا([23]
وفي مسلم ايضا (أخلاقهم علي خلق رجل واحد , علي صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء ) ([24]
وفي مسند احمد والترمذي يقول رسول الله ﷺ ( يدخل أهل الجنة جردا مردا كأنهم مكحلون , أبناء ثلاث وثلاثين )([25])
وفي الصحيحين ( لا يبصقون ولا يمتخطون ولا يتغوطون ) , ,اهل الجنة لا ينامون ففي الحديث ( النوم اخو الموت ولا ينام أهل الجنة )([26])
طعام أهل الجنة وشرابهم:-
في الجنة ما تشتهيه الأنفس من المأكل والمشارب قال تعالي ( وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون ) .
وكل طعام الجنة وشرابها مباح لأهلها , قال تعالي ( كلوا واشربوا هنيئا ) الحاقة (24).
وقال تعالي (يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين ) الواقعة (17).
طعام أهل الجن وشرابهم لا دنس معه , ويخرج بقايا كرشح المسك وكجشاء المسك .
روي ومسلم في صحيحه (2835) قال رسول الله ﷺ (" إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ، ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون " قالوا : فما بال الطعام ؟ قال : " جشاء ورشح كرشح المسك ،) وفي البخاري ( ورشحهم المسك )([27]).
وأما آنية الطعام واشراب ففي الذهب والفضة , قال تعالي ( يطاف عليه بصحاف من ذهب وأكواب ) الزخرف (71) وقال تعلي ( ويطاف عليهم بأنية من فضة وأكواب كان قواريرا )) الانسان (15)
لباس أهل الجنة وحليهم ومباخرهم:-
أهل الجنة يلبسون أفخر الملابس ويتزينون بأنواع الحلي من الذهب والفضة واللؤلؤ.
قال تعالي ( يحلون فبها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فبها حرير ) الحج (23).
وقال تعالي (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا) الانسان (21).
روي البخاري قال رسول الله ﷺ( , آنيتهم الذهب والفضة وأمشاطهم الذهب ومجامرهم الألوة وريحهم المسك)([28])
وثيابهم وحليهم لا تبلي لا تفني : في الحديث (" من يدخل الجنة ينعم لا يبأس ، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه)([29])
فرش أهل الجنة :-
أعددت قصور الجنة وأماكن الجلوس في حدائقها , فهناك السرر والفرش والنمارق المصفوفة والزرابي , قال تعالي ( فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة ) الزربي البسط.
نساء أهل الجنة :-
زوجة المؤمن في الدنيا زوجته –إذا كانت مؤمنة , قال تعالي ( جنات عد يدخلونها ومن صلح من آبائهم وازواجهم وذرياتهم ) الرعد(23)
والمرأة لآخر أزواجها: قال حذيفة ( إن شئت أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تتزوجي بعدي فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا ) ([30])
أفضل ما يعطاه أهل الجنة:- رضوان الله والنظر إلي وجهه الكريم :-
في الصحيحين عن أبي سعيد قال قال رسول الله ﷺ( " إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ؟ فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ، فيقول : أنا أعطيكم أفضل من ذلك ، قالوا : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم بعده أبدا).
وفي صحيح مسلم والترمذي : قال رسول الله ﷺ( " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال : يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة ، وتنجنا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل)
وآخر دعواهم:-
بعدما يمر المؤمنون في الموقف العظيم بأهوال عظيمة , ثم يمرون علي الصراط فيشاهدون هولا ورعبا , ثم يدخلهم الله جنات النعيم بعد أن أذهب عنهم الحزن وآخر دعواهم في الجنات : الحمد لله رب العالمين ( قال تعالي (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام ,وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العلمين )
([1] الصحيحة رقم (954)
[2] ) رواه الترمذي وهو في الصحيحة رقم (949).
[5] ) رواه البخاري فتح (11/395)
[6] ) رواه مسلم والترمذي وغيرهما
[7] ) فتح (11/405)
[8] ) صحيح الجامع (6988).
[9] ) فتح (11/418).
[10] ) مسلم باب أدني أهل الجنة منزلة.
[11] ) البخاري ومسلم
[12] ) مسلم رقم (3837)
[13] ) أحمد والترمذي , قال الألباني صحيح بطرقه المشكاة (3/88).
[14] ) وروي مسلم نحوه
[19] ) صحيح الجامع (6234).
[20] ) السلسة الصحيحة (1985)
[21] ) صحيح الجامع الصغير (5/150).
[22] ) صحيح الجامع الصغير رقم (5028)
[23] ) مسلم رقم (2841).
([24] مسلم (2834).
[28] ) فتح (6/319)