من المخالفات في شهر رجب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، و بعد :
إنّ سلفَ الأمَّةِ رضي الله عنهم كانوا يتحاكمون إلي الكتاب والسنّةِ عند التنازع حتى فشا الجهلُ والهوى في المسلمين، اخترعوا لهم نحلاً وفرقاً يدافعُ عنها أصحابُ الأهواءِ ويتخذونها ديناً، وكلَّما بَعُدَ الناس عن كتابِ ربِّهم وسُنّةِ نبيهم فشت فيهم الأهواء والبدع، ولقد رأيت من واجبي أن أذكر بعضَ ما أحدثه الناسُ في بعضِ الأوقات من الأيام والشهور، تحذيراً من محدثاتِ الأمور التي حذّر منها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "وإيّاكمُ ومحدثات الأمور، فإن كلُّ محدثةٍ بدعة، وكلّ بدعةٍ ضلالةٍ وكلَّ ضلالةٍ في النّار" رواه أحمد ومسلمٌ وأبو داوود والترمذي. وقد شاعت في بلاد المسلمين كثيرٌ من المحدثات في الأوقات والأيَّام والشهور، وتقرّب الناس إلى الله بألوانٍ من العباداتِ التي لا نجدُ لها أصلاُ في الكتاب والسُنّةِ، بل وأنكرها سلفنا الصالح وأئمتنا وعلماؤنا.
وفي هذا البحثِ المختصرِ نذكر ما ورد في شهر رجب.
1- ما جاء في فضل رجب: شهرُ رجب من الأشهُرِ الحُرمِ، لكنّه لم يصحّ في فضل العبادةِ فيه بخصوصه حديثٌ واحد وإنّما وردَ عن بعض السلف صيامُ الأشهرِ الحُرم. قال ابنُ حجر - رحمه الله- في كتابه (تبيين العجب بما ورد في فضل رجب): "لم يردْ في فضلِ شهر رجب ولا صيامِه ولا في صيامِ شيءٍ منه معيَّنٌ، ولا في قيامِ ليلهٍ مخصوصةٍ فيه حديثٌ صحيحٌ يصلح للاحتجاِج، وقد سبقني بذلك الإمامُ أبو إسماعيل الهروي الحافظ"، وقال الشوكاني - رحمه الله- في كتابه (الفوائد المجموعة من الأحاديث الموضوعة): "قال عليُ بن إبراهيم العطّار في رسالة له: إنّ ما روى في فضل صيامِ رجب فكلُّه موضوعٌ، وضعيفٌ لا أصل له"، وقال ابنُ القيمِّ - رحمه الله- في كتابه (المنار المنيف) صـ96: "وكلُّ حديثٍ في ذكر صوم رجب، وصلاةِ بعضِ الليالي فيه، فهو كذبٌ".
قلتُ: فشهرُ رجب لم يصحُ حديثٌ في فضله سواءٌ في ثواب صيامه أو قيامه أو الاعتمار فيه أو غيرها من العبادات، فهو مثلُ شهرِ ذي القعدةَ وصفر وغيرهما.
وكل ما ورد فيه فهو ضعيف أو موضوع ومنها:
- "رجبُ شهرُ الله وشعبانُ شهري ورمضانُ شهرُ أمَّتي، فمن صام رجب إيماناً واحتساباً، استوجب رضوانَ الله الأكبر" ذكره في الموضوعات ابن الجوزي والسيوطي وابن حجر وابن القيمِّ وهو في ضعيف الجامع الصغير(3094).
- "من أحيا ليلةً من رجب وصام يوماً، أطعمه الله من ثمار الجنّة" راجع الكتب السابقة.
- "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلِّغنا رمضان" أنكره ابنُ حجر في تبيين العجب.
قلتُ: وهناك أحاديثُ كثيرة في فضل شهر رجب وصلاةِ أول ليلةٍ منه أو أول جمعةٍ منه أو صيامٍ أول خميس منه أو قيام ليلةِ النصف منه أو السابع والعشرين منه أو غير ذلك، لكن لم يثبت منها شيءٌ كما قال ابنُ حجر وابن رجب وابن تيمية والشوكانىُّ وابن القيمّ وغيرُهم.
2- ما جاء في ليلة ويوم السابع والعشرين من رجب ، وحكم تخصيصها بقيام أو صيامٍ أو اجتماع أو غير ذلك وهي التي يسُّمونها ليلة الإسراء والمعراج: ذكرت بعضُ الأحاديثُ الموضوعةُ والضعيفةُ في يوم وليلة السابع والعشرين من رجب، ومن هذه الأحاديث "في رجب يومٌ وليلةٌ ، من صام ذلك اليوم وقام تلك الليلة كانَ كمن صام الدَّهر مائةَ سنة وقام مائه سنة وهو لثلاثِ يقين من رجب"، قال ابنُ حجر - رحمه الله-: "حديث منكر إلى الغاية"، وذكره الشوكاني في (الفوائد المجموعة) صـ439 وابنُ عرّافٍ في (تنزيه الشريعةِ) .
*مسألة : متي كانت ليلةُ الإسراءِ والمعراج ؟
لم يردْ تحديد ليلة الإسراء والمعراج في الكتاب والسُنّةِ ولا من قولٍ صحابِّي واحد، ونقل الاختلافَ في تحديدها أبو شامة في (كتابه الباعثِ) صـ232 ، والنووي في (شرح مسلم) (2/209) وابنُ حجر في (تبيين العجب) صـ21 ، فمنهم من قال أنها في السابع عشر من رمضان، وقال الحربيُّ - رحمه الله-: "أنها في ليلة سبع وعشرين من ربيع الأول"، وقال ابنُ حجر -رحمه الله-: "ذكر بعضُ القصَّاص أن الإسراء كانَ في رجب وذلك كذبٌ"، قلتُ: وفيها أكثرِ من عشرةٍ أقوالٍ.
قلتُ: والصحيحُ أنه لا يُدري في أي يوم هي ولا في أي شهرٍ هي ثم إنه لا يترتب على معرفتها فائدةٌ دينيةٌ ولذلك لم يصح فيها حديثٌ واحدٌ عند أهل العلم، بل وأنكرها كثيرٌ منهم. قال أبو شامة -رحمه الله- في (الباعث) صـ171: "وذكر بعضُ القصاص أن الإسراء كانَ في رجب ، وذلك عند أهل التعديل والجرح عين الكذب". قال ابنُ القيمِّ -رحمه الله-: قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية - رحمه الله-: "ولا يعرفُ عن أحدٍ من المسلمين أن جعل لليلةِ الإسراءِ فضيلةً على غيرها، ولا كانَ الصحابةُ والتابعونَ لهم بإحسانٍ يقصدون تخصيص ليلة الإسراءِ بأمر من الأمور ولا يذكرونها، ولهذا لا يُعرفُ أيَّ ليلةٍ كانت" زاد المعاد (1/57). قال الشقيري في كتابه (السنن والمبتدعات) صـ143: "والإسراءُ لم يقمْ دليلٌ على ليلتِه ولا على شهره"، وقال على محفوظ - رحمه الله- في كتابه (الإبداع) صـ272: "ومن المواسم التي نسبوها للشرع وليست منه ليله المعراج"، وقال العثيمين - رحمه الله- في (فتاويه) (1/129): "وليلة السابع والعشرين من رجب، يدَّعي البعضُ أنها ليلة المعراج، وهذا لم يثبت من الناحيةِ التاريخية، وكلُّ شيءٍ لم يثبت فهو باطلٌ، ولا يجوزُ لنا أن نحدث فيها شيئاً من شعائر الأعياد أو العباداتِ لأنه لم يثبت ذلك عن رسول الله ولا عن صحابتِه". وقال ابنُ الحاجِ - رحمه الله- في كتابه (المدخل): "ومن البدعِ التي أحدثوها فيه أعني في شهر رجب ، ليلة السابع والعشرين منه التي هي ليلة المعراج" ثم ذكر كثيراً من البدع التي أحدثوها في تلك الليلة. وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله- في ردِّه على دعوةِ وجِّهت لرابطة العالم الإسلامي لحضور أحد الاحتفالات بذكري الإسراء والمعراج، قال : "هذا ليس بمشروع لدلالة الكتاب والسُنّةٌ والاستصحاب والعقل"، ثم ذكر الآيات والأحاديث في إكمال الدينِ وردِّ المحدثاتَ فيه وخطورة البدعةِ وأن العبادات توقيفية، ولو كانَ هذا مشروعاً لكان أولي بفعلة رسول الله وصحابتُه ولم يثبت عنهم شيءٍ ولا عن التابعين لهم، فيسعنا ما وسعهم. وقال ابنُ باز - رحمه الله-: "وهذه الليلةُ التي حصل فيها الإسراء والمعراج، لم يأتِ في الأحاديث الصحيحةِ تعيينُها وكل ما ورد في تعيينها فهو غيرُ ثابتٍ، ولو ثبت لم يجز للمسلمين أن يخصَّوها بشيءٍ من العباداتِ" من كتابه التحذير من البدع صـ7.
3- ما جاء في الصلوات المخصوصةِ في ليالي شهر رجب وخاصة صلاة الرغائب: تقدم فيما سبق أقوالُ أهل العلم من أنه لم يثبت في قيام ليلةٍ مخصوصةٍ فيه حديثٌ صحيحٌ يصلح للاحتجاج، وقد اشتهرت من هذه الصلوات صلاةُ الرغائب وقد جاء فيها حديثٌ موضوع هو "من صام يوم الخميس، أول خميس من رجب ثم يصلِّى ما بين المغرب والعشاء اثني عشرةَ ركعة ، يقرأ في كلِ ركعةٍ الفاتحةَ وسورة القدر ثلاث مرّات والإخلاصَ اثني عشرةَ مرَّة، ويسلِّم بين كل ركعتين ، ثم يصلِّي على النبي سبعين مرة"، قال النوويُّ - رحمه الله- في (المجموع) (4/56): "هذه الصلاةُ لم يصلِّها النبيُّ ولا أحدٌ من الصحابةِ، ولا أحدٌ من الأئمةِ الأربعةِ ، وهي بدعةٌ قبيحةٌ منكرةٌ أشدّ الإنكار ، وهي مشتملةٌ على منكراتٍ وقد صنّف العلماءُ كتباً في إنكارها وذمِّها"، قال ابنُ حجر - رحمه الله- في (تبيين العجب): "والأحاديثُ في صلاةِ الرغائب موضوعةٌ لا يجوزُ العملُ بها"، قال ابنُ تيمية - رحمه الله-: "إنشاءُ صلاةٍ بعددٍ مقدَّرٍ، وقراءةٍ مقدَّرةٍ في وقتٍ معَّينٍ تصلَّى جماعةً راتبهُّ كصلاة الرغائب في أول رجب، ونصفِ شعبان، وليلة سبع وعشرين من رجب وأمثالِ ذلك، فهذا غيرُ مشروعٍ باتفاقِ أئمةِ المسلمين" الفتاوى (2/2) (1/149) (23/134)، وقال في موضع آخر: "صلاة الرغائب لا أصل لها بل هي محدثةٌ فلا تستحبُّ لا جماعة ولا فرادى" الفتاوى (23/132). وقال ابنُ القيمِّ - رحمه الله- في (المنار المنيف) صـ59: "أحاديث صلاةِ الرغائب كلُّها كذبٌ مختلقٌ على رسول الله".
4- ما جاء في عمرةِ رجب: لم يثبت حديثٌ على تخصيص شهر رجب بالعمرةِ فيه، ولكن السلف اختلفوا هل اعتمر رسولُ اللهِ في رجب أم لا؟ فقال بعضهم تستحَب العمرةُ في رجب لفعل بعض السلفِ كابن عمر وغيره، ورجح هذا القول الحافظُ ابن رجب في (لطائف المعارف) صـ125. وقال كثيرٌ من أهل العلم بأن تخصيص شهر رجب بالعمرة لا أصل له، ولم يعتمر رسولُ الله في رجب قط، وأنكرت عائشة على ابن عمر قوله أن النبيَّ اعتمر في رجب. راجع صحيح البخاري – ((2/199) كتاب العمرة – باب /3) وصحيح مسلم (2/916) كتاب الحج حديث (1255). وقال ابنُ العطار - رحمه الله-: "ممَّا بلغني عن أهل مكّة كثرةَ الاعتمار في رجب لا اعلمُ له أصلاً". وقد أنكر الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في رسائله وفتاواه (6/131) أن العلماءَ أنكروا تخصيص شهر رجب بكثرةِ الاعتمار.
قلتُ: أمَّا ما ورد في اعتمار بعض السلف في شهر رجب فليس في ذلك دليلٌ على تخصيصه وإنما قصدهم الاتيان بالحج في سفرةٍ والعمرةِ في سفرة أخرى، رغبة في إتمام الحج والعمرة المأمور به كما وضَّح ذلك ابن رجب في (لطائف المعارف) صـ124.
5- ما جاء في عتيرة رجب: العتيرةُ ويسمُّونها الرجبيّة وهي ذبيحةٌ كانت تُذبح في رجب يتقرّب بها أهلُ الجاهلية وذلك أن العرب في الجاهلية كانوا إذا طلبَ أحدُهم أمراً وظفر به ذبح من غنمه في رجب وجعلوا ذلك سُنّةً فيما بينهم كالأضحيةِ في الأضحى، وقد أقرَّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في بدايةَ الإسلام بقوله: "يا أيها الناس على كلَّ أهل بيت في كل عامٍ أضحيةٌ وعتيرةٌ، هل تدرون ما العتيرة؟ هي التي تسمُّونها الرجبية" والحديث في صحيح سنن أبي داو ود (2788) ورواه أحمد والنسائي والترمذي، وفي صحيح ابن حبان وعند النسائي عن أبي زين لقيط العقيلي قال: قلتُ يا رسول الله، إنّا كنّا نذبحُ ذبائح في الجاهليةِ في رجب فنأكلُ ونطعمُ من جاءنا ، فقال رسول الله: "لا بأس به".
واختلف العلماء في حكم العتيرةِ على أقوال:
القول الأول :أن العتيرة مستحبةٌ والدليلُ ما ثبت من الأحاديث الدالة على الأمرِ بها وأنها حقٌّ. وذكر النووي في (المجموع) (8/445) أنها مذهبُ الشافعية ورجّحَهُ.
القول الثاني :أنها لا تستحبّ وهي جائزةٌ وقد نسب النووي هذا القول إلى بعض الشافعية.
القول الثالث: أنها محرّمةٌ وباطلةٌ لحديث "لا فرع ولا عتيرةَ" قال أبو هريرة - رضي الله عنه- : "والفرعُ أولُ النتاج كانوا يذبحونه لطواغيتهم ، والعتيرةُ في رجب" والحديث رواه البخاري (5473) ومسلمٌ (1976) ، راجع فتح الباري (9/596).
قال ابنُ القيمَّ - رحمه الله-: "وقال ابنُ المنذر بعد أن ذكر الأحاديث في عتيرة رجب : وقد كانت العربُ تفعلُ ذلك في الجاهلية، فأمر النبيُّ بهما ثم نهى عنهما رسولُ الله فقال: "لا فرع ولا عتيرة" فانتهي الناسُ عنهما لنهيه إيّاهم عنها" تهذيب سنن أبي داوود لا بن القيمِّ (4/92). قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله-: "وفيما أفهم الآن أنه أقربُ إلى التحريم ،وقوله "لا فرع ولا عتيرة" نفيُ كونهما سُنّةً والنفيُ يفيدُ البطلانِ ، هذا مع دلالةِ "من تشبَّه بقومٍ فهو منهم" " فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم (6/165).
قلتُ: وليس هذا معناه أنه لا يجوزُ الذبحُ عموماً في شهر رجب ولكنّ المرادَ بالنهي هو ما ينويه الذابحُ أن هذه الذبيحةَ هي عتيرة رجب وأنه ذبحها تعظيماً للشهر.
6- ما جاء في صيام شهر رجب: قال ابنُ القيمَّ - رحمه الله- في (زاد المعاد) (2/64): "لم يصمْ رسولُ الله الثلاثة الأشهر سرداً كما يفعله بعضُ الناس ولا صام رجباً قط ولا استحب صيامَه". روى ابنُ أبي شيبَة - رحمه الله- في (المصنّفِ) (3/102) عن خرشةَ بن الحُرِّ قال : رأيتَ عمَر - رضي الله عنه- يضربُ أكفَّ الناسِ في رجب حتى يضعونها في الجفانِ ويقول : "كلو فإنّما هو شهرٌ كانَ يعظمُه أهلُ الجاهليةِ"، قال الألباني - رحمه الله- في (الإرواء) (957): "هذا سندٌ صحيحٌ". ذكر أبو شامة - رحمه الله- في كتابه (الباعث على إنكار البدع والحوادث) صـ71: "أن الإمامَ عبد الله الأنصاري شيخ خراسان لا يصوم رجب، وينهى عن ذلك ويقول، ما صحّ في فضل رجب ولا في صيامه عن رسول الله، وقد رُويت كراهةُ صومه عن جماعةٍ من الصحابةِ منهم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما-"، قال ابن تيمية - رحمه الله- في كتبه (اقتضاء الصراط المستقيم) (2/624): "أن تعظيمَ شهر رجب من الأمور المحدثةِ التي ينبغي اجتنابها، وأن اتخاذَ شهر رجب موسماً بحيث يفردُ بالصومِ مكروهٌ عن الإمام أحمد - رحمه الله- وغيرِه".
قال الطرطوشي - رحمه الله- (ت: 520 هـ): "يكره صيامُ رجب على أحد ثلاثة أوجه :
أحدها: إذا خصَّهُ المسلمون بالصوم في كل عامٍ.
الثاني : أو أنه سُنّهٌ ثابتةٌ خصَّه رسول الله كالسنن الراتبة.
الثالث : أو أنّ الصوم فيه مخصوصٌ بفضل ثوابٍ على سائر الشهور كفضل صوم عاشوراء، فإن أحبَّ امرؤٌ أن يصومه على وجهٍ تؤمنُ فيه الذريعةُ وانتشار الأمر فلا بأس بذلك" من كتابه البدع والحوادث صـ130.
قلتُ: ممَّا تقدّمِ من كلامِ أهل العلم تبين لنا أن شهر رجب لا يخصص ولم يخصص بصيامٍ دون غيرهِ من الأشهر، وكذلك تخصيصه بالصيامِ تعظيمٌ له وتعظيمُ شهر رجب فيه تشبّه بأهل الجاهليةِ.
والخلاصة فيما ورد في شهر رجب كما قال ابنُ حجر - رحمه الله-: "لم يرد في فضل شهر رجب ولا صيامه ولا في صيامٍ شيءٍ منه معيَّنٌ، ولا في ليلةٍ مخصوصةٍ، فيه حديثٌ صحيحٌ يصلح للاحتجاجَ"، وأنه لم يثبت أن ليلة السابعِ والعشرين من رجب هي ليلة الإسراء والمعراج ولهذا اختلف العلماءُ في تحديدها على أكثر من عشرة أقوال، وصلاةُ الرغائب أول خميس من رجب قال عنها النووي - رحمه الله-: "هذه الصلاةُ لم يصلّها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، ولا أحدٌ من الصحابةِ ولا أحدٌ من الأئمةِ الأربعةِ ، وهي بدعةٌ قبيحةٌ منكرةٌ أشدَّ الإنكار وهي مشتملةٌ على منكراتٍ"، أما صومُ رجب بخصوصه فكما ذكر أبو شامة عن الإمام عبد الله الأنصاري - رحمه الله- أنه كانَ لا يصومِ رجب وينهي عن ذلك ويقول : "ما صحَّ في فضل رجب ولا في صيامه عن رسول الله ، وقد رويت كراهةُ صومه عن جماعةٍ من الصحابةِ منهم أبو بكر وعمر".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين