استرجاع جزرنا المحتلة بين الحكمة وتهمة العجز


نسخة (PDF)نسخة (PDF)
التصنيفات
القسم: 
القسم: 

لا يتورع الحساد والحاقدون من أصحاب الأجندات الحزبية والطائفية والإرهابية عن الإساءة إلى دولة الإمارات في شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، وذلك بالترويج لتهم زائفة باطلة، ومقولات مكشوفة بائدة، يعلم العقلاء المنصفون أنها أوهى في زيفها من بيت العنكبوت، ومن أمثلة ذلك قول بعضهم على سبيل التهكم والسخرية والاستهزاء «حرروا جزركم»، ومراده بذلك الاستفزاز وإظهار العجز كما يتوهم، ومن المؤسف أن مثل هذه المقولة السيئة وغيرها يلوكها بين الفينة والأخرى من يجهل أو يتجاهل السياسة الحكيمة لدولة الإمارات العربية المتحدة في التعاطي مع هذه القضية.

ولذا رأيت أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع لئلا ينخدع بهذه الأقاويل الواهنة من ليس عنده بعد نظر، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لنبيّن مدى حكمة وعقلانية دبلوماسية دولة الإمارات العربية المتحدة في معالجة الأزمات وبيان ذلك:

أن العاقل حينما يتأمل بموضوعية وإنصاف موقف دولة الإمارات العربية المتحدة تجاه جزرها الثلاث المحتلة فإنه يجد أن الإجراءات التي انتهجتها الدولة في هذه القضية إجراءات تقطر حكمة وعقلاً، وذلك ابتداء بالجهود التي قام بها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الذي أرسى دعائم النهج السلمي الحكيم في تسوية النزاعات وحل المشكلات، ثم بجهود صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي رسخ هذه الحكمة وعززها، التي تقوم على تغليب لغة العقل، واحترام مبدأ القانون، وبذل المساعي السلمية، وهي إجراءات لم تأت عن عجز أو ضعف، بل هي استراتيجية متميزة نابعة من صميم حكمة وحنكة السياسة الخارجية الإماراتية، وقد شهد بصحة هذا النهج الإماراتي المتبع الإجماع الخليجي والعربي والإسلامي والدولي، الذي أشاد بموقف الإمارات تجاه جزرها الثلاث، وهو إجماع عالمي معتبر لم يخالفه إلا تلك الثلة، التي لا تعرف للعقل قيمة، ولا للحكمة مكاناً، ولا للدبلوماسية والحنكة قدراً، ولا للقانون وزناً، ولا تجيد النظر في المصالح والمفاسد، ولا تعرف إلا لغة الحديد والنار، بل بعض هؤلاء لا تعنيه القضية في شيء، وغاية مراده إشباع غله وإظهار حقده لا غير.

لقد تمسكت دولة الإمارات بجزرها الثلاث، واعتبرت ذلك من أولويات قضاياها الجوهرية، ولم تسكت أو تتراخَ أو تستكين، ولم تغض الطرف يوماً عن أي انتهاك لسيادتها على جزرها من قبل الحكومة الإيرانية، بل بذلت ومازالت تبذل المساعي السلمية في الدفاع عن جزرها الثلاث، وإثبات حقها التاريخي فيها، وإيصال صوت الحقيقة إلى الرأي العام الإقليمي والدولي في مختلف المحافل والمنابر السياسية والإعلامية والثقافية، وتعزيز موقفها القانوني، والتأكيد على الحقائق التاريخية، التي تؤكد ملكيتها وسيادتها للجزر، منتهجة في ذلك نهجاً سلمياً حكيماً، محكمة لغة العقل، معلية شأن القانون، مطالبة إيران بحل هذه القضية من دون تهرب أو مماطلة، وذلك بالجلوس إلى طاولة المفاوضات الثنائية الجادة والموضوعية، أو الاحتكام إلى محكمة العدل الدولية.

وقد أدى هذا النهج الحكيم لدولة الإمارات إلى دعم موقفها في هذه القضية، سواء على النطاق الخليجي أو العربي أو الإسلامي أو الدولي، أوعلى مستوى الهيئات المختلفة مثل الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وهيئة الأمم المتحدة، كما أثمر عن اصطفاف خليجي وعربي وإسلامي ودولي وراء الحق المشروع لدولة الإمارات في جزرها الثلاث المحتلة، والدعم المطلق لحقها وسيادتها، ورفض الاحتلال الإيراني رغم مرور عقود عليه، بل صدرت مطالبات لإيران من هذه الدول بإنهاء هذا الاحتلال، والاستجابة إلى المساعي الصادقة من دولة الإمارات لحل النزاع بالطرق السلمية.

ومن ثمرات ذلك أيضاً: أننا تمكنا من خلال هذه الحكمة من المحافظة على حقنا في جزرنا المحتلة مع تجنيب مجتمع دولة الإمارات والمنطقة مخاطر الحروب والصراعات والنزاعات.

ومن ثمرات ذلك كذلك: ما حظيت به السياسة الخارجية للدولة من احترام وتقدير العالم أجمع، نتيجة موقفها الحكيم في معالجة هذه المشكلة مع المحافظة على استقرار المنطقة، وإرساء الأمن والتعايش السلمي، وهو ما عزز من مكانة الدولة، وأعطى مزيداً من الثقة للمجتمع الدولي تجاه الدبلوماسية الحكيمة للقيادة الرشيدة في التعامل مع مثل هذه الأزمة وإدارة هذا الملف بحكمة وحنكة.

هذا كله على الصعيد الخارجي، وأما على الصعيد الداخلي فقد أثمر هذا النهج عن ثقة بالغة لدى الشعب تجاه قيادته، التي تعاملت مع هذه المشكلة بمنتهى الحكمة مع التمسك بحقوقها كاملة غير منقوصة، وزاد من هذه الثقة أن الحكومة ومع وجود هذه الأزمة استطاعت تجنب أي نوع من الصراعات والحروب، في حين أن هناك دولاً لديها من الأزمات ما هو أقل من هذا، ومع ذلك فقد ابتليت بصراعات داخلية وخارجية مريرة.

فمن هنا فإننا ندعو بألا يغتر أحد بما يعيره بنا هؤلاء المرضى، وألا ينخدع بصوت جاهل أو حاسد أو طائش، وأن ينظر إلى الحقيقة بإنصاف وموضوعية كما هي مثل ضوء النهار.